الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«منتدى الاتحاد التاسع» يحذر من الازدواجية في التعامل مع التنظيمات الإرهابية

«منتدى الاتحاد التاسع» يحذر من الازدواجية في التعامل مع التنظيمات الإرهابية
22 أكتوبر 2014 17:33
انطلقت أمس فعاليات منتدى الاتحاد التاسع، الذي جاء تحت عنوان «الإرهاب من جديد»، ويأتي انعقاد المنتدى بالتزامن مع تطوير الجريدة شكلاً ومضموناً في ذكرى صدورها الخامسة والأربعين. حضر جانباً من فعاليات اليوم الأول سعادة محمد إبراهيم المحمود رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لأبوظبي للإعلام وعارف العواني عضو مجلس إدارة أبوظبي للإعلام. بدأت الفعاليات بالنشيد الوطني ، بعده قدم الإعلامي هلال خليفة موجزاً عن موضوع المنتدى، ونوّه إلى أن « الاتحاد» كانت وما زالت مثالاً للتميز والمصداقية والمصدر الأول للقراء. وفي إطار تقديمه للجلسة الأولى لفعاليات المنتدى، أشار هلال خليفة إلى أن «الاتحاد» تقدم نفسها في شكل جديد وبمواصفات الإعلام العصري، تنقل الخبر بحيادية وتُبرز الرأي بعقلانية. وقبل أن يلقي المدير التنفيذي للنشر ، رئيس تحرير الاتحاد محمد الحمادي كلمته الافتتاحية تم استعراض مقطع فيديو يلخص الإرهاب ويعرض مشاهد مرعبة لتداعياته. الحمادي يرى أن الإرهاب طرح نفسه على الساحة، فبعد أن كان لدى الشباب العربي أمل في تغيير أحوالهم وتحسين أحوال المنطقة، بددت الحركات المتطرفة أمل الشباب العربي في التغيير، وارتدت عباءة الدين وهو منها براء. وحسب الحمادي، المنطقة الآن أمام موجة جديدة من الإرهاب الأعمى الذي يحرف شعوب المنطقة عن مسار التنمية، ويصر على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء . وأكد الحمادي أن الإرهاب لا يتفشى إلا في مناخات من الفوضى وخلط الأوراق والطائفية والتخلف ما يعني أن استئصاله يبدأ بحرمان تنظيماته من بيئته الخصبة التي يترعرع فيها. وأشار الحمادي إلى أن الإرهاب عدو لكل شيء جميل، الإرهاب لا يريد السلام للمنطقة. ورأى الحمادي أن الخطاب الموجه ضد الإرهاب ينبغي أن يكون أكثر وضوحاً كي لا تغلغل الفكر المتطرف في المنطقة. وأعرب رئيس تحرير الاتحاد عن أمله في أن يخرج المنتدى ببعض الأفكار والتوصيات التي نستطيع تقديمها في توصيات. وانتقلت الكلمة للدكتور د.عبدالله العوضي، مدير الجلسة الأولى المعنونة بـ»الإرهاب الأسباب والتداعيات»، وأشار العوضي إلى أنه عندما بدأ التحالف الدولي في ضرب الإرهابيين ومواجهتهم، أطلق أمين عام الأمم المتحدة «بان كي مون» تصريحاً مفاده أن الإرهاب لن ينتهي بالضربات الجوية ولكن ينتهي عندما نقتل رأس الإرهاب. تطورات سريعة وانتقلت الكلمة إلى د.رضوان السيد، أستاذ الدراسات الإسلامية بالجامعة اللبنانية، حيث قدم ورقة بعنوان « الإرهاب كنتيجة للتطرف الديني والبعد عن الوسطية»، واستهلها بالقول إن هول التغيرات السريعة والمتلاحقة في المنطقة العربية تجعل المرء يشعر بأنه يتقدم في السن بسرعة، حيث سقط في المنطقة خلال أقل من خمس سنوات قرابة نصف مليون قتيل، ناهيك عن ملايين ملايين المهجرين، وكل يوم يسقط المئات في البحار غرقاً كونهم يريدون الهروب من العالم العربي. وينبغي أن نرى طريقة للخروج من هذا الواقع، الذي يشهد، حسب د. رضوان ملمحين أساسيين هما : انفجار في الدين، وتفكيك في بنى الدولة.