الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متحف الفن الإسلامي في الدوحة ·· منارة ثقافية بثوب رومانسي

متحف الفن الإسلامي في الدوحة ·· منارة ثقافية بثوب رومانسي
10 مارس 2009 23:43
متحف الفن الإسلامي في قطر يعد أبرز الأحداث الثقافية التي شهدتها منطقة الخليج العام الماضي، وهو ليس مجرد حدث ثقافي عادي، أو مجرد افتتاح متحف ومعلم ثقافي مهم في منطقة الخليج، بل هو صرح أسهم في رفع اسم قطر عاليا وجعلها محط أنظار العالم اقتصاديا واستثماريا وليس ثقافيا فقط· فالعديد من البلدان والمدن الخليجية سعت إلى جذب أنظار العالم إليها من خلال الاستثمار في عدة مجالات منها الترفيهية والرياضية والعمرانية، وقطر تميزت و جذبت أنظار واحترام العالم بالاستثمار في المجال الثقافي، وقامت بإنشاء تحفة معمارية ومنارة ثقافية كبيرة تمثلت في متحف قطر للفن الإسلامي·· يعتبر متحف الفن الإسلامي أحد المعالم المميزة في تاريخ المتاحف والآثار الإسلامية على مستوى العالم وأحد أهم المعالم الحديثة التي شيدت في دولة قطر، ويعدالأول من نوعه في الخليج العربي من ناحية التخصص ونوعية التحف المعروضة فيه · وقد افتتح المتحف في الثاني والعشرين من نوفمبر 2008 تحت رعاية حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، وبحضور نخبة من الشخصيات الرسمية والأكاديمية العالمية· وكان للاهتمام العالمي الكبير بهذه المناسبة، حيث حضر الآلاف من الشخصيات العالمية والفنية حفل الافتتاح، أثره في منح قطر مكانتها العالمية التي تستحقها نظرا لإنجازاتها الكبيرة· وأكدت أن الإقدام على إنشاء هذا المتحف يعد خطوة هامة أحدثت نقلة نوعية، أحدثت نوعا من التوازن بين التطور الثقافي والفني وبين الدين والعادات والتقاليد· وهذا المتحف غدا من المعالم البارزة للعاصمة القطرية الدوحة من ناحية التصميم الهندسي الرائع ومكانه على شاطئ الكورنيش ومنظره الجميل ، ولا تكون مبالغة إن قيل أن هذا المتحف وضع قطر كعاصمة ثقافية للشرق ومنارة للإرث الثقافي والتاريخي · والمتحف مغطى بالأحجار من الخارج ويتألف من مبنى رئيسي ذو خمسة أدوار وآخر جناح تعليمي مؤلف من دورين حيث يرتبط المبنيان بساحة مركزية ، وتتراجع حجوم وزوايا المبنى الرئيسي تدريجيا للخلف وهي ترتفع 45 مترا حول بهو مركزي ذي قبة ، ويحجب منظر القبة من الخارج جدران برج مركزي به نافذة تقع على ارتفاع45 متراً في الجانب الشمالي للمتحف، وتطل على منطقة الخليج الغربي للدوحة من جميع الأدوار الخمسة· ويحتوي أيضا على آلاف من المقتنيات والآثار والتحف واللوحات التاريخية حيث جمعت من ثلاث قارات التي شهدت حضارات إسلامية بما فيها بلدان الشرق الأوسط بالإضافة إلى أسبانيا التي قامت فيها الحضارة الأندلسية والهند التي تحوي عدة معالم إسلامية ، ويتراوح عمر المقتنيات والقطع المعروضة بين الألف عام وأقل من ذلك حتى القرن التاسع عشر · وقد تحقق لمتحف الدوحة للفن الإسلامي الكثير من عناصر القوة التي ستجعل منه منارة ثقافية شامخة في قلب المنطقة، من بين أبرز تلك العناصر، روعة التصميم والذي قام به أحد رواد فن العمارة في عصرنا الحالي وهو المهندس المعماري الصيني الأميركي ايوه مينغ بي من أشهر المصممين على مستوى العالم، وهو الذي قام بتصميم بناء هرم فناء متحف اللوفر بباريس ومتحف ميهو الرائع في شيغاراكي باليابان وغيرها الكثير من الأعمال· ويقف المتحف