الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عين ملتبَة ترى الخيوط الواهية·· وتفسّرها

عين ملتبَة ترى الخيوط الواهية·· وتفسّرها
8 يناير 2009 00:11
مسرحية ''عين منكبَة وعين ملتبَة'' هي رقم 11 في سلسلة الأعمال التي قدمها الممثل والكاتب عبدالله زيد لمسرح الإمارات، حيث قَام قبل ذلك بإخراج مسرحيات عديدة من أهمها: ''بو علي راح وطي''، ''مشعل في مهب الريح''، ''مزاح وطعن رماح''، ''ميراث القطط''، و''احفروا بئرا''· لكن في تقديري أن ''عين منكبة وعين منكبة'' وهي من نوع ''الكوميديا السوداء'' والتي قدمتها جمعية دبا الحصن للثقافة والفنون والمسرح (تأسست العام 1992) لجمهور أبوظبي مؤخرا، على مسرح أبوظبي بكاسر الأمواج هي من أنضج ما في مسيرته الفنية على مستوى التمثيل والكتابة· أما عنوان المسرحية فمأخوذ من مثل شعبي محلّي، يعني: أن العين المنكبة هي العمياء الضعيفة، والعين الملتبة هي التي ترى من القلب أو من الداخل· ولكي يضيء المؤلف هذه الفكرة لجأ الى عنصر ''التقابل'' في رسم شخوصه وبناء أحداثه التي تقوم في الأساس على ''الثنائيات'' فمنذ بداية الأحداث نرى شخصيات تسير باتجاه الخير وقطبها ''أبو دنوس'' ولعب شخصيته عبدالله زيد ويدور في فلكه زوجته ''ريحانة'' وقامت بدورها فضَة المحيربي ومجموعة من الشخصيات· بالمقابل نرى الشخصيات التي تسير باتجاه الشر ويقودها ''أبو درويش'' ولعب دوره علي القحطاني وزوجته ''سليمة'' وقامت بدورها الممثلة فاطمة حسين· والمسرحية بمجملها تصور ''الصراع العائلي'' بين الأشقاء على ميراث هو عبارة عن بيت شعبي قديم مكون من طابقين ويعكس بطرازه المعماري تلك القيم العريقة والعادات الأصيلة لمجتمع الإمارات، أما المفارقة الدرامية فتتمثل في أن جميع الشخصيات المتصارعة تعيش في هذا البيت المشحون بأجواء التأزم والقهر، في حين عمد المؤلف الى شخصية ''مصبح'' ولعب دوره طلال محمود، الشاب المعاق ذهنيا، البريء، وصوَره بمثابة حجر عثرة أمام خاله أبو درويش الذي يحاول أن يسلبه حقَه الشرعي في ميراث البيت، في حين ينتصر له خاله أبو دنوس، لينجح في النهاية في تأكيد قيمة إنسانية عظيمة هي أن العاهة الجسدية لا تمنع من حصول المصاب بها على حقوقه وميراثه مثل أي شخص سوي، ويثير النَص في هذا الجانب دعوة للاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة· كما أثارت المسرحية بعض القضايا التي تواجه المجتمع المحلي مثل الآثار السلبية للزواج من الأجنبيات، والتفكك الأسري، ومشاكل الشباب في المدارس· وفي تقديري أن مؤلف النص وبحاسته البصرية اللاقطة استطاع أن يتجاوز بساطة الفكرة الى (ثيمة) فنية غنية بممكنات التناول الدرامي حينما استثمر صراع الأشقاء ليسقط عليه بعضا من الحال العربي، حينما اشتد النزاع بينهم على الميراث أقاموا حاجزا بينهم (عبارة عن حبل ممتد فصل البيت الى منطقتين) وبدأوا بحرب كلامية تطورت الى قضايا في المحاكم واستخدام أساليب متنوعة لتحقيق أهداف مادية· ولكن بحذر شديد وفي نهاية العرض أزيل الحاجز الوهمي بين الأخوة لان البيت كان بمثابة الوطن بالنسبة إليهم لتأكيد فكرة الصراع بين المادة والروح· بالمقابل نجح الإخراج في استثمار الديكور الذي صممه سالم سعيدوه الى أقصى حد من عمل التشكيلات الهندسية، وتحريك الشخصيات وتثبيتها في تقسيمات ثلاثية، ومن ثم استخدام جيد للموسيقى والأغنيات بما حافظ على الإطار الواقعي للعرض· بالطبع لم تخل المسرحية من بعض الهنات هنا وهناك مثل ضعف توزيعات الإضاءة في المشاهد الجانبية والمشاهد الثنائية، وضعف المؤثرات الصوتية وأداء بعض الممثلين والتركيز بشدًة على أداء الشخصيات الرئيسية، وملامح الخطابية المسطحة في بعض المشاهد التي جاءت كاريكاتورية هازلة من (كوميديا الفارس) على أن ذلك لم يقلل كثيرا من جماليات العرض· في مجال التمثيل تألق عبدالله زيد في أداء شخصية ''أبو دنوس'' فكان مليئا بالحركة وخفة الظل، فكان نبض العرض المسرحي كله وقد توازى ذلك مع نجاحه كاتبا ومخرجا وفيا لمقومات العرض الكوميدي الهادف· كما تألقت فضة المحيربي في أداء دور ريحانة الهندية، وشكلت ثنائيا ذا حضور كبير مع عبدالله زيد· وأكد علي القحطاني بدور أبو درويش حضورا واداء متوازنين· وأخيرا فان نجاح المسرحية التي قدمت باستضافة من نادي تراث الإمارات يعود الى مستواها الفني، فضلا عن أهمية مضمونها المحلي بالكامل والتأكيد على مستوى كوميديا الموقف الهادفة بما يؤسس لمسرح كوميدي محلي يحترم ذائقة وعقلية الجمهور في إطار فني
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©