الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تنمية «التفكير الإبداعي» للطلاب رؤية تربوية واستراتيجية تعليمية شاملة

تنمية «التفكير الإبداعي» للطلاب رؤية تربوية واستراتيجية تعليمية شاملة
5 أكتوبر 2013 20:40
اختتمت في الثامن عشر من سبتمبر المنقضي، فعاليات مؤتمر«مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية» السنوي الرابع للتعليم، تحت شعار: «مستقبل التعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة: الابتكار وإنتاج المعرفة»، والذي يهدف إلى زيادة الاهتمام بالتعليم وتطوير مناهجه، والتركيز على تدريس علوم العصر، والاستفادة من مخرجات العلوم والتقنية في ميادين العلم والمعرفة، وتحسين أساليب التعليم وفق المستويات العليا من الجودة، وترسيخ منهج تعليمي يساعد الطلبة على استيعاب المعلومات وإنتاجها واستخدامها بطريقة تساعد على خلق الابتكارات. ومما لا شك فيه أن تنمية المهارات الابتكارية والبحثية، يمثل مدخلاً مهما لإكساب الطلبة والطالبات قدرات علمية تقوم على تنمية المواهب والإمكانات الذاتية، الأمر الذي يتطلب توفير بيئة متخصصة في مجال الابتكار والإبداع لتحقيق نقلة نوعية في مستويات مخرجات التعليم في الدولة، وأن تحتل المواهب المواطنة موقع الصدارة، في العمل والإنتاج، بما يتوافق ومتطلبات الثورة العلمية والرقمية في عالمنا المعاصر. فما هو السبيل إلى تنمية المهارات الابتكارية والبحثية لدى الطلاب باعتبارهم عصب ومحور العملية التعليمية؟ تدريس الابتكار الخبير التربوي عدنان عباس، مدير مدارس النهضة الوطنية للبنين في أبوظبي، يوضح أن أصول تدريس الابتكار تستند إلى كونه منهجاً تعليمياً متقدماً يعتمد على طريقة جديدة وغير تقليدية في كيفية استيعاب المعلومات وإنتاجها واستخدامها وتوظيفها بطريقة تساعد على تجاوز الأطر التقليدية في التعليم والتفكير والمنهج والأساليب، مما يؤدي في النهاية إلى خلق وإيجاد منتج ابتكاري لدى المتعلمين «الطلاب»، والنظر إليهم كمبدعين، وهذه الرؤية تشكل الأسس الفلسفية لأصول تدريس الابتكار. ومن ثم يمكن اعتبار هذا المفهوم أيضًا نموذجاً تعليمياً عملياً يعتمد على الإدراك الاجتماعي والثقافي للتعلم، وحيث تتكامل أنشطة البحث والتطوير التطبيقية للمعرفة وإنتاج الابتكارات في الحياة العملية». ويضيف عباس:«هذه الرؤية تستلزم نهضة وتغييرات في الحياة العملية والبيئة المحيطة بحيث يتم تطوير المهارات والمواقف للمتطلبات الجديدة بشكل واعٍ ومنظم، جنبًا إلى جنب مع القواعد المعرفية للطلاب، والمهارات الاجتماعية والتفاعلية والأنشطة والقدرات الثقافية وفهم مقتضيات تواصل الهيئة التعليمية والتربوية مع الطلاب بشكل تربوي واحترافي، والاستعداد لإنجاز الأعمال والواجبات، وإيجاد وخلق مهارات الإبداع وحل المشكلات التي قد تعترض العملية التعليمية». بيئة العمل يكمل عباس:«لا يمكن إغفال أهمية تحسين وتطوير بيئة العمل (المدرسة) ومختلف مجالات التواصل اليومي للطلاب بها، فالبيئة الجيدة من أهم محفزات خلق الابتكارات، لأن سياق علم أصول تدريس الابتكار، ينظر إلى الابتكارات باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من عملية التحسين المستمر للتعلم والمعرفة، وأيضًا توليد أفكار وممارسات جديدةً يتم تطبيقها في الحياة