انفجار في الدين هو الذي نسميه التطرف الذي دفع إلى العنف باسم الدين، عندما اغتيل السادات ذكر قاتلوه أن امرأته مكشوفة الرأس وأنه يدخن في العلن، وأنه أبرم اتفاقية مع إسرائيل. كيف يؤدي التطرف الديني إلى هذا العنف والتغريب والغزو الثقافي ، أنهى النظام الإسلامي القديم في المجتمع والدولة، وقامت أنظمة لا تتمنع بشرعية دينية ولا بشرعية سياسية. استعادة الشرعية عند بعض التيارات كانت محدودة، لكنها ازدادت بعد الحقبة الاستعمارية، وبدأ الحديث عن النظام الإسلامي الشامل. وبعد سيطرة الأمنيين والعسكريين في المجتمعات العربية بعد مرحلة الاستقلال ، صعدت هذه التيارات. ويرى د.رضوان أن صعود الأصولية الدينية أسفر عن انشقاقات في الدولة ذاتها، وبدأ الحديث عن التكفير، وإقامة دولة دينية. لكن الانشقاق الديني الذي يوجه ضرباته إلى الخارج يعود إلى الضرب في المجتمعات التي نشأ فيها. ويتساءل د.رضوان: كيف نخرج من العنف باسم الدين؟ ويجيب بأن الوسطية هي الحل، صحيح أن كلمة» الوسطية»، ذُكرت كثيراً، وكانت استحدثت في الخمسينات، وفي حقبة الحرب الباردة، حيث ظهر صراع بين الشيوعية والرأسمالية والوسطية، لتكون هذه الأخيرة تياراً ثالثاً بين المادية المفرطة والاشتراكية، وظهرت في السبعينات دعوة للتسامح مع الآخر سواء من نفس الدين أو أديان أخرى. وطرح رضوان ما يمكن اعتباره «وصفة ثلاثية لمواجهة التطرف»، فهو أكد أن الحل يكمن في الاعتدال وإنهاء ما يراه «انفجاراً دينياً». المكون الأول في «وصفة معالجة التطرف» يتمثل في تفعيل دور المؤسسات الدينية المعنية بالعبادات والفتوى، حيث فقدت كثيراً من مقوماتها ويطرح د.رضوان تساؤلاً مؤداه: هل يمكن لهذه المؤسسات الدينية- بإرادة جديدة، وبخوف على الدين- أن تقوم بمبادرات تدعو خلالها إلى الوسطية؟ السعي نحو الوسطية يتطلب تعاوناً بين المجتمعات والمؤسسات الدينية والسلطات الحاكمة، المشكلة تكمن من وجهة نظر د.رضوان في أن المؤسسات الدينية جامدة، وتذكر د. رضوان أن شيخ الأزهر السابق قال له: نملك وظائف ومهمات، ونقوم بالحد الأدنى من وظائفنا، أما المهمات الكبرى المنوطة بنا فلم نخرج منها بشيء. المكون الثاني في «الوصفة» هو تصحيح المفاهيم ، خاصة في ظل تحوير الكثير منها « الإجماع و الجهاد» ومفاهيم أخرى تم تحويرها وإخراجها من سياقها، ويحذر رضوان من أن سقوط «التقليد» باسم الدعوة إلى الحداثة والتجديد، أدى إلى ظهور سلفيات جديدة وأصوليات. ويرى أيضاً أن القول بأن التقليد الديني جامد كلام فارغ لأن، سقوط التقليد الديني يدفع في اتجاه الأصوليات. المكون الثالث في «وصفة» مكافحة التطرف، يتمثل في إقامة أنظمة الحكم الصالح، و الدعوة إلى دولة مدنية. ويتساءل د.رضوان: لماذا صعد الإرهاب؟ السبب في أنظمة الطغيان والدولة الأمنية.عندما فشلت الحركات المدنية أمام الانقلابات، فشلت أيضاً أمام الطغيان، وكانت النتيجة صعود الحركات الدينية، ويستنتج د. رضوان أن وجود أنظمة الحكم الصالح التي تعيد الناس إلى سويتهم وتبث الأمل فيهم، مكون مهم في القضاء على التطرف. د.رضوان يجزم بأن الإصلاح السياسي يقضي على نصف الأصولية الدينية، وإصلاح المؤسسة الدينية والنهوض الفكري، وتوفر وأنظمة الحكم الرشيد هي التي يمكن أن تقضي على الإرهاب. صعوبة التعريف وقدم د.