الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نساء يهزمن «سرطان الثدي» بالإرادة والإيمان

نساء يهزمن «سرطان الثدي» بالإرادة والإيمان
23 أكتوبر 2014 23:30
لكبيرة التونسي (أبوظبي) من تقف على أعتاب النهاية وتتحدى المرض تنتصرعليه بالأمل وحب الحياة شخصية فولاذية، لأنها بعد أن باتت وجهاً لوجه أمام المرض الفتاك «سرطان الثدي» تغلبت عليه بإيمانها بالله ودعم الأهل، ويقينها بأن هذا الزائر الخبيث يحتاج إلى مقاومة من نوع خاص لهزيمته والنجاة منه. سلوى ومليكة ترويان تجربتهما المريرة مع سرطان الثدي وكيف عولجن منه، وتؤكدان أن الإصابة بهذا المرض سارق الفرح والأمل والأنوثة، ليست بالضرورة النهاية طالما تسلحت المريضة بالعزيمة اللازمة للتغلب عليه. الإرادة القوية والصبر وحب البشر، أفضل الأسلحة لمواجهة هذا المرض، ومن حسن الحظ أن سلوى ومليكة تملكان من هذه الأسلحة الكثير. صدمة كبيرة عندما اكتشفت سلوى عبد الرحمن 50 سنة إصابتها بسرطان الثدي بالمصادفة قبل أربع سنوات، أخفت الموضوع عن أبنائها في البداية خوفاً عليهم من الصدمة، لكنها اتخذت خطوة جريئة واتجهت إلى «مستشفى راشد بدبي» للتحقق من نتيجة فحص ورم شعرت به في صدرها، وهناك أجرت العديد من الفحوص والتحاليل المخبرية والأشعة، وبعد أسبوعين، ذهبت إلى المستشفى لتجد في استقبالها 3 أطباء، تكفل أحدهم بإبلاغها بالنتيجة، لكن بطريقة تستسيغها وتخفف عنها مصابها، حيث أكدت نتيجة عينة الصدر «الخزعة» بعد تحليلها أنها مصابة بسرطان الثدي. أصيبت سلوى التي تعمل في مجال التطوع ومسؤولة عن «فرقة السلوى التراثية» بصدمة كبيرة في بداية الأمر، وفي لحظة قصيرة جداً، دارت بها الدنيا واستعرضت شريط حياتها أمامها، وتذكرت أمانيها التي لم تتحقق بعد، لكن سرعان ما استجمعت قواها، وتوجهت إلى بيتها وأخبرت زوجها وإخوانها بحقيقة مرضها، وقررت الخضوع للعملية مستندة على إيمانها بالله وصبرها وعزيمتها. تمسك بالحياة وخضعت للعملية الجراحية، واستٌأصل الورم، وبعد العملية أخذت ست جرعات من الكيماوي، وكانت متماسكة في أول جرعة، لكن بعد ذلك بدأ شعرها يتساقط خلال الجرعتين الثانية والثالثة، مما دفعها لقصه بالكامل، ولم تؤثر هذه المشكلة فقط في نفسيتها، بل كان لها الأثر الكبير على نفسية ابنتها التي اقترحت عليها أن تقص شعرها كنوع من التضامن النفسي معها، الأمر الذي جعلها تتمسك بالحياة أكثر، وبعد ما أنهت جلسات العلاج بالكيماوي، انتقلت لمستشفى توام بالعين لتستفيد من العلاج بالإشعاع، وهو استعمال أشعة ذات طاقة عالية للقضاء على الخلايا السرطانية ومنعها من النمو، واستغرقت فترة العلاج بالإشعاع 35 جلسة. ولم تيأس خلال فترة مرضها، وظلت تعمل وتشارك بنشاط وحيوية كبيرين في أنشطة عدة بالمجتمع. شجاعة مليكة مليكة علي بنت محمد، علمت بإصابتها بسرطان الثدي بالمصادفة، خلال زيارتها طبيبة نساء، حيث لاحظت الطبيبة تغيراً على مستوى الصدر، فحولتها إلى المختبر لإجراء فحوص، فتبين أنها مصابة بسرطان الثدي وفي مرحلة متقدمة، انهارت مليكة، خاصة أن ابنتها الصغيرة مازالت تحتاج إلى رعاية، لكنها كانت شجاعة جداً وقررت دخول المستشفى، حيث تم بتر الثدي الذي تبرعت به لاختبار أحد العقاقير المكتشفة لعلاج المرض الخبيث، ومن ثم خضعت للعلاج، واليوم أكملت 10 سنوات بعد هذه العملية، وما زالت تتابع الفحوص الدورية التي تؤكد تعافيها بنسبة كبيرة، ويرجع ذلك لإرادتها القوية وطبعها المرح وحبها للحياة. تقول مليكة: «تمالكت نفسي بعد علمي بخبر إصابتي بهذا المرض الذي كان في مراحله المتقدمة، وزاد اهتمامي باسرتي وأبنائي، وأدركت آنذاك أن الحياة لا تستحق العناء والحقد والمشاحنات». وتضيف: «تظل الإصابة بسرطان الثدي تجربة شخصية جداً، إذ كانت تنتابني مشاعر متباينة من الحزن والفرح والألم والأمل والضعف والقوة، وكانت حياتي عادية كأي أم، أعتني بأولادي وزوجي وبيتي، لكن عندما شعرت وأنا في المستشفى بعيدة عن الجميع أن الموت قريب مني، وقد يغيبني عن أهلي في أي لحظة، شعرت أن كل لحظة أقضيها في بيتي ومع أسرتي الصغيرة هي لحظة سعادة وفرح، حيث كنت أمانع أن ينام أولادي بجانبي في السرير قبل المرض، أما بعده فأصبحت أحضنهم باستمرار، وأتحدث لهم، وأشاركهم فرحتهم وأستمع إليهم، وأقدر معنى وجودي بينهم، ووجودهم في حياتي، ورغم شعوري بأن المرض في مراحله الأخيرة، فإنني لم أبالي رغم الصدمة الأولى، واستمرت حياتي، وها أنا اليوم ما زلت أعيش بينهم في أفضل حال، والحمد لله على نعمة الشفاء». وتضيف: «رغم أن الكيماوي يدمر العظم والنظر، والكلى، وله مضاعفات جانبية، فإن الرغبة في الحياة وقوة الإرادة والتوكل على الله والإيمان بالقضاء والقدر، كل ذلك جعلني أستطيع محاصرة المرض». الدعم النفسي ويقوم الدعم النفسي بدور كبير في تقبل المريضة للعلاج وتخطي مرحلة الخطر، وذلك عن طريق الطبيب المعالج ومجموعات الدعم النفسي، إلى جانب الاختصاصي النفسي، وأهم عنصر في هذه المجموعة هو الأسرة، خاصة الزوج، وأشار الدكتور عصام إمام، رئيس قسم الطب النفسي بمستشفى «توام» بالعين، إلى أن الناجيات من سرطان الثدي يشعرن أثناء العلاج أو بعده بالخوف من معاودة المرض، وعليه فإن المريضة تحتاج إلى الدعم النفسي، سواء من الأهل أو الأسرة أو الأصدقاء، والاختصاصيين، كما أن جمعيات المؤازرة التي تساند المرضى لها دور كبير في دعم المريضات نفسياً. وأوضح رئيس الطب النفسي بمستشفى «توام» أن بعض المريضات بسرطان الثدي تكون حالتهن حرجة جداً من الناحية النفسية نظراً لعدم تقبلهن لحقيقة المرض، مما يكون له نتيجة عكسية في العلاج، ويضيف: «أحياناً تحدث حالات إنكار شديدة من قبل المريضة، ما يؤدي إلى تفاقم حالتها، كأن تعرف أنها مصابة بسرطان الثدي وتلجأ لأكثر من طبيب عله ينفي أنها مصابة بالمرض، وتعيد التحاليل المخبرية وأخذ العينة، ويستغرق ذلك شهوراً مما يعقد حالتها، ويعطل العلاج، كما تصاب بعض السيدات بالاكتئاب، ونوبات خوف شديد، ومنهن أيضاً من تخاف من جلسات الكيماوي، وتتأخر في أخذ العلاج لجلسات عدة، وفي مثل هذه الحالات، فإن المريضة يلزمها مساعدة ودعم نفسي للاستمرار في العلاج، وتجاوز هذه المرحلة الحرجة». حملات توعية وتعتبر الإمارات من بين الدول الرائدة التي تعمل على زيادة التوعية بمرض سرطان الثدي، من خلال فعاليات وبرامج صحية مستمرة، وخلال شهر أكتوبر الذي يصادف الشهر العالمي للتوعية بسرطان الثدي تنظم الدولة فيه عدداً من حملات التوعية عن طريق «القافلة الوردية» في مختلف إمارات الدولة، ما يسهم في الحالات ومتابعتها في المستشفيات، إلى جانب توفير وحدات الدعم النفسي لمساندة الناجيات من سرطان الثدي، بحيث تؤكد الدراسات أن الإرادة والعزيمة والدعم المعنوي والنفسي تلعب دوراً كبيراً في الاستجابة للعلاج والتعافي. الأكثر شيوعاً لدى النساء أوضح الدكتور سامح العزازي، استشاري النساء والولادة، أن سرطان الثدي هو الأكثر شيوعاً لدى النساء، وتشكل نسبة الإصابة به نحو 46% ، مقارنة بأنواع السرطان الأخرى، حيث يُصيب امرأة من بين كل ثماني نساء، وهذا المرض عديم الأعراض، لكنه إن لم يكتشف في فترة مبكرة ربما ينتشر في أعضاء عديدة من الجسم، الأمر الذي يؤدي إلى مضاعفات، مشيراً إلى أنه يمكن علاج سرطان الثدي بالجراحة، أوالعلاج الكيميائي، أو بالإشعاع، أو العلاج الهرموني.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©