الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وما مصير الصحف العربية؟

9 أكتوبر 2011 20:59
إذا ربطنا بين توقعات رئيس المنظمة الدولية لحقوق الملكية الفكرية فرتسيس غوري بأن الصحف الورقية المكتوبة ستختفي بحلول عام 2040، وبين ملامح واقع هذه الصحف في العالم يمكن أن نرى أن ذلك قد لا ينطبق على جميع المناطق لعدة أسباب، وإّذا صحت توقعاته بأن بعض الدول ستشهد ذلك قبل غيرها، فإن آخر الصحف التي قد تختفي من العالم ستكون من بينها الصحف العربية. ففي حين يشير غوري إلى أن “النسخ” الرقمية من الصحف التي تباع على الإنترنت أصبحت أكثر عدداً من النسخ الورقية المباعة في الولايات المتحدة الأميركية، ويستخدم ذلك كدليل على أن الصحف الأميركية ستختفي قبل غيرها بكثير (متحدثاً عن عام 2017)، فإن مثل هذا المؤشر لا يوجد إطلاقاً في الدول العربية حيث لا يزال يسود نظام المحتويات المجاني ويكاد لا يجرؤ أحد على كسره. وفي حين أن التوقعات باختفاء الصحف الورقية تستند في النهاية إلى معايير اقتصادية واضحة المعالم، حيث سيكون من الخسارة الاستمرار في إصدارها من دون جدوى إعلانية وبيعية، إلا أن صحافتنا في معظمها تعفي نفسها من هذه المعايير التجارية لأنها، خاصة الصحف اليومية تعتمد معايير ومبررات أخرى للصدور، منها السياسي ومنها الشخصي. كما أنها لا تزال حتى الآن خارج التحول التكنولوجي والثقافي الناتج عنه حتى وإن أصدرت نسخاً رقمية. وأقصد بذلك الطبيعة التفاعلية التي دونها لا يمكن الإمساك بروح هذه التحول. والأدلة على الأمر الأخير أكثر من أن تعد. وإذا تخطينا مسألة الرقابة المتشددة على العنصر الأول من التفاعل، المتمثل بآراء وتعليقات القراء وما يوضع أمامه من قيود، فإنه لا يمكن غض النظر عن مسألتين أساسيتين وهما: ضعف قيمة وتأثير هذا التفاعل في النهاية على توجهات هذه الصحف واللامبالاة حياله. ومن مظاهر ذلك مثلاً الغياب شبه التام لمدونات المحررين والصحفيين على مواقع الصحف نفسها. أما المسألة الثانية فتظهر من خلال معظم الصحف أو عدم اهتمامها كلياً بالتطبيقات العصرية لصحافة التفاعل والمتمثلة بشكل أساسي بكيفية جعل القارئ جزءاً منها، توجيهاً ومضموناً. هذا إلى جانب إهمال الاستفادة – شبه المجانية – من صحافة المواطن (رغم أن بعض المحطات العربية التلفزيونية قد قطعت شوطاً مهماً في هذا المجال). قد يكون التأخر عن الركب الرقمي مبرراً لأسباب موضوعية تعود لبنية الصحافة العربية وعلاقتها بالملكية وأسباب وأهداف الصدور، لكنها لنفس هذه الأسباب قد تتأخر عن اللحاق بـ “ركب الاختفاء” عن الساحة الورقية. قد لا يعني هذا أنها “كانت” أكثر قابلية للمقاومة وللحياة ، فقلما كانت تبدو قلقة على مصيرها، وقد تستمر على هذه الحال. ولا بأس أن تستمر الصحف العربية ورقياً لكثير من الأسباب. كما لا مشكلة أبداً في أن تموت ورقياً وتتحول رقمياً. لكن المهم هو مدى استعدادها لتنفض عن نفسها تقاليد سيئة كثيرة لتستطيع اكتساب مكانة جديدة في عالم لن تستطيع أن تخفي فيه أرقام مبيعاتها وإعلاناتها وإقبال القراء عليها خلافاً لما هو جار الآن. د . الياس البراج | Barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©