صالح عبدالرحمن ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود، ورقة في الجلسة الثانية حول «علاقة القوى الدولية وتوظيفها للتيارات الإرهابية في خدمة سياستها».واستهل المانع ورقته بالقول إنه من الصعب تعريف الإرهاب. الإرهاب هو العنف ضد المدنيين وهو لا يقتصر على منظمات معينة، بل يدخل ضمن التعريف العام للحرب، سواء على مستوى الدولة أو مستوى الجماعات.مسألة الإرهاب ليست مسألة خاصة بالتنظيمات فقط، بل بالدول أيضاً مثل إرهاب دولة إسرائيل. ويرى المانع أن العنف الذي تمارسه الدول عادة ما يُسمى حرباً، خاصة عندما يصل عدد القتلى إلى ألف قتيل. ففي لبنان مثلاً يسقط 2 أو 3 أو 5 أشخاص يومياً، ويزداد إلى 10 في مصر، أكثر في اليمن ولبنان العنف بكلمة بشكله الاجتماعي أصبح مرتبطاً بمفهوم الإرهاب أكثر من ارتباطه بالحرب، 2. 5 في المئة من سكان العالم قتلوا خلال الحرب العالمية الثانية. الجماعات المتطرفة تسعى إلى السلطة، كي تنزع عن نفسها صفة الإرهاب. ويقول المانع : قبل القرن الماضي لم نكن نسمع كثيراً عن الإرهاب. مصطلح الإرهاب استخدمته إسرائيل ضد الفلسطينيين، والآن يستخدم مع الجماعات الدينية التي تمارس العنف ويستخدم ضد الجماعات الإسلامية السلفية. وعن الازدواجية في التعامل مع التنظيمات الإرهابية، هناك تنظيمات شيعية تمارس الإرهاب، ولا يتم استخدام توصيف الإرهاب ضدها مثل «حزب الله» و»الحوثيين» في اليمن، التي تدمر المباني وتشرد الناس في صعدة . هذا التهجير الجماعي لسكان بعض المناطق في اليمن لا يجعل الدول الكبرى تصف «الحوثيين» بأنهم جماعة إرهابية. الدول الكبرى تركز على جماعات سلفية وتصفها بالإرهابية ويتم التغاضي عن حركات إرهابية شيعية، تحاول إنشاء دول جديدة على أساس ديني يقوم على مبدأ ولاية الفقيه. ويشير المانع إلى كيف تعامل الدول الكبرى عن التنظيمات الإرهابية؟ إيران مثلاً تدعم «حزب الله»، وجماعات مسلحة في العراق واليمن. ويقول المانع : في بعض الأحيان تستخدم الدول الكبرى قوائم إرهابية، فالولايات المتحدة تقوم بإصدار هذه القوائم بناء على مصالحها القومية، على سبيل المثال، رفعت أميركا في عام 2012 اسم حركة «مجاهدي خلق» من قائمة التنظيمات الإرهابية. صعوبة الحصول على المعلومات ويشير المانع إلى أن هناك دولاً إقليمية تسعى ولها مصلحة في إسقاط بعض الدول من خلال تيارات متطرفة، مستغلة ما تعانيه من فراغ سياسي، كما هي الحال في سوريا والعراق وليبيا، وهكذا أوضاع تجلب القوى الإقليمية لملء الفراغ والتأثير على مجريات الأمور. ويتساءل المانع: كيف يمكن توثيق علاقة دولة كبرى بمنظمات إرهابية؟ إنها عملية صعبة من حيث إمكانية الوصول إلى معلومات دقيقة بشأنها، ولا تصدر معلومات إلا من خلال تسريبات على شاكلة ما قام به «سنودن» أو «ويكيلكس» أو تقارير إعلامية. الباحث السياسي يجد صعوبة في دراسة هذه العلاقة بين التنظيمات الإرهابية والقوى الإقليمية والكبرى. العالم العربي يحتاج إلى بعد قانوني يضع حداً لخطر التنظيمات الإرهابية شيعية كانت أم سنية. ويدعو «المانع « إلى دعم التسامح بين المجتمعات كي يتم تدشين لحمة وطنية ضد الإرهاب. ويرى «المانع» أنه للقضاء على دعم الدول الإقليمية للتيارات الإرهابية لابد من احترام السيادة الخاصة بكل دولة. وهناك تعاملات تخترق سيادة الدول وبطريقة مزدوجة، وهذا النمط لابد أن ينتهي ويتم احترام سيادة كل دولة. وبعدما أنهى المانع ورقته، فتح الدكتور عبدالله العوضي الباب أمام السجالات، التي استهلها د عبدالحميد الأنصاري، أستاذ الشريعة بتساؤل مؤداه: إذا كان رضوان السيد يرى أن تفكيك البنى التقليدية باسم الحداثة والاجتهاد هو الذي مهد للمشروع الأصولي والانشقاقات، كيف لدولة مثل اليمن وأفغانستان لديها هذه البنى التقليدية، ومع ذلك شهدت انشقاقات داخل الدين، فالمؤسسات التقليدية قائمة في هذه الدول لكنها أكثر شكوى من الإرهاب؟ أما خليل علي حيدر الكاتب الكويتي، فيتساءل : هل لدى الليبرالية العربية تعريف للوسطية؟ وهل لدينا تصور حقيقي للوسطية، ويجيب بأنه لا يوجد لدينا تعريف متبلور حول هذه النقطة. ويتساءل مرة أخرى : هل كل المثقفين العرب بكافة ميولهم لديهم موقف واضح ضد الإرهاب؟ أعتقد أن بعضهم يكتب ويلمح لاستخدام العنف في الحياة السياسية، هناك من يبرر تصرفات عنيفة بحجة الوطنية، ويرى حيدر أنه لا يجب ألا نكتفي بالشكوى، ولابد من عمل تشارك فيه المؤسسات.الحركات الليبرالية في الغرب تقودها مؤسسات وشركات، هذا الوضع غير موجود في الواقع العربي. أما الإعلامي السعودي تركي الدخيل، فيرى أن المجتمعات العربية هي البيئة التي تفرخ الإرهاب مند 40 عاماً من خلال الإسلام السياسي. وللأسف كل هؤلاء عملوا في وقت كان فيه الليبراليون العرب منشغلين بحياتهم اليومية، ويشير الدخيل أنه كتب في 2005 مقالاً عن تفجيرات «القاعدة» في السعودية في الرياض، كتبت مقالاً آنذاك أثار استغراب البعض، وقال له أحد الحضور ما دخل تركي في هذا الموضوع؟ وفي ظل الحديث عن محاربة الإرهاب، يمكن القول إن الكلام سهل والبناء صعب. «داعش» ظهرت بسرعة وتسعى لبناء دولة بالهدم والسلب. وضمن مداخلته على ورقتي الجلسة الأولى و يقول د.بهجت قرني، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية في القاهرة كنت أتمنى النظر إلى المشهد بصورة شاملة، فقد اتُهمت حركات التحرر الوطني بالإرهاب، وحدث هذا مع الثورة الجزائرية ،وهناك فرق بين منظمة عقيدتها قائمة على الإرهاب وبمنظمة تلجأ إلى العنف ضمن وسائلها لتحقيق وهناك نظرية تقوم على البعد الاجتماعي للإرهاب والبعد النفسي للإرهاب. أما د.إبراهيم البحراوي، أستاذ الدراسات العبرية بجامعة عين شمس، فيحاول استخدام الاستعارة في حشد الاهتمام بمواجهة الإرهاب، قائلاً: لسنا في منتدى ثقافي، بل في غرفة عمليات عسكرية، هناك من يرفع السلاح على شخص ما، وهناك من يكفر الآخرين، كنت أظن أثناء وجودنا في قلب الخطر في مصر، حيث نجوت بأعجوبة عندما تم تدمير سياراتي داخل الجامعة أن هناك من سيعوضني أو يبحث ويحقق في الأمر، لكن الواقع يقول إن هناك تنظيماً إرهابياً يستهدفك ككاتب، ويحرض الطلاب ضدك، وهذا يطال بطرق أخرى الكُتاب وغيرهم منم المثقفين . ويعتقد البحراوي أن كل من يتحدث بكلمات في مواجهة الإرهاب سيتعرض للخطر، مواجهة الخطر تبدأ من العقول، ونحن ينبغي التعامل مع هذا الخطر كجنرالات. يرى البحراوي أنه علينا مواجهة التطرف والإرهاب بجدية، ويتعين على الإمارات تكوين غرف عمليات فكرية لمواجهة الإرهاب. ويستطرد البحراوي: تحت التهديد والخطر لا يستطيع الكاتب الاستمرار في عطائه. المواجهة تتطلب مبادرات مؤسسية ضد الإرهاب.وأتمنى تدشين غرفة عمليات «حربية فكرية» تنظم وتعوض ضحايا الإرهاب. أما د.شملان العيسى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، فقدم مداخلة على ورقة د.