أحمد محمد (القاهرة)
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، سرية من المسلمين وأمّر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي، فانطلقوا حتى هبطوا نخلة ووجدوا بها عمرو بن الحضرمي في عير تجارة لقريش، في يوم بقي من الشهر الحرام، فاختصم المسلمون، فقال قائل منهم لا نعلم هذا اليوم إلا من الشهر الحرام، ولا نرى أن تستحلوه لطمع أشفيتم عليه، فشدوا على ابن الحضرمي فقتلوه وغنموا عيره، فبلغ ذلك كفار قريش، وكان ابن الحضرمي أول قتيل بين المسلمين وبين المشركين، فقدم وفد من كفار قريش على النبي، فقالوا أتحل القتال في الشهر الحرام؟، فوقف على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: «لم آمركم بالقتال في الشهر الحرام»، فأنزل الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، «سورة البقرة: الآية 217».
قال ابن كثير، أنزل الله يعيّر أهل مكة «يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير» بأنه لا يحل، وما صنعتم أنتم يا معشر المشركين أكبر من القتل في الشهر الحرام، حين كفرتم بالله، وصددتم عنه النبي وأصحابه، وإخراج أهل المسجد الحرام منه، حين أخرجوا محمداً صلى الله عليه وسلم أكبر من القتل عند الله، وقال ابن عباس، إن المشركين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وردوه عن المسجد الحرام في شهر حرام، ففتح الله على نبيه في شهر حرام من العام المقبل، فعاب المشركون على الرسول القتال في شهر حرام، فقال الله: «وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر»، من القتال فيه، وأكبر منه صد عن سبيل الله، وكفر به والمسجد الحرام، وإخراج أهل المسجد الحرام أكبر من الذي أصابه أصحاب النبي، والشرك أشد منه.
![]() |
|
![]() |
الاغترار بالكفارقال ابن عطية، الصد عن سبيل الله، والكفر به والصد عن المسجد الحرام، وإخراج أهل الحرم منه أكبر عند الله أي أعظم إثماً وأشد ذنباً من القتال في الشهر الحرام والمراد بالفتنة هنا الكفر، أي كفركم أكبر من القتل الواقع من السرية التي بعثها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقيل المراد بالفتنة، الإخراج لأهل الحرم منه، وقيل المراد فتنتهم عن دينهم حتى يهلكوا، أي فتنة المستضعفين من المؤمنين، أو نفس الفتنة التي الكفار عليها.
![]() |
|
![]() |
حذر الله سبحانه المؤمنين من الاغترار بالكفار