الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الآخر».. كل شيء هالك إلا وجهه

«الآخر».. كل شيء هالك إلا وجهه
30 يناير 2014 21:50
أحمد محمد (القاهرة) - من أسماء الله الحسنى «الآخر»، وهو سبحانه المتصف بالبقاء والآخرية، فهو الآخر الذي ليس بعده شيء، الباقي بعد فناء الخلق، (... كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)، «القصص: الآية 88»، الدائم الباقي الحي القيوم الذي تموت الخلائق ولا يموت كما قال تعالى: ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ)، «الرحمن: الآيتين 26 - 27»، وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق كلمة قالها الشاعر لبيد «ألا كل شيء ما خلا الله باطل». ومن معاني اسم الله الآخر أنه الذي تنتهي إليه أمور الخلائق كلها. وورد اسم الله الآخر في قوله تعالى: (هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، «الحديد: الآية 3»، وكذلك ورد في السنة في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء». فناء الأشياء وقال ابن جرير، الله هو «الأول» قبل كل شيء بغير حد، والآخر بعد كل شيء بغير نهاية، لأنه كان ولا شيء موجود سواه، وهو كائن بعد فناء الأشياء كلها، وقال الحليمي، الأول الذي لا قبل له، والآخر هو الذي لا بعد له. قال الزجاج، الآخر هو المتأخر عن الأشياء كلها، ويبقى بعدها، وقال الخطابي، الآخر هو الباقي بعد فناء الخلق، فهو الأول والآخر وليس لكونه أول ولا آخر، قال البيهقي، الآخر هو الذي لا انتهاء لوجوده. وقال السعدي، الآخر يدل على أنه هو الغاية، والصمد الذي تصمد إليه المخلوقات بتأهلها، ورغبتها ورهبتها، وجميع مطالبها، وقال الفخر الرازي: فهو سبحانه الأول بلا ابتداء والآخر بلا انتهاء، والظاهر بلا احتداء، والباطن بلا اختفاء، وهو الأول قبل كل شيء والآخر بعد كل شيء والظاهر بالقدرة على كل شيء والباطن العالم بحقيقة كل شيء. الدائم الباقي يقول ابن القيم: وعبوديته باسمه الآخر تقتضي عدم ركون المرء ووثوقه بالأسباب والوقوف معها فإنها تنعدم لا محالة وتنقضي بالآخرية ويبقى الدائم الباقي بعدها، فالتعلق بها تعلق بعدم وينقضي، والتعلق بالآخر سبحانه تعلق بالحي الذي لا يموت ولا يزول، فالمتعلق به حقيق أن لا يزول ولا ينقطع بخلاف التعلق بغيره مما له آخر يفنى به، وذكر ابن القيم أن التعبد لله باسمه الآخر أن تجعله وحده غايتك التي لا غاية لك سواه ولا مطلوب لك وراءه، فكما انتهت إليه الأواخر، وكان بعد كل آخر فكذلك اجعل نهايتك إليه، فإن إلى ربك المنتهى، وعند تحقيق التوحيد في الاسم تجد الموحد يعود بافتقار إلى ربه، ويجعل المرجعية في فعله إلى ما اختاره لعبده، لعلمه أن الله عز وجل مالك الإرادات ورب القلوب والنيات يصرفها كيف شاء، فمن شاء أن يزيغه منها أزاغه، ومن شاء أن يقيمه أقامه، والتحقيق بمعرفه الاسم يوجب صحة الاضطرار وكمال الافتقار، ويعلم أن القلوب بيد مقلب القلوب يصرفها كيف يشاء. دعاء المسألة ويمكن الدعاء بالمعنى الذي دلّ عليه الاسم لأن معنى الآخر هو الذي تنتهي إليه الأمور، وهو الذي بيده تصريف المقادير، وكل دعاء حول هذا المعنى يدخل تحت دعاء المسألة، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا غزا يقول: «اللهم أنت عضدي ونصيري، بك أحول وبك أصول وبك أقاتل». «والآخر»، يدل على أنه هو الغاية والصمد الذي تصمد إليه المخلوقات برغبتها ورهبتها، وجميع مطالبه، هو الدائم بلا نهاية، وعن رسول الله عليه الصلاة والسلام هذا الدعاء: «يا كائن قبل أن يكون أي شيء، والمكون لكل شيء، والكائن بعدما لا يكون شيء، أسألك بلحظة من لحظاتك الحافظات الغافرات الراجيات المنجيات». ويقول بعض العلماء: إن العلم بالله وأسمائه وصفاته أشرف العلوم، وأجلها على الإطلاق، لأن شرف العلم بشرف المعلوم، والمعلوم في هذا العلم هو الله سبحانه وتعالى بأسمائه، وصفاته وأفعاله، إن معرفة الله تعالى تدعو إلى محبته وخشيته وخوفه، ورجائه ومراقبته، وإخلاص العمل له، وهذا هو عين سعادة العبد، ولا سبيل إلى معرفة الله إلا بمعرفة أسمائه الحسنى، والتفقه في معانيها. ومعرفة الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى مما يزيد الإيمان كما قال الشيخ السعدي رحمه الله، إن الإيمان بأسماء الله الحسنى، ومعرفتها يتضمن أنواع التوحيد الثلاثة، توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء، والصفات، وهذه الأنواع هي روح الإيمان، وأصله وغايته فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله، وصفاته ازداد إيمانه، وقوي يقينه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©