الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تغير النظرة المجتمعية للمعاقين يكرس أدوارهم المهمة في الحياة

تغير النظرة المجتمعية للمعاقين يكرس أدوارهم المهمة في الحياة
9 أكتوبر 2011 20:57
أبوظبي (الاتحاد) - يمثل المعاقون أحد مكونات المجتمع المهمة، لما لهم من حقوق، وعليهم ما على الجميع من واجبات، ومن هنا تظهر أهمية النظرة المجتمعية للمعاقين، وكيف ينظر الناس لذوي الإعاقة على اختلاف ظروفهم الصحية، خاصة أن الدولة تسعى بمؤسساتها المختلفة، إلى المساهمة بشكل فعال وإيجابي في عملية دمج المعاقين، وتقديم سبل الدعم كافة لهم، حتى تحقق عملية الدمج هدفها، وهذا يظهر أهمية النظرة المجتمعية للمعاقين، ودور الناس العاديين في إنجاز الدمج الكامل للمعاقين في كل المعطيات الحياتية وطرق التعايش الموجودة في المجتمع. خدمات للمعاقين ويقول سعد عبد المجيد (37 سنة) ويعمل محاسباً في إحدى الشركات، إن وجود نسبة من المعاقين أمر طبيعي في أي مجتمع، مهما ارتقى مستوى معيشته أو انخفض معدل إصابة أفراده بأمراض خطيرة ومزمنة، غير أن الفارق بين مجتمع وآخر، هو أن هناك مجتمعات تبذل قصارى جهدها في تقديم أفضل خدمات المساعدة للمعاقين في المرافق كافة وسبل الحياة من عمل وعلاج وغيره، وهذا الكلام ينطبق بشكل رئيس على المجتمع الإماراتي الذي يراعي المعاقين ويتوازى في ذلك مع أرقى المجتمعات في العالم، وهو ما نلمسه في الخدمات المقدمة لهم في المراكز التجارية ومواقف السيارات والمصالح الحكومية. أشخاص فاعلون تابع عبدالمجيد: انطلاقاً من هذه التوجهات الموجودة في المجتمع، ينبغي من الجميع التعامل مع المعاقين باعتبارهم أشخاصاً فاعلين في المجتمع، والكف عن نظرة الشفقة التي قد ينظر بها البعض إليهم، لأن المعاق وإن كان مصاباً في إحدى النواحي الصحية، لديه الكثير من الإمكانات والجوانب الأخرى التي يستطيع أن يعطي من خلالها الكثير لنفسه وللمجتمع، والأمثلة في ذلك كثيرة في عالمنا العربي ومنهم الدكتور طه حسين، الذي لم تمنعه إعاقته البصرية من الوصول لأرقى المناصب العلمية والسياسية، حيث حصل على الدكتوراه، ووصل إلى منصب وزير. وكذلك في المجتمع الإماراتي كثيراً ما تطالعنا الصحف على أبطال رياضيين من ذوي الإعاقة وقد حققوا انتصارات وإنجازات كبرى على الصعيدين المحلي والعالمي، كما أن من يتوجه إلى كثير من المؤسسات الحكومية يجد بعض ذوي الإعاقة يعمل فيها بكل همة وكفاءة لا تقل في كثير من الأحوال عن غيره من الأصحاء، وهذا يدعو الجميع لتدعيم الصورة الإيجابية عن المعاق في المجتمع، كون ذلك أيضاً يسهم في تحسين صحته النفسية، وكذلك يجعل أهله والمحيطين به يشعرون بأنه إنسان طبيعي وله تأثير جيد في البيئة المحيطة به. شخص منتج من ناحيتها، ذكرت إيمان الشامسي (23 سنة) موظفة خدمة عملاء في إحدى الشركات، أنها تشعر بقليل من الألم والشفقة حال رؤيتها لأحد المعاقين، غير أنها تكتم هذا الشعور وتحرص على أن لا يصل إلى الطرف الآخر مطلقاً، وبينت أنها تحاول تقديم يد المساعدة لأي إنسان إذا سمحت ظروفها بذلك. ومن الطبيعي أن يكون المعاقون في مقدمة الأشخاص الذين تسارع إلى مساعدتهم حتى لو لم يطلبوا منها ذلك، ولكن الأمر يتم بأسلوب رقيق ومهذب حتى يلقى القبول. إلى ذلك، قالت الشامسي إن المعاق هذه الأيام يختلف عن حال المعاق في الزمن القديم، لأنه الآن يتم إعداده وتنمية مهاراته بما يتناسب مع قدراته حتى يستطيع الإفادة منها بأقصى درجة، ويتمكن من لعب دور مؤثر في حياته وحياة الوسط الذي يعيش فيه، والدليل على ذلك أننا نرى كثير من المعاقين يتصرفون بشكل كبير من الاستقلالية ودون الاعتماد على الغير في كثير من المواقف والأعمال، كما أن تخصيص الدولة في مؤسساتها العامة والخاصة نسبة من فرص العمل بغرض تشغيل المعاقين يعد واحدة من أفضل الإضافات التي وفرتها لهم، وفي الوقت نفسه تجعل المجتمع ينظر إلى المعاق بصفته شخصاً