العملية، وحيث يسعى منهج أصول تدريس الابتكار لإنتاج بيئات يمكن فيها خلق الميزة التنافسية للمعرفة عن طريق الجمع بين أنواع المعرفة المختلفة. وتوفر هذه الميزة، عند استخدامها، فرصاً للمجتمع بأكمله، لأن مهارات الابتكار التي يصقلها منهج أصول تدريس الابتكار هي أساس تقديم مزايا تنافسية جديدة عبر المعرفة أسلوب خاص الدكتور فؤاد أسعد، الخبير العالمي في التربية والتواصل الإنساني، يرى أن المجتمعات المتقدمة تتجه إلى استثمار طاقات أبنائها استثماراً حسناً، وليس هناك بداية أهم من التعليم والعلم والمعرفة كي تتولد القدرات للإنتاج والابتكار، وإذا كان للابتكار هذه الأهمية الكبيرة للمجتمعات، فإن أهميته للأفراد لا تقل عن ذلك. فابتكارية الأفراد استثمار لكفاءاتهم وتوظيف لها فيما يعود عليهم بالنفع. وابتكارية الأفراد هي المصدر الأساسي لبناء ودعم الثقافة المجتمعية والفردية. وفي التعليم، لابد أن نصل إلى حالة يكون فيها الابتكار أسلوباً خاصاً من أساليب الحياة، وأسلوباً يحكم رؤية واستراتيجية التعليم ومساراته المتعددة، والعمل على خلق بيئة خصبة ومشجعة ومحفزة للابتكار، فإذا كانت الظروف التربوية والتعليمية أوعوامل التنشئة الاجتماعية لا تساعد على ظهور ونمو ابتكارية الأفراد، ومنهم الطلاب بمراحل التعليم المختلفة، فإن الطالب سيضطر إلى التخلي عن ابتكاريته، بما يترتب عليه أن تنقصه الثقة في تفكيره ، وبالتالي يتكوّن لديه مفهوم غير محدد عن ذاته، وقد يصبح أكثر اعتمادية على الآخرين في اتخاذ قراراته، وقد يفشل الطالب في هذه الحالة في تكوين مفاهيم واقعية عن ذاته، لعدم توافر المواقف الآمنة لممارسة ما لديه من قدرات وإمكانات. فالإبداع أو الابتكار بشكل عام مشروط بمجموعة من القدرات التي تتوافر لدى الشخص، والطالب بوجه خاص، وفي مقدمتها: الشغف بالتعلم والمعرفة، والطموح، والتساؤل والبحث، والدهشة والتركيز، وتقبل الصراع والتوتر الناجم عن الجمع بين المتناقضات، والقدرة المستمرة على التجريد. تنمية الابتكار يذهب زياد ياسين «مدرس» إلى أن الدراسات والبحوث التربوية، والخبرات العملية التعليمية الميدانية تشير إلى أن تنمية الابتكار في الميدان المدرسي تستلزم مدرساً يتميز بمقومات وسمات عدة، أهمها: حب العمل، والنظر إليه كرسالة وليس مجرد وظيفة، وأن يهتم بطلابه، ويدرك جيداً طبيعة الفروق الفردية بينهم، وأن يؤمن بأن كل منهم له قدراته واهتماماته وميوله ونواحي قوته وضعفه، وأن يهتم بإكسابهم المعلومات والمهارات اللازمة، وتقديم المساعدة والتوجيه عند الحاجة إليها، وألا يُعد نفسه المصدر الوحيد الشامل للمعلومات والمعارف، أو النموذج الذي لا نموذج بعده أو قبله، وأن يتمتع بصفات ومقومات المعلم كمربٍ، ويسمح لطلابه بقدر كافٍ من الحرية في التفكير والعمل والتعبير، واختيار الخبرات وأوجه النشاط التي تناسبهم، وأن يكون واسع الأفق يسمح بالتجريب مع احتمالات الخطأ والصواب، ولا يلجأ إلى النقد المستمر وإصدار الأحكام السريعة عليهم حتى لا يحد من خيالهم وانطلاقهم، وإشباع حب الاستطلاع لديهم، وأن يفي بحاجاتهم إلى المعرفة وإشباع والابتكار، وأن يقدر حاجة البعض منهم إلى ممارسة الأعمال الصعبة ومواجهتها وتحديها. تطوير الوسائل تشير مها إلهامي «مدرسة وسائل اتصال»، والحاصلة على ماجستير