الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مولدُ النبيّ الخَاتم···النُّورُ الذي يُستَضَاءُ بِهِ

مولدُ النبيّ الخَاتم···النُّورُ الذي يُستَضَاءُ بِهِ
11 مارس 2009 23:27
شغل الرسول الأكرم محمّد صلّى الله عليه وسلّم النّاس قبل مولده الشريف، ولعلّ الواقع الذي كانوا يحيه الناسُ على امتداد رقعة الجزيرة العربية، وما حولها، كان من أقوى الدوافع ليهتمّ النّاس به، وينتظرون بعثته التي ستُحقق أملهم المنشود في تحقيق حياة أفضل عن أيام الشِرك والجاهلية الأولى· بمناسبة احتفالات العالمين العربي والإسلامي بذكرى مولد خاتم الأنبياء والمُرسلين، علينا أن نبيّن بأنّ التراث الديني في كلّ العصور ولدى كلّ الأمم هو أحد مصادر الإلهام الشعريّ كونه يستمد منه الشعراء نماذج وموضوعات وصوراً أدبيّة، والأدب العالمي حافلٌ بالكثير من الأعمال الأدبيّة العظيمة التي محورها شخصيّة دينيّة أو موضوع ديني، أو التي تأثرت بشكل أو بآخر بالتراث الديني·· وشخصيّات الأنبياء عليهم السلام هي أكثر شخصيّات التراث الديني شيوعاً في أدبنا المُعاصر، ولقد كانت شخصيّة النبيّ محمّد عليه الصلاة والسلام هي أكثر شخصيّات الرُّسُل شيوعاً في نتاج المرحلة الأولى· كذلك لابُد من ذكر أنّ المدح يُمثل أحد الفنون الشعرية في الأدب العربي عبر العصور المُتعاقبة، بل وأكثرها تناولاً عند شعراء العرب، فمُذ عُرِفَ الشعر عند العرب بصورته المعهودة، فقد تبارى الشعراء وتفاضلوا، وفيه كان معاشهم· لأنّ المدحُ هو ''وصفٌ لأخلاق الممدوح، وإشادة بفضائله وخصاله الحميدة، مع بيان ميزاته، وحمداً لأفعاله· ومن هنا فإنّ شخصية الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم، بقول محمود سالم محمد في ''المدائح النبويّة حتى نهاية العصر المملوكيّ'' هي التي شغلت العرب وبهرتهم· مدائح البوصيري والصرصري ولعلّ الذي مُدِحَ به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في زمن البعثة الشريفة، وإن تطرّق للمعاني الدينية، وتوجه إلى الرسول الكريم لكونه نبياً، فهو يفترق عن باقي المديح النبويّ، لأنّه قيل قبل أن ينتقل عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى، فلم تتمّ له المُفارقة بين المديح والثناء، وكانت دواعيه حاضرة، تختلف عن دواعي وأغراض المديح الذي جاء بعد ذلك، والذي أضحى فنّاً أدبياً قائماً بذاته، له أصوله وقواعده بين الشعراء· وأضاف محمود سليم ليبين موقف الإسلام من الشعر، كونه ليس موقفاً مُعادياً ومكرّهاً، إنّما هو موقف التصحيح لمفهوم الشعر وأثره، والدليل على ذلك مواقف الرسول صلّى الله عليه وسلّم من الشعر والشعراء، وهذا الشعر الذي مُدِحَ بهِ، فقد كان يستنشد الصحابة الشعر، ويستعيد ما يستحسنه منهُ، ويُبدي إعجابه ببعضه· والمدائح النبوية بوصفها ظاهرة أدبية كغيرها من الظواهر الأخرى لم تنشأ طفرة واحدة، إنما جاءت نتيجة لكثرة من العوامل يذكر منها الدكتور