الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«الضباب» تعرض حال حرب في عالم مجنون

«الضباب» تعرض حال حرب في عالم مجنون
10 أكتوبر 2011 10:22
شهد اليوم الثامن من أيام مهرجان دبي لمسرح الشباب في دورته الخامسة، التي تقام حالياً في ندوة الثقافة والعلوم بدبي، فعاليتين أساسيتين، إذ بدأ بحفل تكريم للفنان السوداني يحيى الحاج، تلاه عرض مسرحية بعنوان «الضباب»، تأليف حميد فارس وتجربة إخراجية أولى لعبد الله الرشدي، من إنتاج مسرح الفجيرة القومي، إضافة إلى الندوة النقدية التطبيقية؟ تكريم الحاج عرض في مطلع حفل التكريم، الذي أداره الفنان إبراهيم سالم، فيلم تسجيلي يقدم صوراً من حياة الحاج في فترات مختلفة، تبدأ من شبابه ودراسته، وتنتقل به إلى الدراسة في لندن، ثم تحدث مجموعة من الفنانين الإماراتيين والمقيمين الذين رافقوا الحاج في مسيرته مع المسرح في الإمارات، وتناولت الأحاديث جوانب من الذكريات الشخصية والحياتية والفنية، وما قدمه من أعمال وما شارك به من دورات منذ السبعينات حتى اليوم. كما تحدث الفنان الحاج عن مدى ارتباطه بالحركة المسرحية الإماراتية التي بدأ معها حين كانت في بداياتها، حتى أنه لا يستطيع الانفصال عنها. العرض وفي عرض قارب الستين دقيقة، بدأ بخيمتين قبل دخول الصالة، تنفتح الستارة مع تأوهات وموسيقى حزينة، وأصوات أزيز الطائرات ودوي القصف، وخشبة احتشدت بالخيام القماشية الممزقة، يقدم المخرج عبد الله الرشدي نص الكاتب حميد فارس في عرض حمل عنوان «الضباب»، وانطوى على كل ما تحمله الكلمة من معاني الضبابية والعبث في ما يجري حولنا من المآسي الإنسانية، من خلال تناول قصة مجموعة من اللاجئين المشردين من ديارهم، وفي الوقت نفسه يخوضون صراعات بينهم تتعلق بالمسؤولية عما جرى لهم. بهذه المقدمة، يفتتح المخرج عمله الذي جاء عرضاً ضخماً في كل شيء، واستخدم فيه كل الإمكانات والعناصر الفنية، من إضاءة ومؤثرات صوتية وديكورات وأعداد ممثلين، فقد استخدم المخرج كميات هائلة من القماش والمواد المختلفة في تأثيث خشبته، قبل أن نستمع إلى الطفلة زهرة تغني «اعطني الناي»، مجسدة دورها أشرقت سيد، مع عمها الذي يقوم بدوره المؤلف حميد فارس، وتعلن الطفلة عن افتقاد والدها. هي أجواء حرب ورحيل وتهجير، وتظهر في المشهد التالي نهاد والدة الطفلة، قامت بالدور رشا العبيدي، في حالة انتظار الزوج الغائب، والحنين له، وتحضر والدتها العجوز الفاقدة للبصر، وتتوالى المشاهد للمهاجرين في أوضاعهم المأسوية. ويقسم المخرج الخشبة إلى مقدمة يتحرك فيها «أبطال» المسرحية الخمسة: الطفلة وعمها ووالدتها وجدتها ورجل خامس يقوم بدوره المخرج عبد الله الرشدي، وخلفية تتحرك فيها جوقة من الكومبارس. يحاول العم الاقتراب من نهاد وإغرائها بالزواج منه وهي تصده، بينما الرجل يراقب من خلف شجرة، ثم يحدث الصراع بين الرجلين، ليعلن الرجل القادم أنه هو زوج نهاد الذي كان هارباً من العصابات بعد أن تعرضت زوجته للاغتصاب، وتنثال ذكرياتها وسط دائرة من الضوء، فيعترف أنه هرب لأنه كان خائفاً، لهذا فهي ترفض الاقتراب منه، ويجري الحديث عن قتل واحتلال دون تحديد الزمان والمكان، وتتذكر العجوز مقتل أبنائها الثلاثة أمامها، وكيف فقأت عينيها بإصبعيها، مشاهد متتالية عن الموت والجنازات، ثم فجأة تسقط نهاد ميتة، ويرتسم المشهد الأخير في المسرحية وسط موسيقى وإضاءة مؤثرتين، وتلعب الطفلة دوراً مؤثراً من خلال بكائها وندبها لوالدتها، وتطلق نداءات استنجاد واسترحام «من حقي أن أعيش»، وفي اللقطة الأخيرة تغطي والدتها وتنام في حضنها، مع ظهور الأشرعة في مؤخرة المسرح. العمل يعتمد الواقعية في كل مشاهده، حتى الرمزية منها، وهو يقدم شخصيات واقعية ذات ملامح معروفة في الواقع العربي، ويمسك بالخشبة بصورة جيدة، حيث يتحكم بحركة الممثلين وأدائهم على نحو جيد، كما ينجح في توظيف الإضاءة والموسيقى في خدمة المشهدية والتقطيع الذي يقوم به، فيأتي العرض غنياً بالمفردات المتعالقة والمتناغمة، وبهذا، فهو عمل واضح على صعيد النص، كما هو على مستوى الرؤية الإخراجية وتنفيذها بالأدوات الفنية الملائمة.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©