الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرازيل... ملامح الانتخابات الرئاسية المقبلة

البرازيل... ملامح الانتخابات الرئاسية المقبلة
16 فبراير 2010 20:16
في ظل صعود المرشحة الرئاسية المدعومة من قبل الحكومة "ديلما روسف" في استطلاعات الرأي، يعمد بعض من أبرز منتقديها إلى إثارة خوف البرازيليين وتحذيرهم من أن أكبر اقتصاد في أميركا الجنوبية سينحو أكثر نحو "اليسار" الراديكالي في حال فازت في انتخابات أكتوبر المقبل. الرئيس السابق "فيرناندو هينريك كاردوسو"، الذي يعد مهندس انتعاش الاقتصاد البرازيلي، وأحد أكثر أصوات المعارضة احتراماً، يعتقد كذلك. ففي حديث معه هذا الأسبوع، قال لي إن روسف أكثر "دوغمائية" و"سلطوية" وأقرب إلى "اليسار" الفنزويلي الراديكالي من الرئيس المنتهية ولايته "لويس إينياسيو لولا دا سيلفا". روسف، الخبيرة الاقتصادية والناشطة "اليسارية" الثورية السابقة، هي مديرة مكتب "لولا" منذ 2005 . وخلال الأشهر الأخيرة، وفي ما يشبه نوعاً من أنواع الدعاية والاستعراض، جاب "لولا" معها البلاد لتدشين مشاريع عامة، على أمل أن يفيد معدل شعبيته الذي يبلغ 80 في المئة والـ5 في المئة من النمو الاقتصادي المتوقعة هذا العام ترشحها. وقد أظهر استطلاع حديث للرأي أجرته شركة "سانسس" البرازيلية لاستطلاعات الرأي أن التأييد الشعبي لـ"روسف" قفز إلى 22 في المئة، بل إن منظمي استطلاع الرأي يقولون إنه سيستمر في الارتفاع بموازاة مع ازدياد شهرتها. وبالمقابل، يتوفر خصمها الرئيسي، حاكم ولاية ساو باولو والعمدة السابق لمدينة ساو باولو، خوسي سيرا، على 32 في المئة من الأصوات. غير أن لا أحد منهما أعلن حتى الآن عن ترشحه رسميا للانتخابات الرئاسية. سألتُ كاردوسو، الذي يدعم "سيرا": هل ستفوز؟ "أعتقد أنها ستواجه صعوبات. سترتفع شعبيتها في استطلاعات الرأي .... لأن الرئيس "لولا" قام بتسريع بداية الحملة الانتخابية، والمعارضة لم تنتخب مرشحاً بعد بشكل رسمي؛ ولذلك، فإنها تحظى باهتمام في وسائل الإعلام. ولكنني أعتقد أنه، في نهاية المطاف، عندما سيذهب الناس إلى مكاتب التصويت وينظرون إلى المرشحين لتحديد من منهما يبعث على الثقة أكثر، فإن الأمور ستتغير". سألت: لماذا؟ "ديلما روسف مازالت تفتقر إلى أي تجربة قيادية، إذ لم يسبق لها أن كانت زعيمة لأي شيء، فهي لم تكن حاكمة، ولا عمدة، ولا أي شيء. ومن الصعب الاعتقاد بأن الناس سيضعون ثقتهم في شخص يتولى وظيفة عامة، شخص ليس زعيماً، في حين لديك في المعسكر الآخر زعماء يتوفرون على سجل معروف وطويل من التجربة". ولكن، هل ستكون خاضعة لـ"لولا"؟ "لا أعتقد أن شخصاً يصعد إلى السلطة سيسمح لشخص آخر بإدارته والتحكم فيه. أستبعد ذلك، وخاصة بالنظر لخصائص شخصيتها، فهي سلطوية وصارمة جدا". وهل ستكون حكومتها أقرب إلى "اليسار" الراديكالي من حكومة "لولا"؟ "إنها أقرب إلى حزب العمال. أما "لولا"، فيتمتع باستقلال أكبر من حزبه. وهو مفاوض ماهر، ربما لأنه زعيم نقابي (سابق). وهو ليس رجلا صدامياً، بل رجل مفاوض. ولديه القدرة على تغيير رأيه... ولا أعتقد أن ديلما تستطيع أن تفعل ذلك، لأنها أكثر – ربما هذه الكلمة قاسية بعض الشيء – دوغمائية. فلديها رأي قديم ومتجاوَز بعض الشيء... حيث تبدي ميلا لتدخل أكبر للدولة (في الاقتصاد)". وهل ستكون "ديلما روسف" أكثر قرباً إلى رئيس فنزويلا الراديكالي هوجو شافيز؟ "ربما، إلا أنه على المرء أن يأخذ في عين الاعتبار أن مؤسسات البلاد قوية، وأن الأشخاص الذين في السلطة لا يستطيعون أن يفعلوا ما يحلو لهم. فهي قد ترغب في ذلك، ولكن زعامة الأحزاب السياسية الأخرى، ووجود صحافة حرة، وشركات قوية، وجامعات، إلخ... كل ذلك سيُحدث وزناً مضاداً. ومع ذلك، فإن قلب ديلما أقرب إلى اليسار". والواقع أن السباق الرئاسي في البرازيل متواصل على قدم وساق، ولكن علينا أن نتعامل مع خطاب الجانبين ببعض الحذر. فالاستراتيجية الانتخابية لمعسكر سيرا – والتي عبر عنها حتى الآن كاردوسو - تقوم على تقديم روسف على أنها مرشحة راديكالية تفتقر إلى التجربة وستدفع البرازيل (في حال انتخابها) في اتجاه فوضى اقتصادية على النموذج الفنزويلي. أما استراتيجية معسكر "روسف"، فتتمثل في تقديم "سيرا" على أنه سياسي من الطراز القديم ستقوم حكومته (في حال انتخابه) بتقليص البرامج الاجتماعية وإدارة ظهرها للفقراء. غير أنه سيتعين على "روسف" أن تقترب أكثر من "الوسط" إنْ هي كانت ترغب في الفوز. فحزبها "حزب العمال" خسر انتخابات 1989 و1994 و1998 حين تقدم إلى الانتخابات ببرامج "يسارية" راديكالية، قبل أن ينتقل "لولا" إلى الوسط في 2002، ثم إن "سيرا" ليس مع دعاة السوق الحر المجانين، بل هو معروف في البرازيل بمحاربته لشركات الصيدلة، حين كان وزيرا للصحة وإنشاء قطاع الأدوية المستنسخة لصالح الفقراء. ولعل الأهم من ذلك، مثلما اعترف بذلك "كاردوسو" نفسه، هو أن البرازيل تتوفر على نظام قوي للفصل بين السلطات ومراقبة بعضها البعض، وهو ما من شأنه أن يجعل من الصعب على أي رئيس أن يدمر مكتسبات البلاد الاقتصادية التي تحققت خلال الخمس عشرة سنة الماضية. فعلى الرغم من سياسة "لولا" الخارجية المنفرة - بالنظر إلى احتضانه لأسوأ ديكتاتوريات العالم – فإن الأرجح أن البرازيل ستستمر كنموذج للسلوك الاقتصادي المسؤول ومحاربة الفقر في أميركا اللاتينية. كاتب متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيول"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©