صالح المانع، كون الأخير يلقي اللوم على الغرب، الإرهاب الحقيقي - من وجهة نظر العيسى- ينبع من مجتمعاتنا وشعوبنا، عندما يتدخل الغرب نقول لماذا تتدخل؟ وعندما يحجم عن التدخل نسأله لماذا لا تتدخل؟ ويرى د.عبدالله الشايجي، أستاذ العلوم السياسية في مداخلته على ورقة «المانع» أن المطلوب تحديد مفاهيم واضحة حول الإرهاب ومنظماته ورصد التطورات التي يمكن أن تطبق على الحركات التي ينبغي توصيفها بالإرهابية. أما الأكاديمي والباحث البحريني د.عبدالله المدني، فيقول إن بعض دول الخليج تدفع اليوم ثمن احتضانها الطويل لبعض الحركات المتطرفة مثل» الإخوان»، هي بالفعل أدركت خطورتها، لكنها لم تتخذ إجراءات صارمة ضدها. على سبيل المثال في البحرين عاش وجدي غنيم طويلا وكان يُحرض على الفتنة المذهبية وبعد أن تطاول على حكام الكويت تم طرده من دولة البحرين. وفي مداخلته، على ورقتي الجلسة الأولى، أشار الكاتب السوداني عبدالله عبيد حسن إلى صعوبة القول بأن الإرهاب لا علاقة له بالدين، السبب يعود إلى الفهم الخاطئ للدين، والتفسيرات الغريبة للنص الديني. وأجرى الكاتب العراقي رشيد الخيون مداخلة في الجلسة الأولى، استنتج خلالها أن الحديث عن الإرهاب يحتاج إلى صراحة وجرأة، ونحاول ألا نمس هذا التطرف أو ذاك، وهذا يصبح- على حد قوله- ترفاً. وعادت الكلمة إلى رضوان السيد، الذي قال إن هناك سعاراً طائفياً، والمثقفون ليسوا بريئين منه. واستأنف د.رضوان السيد الحديث قائلاً: التطرف الديني هو الذي استخدم العنف باسم الدين، والأصوليات الدينية تريد القبض على السلطة وليس لديها ما تقدمه إذا وصلت إلى سدة الحكم. ويجدد رضوان دعوته لتطوير المؤسسة الدينية وإعادتها لدورها. وعادة الكلمة مرة أخرى للدكتور د.صالح المانع، مشيراً إلى أن هناك إشكالية أخلاقية قد تفسر لنا ظاهرة الإرهاب. وهناك مفهوم الحرب العادلة والحرب الشرعية وغير الشرعية وربما يمكن القول إن الحروب تلد حروباً، والإشكالية في تعريف الحرب ونتائجها. نتائج الحروب قد تكون غير أخلاقية. المجتمعات في شرق آسيا ليست متطرفة مثل بعض مجتمعات غرب آسيا، السبب هو تعرض الأخيرة لحروب في الماضي. الجلسة الثانية وجاءت الجلسة الثانية بعنوان « خريطة التنظيمات الإرهابية في العالم العربي»، وأدارها راشد صالح العريمي، عضو المجلس الاستشاري للمجلس الوطني للإعلام، وأشاد باختيار موضوع المنتدى، وهنأ الاتحاد بذكرى صدورها الخامسة والأربعين. وانتقلت الكلمة إلى د.عمار علي حسن الباحث المصري في شؤون الإسلام السياسي، الذي أشار إلى أن الإرهاب قديم فعلاً وممارسة، وليس لصيقاً بدين أو أيديولوجية ويحدث عندما تتيح الظروف فرصة لظهوره. لا بد من أن نفرق بين الدين وعلوم الدين والتدين، فالإرهاب ابن التدين المغلوط وليس الدين، وفي هذه الحالة تكمن المشكلة في الأيديولوجية. علوم الدين ينبغي أن تتطور، فلا يوجد دين مفلس، المشكلة أن هناك تديناً مفلساً أو علم دين مفلساً. ما هي أسباب الإرهاب؟ الأول حسب عمار، هو الاستبداد السياسي، كما أن النخب التي حكمت بعد الاستعمار فشلت في التحديث، الاستبداد السياسي، قد يؤدي إلى التطرف لكنه يبقى سبباً جوهرياً لتفشيه. ويضيف عمار: الخلل الفكري والنفسي كسبب للإرهاب، فهناك دراسات تؤكد أن الخلل النفسي يدفع نحو التطرف ، كما أن تردي الأوضاع الاقتصادية يصب في الاتجاه ذاته. ومن بين الأسباب الخبرة السلبية للاستعمار حيث ترك صدمة الحضارة والحداثة، على سبيل المثال برر «الإخوان» نشأتهم بالسعي لإعادة الخلافة، ويرى عمار أن إسرائيل سبب من أسباب التطرف الديني. ومن بين أسباب الإرهاب اضطرابات ما بعد الاستقلال، حيث حدث صراع على السلطة بعد رحيل الاستعمار، وظهر تيار يقول إن الفرصة سانحة الآن. وفي بعض الأحيان تستغل السلطة تيارات متطرفة هرباً من صعود تيارات مدنية. التطرف ليس حكراً على دين وأكد عمار أن كل الأديان بلا تفرقة وكل المذاهب والثقافات أنتجت إرهابها، سواء في صورة خشنة وعنيفة أو ناعمة من خلال النبذ والإقصاء، وهذا يعني أن الإرهاب ليس ظاهرة عربية خالصة. لكن ينبغي ألا ندفن رؤوسنا في الرمال، فالأمر يحتاج إلى إصلاح ديني، أصبح الإسلام في حاجة إليه. العرب ليسوا مجتمعاً واحداً وانتقلت الكلمة إلى محمد السماك الباحث اللبناني في حوار الأديان، قائلاً في مستهل مداخلته في الجلسة الثانية التي تحمل عنوان «الطائفية والمذهبية بيئة خصبة للإرهاب»، ثمة فرق بين الإرهاب والعنف السياسي، العمل يتحول عنفاً سياسياً عندما يستهدف الفاعل الضحية بذاتها، والضحية تعرف أنها مستهدفة وتعرف السبب. أما العمل الإرهابي فلا يجمع بين مرتكب العمل والضحية، أي أن الجاني لا يعرف الضحية، ولكن منفذ العملية الإرهابية يستخدم الضحية كصندوق يريده لتوصيل رسالة لطرف ثالث. وأكد السماك أن العالم العربي ليس مجتمعاً واحداً، بل مجتمعات متجانسة ولدينا عناصر غير عربية، تشكل جماعات كبيرة مثل الأكراد في العراق والأمازيغ في المغرب، والتنوع الديني والتنوع المذهبي يجعل البيئة العربية مفتوحة للتوظيف السياسي من الخارج، أعداؤنا يعرفون كيف يستخدمون هذا التنوع للتحريض ولم نحاول استثماره كثروة تفيدنا. خطة «برنارد لويس» ولفت السماك إلى مقولة أطلقها برنارد لويس المفكر الأميركي اليهودي من أصل بريطاني، وسؤاله آنذاك كيف نحاصر الشيوعية ؟ كانت الإجابة البحث عن كيانات مستقلة في المنطقة الممتدة من باكستان إلى المغرب، ما يولد صراعات حول الموارد من نفط ومياه، هذا يحقق الأمن الاستراتيجي لإسرائيل . وفي مطلع الثمانينات كان الاحتلال الإسرائيلي للبنان مرحلة أولى، حيث التدخل في لبنان ومحاولة تنصيب رئيس لها، وهناك محاولات لاحقة في العراق والسودان، لكن لبنان استعصى على التقسيم رغم تردي أوضاعه. التنوع والوحدة الوطنية ويقول السماك : ثمة من يسعى لتوظيف التنوع لضرب وحدتنا الوطنية. فهناك علاقة مباشرة بين مواجهة الإرهاب واحترام حقوق الإنسان، والمشاريع التي تستهدف المنطقة قديمة من الثمانينات لكننا لا نكترث بها. ولفت السماك الانتباه إلى أننا في العالم العربي نجد أن الوقت المخصص للدراسات الدينية يستغرق 30 في المئة من إجمالي الوقت المخصص للتعليم. فيما تقل هذه النسبة في أوروبا عن 3 في المئة. المشكلة في تغييب ثقافة احترام التنوع، فهذا الأخير و جزء من الثقافة الإسلامية. اليهود واستغلال الدين ونبّه السماك إلى أنه عندما نجحت إسرائيل في احتلال القدس، ادعى بعض الإسرائيليين أن الله معهم، لأنهم انتصروا على العرب في76. المعجزة الإلهية عند اليهود هي لعودة لليهودية إلى فلسطين، واحتلال القدس، والرغبة في إقامة الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى. ويحذر السماك من أننا أمام محاولة لإعلان إسرائيل دول دينية يهودية، وهذا يعني أن إسرائيل دولة لليهود، أي أن كل من هو ليس يهودياً لابد أن يخرج من إسرائيل، ما يعني تطهيراً عرقياً وفرضاً للتهجير على غير اليهود. المطلوب إسرائيلياً هو الاعتراف بيهودية إسرائيل، أي أن إسرائيل تأخذ الشرعية الدولية وفق الحدود التوراتية.