الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سالم المزروعي: الظفرة طفلي و «الغربية» وردة يصعب الوصول إليها

سالم المزروعي: الظفرة طفلي و «الغربية» وردة يصعب الوصول إليها
16 فبراير 2010 19:58
عشق البداوة حتى الرمق الأخير، ولم تتمكن كل مغويات العصر من أن تجعله يشيح بوجهه عن شمس الصحراء، وذهب رمالها، ودهشة مفازاتها.. بعد أن أكمل دراساته الجامعية في كاليفورنيا، كان ينتابه حنين إلى مطارح الطفولة حيث الكثبان والإبل والذكريات العصية على النسيان.. هو سالم ابراهيم المزروعي، مدير عام مهرجان الظفرة 2010، الذي لا يتردد في التساؤل مستغرباً: كيف لمن عرف المنطقة الغربية أن لا يحبها حتى أقصى حدود الحب؟! ولد محدثنا بمدينة زايد بالمنطقة الغربية عام 1976، وعن حياته وكيف ترعرع، يخبرنا مسترجعاً ذكريات الطفولة، وعيونه تحمل نظرة من الحنين والوله، مستطرداً ومستمتعاً بالحديث في آن: «لقد عشت حياة بدوية في بيئة صحراوية رائعة، فأنا ابن الصحراء، وبالتحديد صحراء المنطقة الغربية، حيث ترعرعت بين أحضانها، كثبانها وابلها، وقد رباني جدي محمد بن ثاني المزروعي رحمة الله عليه، والذي كان يمتلك أكبر شركة في المنطقة آنذاك وهي «شركة بن ثاني» التي انشأها أواخر الستينات وسط الصحراء، وكانت مختصة بالخدمات ومنشآت النفط البترولي والغاز، تبعد مسافة عشرة كيلومترات عن المدينة، وبهذا فقد أحاطت بي رمال الصحراء من كل حدب وصوب، من البيئة العائلية وحتى المهنية». في مدرسة الحياة كان سالم الطفل آنذاك أول أحفاد محمد بن ثاني، مما أكسبه مكانة مميزة وخاصة عند عائلته، وبالتحديد جده الذي جعل من سالم مرافقه الخاص أينما حل وارتحل، فتعلم الطفل المدلل دروسا من الحياة، وصار عقله أكبر من سنه بكثير، حيث أصبح يحضر اجتماعات الشركة ويواكب زيارات جده التفقدية الميدانية، فاحتك بالعمال، واكتسب خبرة جده في التعامل مع مدراء الشركة والموظفين، وورث عنه طيبته وتواضعه، يقول سالم: «لقد كان جدي شخصاً طيباً للغاية ومتواضعاً جداً، رغم أنه كان مالكاً لكبرى الشركات بالمنطقة في ذلك الوقت، ولكنه اكتسب محبة الجميع وذاع صيته في أرجاء المعمورة، ولكنَّه وقت العمل يكون شديداً وصارماً. وعندما كان ينشغل عني في الاجتماعات المغلقة كان محمد الزبن، مدير الشركة آنذاك يحمل على عاتقه مهمة تعليمي، ويحرص على أن اكتسب الخبرة المهنية، فكان الأب الروحي لي». كان الوالد يمتلك شركة في أبوظبي، ولكن سالم رفض الانتقال إليها، لأنه تعود على الغربية وأهلها، وقد عاد الوالد الى مسقط رأسه في العام 1984، حيث انتقلت الأسرة الى مدينة زايد، حيث أكمل سالم دراسته فيها وحصل على الشهادة الثانوية، لينتقل بعدها الى كاليفورنيا حيث أكمل دراسته، وحصل على شهادة البكالوريوس تخصص تسويق وإدارة أعمال. عاش سالم المزروعي في كاليفورنيا متابعاً دراساته العليا، ليعود أدراجه الى أرض الوطن عام 2002 حيث انضم للعمل ككبير منسقي مهندسي التخطيط بشركة أدكو بالغربية، وبالتحديد (حقل بوحصا) حيث مكث خمس سنوات كاملة زادته خبرة ومعرفة مهنية. وفي العام 2007 دخل سالم مرحلة مهنية جديدة، حيث انتقل للعمل بمقر هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، فأوكلت له مهام مدير إدارة العمليات اللوجستية، وعن هذه الوظيفة يقول: «العمليات هي كل ما يتعلق بممتلكات الهيئة من مبان ومكاتب، متاحف، حصون وكل ما يتبعها من صيانة وتأمين، رقابة، كهرباء، نظافة، أما