الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

بدر بن عبدالمحسن وبرايتنباخ يقرآن للحب والحرية

بدر بن عبدالمحسن وبرايتنباخ يقرآن للحب والحرية
11 مارس 2009 00:55
تختلف اللغات واللهجات وتتعدد أطياف القول وتلاوين الحكي، فيما يبقى الشعر وحده عارماً وعالياً فوق صراعات البشر وتمزقات الأيديولوجيا· يبقى الشعر الحقيقي والمنساب بشفافية تجاه القلب والمخيلة هو الشعر المنتمي لوهج المحبة الإنسانية الشاملة والموصولة بالنبل والنضال والأمل رغم الوجع الداخلي والألم الشخصي والمآسي المقرونة بالدم والدموع وسعار المال وجنون السياسة· وهكذا ومن خلال اللغة العربية الفصيحة والإنجليزية الشاعرة واللهجة النبطية الرائقة والفاتنة اختتم كل من الشاعرين الأمير بدر بن عبدالمحسن والجنوب أفريقي برايتن برايتنباخ مساء أمس الأول في المركز التجاري العالمي بدبي آخر الأمسيات الشعرية للفعاليات الخاصة بمهرجان دبي الدولي للشعر· واستطاع الشاعران أن يثبتا أن جوهر الشعر الخالص لا يكمن في طبيعة اللغة أو شكل الإلقاء، ولكنه ينبع من موهبة وفطرة وقدرة تعبيرية تتصفى مثل قطرات الذهب على بياض الأوراق وفضاء المعاني· بكلمة للشاعر برايتنباخ أشار فيها إلى أنه سوف يقرأ قصائده ولأول مرة بمشاركة أمير مثقف وشاعر وهي تجربة- كما قال- مثيرة ومختلفة بالنسبة له، وأضاف برايتنباخ ''أن التقاءنا في مهرجان الشعر بدبي ينير صحراء الشعراء، ويجعلنا نحتفي معاً ونقتسم الجمال في ظل هذا التعدد والتنوع الحضاري الذي يجب أن ننميه بالحوار الإبداعي من خلال الشعر، لأن الشعر هو من أبجديات المعرفة الإنسانية، ومن الضروري أن نحتوي اختلافاتنا ضمن لغة مشتركة''· وأشار الشاعر إلى المأساة الأخيرة التي ألمت بقطاع غزة المحاصر قائلاً ''علينا هنا أن نتذكر أطفال وأهالي غزة، ومن واجبنا أن نتبنى الشعراء الفلسطينيين، وخصوصاً الجيل الشاب منهم، علينا أن نأخذ بيد المعتقلين والمحاصرين من الشعراء هناك كي يذهبوا إلى أرجاء العالم ويتحدثوا عن تجاربهم من خلال الشعر، فالشعر هو نبض البشرية المشترك، وهو الفاكهة الإنسانية التي تختزن العاطفة والعنفوان''· قرأ بعدها الشاعر الجنوب أفريقي قصيدة مكثفة بعنوان ''صوت خفي'' أهداها للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وكانت القصيدة أشبه بحوار شعري يخفف من ثقل اللحظات الأخيرة لدرويش في المشفى الأميركي البعيد، والتالي مقطع من هذه القصيدة ''قلبك مثل القصيدة يتدفق/ بآخر قطرات الدم/ في ذاك المشفى/ في البلاد الغريبة البربرية/ حين ينتهي فؤادك/ مثل حروف تذوي''· وقرأ بعدها قصيدتين الأولى بعنوان ''غطني بسرعة'' والثانية بعنوان ''أيها الحراس''، وحملت القصيدتان شيفرات وترميزات مناوئة لفكر الغزاة والقتلة في كل مكان، وتميزت لغته بالرشاقة والخفة التي تعلو فوق حالات البؤس الإنساني وتبشر بالحرية والخلاص لكل المحرومين من الحب والأمان في العالم· وأطل بعد ذلك الأمير بدر بن عبدالمحسن الذي أعاد للحضور الحاشد في الأمسية كل الذكريات الملونة والبهية لقصائده المغناة وأشعاره الغزلية وابتكاراته التجديدية في شكل ومضمون القصيدة النبطية في