وإذا اعترفنا بيهودية إسرائيل فإن ذلك يعني اعترافاً بخططها التوسعية. التعدد الاثني ليس خطراً وقدم الأكاديمي الإماراتي د.سلطان محمد النعيمي ورقة للجلسة الثانية حملت عنوان «خريطة التنظيمات الإرهابية في العالم العربي، وفيها أكد أن ظهور «داعش» وغيرها يعكس تنظيمات إرهابية تسعى لكسب الشرعية. وأوضح النعيمي أنه من المهم الحفاظ على الوحدة الوطنية كالحل لاحتواء القوميات والاثنيات، ويمنعها من أن تكون وقوداً للإرهاب. ويرى النعيمي أن وجود الاثنيات ليس خطراً في حد ذاته، طالما توافرت أجواء التكامل القومي.لكن المشكلة تأتي من تطورات سياسية جعلت هذه الاثنيات مصدر خطر، على سبيل المثال ، عندما بدأت الثورة السورية، كان الأمر يتعلق بقوى معارضة، لكن «جبهة النصرة» ظهرت وبايعت «القاعدة»، وطفت مصطلحات مثل «التكفيريين» الذي بدأت إيران في استخدامه للإشارة إلى الجماعات السُنية المسلحة. ويحذر النعيمي من أن غياب الوحدة الوطنية،و التناحر الطائفي، وإرهاب الدولة، وإرهاب الاثنيات يفتح الباب على مصراعيه لاستغلال القوميات. تدخلات إيرانية وأشار النعيمي إلى أن المالكي وظف المؤسسات الأمنية ضد أطياف معينة في المجتمع العراقي، وخصوصاً السُنة « . وبعد كلمة النعيمي، عقّب د.عبدالله المدني على أوراق الجلسة الثانية قائلاً : « لم تتطرق الأوراق الثلاث إلى التطرف الشيعي، وتحدثت عن التطرف السُني، إلا أنه منذ قيام الثورة الإيرانية ظهرت عمليات متطرفة ضد السُنة. إيران تدخلت في العراق واليمن ولبنان وسوريا وحتى في البحرين.نحن في حاجة لمعرفة مصادر الفكر المتطرف.لسنا في حاجة إلى تعريف الإرهاب والجميع يعرفون التنظيمات الإرهابية وجحورها. الإرهاب بذرة شيطانية. تولت الإخوان ريها وكانت النتيجة ظهور براعم متطرفة مثل التكفير والهجرة والسروريين وغيرهما من الجماعات المأزومة نفسياً وداعش وغيرها.اللافت حسب المدني أن القرضاوي، يرى أن أبوبكر البغدادي كان في الأصل «إخوانياً». وانتقلت الكلمة إلى مدير الجلسة راشد العريمي الذي فتح باب النقاش أمام الحضور، وكانت المداخلة الأولى من نصيب د. إبراهيم البحراوي، الذي طالب بتشكيل لجنة لصياغة توصيات من واقع أوراق المنتدى. وانتقلت الكلمة إلى الكاتب السعودي عبدالله بن بجاد النعيبي، الذي قال إننا لا نستطيع تقليد الغرب في تجربته في الابتعاد عن الدين، يجب السعي لحل خاص، ربما يظهر لدى أجيال جديدة، وليس الآن. أما الأكاديمي القطري د.عبدالحميد الأنصاري، فيرى أن كلام د. عمار عن أسباب الإرهاب فيه تعويم كثير للظاهرة، ويطالب بتركيز الحديث عن أسباب رئيسية للإرهاب، ويستغرب من أننا حتى الآن لم نفهم عقلية الإرهابي الذي يفجر نفسه، مشيراً إلى أن الخوارج يمكن اعتبارهم أول تنظيم إرهابي في الإسلام. وطرح الأنصاري تساؤلاً مؤداه: لماذا لن ينجح الإصلاح الديني الذي ظهر منذ أيام محمد عبده؟رؤى إرهابية مشتركة،ويرى خليل علي حيدر أن إرهاب الإسلاميين يقوم على عدة أسس أبرزها: الترويج بأن للإسلام الصحيح صورة واحدة في الفهم والشرعية، هي التي تنشرها الجماعات الإسلامية.