الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دُور الحضانة تعزز قدرة الأطفال على بناء شخصيتهم

دُور الحضانة تعزز قدرة الأطفال على بناء شخصيتهم
8 أكتوبر 2011 22:51
مرحلة ما قبل الدخول إلى المدرسة قد يهملها البعض لجهة تثقيف الأطفال، فيما تشكل لآخرين عامل اهتمام يخصصون له البيئة المناسبة. فصغار السن تبدأ حاجتهم لاكتساب مهارات الألوان والأحجام والأرقام منذ خطوات الحبو الأولى، وأحيانا قبل هذا بكثير، ومن حقهم علينا أن نهيئ لهم الأجواء التي تنمي قدراتهم الذهنية والبصرية، وتعزز لديهم سرعة الفعل ورد الفعل. يتفق على حقيقة أن الطفل الذي يختلط بمجتمع فيه من مختلف الأعمار، هو طفل تتفتح لديه طاقات كثيرة بعكس الطفل الذي يبقى معظم الوقت في البيت يرى الوجوه نفسها. وبمعنى آخر، فإن الطفل الذي يسعى أهله إلى تسجيله في الحضانة خلال الفترة التي تسبق سن الروضة، يتمتع بشخصية منطلقة على المحيط الخارجي. وأكثر من ذلك يمكن الملاحظة بأنه طفل اجتماعي وقليل الخجل وأكثر استعداداً لطرح الأسئلة وانتظار الأجوبة التي تعلق في ذهنه. وهو ما أن يسمع عبارة جديدة حتى يركز فيها مشغلاً مخيلته التحليلية. طفل متوازن يتحدث الاستشاري الأسري الدكتور سمير غويبة عن أهمية الحضانة في حياة الأطفال قبل بلوغهم سن الدخول إلى الروضة. ويؤكد أنه وفقاً للدراسات والأبحاث، فإن الطفل الذي نشأ وسط بيئة تتمتع بأجواء الرعاية والتدريب والاعتماد على النفس، هو طفل متوازن ذهنياً وجسمانياً. ويقول «على الأهالي بغض النظر عن ظروفهم المهنية أو المالية، أن يوفروا لأبنائهم مجتمعات تناسب سنهم بحيث يساعدونهم على النضوج الصحي. فأن يكبر الصغير ويكتسب وزناً ويزداد طولاً، لا يعني أنه ينضج». ويذكر غويبة أن من الأخطاء التي يرتكبها الأهل، التمادي في التصاقهم بأبنائهم مما يقلل من قدرة الأبناء على التصرف بمفردهم وبمعزل عن مساعدة الكبار. «وتشكل دور الحضانة فرصة ملائمة للتشجيع على هذا الفصل الذي من شأنه أن يعزز من ثقة الأطفال بأنفسهم. وهذا ما يحتاجون إليه عند دخولهم إلى عالم الروضة الأكثر التزاما ومسؤولية». ويشير غويبة إلى أن مسألة الثقافة عند الأطفال تنشأ بواسطة التراكمات العلمية التي يكتسبونها وذلك بحسب سنهم. ويوضح «الأطفال في سن الروضة لابد أن يعبروا عن أمور سمعوا عنها من قبل أو حتى القيام بترداد عبارات مرت عليهم من قبل». وهذا قد يتحقق بالنسبة للأطفال المحاطين بالكبار والصغار معظم الوقت، لكن النتيجة تكون أسرع وأكثر فاعلية عند دخول الأطفال إلى دور الحضانة. ويورد أن شخصية الإنسان ترسم أول ملامحها منذ سن الطفولة. «وكلما خضعت لمواقف عدة في الحياة، جاءت الصورة أفضل وأوضح». الشعور بالذنب تذكر ريما قيماز، وهي أم لـ4 أبناء، أن معاملتها لولدها الأصغر اختلفت عما كانت عليه بالنسبة لإخوانه الأكبر، بحيث اضطرت لأن تدخله إلى الحضانة وهو في شهره الثامن لتتمكن من الذهاب إلى وظيفتها الجديدة. وتقول «الأمر لم يكن سهلا في البداية لأني شعرت بالذنب كوني أتركه لعدة ساعات في اليوم، لكن مع الوقت اعتاد كل منا على هذا النمط. وأكثر ما كان يشغلني ما إذا كانت العاملات في الحضانة يهتممن به بطريق آمنة». وحتى تطرد من بالها هذه الأفكار، كانت تقوم بين فترة وأخرى بزيارات فجائية إلى الحضانة للاطلاع على سير الأمور. والتأكد من أن البيئة المحيطة بابنها مهيأة لراحته بعيداً من أي مخاطر تذكر. وتوضح «هذه الزيارات كانت تريحني مع أنه بمجرد مغادرتي كانت تنتاب طفلي نوبات من البكاء لكونه يريدني أن