التربية في هذا المجال، إلى أهمية توظيف الوسائل التعليمية الحديثة والمتطورة، لمواكبة التطور الحاصل في مستويات الذكاء والقدرات لدى الطلاب في عصر التكنولوجيا والثورة الرقمية، في اتجاه تنمية التفكير الإبداعي والمعرفي لديهم، وتشجيع الطلاب للبحث العلمي، وتنمية تعلم طرق البحث، وكيفية الاستفادة من مصادر التعلم، لسد الفجوة في النقص المعرفي، والتحقق من صدق المعلومة، ودقتها، وتحديد الأهداف التعليمية لدى المعلمين والطلاب على حد سواء، من دون إغفال أهمية تطوير المحتوى العلمي والمعرفي للمناهج الدراسية «مدخلات التعليم»، وكيف يمكن ربطها بسوق العمل، وخطط التنمية، ومواكبتها لمقتضيات العصر، والثورة المعرفية والتكنولوجية من حولنا، وتشجيع وتحفيز الطلاب للبحث والدراسة والتواصل الإيجابي مع إفرازات العلم والمعرفة والثقافة والبحث العلمي، وآفاق التقدم التكنولوجي في العالم بأسره. بيئة محفزة كذلك تولي شيرين الوكيل، مدرسة لغة إنجليزية بجامعة الحصن في أبوظبي، والحاصلة على ماجستير في التربية الخاصة، أهمية كبيرة لطرائق التدريس، وتطويرها، وتحديث طرق التعليم ومواكبتها للمتغيرات الثقافية والتعليمية والمجتمعية، وكيف يمكن توظيفها، من أجل خلق بيئة محفزة وصحية للابتكار والإبداع، والعمل على إتاحة المزيد من الفرص أمام الطلاب لإثبات قدراتهم ومواهبهم، والتحرر من القوالب الجامدة في التعليم، والتحرر من الحاجة إلى أن يتطابق إنتاج الطالب مع المعايير التي يحددها المعلمون أو المجتمع، إلا إذا كانت هذه المعايير تتفق بالفعل مع طبيعة المهمة الإبداعية، التي يقوم بها التلاميذ المبدعون، والتحرر من القيود التي تُفرض مقدماً على الأهداف والمواد والعناصر، وعدم الإفراط في النقد والحكم والرقابة وتفصيل التعليمات والقيود التي تقيد الابتكار، بل على المعلم أو المعلمة العمل على إتاحة المجال أمام خيالات الطالب، لأنها المادة الخام للإبداع. أهمية التدخل المبكر تشير إيمان حسن الحمادي، مدرسة لأطفال التوحد في مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية في أبوظبي، إلى أهمية التدخل المبكر لاكتشاف المواهب وأصحاب التفكير الإبداعي للأطفال بشكل عام، وذوي القدرات الخاصة منهم أو من ذوي التوحد، حيث يوجد من بين هذه الفئة العديد من الأطفال الذين يتمتعون بملكات وقدرات غير عادية، ويوجد لدى كثيرين منهم قدرات ابتكارية وإبداعية عديدة في مجالات معرفية وفنون مختلفة، مثل فنون الموسيقى والرسوم والتصوير والغناء والشعر والرياضة أو غير ذلك، لكن المشكلة تكمن في تأخر هذا الاكتشاف أو ملاحظته متأخراً أو التقليل من شأنه أو عدم توقعه، فالواقع يشير إلى وجود كثير من المبدعين والعباقرة في مجالات العلم والمعرفة كافة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وإن تيسر اكتشافهم في وقت مبكر والتعامل بحرفية وعلم معهم، على صعيد الأسرة أو المدرسة، فإن بالإمكان أن يساهموا بتحقيق نجاحات كبيرة في المجالات كافة، ويساعدهم ذلك على تحقيق حالة أفضل من التوافق والانسجام مع المجتمع، من دون أن ننسى أهمية تفهم وتعديل البيئة المحيطة بهم «في البيت والمدرسة»، ثم تأهيل المجتمع لتقبلهم وتشجيعهم وانخراطهم فيه بشكل فاعل ومؤثر.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©