الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخارجية الأميركية... وتحديات المهمة العراقية

الخارجية الأميركية... وتحديات المهمة العراقية
8 أكتوبر 2011 22:32
دخلت وزارة الخارجية الأميركية سباقاً ضد عقارب الساعة من أجل احترام مهلة تنتهي آخر السنة لتسلم المسؤولية عن عمليات العراق من الجيش الأميركي، حيث شرعت في إنشاء مبانٍ على عجل والتعاقد مع خواص ضمن أكبر عملية لها خارج البلاد منذ جهود إعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. وإذا كان الاهتمام قد تركز في واشنطن وبغداد على عدد الجنود الأميركيين الذين قد يمكثون في العراق، فإنه سيكون على كل حال أصغر مما يقدر بـ16 ألف مدني يوجدون تحت إمرة السفير الأميركي -وهو ما يعادل حجم فرقة في الجيش. غير أن حجم العملية يثير قلق عدد من المشرعين ومراقبي الحكومة الأميركيين، الذين يخشون أن تصاب وزارة الخارجية بالإنهاك نتيجة الإشراف على مثل هذا العدد الكبير من الأشخاص، الذين يشكل المتعاقدون حوالي 80 في المئة منهم. ويقولون إن ثمة خطراً يتمثل في ضياع ملايين الدولارات وإشراف محدود على الحراس الشخصيين. وفي هذا السياق، يقول كريستوفر إتش. شايز، وهو عضو سابق في الكونجرس من الحزب الجمهوري عمل في لجنة العقود زمن الحرب، في جلسة استماع بمجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي: "إننا قلقون جدّاً"، مضيفاً: "لا أعرف كيف سيقومون بذلك". ويقول مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية إنهم يعملون بجد من أجل إنهاء استعداداتهم، حيث قاموا بإضافة متعاقدين من أجل تجنب الاحتيال والتركيز على ضمان أمن وحماية الموظفين الأميركيين. وفي هذا الإطار، قال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية توم نايدز: "لقد أنفقنا الكثير جدّاً من المال وفقدنا الكثير جدّاً من الأرواح، ولذلك فإننا مجبرون على القيام بهذا الأمر على النحو الصحيح". غير أن عدداً من المسؤولين يعترفون بأنه لم يسبق لهم أبداً أن قاموا بشيء مثل هذا من قبل حيث يقول نايدز: "مما لاشك فيه أن هذا أمر صعب وشاق". والجدير بالذكر أن ثمة حاليّاً 43 ألف جندي أميركي في العراق. ووفق اتفاق تم التفاوض بشأنه من قبل إدارة بوش، فإن من المنتظر أن يغادروا العراق بنهاية 2011. هذا وقال زعماء عراقيون يوم الثلاثاء الماضي إنهم يرغبون في بقاء وحدة صغيرة من المدربين العسكريين الأميركيين في البلاد، ولكن شريطة ألا يتمتعوا بحصانة من المتابعة القضائية العراقية في حال ارتكابهم ما يستوجب المتابعة، وهو شرط قالت إدارة أوباما إنها لا يمكن أن تقبل به. هذا وتخطط الإدارة الأميركية للإبقاء على ما بين 3 آلاف و5 آلاف مدرب عسكري في حال تمكن الجانبان من التوصل إلى اتفاق. والواقع أن قائمة المسؤوليات التي ستتسلمها وزارة الخارجية الأميركية من الجيش صعبة وشاقة؛ إذ سيتعين عليها أن توفر الأمن لما يقارب الـ 1750 من موظفي السفارة الكلاسيكيين -من دبلوماسيين وعمال مساعدات وموظفي المالية والحسابات.. إلخ، في بلد ما زالت تهزه التفجيرات والاغتيالات اليومية. ومن أجل القيام بذلك، تقوم وزارة الخارجية الأميركية بالتعاقد مع قوة أمنية قوامها حوالي 5 آلاف رجل سيُعهد إليها بحماية السفارة الأميركية في بغداد إضافة إلى قنصليتين، وموقعي دعم في مطارين عراقيين وثلاث منشآت لتدريب الشرطة. ومن المنتظر أن تقوم وزارة الخارجية الأميركية بتشغيل خدمة الطيران الخاصة بها ومستشفياتها، وهما وظيفتان كان يقوم بهما الجيش الأميركي. كما سيتولى حوالي 4600 متعاقد، معظمهم من غير الأميركيين، مهام الطبخ والتنظيف والرعاية الطبية وخدمات أخرى. وفي مقدمة الوجود المدني هناك حوالي 4600 شخص موزعين على 10 أو 11 موقعاً حيث سيتلقى العراقيون تدريبات بخصوص كيفية استعمال المعدات العسكرية الأميركية التي اقتنوها. غير أن ماكس بوت، الخبير في شؤون الأمن القومي بمجلس العلاقات الخارجية، يقول إن: "هذا ليس هو ما يتدرب موظفو وزارة الخارجية أصلاً للقيام به -ويقصد إدارة عملية بهذا الحجم- وخصوصاً أنهم يعتمدون