كتحفة معمارية رائعة على بعد 60 مترا من كورنيش الدوحة فوق جزيرة اصطناعية تم ردمها خصيصاً لهذا الغرض· وأضيف إلى الجزيرة لسان هلالي الشكل يوفر لها الحماية من مياه الخليج شمالاً ويحجب منظر المباني الصناعية من ناحية الشرق، وتبلغ مساحته 45000 م· وقد أستغل تصميم هذه الجزيرة الاصطناعية التشكيلات العضوية للطبيعة بالمنطقة وجمع بينها وبين فن الهندسة البشرية الدقيقة مما شكل بذلك موقعاً مناسباً للمتحف، وبالرغم من انفصال الجزيرة التام عن البر إلا أنها مرئية من كل مكان، فهي تبرز من الماء في إطار رومانسي يتحدى الزمن وتمثل محوراً للثقافة والتعليم في عاصمة قطر ومينائها الرئيسي· يطل مبنى المتحف الإسلامي على مياه الخليج من ناحية الغرب وله مرفأ مخصص لاستخدام الزوار، تضيئه مصابيح تعلو 20متراً يمكن رؤيتها من مسافات بعيدة عبر المياه،ئ ويؤدي كل درج ومصعد إلى حديقة خارجية يكتنفها ضباب رقيق،ئ وفي الجنوب يوجد المدخل الرئيسي المصمم على شكل ممر رسمي محفوف بأشجار النخيل بحيث يتيح لعامة الجمهور الدخول بنظام وتأن· ويضم تصميم المتحف، الذي يعتبر مصدراً رئيسياً للمعلومات، مركزاً تعليمياً مكملاً لأنشطته تقدم الدعم للمدارس ويوفر التسهيلات للأبحاث والدراسات بداخل قطر وخارجها، كما يشمل المركز طابقاً أرضياً وغرفة للقراءة تعلوها تجهيزات لخدمة القراء الصغار· أما التصميمات الهندسية للمبنى فمستوحاة من عمارة الفن الإسلامي· وتحتوي صالات العرض الدائمة في المتحف على مجموعة قطر الوطنية للفن الإسلامي التي تضم مجموعة مهمة من السيراميك والأشغال المعدنية والمجوهرات والأعمال الخشبية والزجاجية والسجاد ومواد أخرى مصنعة في مختلف بقاع العالم الإسلامي التي تمتد من أسبانيا غرباً حتى آسيا الوسطى والهند شرقاً· وتشمل مقتنيات المتحف الإسلامي أيضاً مجموعة كبيرة من العاج والحرير يعود عمر بعضها إلى أكثر من 600 عام، حافظت في جزء كبير منها على أشكالها وألوانها· وتنتمي هذه القطع الفنية الفاخرة إلى المدرسة الفنية الإسلامية، لما احتوته من نقوش ورموز تعود بجذورها إلى فنون الدول والإمبراطوريات التي دخلها الإسلام، ويرجع تاريخها إلى القرن الثالث عشر وصولا إلى القرن الثامن عشر الميلادي· ويشكل المتحف الإسلامي الذي يقام في قطر لفتة نوعية في العودة إلى قراءة فنون الحضارة الإسلامية التي تركت بصماتها في الحضارة الإنسانية إلى اليوم، ويعود تاريخ بعض القطع من العاج إلى العصور الوسطى، وهي تمثل بعض النماذج الجميلة لصناديق وأبواق وقطع أخرى مشغولة بدقة وبراعة عاليتين· وما زالت هذه القطع في مجملها تشكل أعمالا فنية رائعة، فقد وضع الفنان القديم فيها لب تجربته الجمالية لنقش الأشكال فيها وصناعة بعض التكوينات الجذابة، وقد استخدمت في صناعة هذه القطع أدوات خاصة ورغم بدائيتها إلا أنها تشهد على سعة الصبر لدى الفنانين في تلك الأزمنة وطاقتهم على إنتاج أعمال فنية جميلة ومدهشة· أما الحرير فقد تنوعت مصادره واستخداماته هو الآخر وسيشاهد زوار المتحف قطعة من خيمة إمبراطورية شغلت بالحرير وكتبت عليها بعض الآيات القرآنية الكريمة، ورداء منسوج بخيوط الحرير والذهب، وقطع سجاد منسوجة من الحرير والذهب أيضا، وفي كل هذه القطع تبدو الدقة في تكوين الأشكال المستلهمة من الطبيعة وجمالياتها وألوانها الساحرة
المصدر: الدوحة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©