الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: استغلال منابر المساجد لأعمال غير الدعوى فتنة

العلماء: استغلال منابر المساجد لأعمال غير الدعوى فتنة
6 أكتوبر 2011 20:47
تزايدت في الآونة الأخيرة ظاهرة استخدام المساجد في أعمال غير الدعوى، وتعمد بعض النشطاء والمنخرطين في العمل العام ببعض الدول العربية خاصة التي تشهد أحداثاً ساحنة، خلط الدين بالسياسة واستغلال المنابر لتحقيق مكاسب حزبية وسياسية، الأمر الذي يؤثر في مكانة دور العبادة ودورها ويضرب سكينتها ووقارها وهو ما يفتح المجال لكثير من الفتن والشرور التي تضر بمصالح الوطن وتقسمه بين التيارات الفكرية والسياسية المتصارعة. المسجد مؤسسة دعوية تهدف إلى بناء الإنسان وترسيخ القيم الإسلامية الأصيلة والمفاهيم الإيمانية الايجابية التي تساعد في استقرار المجتمعات والمساهمة في حل أزماتها ومعالجة مشكلاتها. وقال الشيخ منصور الرفاعي عبيد وكيل وزارة الأوقاف المصرية لشؤون الدعوة الأسبق إن مكانة المسجد في الإسلام عظيمة فهو مؤسسة حياتية شاملة متعددة الأدوار، وهو رمز الحياة الإسلامية ومحور اهتمام المسلمين وأساس الدعوة وحوله يتجمع نشاط المسلمين بكل مظاهره وصوره، ويقول الله تعالى: «إنما يعمر مساجد لله من امن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة واتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين» التوبة 18. مكانة المسجد وأوضح أن أهمية المسجد برزت عندما حرص الرسول- صلى الله عليه وسلم- على أن يكون أول عمل بعد هجرته إلى المدينة هو تأسيس مسجده- صلى الله عليه وسلم- ووردت عنه- عليه الصلاة والسلام- أحاديث كثيرة تبين مكانة المسجد منها، قوله- صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان»، مؤكدا أن الله تعالى توعد الذين يسعون في خراب المساجد ويمنعون ذكر الله فيها بالخزي والهوان في الدنيا وأشد ألوان العذاب في الآخرة، ويقول تعالى: «ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم» البقرة 114. الرسالة وقال إن الإسلام لم يقصر رسالة المسجد على أداء الصلوات الخمس فقط، بل جعله أيضا المركز الذي تدار فيه حياة المجتمع وعلى نور رسالته تسير حياة الناس، والمسجد في صدر الإسلام كان جامعة يتخرج فيها العلماء والفقهاء والقادة والمصلحون، وساحة للتداول في الشؤون العامة مثل ترسيخ مفاهيم الأخوة في الدين والإخلاص في العمل وأهمية المشاركة في الحياة العامة والتضامن والتعاون. وأكد أنه لا يجوز استغلال دور العبادة لتحصيل مكاسب سياسية لحزب أو لغيره، والمسجد أوسع من اختزاله في مكاسب سياسية وأرحب من أن يختزل في الدعاية السياسية لحزب أو تيار أو فصيل، لان الترويج للسياسة الحزبية وحث المواطنين على التصويت لاتجاه معين أو تحديد التصويت لحزب أو مرشح يخرج المساجد عن رسالتها ويحولها إلى ساحة تنازع وتطاحن وتنابذ، ويمكن أن تكون المساجد مكانا لعقد الندوات واللقاءات الفكرية التي توحد الصفوف. وأوضح الدكتور مصطفى العرجاوي أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر أن الإسلام دين شامل يتفاعل مع الحياة ومتغيراتها ويراعي واقع الناس ومتطلباتهم ولا يعرف الفصل التام بين الدعوي والسياسي، والدعوة الإسلامية هدفها التبليغ بحقائق الدين وتمكينه مصداقا لقوله تعالى: «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور»، وهو ما يبين شمولية الإسلام وحرصه على الحياة كلها ورفضه الفصل بين الاحكام والعبادات والمعاملات والشأن العام وما ينفع الناس. وشدد على ضرورة الانتباه إلى المشكلات التي تحدثها السياسة والشبهات التي تصيب العمل الدعوى وتؤثر فيه بشدة، مضيفا أن العمل السياسي يتطلب تصرفات وتقديرات تتسم بالنفعية والمادية، وفى كثير من الأحيان تقديم تنازلات ربما تمس أحكام الشرع واللجوء إلى تفسير القواعد الفقهية بطريقة تخرجها عن مضمونها ومقاصدها. الأخلاقيات الإسلامية وقال إنه يجب إبعاد المساجد عن السياسة لان ممارستها تتسم بالتنافس الحزبي والمناورات السياسية وعقد الصفقات والصراعات والتحالفات بين المتنافسين والغرماء، والتجاذب والتعارض والخصومة أبجديات في السياسة وبعض من يدخلون معتركها لا يتقيدون بالقيم والأخلاقيات الإسلامية ويحتكمون في تحركاتهم لقوانين المصلحة المادية التي قد تتعارض مع منهج الإسلام الذي يحض على الفضيلة والصدق والأمانة. وأشار إلى أن الأمر يبلغ درجة كبيرة من التعقيد عندما ينخرط بعض الدعاة والرموز الدينية في المعترك السياسي، والخطاب الدعوي في المساجد يتأثر بشدة ويتلون بحسب المواقف السياسية وما يقتضيه الصراع من القبول بتنازلات قد تتعارض مع ثوابت الخطاب الدعوي مما يفقده المصداقية والقدرة على التأثير. ويحذر الدكتور محمد الجليند الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة من التساهل في استخدام المساجد بالعمل السياسي وجرها لصراعاته بحجة أن الإسلام دين ودولة، مؤكدا أن البعض يرتدي عباءة الدين ويعمل على حشد مفرداته ومنابره لتحقيق مأرب سياسي، وحث المواطنين على اختيار أشخاص بعينهم والتصديق على برامجهم والانحياز لمقولاتهم ومواقفهم. وقال إن الخطأ الفادح الذي لا ينتبه إليه بعض من يريدون استغلال المساجد في العمل السياسي هو تجاهل الفروق بين ما هو دعوي وما هو سياسي، مضيفا أن المنابر يجب أن تبتعد عن لعبة التوازنات وحسابات المكسب والخسارة لأنها تحض على قيم ومبادىء الإيثار وكبح الهوى والطاعة والالتزام الأخلاقي والثبات على المبدأ، بينما العمل السياسي دعامته الأساسية التنازلات واستثمار الفرص وتوظيف المعطيات التي تحقق الجماهيرية والشعبية حتى ولو كانت مغلوطة وفاسدة ويتجلى ذلك عندما يضطر البعض إلى البحث عن تخريج شرعي لأفعاله ويصبغ التنازلات التي يقوم بها بصبغة دينية كمحاولة للإبقاء على درجة من الاتساق أمام الناس تحافظ على ما حققه من مكاسب سياسية على حساب الشرع ومقاصده. ويؤكد أن هذه التصرفات والسلوكيات تفقد الناس القدرة على التمييز بين الغث والسمين ويختلط عليهم الفهم الصحيح للدين وقيمه ومقاصده.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©