اللوجستية فتعني كل مستلزمات الهيئة لجهة الدعم اللوجستي من مشتريات، تأمين المساكن، تذاكر السفر، اضافة الى نظم المعلومات، وهو كل ما يتصل بالإعلام الآلي والقسم التكنولوجي، وتضم الإدارة أكثر من 250 موظفاً، 34 منهم يداومون بمقر الهيئة والتعامل معهم يكون مباشراً». طفلي الصغير كونه مديراً لإدارة العمليات واللوجستية، ورئيسا للجنة المناقصات بهيئة أبوظبي للثقافة والتراث، فقد تم ترشيح سالم المزروعي هذه السنة لمنصب مدير عام مهرجان الظفرة 2010 في دورته الثالثة، من قبل اللجنة العليا برئاسة سعادة محمد خلف المزروعي، وعن مهرجان الظفرة يقول سالم: «أنا أعتبر مهرجان الظفرة طفلي الصغير، الذي تابعت مراحل نموه منذ ولادته الى اليوم، حيث تجاوز سنه الثلاث سنوات». لقد أشرف سالم المزروعي على مهرجان الظفرة منذ بداياته الأولى، ولعل دورة 2008 يجدها انجازاً ضخماً، حيث تم الاستعداد لها في ظرف ستة أسابيع لا غير، إذ كان سالم يعمل بأبوظبي، ويزور بدع زايد بالمنطقة الغربية كل يومين، فهو حريص كل الحرص على الدقة في عمله ونجاح الفعاليات، وكثيراً ما كان معدل نومه يقل عن أربع ساعات يومياً، وعن المهرجان هذا الموسم يقول سالم: «أنا أضع أسوأ الاحتمالات دوما في عملي، لأنني حريص على نجاح المهرجان، وأول يوم له رهبة تحرمني النوم، وهذه السنة لمسنا الجودة في نوعية المشاركات، وأصبح ملاك الإبل أكثر وعياً بشروط التحكيم، مما زاد حدة المنافسة بين هؤلاء، وقد تتوج نجاح المهرجان بزيارة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لفعالياته، مما أعطى الدافع والحافز للاستمرارية، محاولين أن يكون أفضل في كل موسم». عشقي الأبدي «إن كنت أنا نفسي لست من الغربية وقد عشقتها، وعشقت أهلها الطيبين، فماذا سيقول ابنها الذي ترعرع في أحضانها، وشرب حليب نوقها، ومياهها»؟! يتساءل سالم قائلاً: «الغربية مثل الوردة الفائقة النادرة التي تختبئ بين الأشجار، ولا يتراءى للناس الطريق الذي يوصلهم اليها، ولو وجد الطريق فسيكون ممكناً اكتشاف جمال هذا البستان الرباني، لكنَّ قلة هم الذين يعرفونها». رغم عمله بأبوظبي الا أن سالم لا يجد راحته الا عندما يأتي للمنطقة الغربية بين أهله وناسه، خاصة وأنَّ حركة المشاريع والاستثمارات فيها قد تحركت بسرعة، مع تولي سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، منصب ممثل الحاكم في المنطقة الغربية، حيث نشط بناء الجامعات، وإطلاق مشاريع سكك الحديد والمطار، وتوزيع الأراضي على الأهالي، وثمة كثير من الخير في المستقبل القريب. عند الرابعة فجراً أثناء إقامة فعاليات مهرجان الظفرة في موسمه الثالث، تلقى سالم المزروعي خبر حصوله على درجة الماجستير، بدرجة امتياز، تخصص إدارة الأعمال ونظم المعلومات من جامة «بورتس مث» ببريطانيا، والمفارقة تكمن أنه قد تلقى الخبر عند الساعة الرابعة فجراً، عند مراجعته لبريد الوارد عبر ايميله الشخصي، فامتزجت الفرحة بالتعب، لينام ليلتها قرير العين! أهلي مساكين يعتبر المزروعي نفسه مقصراً جداً حيال أهله، الذين بالكاد يراهم، فمنذ بدء التجهيزات للمهرجان، وهو ينام بعزبته وسط الصحراء، مقصراً مسافة الذهاب لزيارة أهله، حتى يربح الوقت الذي سيأخذه ذهاباً وإياباً قائلاً: «ما الفائدة من ذهابي لرؤية أهلي، فحينما أصل مبكراً أتركهم نائمين، وكذا الحال عندما أعود متأخرا»
المصدر: المنطقة الغربية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©