الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تراجع الإنتاجية يهدد آمال الاقتصاد العالمي في التعافي

تراجع الإنتاجية يهدد آمال الاقتصاد العالمي في التعافي
30 يناير 2014 22:26
اتفقت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي مع التوقعات التي عبر عنها البنك الدولي مؤخراً، المتعلقة بالنمو التدريجي الذي يحققه الاقتصاد العالمي، في الوقت ذاته الذي حذر فيه من المخاطر التي تحدق بالاقتصاد. لكن وفي ظل مثل هذه التوقعات المتزامنة مع بدء العام الجديد، يعتبر الاقتصاد العالمي مبشراً. ويكمن وراء هذا التحسن التدريجي في النمو، أسئلة مباشرة تتعلق بالسياسات وبالفائزين والخاسرين في مسرح النمو العالمي، وبالتوجهات المهمة التي تؤثر على دول العالم كافة تقريباً. ومن المرجح أن تركز الأسواق على التوجهات وتغيير المسارات التي صاحبت السياسة المالية في الآونة الأخيرة، بحجة مقدرتها على امتلاك الثروات وتبديدها. وتتضمن الأسئلة الكبيرة المطروحة خلال العام الحالي، ما إذا كانت الدول المتقدمة ستتحول من حالة تراجع معدلات التضخم التي تشهدها، إلى الانكماش وما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيقوم بخفض نسبة شرائه للأصول بسرعة أكثر، وكذلك ما إذا كان التوجه الذي تنتهجه أميركا، سيحد من التدفقات النقدية إلى الدول الناشئة. ومع ذلك يتعلق السؤال الأكبر، مع أنه أقل مباشرة، بالأسباب التي أدت إلى تدهور تعافي الاقتصاد العالمي. ويكمن وراء التوقعات التي تشير لحدوث تحسن طفيف على النمو العام، تراجع واضح في نمو الإنتاجية في الدول الغنية والفقيرة على حد سواء. ونوه بول كروجمان، في منتصف تسعينات القرن الماضي، والحائز جائزة نوبل للاقتصاد، إلى أن النمو لا يعني بالضرورة كل شئ، بيد أنه يكاد أن يكون كل شيء على المدى الطويل. وفي حقيقة الأمر، تتعرض ثروات البلدان الاقتصادية للانتعاش والركود، إلا أن تحسين مستويات المعيشة بصورة مستدامة، لا يتم إلا من خلال رفع الكفاءة التي تساعد على تحويل العمل ورأس المال إلى سلع وخدمات. وفي تقييمها السنوي الذي صدر مؤخراً الخاص بإنتاجية الاقتصاد العالمي، أشارت مؤسسة كونفرنس بورد الفكرية العالمية، إلى تراجع عامل الإنتاجية العام في العام الماضي لأول مرة منذ عقود، ما يؤكد عدم اتخاذ العالم لأي تحسينات على الطريقة التي يستغل ويخصص بها موارد الطاقة البشرية والمال خلال تلك السنة. وفي حالة تلاشي نمو الإنتاجية العامة خلال السنوات القليلة المقبلة، تتبخر معها آمال الدول الغنية بتحسين مستويات معيشة شعوبها، لتتمكن الدول الناشئة من اللحاق بها عند ذلك الوقت. وتعتبر إنتاجية العمال، التي تعني ما ينتجه العامل في الساعة، وعامل الإنتاجية العام، قصة واحدة. ويعتبر تراجع معدلات النمو نتيجة لتاريخ طويل من انخفاض مستوى نمو الإنتاج في الدول الغنية، لا سيما وأنها لم تعد أكثر من عملية تعويض من خلال الارتفاع الكبير في كفاءة أداء اقتصادات الدول الناشئة. وفي أميركا، التي لا تزال تحتل المرتبة الأولى كأكبر اقتصاد في العالم، وواحدة من أكثرها ثراء، يثير هذا التوجه سؤال ما إذا كانت أزمة الإنتاجية ناجمة عن التعافي الضعيف للطلبأو لضعف قوتها على الابتكار والدفع بعجلة النمو الاقتصادي؟. ويقود هذا التساؤل، إلى ما إذا أصبحت النجاحات التي حققتها الدولة في الابتكارات، على صعيد الكفاءة في المواصلات والعمل، وتوفير الأجهزة المنزلية في القرنين التاسع والعشرين والقرن العشرين، من قصص الماضي. وبالإضافة إلى هذه الفكرة الوجودية، ينبغي على كل دولة أن تتساءل عن سبب عدم مقدرتها على اللحاق بما أحرزته أميركا من تطور بالسرعة المطلوبة. ويثير هذا القلق الزعزعة في فرنسا التي أمر رئيسها فرانسوا أولاند، بإصلاحات سريعة عميقة وشاملة. وفي الدول الناشئة، التي ما زالت توجهات النمو فيها أفضل مما كانت عليه في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، فإن ما يثير القلق أن الإنفاق المستدام على السلع الإنتاجية، لا يقود إلى التحسن نفسه الذي طرأ على الكفاءة قبل 10 سنوات، ما يعني أن رأس المال لم يتم توجيهه نحو أفضل المجالات المتاحة. وتشير تقديرات مؤسسة كونفرنس بورد، إلى بطء عامل الإنتاجية العام في السنة الماضية في الصين وتراجعه في الهند، ما يؤكد معاناة حتى الاقتصادات الكبيرة في الدول الناشئة، من أجل تطوير الكفاءة التي لم تبذل جهوداً كبيرة في ترسيخها في الماضي. كما تعني الزيادة المستمرة في مُدخلات العمل ورأس المال، تحقيق اقتصادات الدول الناشئة لنمو أسرع من الدول الغنية خلال العام الحالي، حسبما توقع البنك الدولي، مع أداء أفضل لبعض أفقر الدول حول العالم، على الرغم من احتمال تعرض تدفقاتها النقدية للانهيار. ومن المتوقع كذلك، عودة دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط لدائرة النمو، في أعقاب سنتين من المعاناة، بيد أنه ليس من المنتظر استعادة أراضيها المفقودة قريباً. ومع ذلك، فإن التحسن الرئيس في الاقتصاد العالمي، يجيء من الدول الغنية، التي من المرجح تحررها من سنوات الأزمة عبر تحقيق نمو معتبر، وفقاً للبيانات الواردة من البنك الدولي. وإذا جانب ذلك الصواب، سيقلل من ضرورة التصدي الفوري للتحديات التي تواجه الإنتاجية على المدى الطويل، إلا أن سرعة النمو التي تمكن من اللحاق بالركب، لا يمكن استمرارها إلا لفترة قصيرة من الوقت، مع تحول الأسئلة الكبيرة، في ظل تراجع معدلات البطالة السريعة في أميركا والمملكة المتحدة، إلى أسئلة أكثر إلحاحاً. نقلاً عن «فاينانشيال تايمز» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©