و الزعم بأن الانتماء للجماعة الإسلامية فريضة لا يصح إسلام المرء دونها. واستخدام العنف مبرراً في العمل السياسي فوراً، أو عندما تأتي اللحظة المناسبة.والقول بأن لا شرعية للدولة الوطنية ومسؤوليها، ولا لدستورها وقوانينها، ولا نهضة إلا بالعودة إلى الدين، كما تريده وتفهمه الجماعات الإسلامية، وطن المسلم عقيدته. وكل الأنظمة والأوضاع القائمة في العالم العربي والغربي وغيره أوضاع جاهلية لابد من غزوها وهدمها.والقول بأننا في حالة حرب ضد العالم الخارجي والداخلي، بسبب الاختلاف العقدي، ولأن هناك مؤامرة على الإسلام والمسلمين يقودها المسيحيون واليهود. العمل الثقافي و العسكري حذر د. صالح المانع من التوقعات التي تقول إن الحرب على «داعش» طويلة ، ويقول اذا استمرت الحرب، فإنه على الدول الخليجية أن تحرص على أن تكون قصيرة، فلابد من الفصل بين العمل الثقافي لمحاربة الإرهاب، وهو أمر يمتد لفترات طويلة ، وبين المواجهة العسكرية . إما الكاتب العراقي رشيد الخيون، فيرى أنه لابد من تسمية الأشياء بأسمائها.القول بأن هذه الجماعات سنية وهذه شيعية يعطي هذه الجماعات ميزة الاستفادة من هذا المخزون الذي يشكله أتباع كلا المذهبين. عولمة الإسلام السياسي يرى د.أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن تعليم المواد الدينية يمكن أن يفيد في محاربة الإرهاب. هناك أسر متطرفة، ومطلوب الاستمرار في تعليم المواد الدينية عبر منهج سوي غير متطرف. ولا ينبغي جعل المادة التعليمية الدينية مادة نجاح أو رسوب، وهو يرى أن للإعلام دوراً مهماً في الثقافة الدينية. وفي مداخلته على أوراق الجلسة الثانية، أشار حلمي شعراوي المتخصص في الدراسات الأفريقية إلى أن بعض التيارات المتطرفة حاولت عولمة الإسلام السياسي، نجد نماذجها في أفريقيا كحركة «الشباب» الصومالية و«بوكو حرام» النيجيرية، والإخوان. وأكد عمار علي حسن أن المعركة ضد الإرهاب فكرية بالأساس، والاقتصار على الجانب العسكري والأمني لا يحسم الصراع مع الإرهابيين، بل ربما يؤدي ذلك إلى دعاية قد تصب في مصلحتهم. وأشار عمار إلى خمس قضايا فكرية أصبحت مثار جدل، هي: الجهاد، والخلافة، الردة، والولاء والبراء والحاكمية، ويؤكد أننا لسنا في صراع مع العالم، ولابد من التفريق بين الإسلام التاريخي والإسلام كنصوص. ولسنا في صراع مع العالم، ولابد من استخدام مناهج جديدة في التعامل مع النص الديني. وما دام أن المشكلة فكرية، فلابد من الاستناد إلى منهج الاستدلال، كما أن تجفيف منابع الإرهاب يبدأ من الرأس. ويرى د.سلطان النعيمي أن هزيمة «داعش» إذا تمت بسرعة سيكون أمراً جيداً، فالحرب على الإرهاب طويلة، المطلوب حرباً فكرية طويلة على الإرهاب ،الحرب بالمفهوم العسكري ينبغي أن تكون قصيرة. بين النص والتفسير بوش أعلن الحرب على الإرهاب، واعتبر آنذاك أن الارهاب والإسلام وجهان لعملة واحدة، آنذاك رفض هذا المنطق، وصرح البابا لا يوجد دين إرهابي لكن يوجد إرهابيون في كل دين. بعض التعليقات تشير كما لو أن الإرهاب مرتبط فقط بالإسلام، لكن الفرق مهم بين النص الديني، وفهم النص الديني. أما فهم النص الديني شيء آخر ذو طابع إنساني، أي معرض للخطأ والصواب، ناهيك عن أن الفهم يتغير وفق الظروف والأهداف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©