السعودية والخليج، قدم عبدالمحسن خلال الأمسية شعراً محكماً اشتمل على جزالة المفردات وحنكة التصوير واللعب الحر بالأخيلة، لدرجة أن بعض القصائد تحولت إلى ما يشبه قصائد النثر الخالصة رغم ارتباطها بالإيقاع الخارجي والقافية المكررة، وتجلى ذلك في معظم ما قرأه خلال الأمسية ولقي تجاوباً رائعاً من الحضور الذي تواصل مع شعر مختلف وموزع بين غموض التوليف وسلاسة المعنى وجاذبية الجرس واللحن والتركيب· بدر بن عبدالمحسن الأمير بدر بن عبدالمحسن من مواليد الرياض، اشتهر بقصائده الغنائية، حيث غنى له محمد وطلال مداح الكثير من الأغاني التي انتشرت بشكل واسع في المنطقة، أقيمت أول أمسية له في جامعة الكويت عام ،1987 وبالإضافة إلى الشعر يمارس الأمير الشاعر هواية الرسم، والتي تميل في غالبها إلى الجانب الرمزي، تماماً مثل شعره، تناول في قصائده العديد من المواضيع الوطنية المختلفة، وتميز كثيراً في الغزل والوجدانيات والتأمليات، ويعد ما كتبه بعد رحيل والده ووالدته من أجمل ما كتب من قصائد رثاء في القصيدة النبطية الحديثة، تولى الأمير بدر بن عبدالمحسن في مطلع السبعينيات رئاسة الجمعية السعودية للثقافة والفنون· وهنا قصيدة له ألقاها أثناء الأمسية ''أرفض المسافة'' أرفض المسافة والسور·· والباب والحارس آه·· أنا الجالس ورى ظهر النهار ينفض أغبار·· ذكرى أرفض يكون الانتظار·· بكرا أبسقي عطش قلبي اليابس على أشفاهي بقول أحبك أرفض إني أموت في قلبك مادرى بموتي أحد·· حتى أنا أرفض الصورة·· على الرف البعيد وجهك المحبوس في ورق وحديد أرفض احساس الحبر وجرح سكين السطر أرفض الليل·· الحصار حبنا خلف الجدار آه أنا الجالس ورى ظهر النهار أرفض يكون الانتظار·· بكرا مثل البكا حبيبتي تحتاجني·· تحت الظلام ومثل الفرح·· حبيبتي أحتاجها·· وسط الزحام الحب علمها السكوت والحب علمني الكلام· برايتن برايتنباخ شاعر عالمي معروف من جنوب أفريقيا، ولد في بونيفال عام ،1939 تدور معظم مواضيعه الشعرية حول تجربته في السجن كناشط ضد التمييز العنصري، وحول حياته في المنفى في فرنسا· يعد برايتنباخ من أهم شعراء القصيدة المغناة في جنوب أفريقيا، إضافة إلى شهرته كرسام مشهور في أنحاء العالم، ساهم في تأسيس المركز الثقافي ''غوريه'' في داكار في السنغال، ويعيش بين بارس وأفريقيا والولايات المتحدة الأميركية، يحمل برايتنباخ لقب فارس برتبة الشرف· وهنا نماذج من قصائده: من قصيدة ''فنجان الكلمات'' عندما ليلا نهضت من فراشي لأنظر في تموجات المحيط البيضاء كنت لا تزالين تغطين في نومك بين الليلة الماضية والغد النوارس تخيط الجروح بالكلمات وأنا ألملم أفكاري يا ترى ما جوهر القلب هل الذكرى مجرد خيال نابض تحيطه كالعين كؤوس الليل الكسلى ليقذف في بحر مرتحل· من قصيدة ''الحراس'' أيها الحراس يا من تضطجعون في مخدعكم بأمان ورجفة الورد تضمد جراحنا لو كان لكم أن تروا وجوه الموتى تفيض بالتعبير لتذكرتم أمهات الوهن في غرف الغاز ولتعلمتم أنه ليس بمثل ذلك تسترد هويتكم تعال ·· تعال لنحتس القهوة العربية معا وسوف ترى نحيبنا وأن أجسادنا تتسع للكفن مثلك
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©