اعتماداً كبيراً منذ 2003 على الدعم العسكري الأميركي". وضمن تقريرها النهائي الذي صدر الشهر الماضي، قالت لجنة عقود زمن الحرب التي تضم في عضويتها أعضاء من الحزبين إن المليارات من أموال دافعي الضرائب أُهدرت في العراق وأفغانستان، متهمة وزارة الخارجية بعدم القيام بالإصلاحات الضرورية في عمليتها التعاقدية. وقالت محذرة: "وعليه، يمكن توقع ضياع إضافي مهم -وتقهقر للمهمة إلى درجة الفشل- في وقت تواصل فيه وزارة الخارجية الأميركية المهمة الشاقة المتمثلة في العملية الانتقالية في العراق". غير أن مسؤولي وزارة الخارجية يطعنون في هذه الخلاصة إذ يقولون إنهم قاموا بتوظيف العشرات من الموظفين الإضافيين المتعاقد معهم وإنهم اكتسبوا تجربة في إدارة المتعاقدين في العراق. وقال "شايز"، المذكور من قبل، إنه يشعر بالقلق أيضاً لكون القوة الأمنية الصغيرة التابعة لوزارة الخارجية ستصاب بالإجهاد والإنهاك خلال عملية الإشراف على متعاقدين مسلحين، حيث قال لجلسة الاستماع إنه يخشى تكراراً لحادث 2007، الذي فتح خلاله حراس من الشركة الأمنية التي كانت تعرف باسم "بلاك ووتر" النار على المارة في دوار مروري في بغداد، ما أسفر عن مقتل 17 مدنيّاً عراقيّاً. ومن جانبه، قال ستيوارت بوين، المفتش العام لإعادة إعمار العراق، في حوار صحفي إن العملية الانتقالية ستكون لها تكاليف أخرى؛ ذلك أنه بدون حماية عسكرية، فإن الموظفين الحكوميين الأميركيين سيكون لديهم اتصال محدود بالمناطق المختلفة في العراق، كما يقول، مضيفاً أنه منذ الآن فإن الموظفين الـ1200 بالقنصلية الأميركية في مدينة البصرة الواقعة جنوب البلاد لا يستطيعون التنقل بالشكل الكافي عبر المنطقة. وقال بوين: "بين هذه المنطقة وبغداد، سيكون ثمة فراغ للتغطية الدبلوماسية". غير أن "نايدز" أكد على أن وزارة الخارجية لا تسعى إلى تكرار المهمة العسكرية مستطرداً: "إن ذلك ليس هو ما يريده العراقيون. وبصراحة، فإنه ليس أيضاً هو ما تم الاتفاق عليه" مع الحكومة في بغداد، مضيفاً أن الوزارة كانت تحاول الانتقال إلى جهد دبلوماسي. وإذا كانت عملية العراق ضخمة حسب معايير وزارة الخارجية الأميركية، فإنها ستمثل مع ذلك تحولاً مهمّاً من مهمة عسكرية تشمل حاليّاً 50 ألف متعاقد في مجال الدفاع. كما يقول مسؤولو وزارة الخارجية إن استعانتهم بالمتعاقدين يُتوقع أن تنخفض بشكل كبير خلال السنوات الثلاث المقبلة بموازاة مع تحسن الوضع الأمني في العراق. وعلاوة على ذلك، يلفت "نايدز" إلى أن وزارة الخارجية الأميركية تخطط لإنفاق أقل من 6 مليارات دولار في العراق في 2012، مقارنة مع مصاريف بلغت حوالي 50 ملياراً من قبل الجيش هذا العام، معتبراً أن "هذا تحول جيد جداً!". يذكر هنا أن وزارة الخارجية الأميركية كانت تخطط في البداية لإنشاء شبكة أكثر طموحاً من القنصليات ومواقع تدريب الشرطة، ولكنها ما لبثت أن أعادت النظر في سقف طموحاتها بعد أن فشلت في الحصول على تمويل كافٍ من الكونجرس. وسيكون وجودها الأصغر حجماً واضحاً في برنامج تدريب الشرطة، الذي سيدار في ثلاثة مواقع في العراق. وبالمقابل، فإن الجيش الأميركي لديه برامج تدريبية في كل واحدة من محافظات العراق الثماني عشرة، كما يقول الجنرال جيفري إس. بوكنان، المتحدث الرئيسي باسم القوات الأميركية في العراق. هذا وكان المفتش العام للوزارة أعلن في مايو الماضي أن ثمة إمكانية ألا تكون بعض من منشآت السفارة الجديدة -مثل المستشفيات والمساكن- جاهزة بنهاية العام. وقد اعترف مسؤول من وزارة الخارجية بأن بناء المساكن قد يمتد حتى عام 2012. غير أنه على الأقل ستكون بنهاية العام ثمة مساكن مؤقتة جاهزة لإيواء نحو 10 آلاف شخص في سفارة بغداد، يقول المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لأنه لم يؤذن له بالحديث حول هذا الموضوع. وبالتالي، فلن تكون ثمة حاجة -مثلما كان يتخوف البعض في البداية- إلى التناوب على استعمال الأسرّة. وقال: "إن الأمور الأساسية ستكون متوفرة للجميع!". ماري بيث شريدان - واشنطن دان زاك - بغدلد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©