مخيمر صالح في ''المدائح النبويّة بين الصرصري والبوصيري''، ومنها العوامل الدينية والتاريخية والنفسية، وكلّ هذه العوامل أثرّت بدرجات متفاوتة عبر القرون، حتى وصلت إلى القرن السابع الهجري _عصر الصرصري 588 ـ 656هـ)، يحيى بن يوسف بن منصور، نسبة إلى قرية صرصر قرب مدينة بغداد، حيث بلغت أيامه قصيدة المديح النبويّ ذروتها، نضجها واكتمالها من حيث عناصرها وتقاليدها الفنيّة· ويروى في هذا المقام عن النبيّ محمّد عليه الصلاة والسلام انّه قد سمع الشعراء، وأجازهم على مدحهم، فكانت الشاعرة الخنساء تُقدم على رسول الله وكان: ''يستنشدها، ويعجبه شعرها، وكانت تُنشده، وهو يقول: هيّه ياخُنّاس، ويومئ بيده صلّى الله عليه وسلّم''· كما في رواية ''معاهد التنصيص على شواهد التلخيص ''لعبدالرحيم العباسيّ· وكان مدح الشعراء للنبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم أيامه، لِما عرفوا عنه في دينهم الساميّ، لذلك هناك مَن مدحه بالقيم الاجتماعية التقليدية فقط، أو المدح بالقيم الدينية بحدّ ذاتها، أو هناك مَن مزج بينهما، فشاعر مثل مالك بن عوف بن يربوع سمع عن الرسول الكريم ومكانته وصفاته وأعماله، فمدحه بذلك وبكرمه، وذكر مقدرته الشريفة على التنبؤ بالغيب، بدهشة وبساطة، لكونه ـ الشاعر ـ لم يكن على دراية بالإسلام وموقع النبي الكريم فيه، فأنشد: ما إن رأيتُ ولا سَمِعْتُ بِوَاحِدٍ في النّاسِ كُلِّهم بِمِثْلِ مُحمّدِ أوفَى وأعطَى للجَزِيْلِ إذا اجْتَدَى وإذا يَشَأ يُخْبِرْكَ عَمّا في غَدِ الأنصاري شاعر الرسول حسّان بن ثابت بن المنذر الأنصاري شاعر رسـول الله صلى الله عليه وسلم، واشتهر بمدحه للغساسنة والمناذرة قبل الإسلام، وثم بعد الإسلام منافحاً عنه وعن النبي صلى الله عليه وسلم· وفي حديث شريف عنه صلّى الله عليه وسلم قال: ''يا حسّان! أجبْ عن رسول الله، اللّهم أيّده بروح القُدُس''· وقد مدح الأنصاري الرسول عليه الصلاة والسلام قائلاً: وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ خلقتَ مبرءاً منْ كلّ عيبٍ كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاءُ ويقول شاعر الرسول الأنصاري أيضا في دفاعه عن النبيّ الكريم عليه الصلاة والسلام: إنْ كانَ في النّاسِ سبّاقُونَ بَعدهُمُ فكلّ سَبقٍ لأدنى سَبقِهِم تُبعُ أعفة ذكرت في الوحيّ عِفتهم لا يطمعونَ ولا يَزري بِهم طَمعُ قومٌ إذا حارَبُوا ضَرّوا عَدُوهُم أو حَاوَلوا النَفعَ في أشياعِهِم نَفعُوا لا يفخرونَ إذا نَالُوا عَدُوِهُم وإن أصِيبُوا فلا خَورٌ ولا جَزَعُ بانَت سعادُ ويستشهد أحمد محمّد النجار ذلك في ''مضمون المدحة النبوية زمن البعثة''، بما روي عن الشاعر كعب بن مالك رضيّ الله عنه، الذي مدح النبيّ الكريم عليه الصلاة والسلام، وهو يعتز بالانتساب إلى دينه الحقّ القويم، ونصرته يوم بدر قائلاً: ألا هل أتى غسّان في نأي وأخْبَرُ شيءٍ بالأمورِ عليمُها بأنْ قد رَمَتْنَا