الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

حماية البيئة.. فريضة لحفظ التوازن

حماية البيئة.. فريضة لحفظ التوازن
1 أكتوبر 2015 23:00
أحمد مراد (القاهرة) جاءت توجيهات الإسلام حاملة بين طياتها الدعوة المؤكدة للحفاظ علي البيئة، براً وبحراً وجواً، وإنساناً، وحيواناً، ونباتاً، ودعا الدين الحنيف إلى الحفاظ على نظافة البيئة وطهارتها وجمالها وسلامتها، ونقاء من فيها والمحافظة عليه. يقول د. أحمد عمر هاشم- عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر- يحث الإسلام على المحافظة علي البيئة، وتنحية الأذي عنها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة ويميط الأذى عن الطريق صدقة»، وكلمة الأذى تشتمل على كل ما يضر ويؤذي مثل الشوك والحجر في الطريق والنجاسة وغير ذلك من كل ما هو مؤذ ومستقذر، وحرصاً من الإسلام على وقاية البيئة من الأذى أمر بالمحافظة على الماء ونهى عن تلوثه، فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه نهى أن يبال في الماء الراكد، لأنه يلوث الماء ويفسده ويصبح مصدر عدوى ومرض وأذى لمن يستعمل هذا الماء، بل ليس النهي مقصوراً على الماء الراكد، بل أيضاً كان النهي عن البول في الماء الجاري، حيث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال في الماء الجاري لأن فيه تلويثاً للماء وإفساداً له. كما نهى النبي عن فضاء الحاجة في الأماكن التي يمر بها الناس أو يجلسون عندها كأماكن الظل في الطريق وفي القرى ونحوها. الشعور بالمسؤولية ويشير عضو هيئة كبار العلماء إلى أن الإسلام حينما يربط النظافة بالإيمان، فهو بذلك يجعل في داخل كل إنسان وفي إعماقه ووجدانه الشعور بالمسؤولية، فمن كان عنده إيمان، ووازع ديني لا يمكن أن يهمل في بيئته ولا في نظافة المكان الذي يوجد فيه والذي يحيط به، مؤكداً أن واجب المجتمع أن ينهض بتطبيق التعاليم الإسلامية التي تدعو إلى المحافظة على البيئة والنظافة والتجمل وحماية المجتمع من كل ما يؤذي ويضر. ويضيف: ينهى القرآن الكريم عن الفساد في الأرض بأي صورة من صور الفساد المعنوي أو المادي فقال الله تعالي: (وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)، وقال سبحانه: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)، «سورة البقرة: الآية 205»، وقال تعالي: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، «سورة الأعراف: الآية 85»، وتوضح التعاليم الإسلامية أن الذي يحافظ على بيئته ونظافتها ويرعاها وينحي الأذى عنها أن له جزاء عظيماً عند الله تعالى يوم القيامة. وقال: لقد خلق الله سبحانه وتعالى البيئة بمكوناتها الحياتية والمعيشية، والنباتية والحيوانية، والجمادية والحيوية، وتعد أمانة من أعلى الأمانات، وحرم الله الإفساد في الأرض بكل صوره من استنزاف البيئة، كاستنزاف المياه والطاقة، أو تغييرها في الصيد الجائر في البحار والأنهار، لأن الإفساد في الأرض يهدد بقاء الطيور والحشرات، ويؤثر في التوازن الذي صنعه الله، حيث إن لكل منها وظيفة مهمة في الحياة، وفي السياق ذاته، جاءت أخبار نبوية صحيحة عن حرمة إلقاء الفضلات في المياه، أو في الطرقات، بل حثت على إزالتها، بجانب التأكيد على النظافة العامة والشخصية للإنسان. الأديان السماوية ويقول د. نصر فريد واصل - مفتي مصر الأسبق: جاءت الأديان السماوية كلها تدعو الإنسان إلى المحافظة على البيئة، وتحرم تلويثها وإفسادها، لأن الله خلقها من أجله وسخرها لخدمته ومنفعته، والذي يتدبر الآيات القرآنية من قوله تعالى: (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ، إلى قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، «سورة النحل: الآيتين 5 و14»، يدرك تماماً أن الكون مسخر بأمر الله للإنسان فيجب عليه أن يحافظ على نظافته ونظامه الدقيق البديع الذي خلقه الله عليه. والإسلام باعتباره الدين الخاتم لكل الأديان جاء يحث كل الناس على المحافظة على البيئة ويدعوهم إلى عدم تلويثها أو إفسادها، فحرم على المسلمين وغيرهم التبول أو التبرز أو إلقاء القاذورات أو جيف الحيوانات أو مخلفات المصانع أو المدن في مجاري المياه، فيضر ذلك الإنسان والحيوان، وغيرهما من مخلوقات الله، وقد جعل صلى الله عليه وسلم تنظيف الشوارع من القاذورات والقمامة وإماطة الأذى عنها مما يحصل به الثواب، وعلى المسلم أن يكون حريصاً كل الحرص على تنفيذ تعاليم دينه الحنيف، وأن يدرك أهمية المحافظة على نظافة البيئة وحرمة إفسادها لأي سبب من الأسباب لتبقى خالية من وسائل الأمراض التي تضر بالأفراد والجماعات. ضوابط منظمة ويؤكد د. شوقي أحمد دنيا - الأستاذ بجامعة الأزهر - أن البيئة في نظر الإسلام ليست مجرد مسألة موارد تلوث أو تبدد تجب حمايتها والمحافظة عليها، ولكنها أكبر من هذا بكثير، فهي قضية كون أو عالم، هي قضية «خلق الله»، وما يجب أن يكون عليه التعامل مع خلق الله من احترام وتقدير، وهناك مبادئ تحكم العلاقة بين الإنسان وخلق الله من أهمها مبدأ الخلافة ومبدأ العبادة ومبدأ التسخير، فالإنسان خليفة لله تعالى في الأرض، وذلك يعني وجود ضوابط وقواعد ومبادئ منظمة لعملية الاستخلاف، وهذا الاستخلاف يعطي للإنسان حيال الكون أو الأرض أو البيئة وضعاً متميزاً يصل إلى درجة السيادة، فالإنسان سيد في الأرض، وقد تحقق له ذلك بفضل توافر مقومين، أحدهما خاص به وهو العلم والمعرفة والقدرة البدنية، والثاني خاص بالبيئة وهو تسخيرها بما يفيده ويشبع حاجاته، وكلا المقومين منحة من الخالق عز وجل، ثم إن كـون الأرض مهداً لخلافة الإنسان، فإنه يحتم عليه أن يكون إيجابياً تجاهها بحيث يستخدمها، ويستفيد منها من دون أن يلحق بها الضرر. ويقول: «علاقة المسلم بالبيئة ترفض تعطيلها وإيذاءها، فذلك منافٍ لوظيفة الإنسان من جهة، وللحكمة من خلق البيئة من جهة ثانية، ثم إن هذه العلاقة ترفض الاستنزاف والتدمير والإفناء، فالبيئة لم تخلق لجيل من دون آخر، ولا لمكان من دون غيره، واستنزاف البيئة اعتداء على حقوق الأجيال القادمة من جهة، واعتداء على البيئة نفسها من جهة أخرى». التنعم والرفاهية ويضيف الدكتور دنيا : كما أن عقيدة المسلم تجعله ينظر للبيئة على أنها نعمة من الخالق أنعم بها عليه (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)، «سورة لقمان: الآية 20»، ولفظة نعمة تحمل معنى التنعم والرفاهية، ومن ثم فمن الرشد المحافظة عليها حفاظاً على رخاء الإنسان، كما تحمل معنى المنحة والشيء الحسن، ومن ثم يجب شكرها، وذلك بحمد الله وباستخدامها فيما خلقت له. ويتابع: ومن يمعن النظر في التشريع الإسلامي وموقفه من البيئة يجده لا يقف عند حد العموميات والمبادئ العامة، مثل عدم الإسراف وعدم الإفساد، وإنما يضع تفصيل حيال كل عنصر من عناصر البيئة، مقدماً له من التشريعات والأحكام ما يكفل حمايته من أي عدوان، فللإسلام مواقفه التفصيلية حيال الدواب والحيوانات، والنباتات والغابات، وحيال المياه، والهواء، والطرقات، والأنهار. استنزاف البيئة اعتداء على حقوق الأجيال المقبلة شوقي دنيا على الإنسان المحافظة على نظافة الكون ونظامه البديع نصر فريد واصل صيانة المجتمع من كل ما يؤذي ويضر.. واجبة أحمد عمر هاشم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©