أبقى معه. ومع مرور الأشهر بدأت أشعر بأنه ينضج بسرعة وقد تلاشت لديه مسألة الارتباط الكلي بي». وتشير قيماز إلى أنها في تلك الفترة لمست الفرق بين تربيتها لأبنائها الكبار الذين لم يذهبوا إلى الحضانة، وبين ابنها الأصغر الذي اعتاد أن يخرج إلى مجتمعه الجديد. «فهو أكثر استقلالية وقدرة على تدبر أموره من إخوانه الذين ما يزالون حتى اليوم يتلكؤون عن إنجاز احتياجاتهم الخاصة من دون مساعدتي». وتنصح الأمهات العاملات وغير العاملات بخوض هذه التجربة بوضع أبنائهم في الحضانة تمهيدا لمرحلة الروضة. الأمر نفسه بالنسبة لموزة علي، التي توضح أنها قبل حصولها على وظيفة في أحد المصارف، كانت تنتقد فكرة ترك الطفل لفترات طويلة في الحضانة. وتستدرك «الحاجة جعلتني أخوض هذه المغامرة التي أقلقت راحتي في الأيام الأولى. فليس من السهل على الأم أن تتخلى فجأة عن ابنها الذي لم يتجاوز السنة من عمره، لتوصله بنفسها إلى الحضانة». وتشرح أن أكثر ما كانت تخشاه مسألة إطعامه وتجشؤه، إذ وبحسب قناعتها فلا أحد يحسن التعامل مع الصغار كما الأم. وتقول «بعد مرور سنة على وجود ابني في الحضانة، تغيرت نظرتي للأمر، فطالما أن الحاضنات متخصصات في مجالهن، فلا مجال للتقصير». وتؤكد أنها لولا تجرأت على تسجيل ابنها في الحضانة، لكانت واجهت صعوبة كبيرة في تقوية شخصيته ولاسيما أنه وحيدها. وتوضح «قرأت الكثير عن ضرورة اختلاط الأطفال بآخرين من عمرهم كي يتشجعوا على تعلم مفردات جديدة واكتساب حركات متطورة. وأنا اليوم فخورة بابني لأنه يتفاعل بحرية أينما اصطحبته وفي أي محيط كان». اندماج الصغار يعلق محمود السعدي على قضية دمج الأطفال في محيط تفاعلي مناسب لسنهم، معتبراً أن التربية الحديثة تقضي تشجيع الأبناء من مختلف الأعمار على جمع أكبر قدر من الثقافة الحياتية. ويقول «الأمر ينطبق على صغار السن الذين يجدون متعتهم في الانطلاق باللعب والمرح مع رفاقهم خارج نطاق البيت». ويذكر أن التجربة أكبر برهان ولاسيما أن أبناءه الـ3 أمضوا سنواتهم الأولى داخل الحضانة ما أثر إيجاباً على شخصيتهم وجعلهم أكثر انسجاماً مع أجواء الروضة الأولى في المدرسة. ويوضح «هذا كان واضحاً من خلال الانطباعات التي كنت أسمعها من المدرسة، وخصوصا فيما يتعلق بسرعة البديهة لديهم وقدرتهم على التعامل مع أدوات الكتابة والتلوين بيسر وسهولة». ويلفت السعدي إلى أن الطفل في بداياته كما يحتاج إلى من يرعاه، كذلك يحتاج إلى وجود مسافة بينه وبين أهله يستطيع من خلالها أن يتحرك بثقة. وبحكم تجربته كأب لابنتين توأم دخلتا السنة الحالية إلى صف الروضة الأولى، يقول أنس حداد «دخول ابنتي إلى الحضانة كان خياري الشخصي مع أن زوجتي لا تعمل، فقد أردت من جهة أن أخفف عنها حملهما طوال اليوم، ومن جهة أخرى أن أوجد لهما مكانا آمناً تمرحان به». وكانت النتيجة أنه وزوجته بدآ يلاحظان تجاوب الصغيرتين مع كل الطلبات الموجهة لهما وذلك باللغتين العربية والإنجليزية. علماً أن الوالدين لا يتحدثان في البيت إلا بالعربية، ما يعني أن اكتساب الإنجليزية جاء عن طريق الحضانة. ويضيف «مع هذه الإيجابيات التي كنا نشعر بها يوماً بعد يوم، ازدادت ثقتنا بالحضانة، وتحولت زيارتها إلى متعة لا تقتصر على اللهو وحسب وإنما على تعلم كل جديد». وبناء عليه يشجع حداد الآباء والأمهات بأن ينتهجوا النهج نفسه لأنهم بلا شك سيلاحظون حسنات مرور الطفل في مرحلة الحضانة، بمجرد دخوله إلى الروضة التي سيكون فيها أكثر تفاعلاً من سواه.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©