الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أبجديات»

5 أكتوبر 2013 20:40
أثارت الزميلة عائشة سلطان يوم الأحد الماضي في عمودها «أبجديات» جدلية التوفيق بين رؤية الإنسان لذاته ورؤية الآخرين له. وحاولت في توضيحها لتساؤلاتها بين نموذجين، الأول المسؤول «الوزير أو المدير أو قائد الفريق»، الذي يسعى لإقناع مرؤوسيه بأدائه، والثاني تلك الراقصة التي تدافع عن منطقها ولا يهمها أن يقتنع المشاهد بأدائها، وكلاهما يحاول المساهمة في رسم صورة ذهنية عما بدواخلهم إلى الناس من حولهم. «أبجديات» نبشت إشكالية عميقة للصحة النفسية للناس، وغالباً ما يغيب عن كثيرين التأثير السلبي لعدم فهمنا لأنفسنا، قبل أن نسعى لأن يفهمنا الناس من حولنا!.. أود أن أشير إلى أن سلامة الصحة النفسية للإنسان أو بمعنى أدق، كي نُشخص إنساناً بأنه يتمتع بصحة نفسية جيدة أو نقول إنه شخص متوازن نفسياً ، يفترض أن يعي ويدرك جيداً الإجابة على«ثلاثة أسئلة» من دون فصل بينها، وتتكامل صحته النفسية في اتجاه إيجابي «غير مَرَضِ» كلما تيقن وعيه ومعرفته وقناعته الذاتية بإجاباته على الأسئلة الثلاثة! السؤال الأول: كيف يرى الشخص نفسه؟ بمعنى ـ ماذا يرى إذا نظر لمرآة ذاته ؟، وإلى أي مدى يعي حقيقة ذاته، وبماذا تتسم من صفات وملكات وقدرات وإمكانات «إيجابية أو سلبية»؟، وكيف يقيمّ نفسه بتجرد شديد وموضوعية؟. ويقال هنا: «فكرته عن ذاته». السؤال الثاني: كيف يراه الآخرون؟ وما الفكرة التي تتكون عنه لدى المحيطين به، والذين يتعاملون معه عن قرب؟ ويقال هنا: «فكرة الآخرين عنه». السؤال الثالث: إلى أي حد يعرف الشخص حقيقة رؤية الآخرين له؟ أي كيف يكون مستبصراً برأي الناس عنه؟ وكيف تتطابق رؤيته لذاته، ورؤية الآخرين له؟ ويقال هنا:« فكرته عن فكرة الآخرين عنه». قد يظن البعض أن الإجابة عن التساؤلات الثلاثة، أمر سهل وبسيط، ففي الأمر يكون الصدام مع فهم النفس ومكنوناتها، ونقائصها، وعيوبها، وأمراضها، وهل هي نفس سوية أم غير ذلك؟ فالشخص المجنون لا يرى نفسه كذلك، ولا يدرك أنه غير طبيعي، ولا أنه مريض، بل يظن أنه العاقل الوحيد في هذا الكون! وفي السؤال الثاني، تكمن الإشكالية في وضوح الشخصية عند الناس، وهل هم يرونه سوياً، أومتجملا؟، أم ينجح في إخفاء الكثير من سلبياته وأوجاعه وعلله عنهم، ويرسم بدقة واحترافية ونفاق نموذجاً آخر من الزيف والهشاشة والخواء؟ وفي الثالث، تتجمع مشكلات التساؤلين السابقين، وكلما عجز عن الفهم الموضوعي لذاته، وبالتالي تتزايد ضبابية مكاشفته لذاته، ويبدو أكثر اضطراباً، وأقل توازناً، وتتعقد مصالحته لذاته، ومن ثم، «تتلبك» علاقته بالآخرين من حوله! فهل سأل «الوزير» أو« المدير» أو«الراقصة» في «أبجديات» الزميلة سلطان، أنفسهم تلك الأسئلة؟ أم أن هذه الراقصة غير معنية بإقناع جمهورها برقصها من عدمه لمجرد أنها ترقص باحترافية وكفى، وليس مهماً أن يقنعوا بها، وليس مهماً أن يفي الوزير أو المدير أو الموظف بمسؤولياته وواجباته الوظيفية مادام واثقاً من نفسه، وإن ذهب الآخرون إلى الجحيم؟! المحرر | ‏khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©