عن قِسِيٍّ عَداوَةٍ مِعَدٌّ معاً جُهّالها وحَلِيمُها لأنّا عَبَدْنَا اللهَ لم نَرْجُ غَيْرَهُ رجاء الجِنَانِ إذا أتانا زعيمها نبيٌّ لهُ في قومهِ إرثُ عِزّةٍ وأعراقُ صِدْقٍ هّذّبتها أرومها فساروا وسِرْنَا فألتقينا كأنّنا أسُود لِقَاءٍ لا يُرْجّى كَلِيْمُها أما رائعة الشاعر كعب بن زهير فهي قصيدته المشهورة التي ألقاها بحضرة خاتم الأنبياء والمرسلين النبي عليه الصلاة والسلام ''بانت سعاد قلبي اليوم متبُولُ'' التي يقول فيها: بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت كَأَنَّهُ مُنهَلٌ بِالراحِ مَعلولُ صيدح وثالث القمرين كتب الشاعر جورج صيدح قصيدته المعروفة ''ثالث الحرمين'' بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، والقصيدة طويلة تبلغ ستين بيتاً يقول فيها: وجهٌ أطلَّ على الزّمان كالبدرِ في الحَلّكِ استبانْ فيهِ شُعَاعُ النّيّراتِ وفيه أنفاسُ الجنانْ ضاقت قُريشُ بهِ، أمَا يكفي قريشَ الأزهرانْ أيكونُ هذا ثالثَ الـقمرَيْنِ أم مِرْسَالُ جَانْ من ذا رأى طفلاً يُناغِي الله بالسّبْع المَثانْ نبذَ التّمائِمَ وهو في مَهْدِ الرّضاعةِ والخِتَانْ يا صاحبيَّ بأيّ آلاءِ السّماء تُكذّبانْ لا يعجزُ اللهُ الذي إن قالَ كُنْ للشيءِ كانْ أرسلان: طهَ المُجْتَبَى استشهد الأمير شكيب أرسلان بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام كرمزٍ للحُسْنِ والجَمَال؛ لأنّه عينُ الوجود، ومصباح الهُدى، والمبعوث بالفرقان، وأحمد المحمود، وخير مَن سارت به قدمان، ويقول في قصيدته: كيف الخلافُ وللفؤادِ تأثُّر بجميع ما مرّت بهِ العَيْنَانِ أو كيف لا أهوى الجَمَال وقد بَدَا من نُورِ ذاك العَالَم الرّبانِي عينُ الوجودِ اللامِعُ النُّورَ الذي ما لاحَ مثلُ سَنَاهُ للأعيَانِ العَاقِبُ الإكليلَ مصباحُ الهُدَى والصادقُ المبعوثُ بالفُرْقَانِ هو أحمدُ المحمودُ مَن في حِلِّهِ كنفُ الوجودِ تشرفُ الثَّقلانِ فللّه يشهدُ أنّ طهَ المُجْتَبَى هو خيرُ مَن سارَتْ بهِ قَدَمَانِ الرصافيّ :''حفلة الميلاد النبويّ'' أما الشاعر معروف بن عبدالغني الرصافيّ، فيرى في النبيّ عليه الصلاة والسلام جانب العظمة التي تدفع صاحبها دفعاً إلى الوصول إلى غايته مهما قابله من صِعَاب، فهو صاحب همّة علية، وعزمٍ قَحُوم، وصبر حمُول، ويقول في قصيدته ''في حفلة الميلاد النبويّ'' ضمن ديوانه المعروف: وضحَ الحقُّ واستقامَ السبيلُ بعظيمٍ هو النبيُّ الرسولُ قامَ يدعُو إلى الهُدى بكتابٍ عربيٍّ قُرآنُهُ تَرْتيلُ طالباً غايةً منَ المجدِ قُصْوى صدّهُ عن بُلُوغِها مُستحيلُ ووصُولاً إلى مقامٍ رفيعٍ عزَّ مِنْ قْبلهِ إليهِ الوُصُولُ همةٌ دونَها الكواكبُ نوراً واعتلاءً يعلُو بهِ ويَطُولُ جَرّدَ اللهُ مِنْ للحَقِّ سقيماً كُلّ ضدّيْنِ وحدَهُ والُفلولُ فيه عزمٌ للمُهلِكاتِ قَحُوم واصطبارٌ للنائِبَاتِ حَمُولُ كشف الغُمّة للبارودي إنّ طلب الشفاعة والتوسل بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم لدى الشعراء، منهج موروث، وضح بشدّة عند الإمام البوصيري، ثم ألحّ عليه الشعراء من بعده، وتناول الشاعر محمود سامي الباروديّ في قصيدته ''كشف الغُمّة في مدح سيّد الأمّة''، وهو في المنفى بجزيرة سيلان، فقد استخدم قلمه في مديح المصطفى عليه الصلاة والسلام، مُتحدثاً فيها عن العناء الذي يُلاقيه في بلاده، وغربته الموحشة، وشوقه إلى المدينة المنورة حيث الصحبة والأمن: تَكَاءَدَتْني خطُوبٌ لو رَمَيْتَ بها مناكبَ الأرضِ لم تثبتْ على قَدَمِ في بلدةٍ مثل جوف العِيْرِ لستُ أرى فيها سِوى أُمَمٍ تحنُو على صَنَمِ لا استقرُّ بها إلاّ على قلقٍ ولا ألذُّ بها إلاّ على الَمِ إذا تلفّتُ حولي لَم أجِدْ أثراً إلاّ خيالي ولم اسمَع سوى كَلِمِي فمَن يَرُدُّ على نفسي لبانَتَهَا أو مَن يُجِيْرُ فؤادي مِن يدِ السّقَمِ التيموريّة والعشق الأوّل تردد الشاعرة الأديبة عائشة التيمورية وتتوسل في أبيات قصيدتها بالمقام النبوي الشريف، وفيها رائحة ''قصيدة الإمام البوصيري''، وشكل البُرْدة المشهورة، مُتحدثة عن العشق الأول: أعَنْ وميضٍ سَرَى في حِنْدِسِ الظُّلَمِ أم نسمةٍ هاجَتْ الأشواقَ مِنْ إضَمِ فجدّدت لي عهداً بالإَرَامِ مَضَى وشاقني نحوَ أحبابي بِذي سَلَمِ دعا فؤادي مِن بعد السْلُوِّ إلى ما كنتُ أعهدُ في قلبي مِن القَدَمِ وهاجني لحبيبٍ عشقُ مَنْظَرِهِ يمحُو ويثبُت ما يهواهُ مِن عَدَمِي إسماعيل مع النور المحمديّ أشار الشاعر محمود حسن إسماعيل في قصيدته ''مع النور المحمديّ'' التي نظمها بمناسبة مولد النبي الأمين صلّى الله عليه وسلّم، وفي مطلع القصيدة عن النبيّ ''محمّد'' باعتباره أوّل نور، ونوراً أعظم، وكلّ الأنوار: ''يا أول نور، سكبَ اللهُ النورَ الأعظم من شفتيهْ يا أوّل نور، كلّ النور تألّق منهُ، وجابَ الكون على كتفيهْ يا أوّل نور، خفّ إليهِ الرّوح القُدس وكبَّرَ بين يديْهْ''· الكاظميّ وتربة المُصطفى ويخصص الشاعر عبدالمحسن الكاظمي قصيدته ''يا تُربة المصطفى'' ضمن ديوانه المطبوع ليمدح في أبياتها شخصية رسول الإنسانيّة العظيم عليه الصلاة والسلام، فيقول: يا تُربَةَ المصطفى اشمخِي شَرَفاً فأنتِ علياءُ كلُّ علياءِ تملّكِي الأرضَ والسّماءَ وما بينهُما من فضاءٍ وأجوَاءِ وكلّ ما كانَ في الوجُودِ ومَا يكونُ من ذاهبٍ ومِن جائِي الكعبة الزهراء لبدوي الجبل وقد خصصّ الشاعر سليمان الأحمد ''بدوي الجبل''، قصيدة طويلة كتبها باسم ''الكعبة الزهراء''، صبّ فيها جُلّ أفكاره نحو الكعبة المُشرفة والمقام وأهل الحجاز، ومن خلال أبياتها تطلّ الملامح المحمديّة الشريفة، إذ يقول: بنورٍ على أُمِّ القُرَى ويطِيبِ غَسَلْتُ فؤادي من أسىً ولهِيبِ لثمتُ الثّرَى سَبْعَاً وكَحَلْتُ مُقلَتِي بحُسْنٍ كأسرارِ السّماء مَهِيْبُ وأمسَكْتُ قلبِي لا يطيرُ إلى''مِنَىً'' بأعبائِهِ مِن لهفةٍ وَوَجِيْبُ فيا مُهجَتِي: مِن وادي الأمينِ مُحمّدٍ خصيبِ الهُدى، والزرعُ غيرُ خصِيْبِ هُنا الكعبةُ الزّهراءُ ـ والوحيُّ والشذا هنا النّورُ فأفْنَى في هَوَاهُ وذُوبِي ويا مُهجَتِي بَينَ الحَطيمِ وزمزمٍ تَركتُ دُمُوعِي شَافعاً لذنُوبِي وفي الكعبةِ الزّهراء زيّنْتُ لَوْعَتِي وعطر أبوابِ السّماءِ نَحِيْبِي هلال حافظ إبراهيم كان الشاعر المصري حافظ إبراهيم مولعاً بالحديث من خلال الأقنعة، حتى أنّ رمز ''الهلال'' صار رمزاً شاملاً للإسلام وللهجرة النبوية الشريفة، ولهذا لبس إبراهيم قناع العام الهجري من خلال الهلال، وهو فرصة فنيّة للتعبير عمّا يريد بثّه من تغيير للواقع المُعاش أيامه، فيقول في إحدى قصائده ضمن ديوانه المعروف: لي فيكَ حين بَدا سَنَاكَ وأشْرَقَا أملٌ سألتُ اللهَ أنْ يتحقّقا أشرقْ علينا بالسُّعُودِ ولا تكُنْ كأخيكَ مشؤومَ المنازِلِ أخْرَقَا وقد كانَ جَرَّاح النفوس، فداوِهَا ممّا بها وكُن الطبيبَ موفّقَا مطران وسلام على الهلال ''عظة العيد الهجري'' للشاعر خليل مطران، فأنشد في حفلٍ جامع لمختلف الفئات الاجتماعية عام 1912م، وتحمل قصيدته ملمح الإخاء الذي يدعو إليه المصطفى عليه الصلاة والسلام، من خلال مخاطبته الهلال، ويدعو إلى التصافي بين مختلف الطوائف المسلمة وغيرها: سلامٌ على ذاكَ الهِلال من امرئٍ صريحِ الهوى والحرُّ لا يتكتّمُ سلامٌ وتكريمٌ بحقِّ كلاهُما وأشرَفَ مَن أحببتهُ من تُكرِّمُ هويتُكَ إكباراً لِما أنتَ رَمْزُهُ مِن المأْرَبِ العُلوِيِّ لو كانَ يفْهَمُ وعلكاً بأنّ الشّرقَ ينمُو ويرتَقِي بأنْ يتصّافَى عيسويُّ ومُسلِمُ نصرٌ من اللهِ لناصف وتُعد قصيدة الشاعر المصري حفني ناصف من أقدم النصوص في القرن الرابع الهجري التي تعالج الهجرة المباركة، الذي يلحّ الشاعر فيها على الملامح العامة لهجرة خاتم الأنبياء والمرسلين، ثم بعد المقدمة الاستهلالية للقصيدة يُعرِّج ناصف عن حلمه في الغد القريب، وذلك من خلال استرداده مجدّ الأسلاف والاستعداد للزمان الخصيب فيقول: وذُو الهَوى لا يعرفُ مقدارَ ما يلذّ للمهجورِ وصْلُ الحبيبْ فليفرح الشّرقُ وابناؤه وليلقُوا الدهرَ بصدرٍ رحيبْ وليهنأوا بالعام عام الصّفا وَلْيَلْبِسُوا ثوبَ السّرورِ القشيبْ وليسعَدُوا بالطّالع المُزدَهِي وليزدَهُوا بالسّعدِ المُستجِيبْ شوقي: ''تحتَ النّقْعِ بدرُ'' ونجد الشاعر المصريّ أحمد شوقي قد فعل ما فعله محمود سامي البارودي في تقليد قصيدة الإمام البوصيري، فيقول: والليثُ دُونَكَ بأسأً عندَ وثبَتِهِ إذا مشيتَ إلى شاكِي السِّلاحِ كَمِي تهفُو إليكَ ـ وإن أدمَيْت حبّتَها في الحربِ ـ أفئدةُ الأبطالِ والبُهَمِ محبةُ اللهِ ألقاها وهيبتُهُ على ابنِ آمنةٍ في كلّ مُصطَدَمِ كأنّ وجهَكَ تحتَ النّقْعِ بدرُ دُجَىً يضيءُ ملتثِماً، أو غيرُ مُلْتَثِمِ بدرٌ تطلّعَ في بَدْرِ غُرّتِهِ كغُرّةِ النّصْرِ، تجلُو داجِيَ الظُّلَم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©