منتجاً وقادراً على الاعتماد على نفسه بشكل أساسي، بل القدرة على تقديم المساعدة وخدمة الآخرين في أحيان كثيرة عبر الاستفادة منهم في شغل فرص وظيفية يصبحون قادرين على تأديتها بكفاءة أكبر من غيرهم، مثل كثير من الأعمال المكتبية والتي تتناسب مع ظروفهم الصحية، منها خدمة العملاء، وموظفو الاستقبال وموظفو الاستعلامات. مراكز متخصصة هدى يوسف، وتعمل بمهنة المحاماة، أكدت من جانبها أن نظرة المجتمع للمعاقين هذه الأيام اختلفت كثيراً عن السابق، لأن هناك كثيراً من المراكز المتخصصة والمعاهد العلمية والكليات التي تحرص جميعاً على تعظيم قدرات المعاق والاستفادة منها، وذلك من خلال التعليم الخاص بهم، والدورات التدريبية والتعليمية في كثير من المناحي، سواء في المهارات اللغوية أو القدرة على استخدام الكمبيوتر والتعامل مع تقنيات العصر، المعتمدة بشكل رئيسي على الجهد العقلي الخالص، وتحتاج في أقل القليل لجهد جسدي. ولفتت يوسف إلى أن انتشار مثل هذه المراكز المتخصصة والمعاهد، منح المعاقين الثقة بأنفسهم وقدراتهم ومنحهم الشعور بالمساواة مع الآخرين في الطموح والتفكير في المستقبل والتخطيط له، كما أزال كثيراً من الحرج عن أهالي المعاقين، خاصة عندما يرون أبناءهم متفوقين في مجالات مختلفة وقادرين على الاعتماد على أنفسهم. قدرات هائلة من ناحيته، يقول الدكتور محمد عزت عجمي مدير مستشفى لايف لاين، إن نظرة المجتمع إلى المعاقين، أصبحت إيجابية، وصار الجميع سواء المؤسسات أو الأفراد ينظرون إلى ذوي الإعاقة باعتبارهم يمتلكون قدرات وإمكانات هائلة في كثير من النواحي تغطي على أوجه القصور في نواحي صحية أخرى، ولذلك ينبغي على الجميع أن يتعامل مع المعاقين بتفكير جديد لا يعتمد على الشفقة وحدها بصفتها مؤسسة للعلاقة بين ذي الاحتياج والمحيطين به. وأكد عجمي أن هذا النمط من التعامل الإيجابي مع المعاقين يترك أفضل الأثر على حالته النفسية والصحية ويدعم العمليات العلاجية له، موضحاً أن المؤسسات العاملة في المجتمع الإماراتي تحرص على تكريس هذا المفهوم الإيجابي في التعامل مع ذوي الإعاقة، ومنها مستشفى لايف لاين التي استقبلت العديد من حالات الأفراد المعاقين وحرصت على دمجهم في وسط مجتمع الموظفين العاملين لديها، وذلك من خلال التعاون مع غيرها من مؤسسات ومعاهد تنمية القدرات الموجودة بالدولة. وأشار عجمي إلى أن المستشفى منذ افتتاحها تسعى لمساعدة المعاقين من ذوي الظروف الصحية الخاصة على عملية الدمج وإعادة التأهيل، فهناك أكثر من موظف لديهم إعاقات ويعملون في أقسام مختلفة بالمستشفى، فمنهم من يعمل في المختبر الطبي، وداخل الصيدلية، ومنهم من أظهر نجاحه في القيام بالعمل، بسبب قدرته الكبيرة على التكيف مع الآخرين والقيام على أفضل وجه بمتطلبات الوظيفة الجديدة، وكان ذلك بالتنسيق مع المركز المشرف على إعادة تأهيله. تكرار التجربة يقول الدكتور محمد عزت عجمي إن المعاق يمكنه تحقيق تميز بين الموظفين، ما حدا بإدارة المستشفى إلى تكريم البعض ضمن الموظفين المتميزين، نتيجة حسن أدائهم في حفل كبير خصص لتكريم الموظفين المجيدين في عملهم. كما انتقل أحد المعاقين إلى العمل في قسم المختبرات الطبية ليقوم بتسليم النتائج للمراجعين، ويقوم من خلال ذلك بالتعامل المباشر مع الجمهور، وهو الشيء الذي رفع كثيراً من حالته المعنوية وساعد في تقدم حالته الصحية، وصار أكثر إبداعاً في العمل وهو ما نلمسه من إشادة جميع المتعاملين معه وزملائه في القسم، وهو ما يشجع إدارة المستشفى على تكرار التجربة مع غيره من ذوي الظروف الصحية الخاصة وتتطلب مساعدة المؤسسات المجتمعية في عملية إعادة التأهيل. وأكد عجمي ضرورة تفهم أفراد المجتمع كافة للطرق والأساليب الحديثة في التعامل مع المعاقين التي تساعد على الأخذ بأياديهم، وتؤدي بهم في النهاية إلى تحقيق الاستقلالية والاعتماد على الذات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©