الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

انتبه.. العصر الحجري في عقر دارنا

13 يناير 2007 01:10
الاتحاد - خاص: إنك هنا لإدارة الأزمات لا لحلّها· قد لا يحتاج ''بان كي ـ مون'' ليقول له أحدهم ذلك، فالكبار والصغار على السواء يقتاتون من الأزمات· إذن ماذا سيفعل هؤلاء إذا ما أصبحت القرية الكونيّة قرية أفلاطونية؟ من داخل القصر الزجاجي ينظر الأمين العام الجديد للأمم المتحدة إلى الكرة الأرضية التي لا تزال فيها نكهة يالطا· كل ما في الأمر أنه سيحاول الحدّ من الألوان الداكنة في هذه ''الغرنيكا'' البشرية· قد يضغط على أعصابه قول ''ريجيس دوبريه'': ''انتبه··· العصر الحجري في عقر دارنا''· لكنه آسيوي، مهذب، وصبور· البطن الأبيض والبطن الأسود ماذا يستطيع ''بان كي ـ مون'' أن يصنع لهذا العالم؟ ''يجثو على قدميه ويتضرّع إلى السماء أن تساعدنا على أن نكون بشراً''· وهذا هو رأي الأسقف الكونغولي ''تشارلز ديكي'' الذي يلاحظ ''أننا حطمنا كل شيء بما في ذلك الوسيلة الوحيدة التي تجعلنا على تواصل مع السماء: الصلاة''· حين يقول هذا أسقف كاثوليكي يفترض أن تكون مهمته هي تسويق الأمل· في محاضرة له في باريس أبدى خشيته الشديدة من ''أن ننحني كلياً أمام اليأس''، فما تعيشه البشرية الآن هو نوع من ''الغرنيكا'' السياسيّة والثقافيّة· اقتصاد السوق، ثقافة السوق· نساء يقمن بتأجير بطونهن لإنتاج أطفال للبيع· بطن الطالبة في جامعة كولومبيا أرخص من بطن الطالبة في هارفارد· البطن الأبيض أفضل من الأسود· هذه تجارة باتت معروفة في الولايات المتحدة وغيرها· رقم الأعمال السنوي هو 3,5 مليار دولار· المسألة لا تقتصر على الرجال والنساء الذين يعانون من العقم· شراء طفل أفضل من إنجابه· هكذا تستطيع ''انجلينا جولي'' أو ''نيكول كيدمان'' أو ''جنيفر لوبيز'' أن تحمل ابناً بالتبنّي، أو بالشراء، لتظهر مدى الثراء البشري في داخلها· لا تتأثر لياقتها البدنية أبداً·· أزرق أحمر برتقالي لا أحد يكترث بـ''ريجيس دوبريه'' وهو يحذر ''بان كي ـ مون'' الذي تسلم مهامه أخيراً: ''انتبه، العصر الحجري في عقر دارنا''· القرية الكونيّة قد تنفجر في أية لحظة· ثاني أوكسيد الكربون يتراكم في الهواء· ثقب الاوزون الذي يبعث بالأشعة ما فوق البنفسجية يقول العرّافون الهنود إنه الغول الميتولوجي الذي سيأكل الكرة الأرضية· تسأل صحيفة ''البايس'' الأسبانية: ''كم كيلومتراً قطع كوفي أنان؟''· بالتأكيد ملايين الكيلومترات، وأنفق هو وفريقه ملايين الساعات في الاتصالات اللاهثة· ما من أزمة عرفت طريقها إلى الحل· هنا خط أزرق، وهناك خط أحمر، وهنالك خط برتقالي· لكل أزمة لونها الخاص· أيضاً لكل ثورة لونها الخاص· الديموقراطية كلمة عجيبة، وهرمة، وساذجة، بل وخادعة· حين تكون الشبكة الاقتصادية معقدة إلى هذا الحد، كيف يمكن أن يذهب الصوت إلى حيثما يجب أن يذهب· وكان ''موريس دوفرجيه'' قد قال إنّ صندوق الاقتراع يبدو، في الكثير من الحالات، بمثابة مقبرة للأصوات· أجل، هنا تموت الأصوات، حتى في أكثر البلدان الديموقراطية· لاحظوا كيف أن المرشح الرئاسي الفرنسي ''نيكولا ساركوزي'' يتحدث عن إسرائيل· هذه ليست مملكة ''سليمان'' فحسب بل إنها جمهورية ''أفلاطون''·· الفلسطينيون·· إذاً، مَن هم أولئك الفلسطينيون الذين يقضّون مضاجعها؟ أناس من كوكب آخر، من ثقافة أخرى، يريدون لثقافة الأكواخ، والأزقة البائسة، تقويض ثقافة ناطحات السحاب· يظهر أحد أركان مؤسسة واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، ويتحدث عن الفلسطينيين بالطريقة نفسها التي يتحدث بها عن الهنود الحمر·· يمكن لـ''بان كي ـ مون'' أن يمزج بين الضحك والأنين· هكذا انتهت الحرب العالمية الثانية بهيروشيما· ألا يقول ''افيغدور ليبرمان'': ضعوا هؤلاء في شاحنات واذهبوا بهم إلى الجحيم· لا بأس، الفلسطينيون يصنعون الغرنيكا الفلسطينية بأيديهم· انظروا كيف يقتل بعضهم البعض· يسأل ''محمود درويش'' عن ''هو شي منه'' الفلسطيني· كل شيء في فلسطين ينتحب·· هل هي حقاً أيديولوجيا اليأس، كما يقول أحدهم؟ الأمين العام للأمم المتحدة، الآتي من شبه الجزيرة الكورية، لا بد أن يسأل: ولماذا بقيت هذه الأزمة كل هذا الوقت؟ الجواب واضح: حتى تحين تلك اللحظة التي يقتل فيها الفلسطينيون الفلسطينيين· تسمع قهقهات ''افيغدور ليبرمان'' في أرجاء الهيكل· لا حاجة للترحيل· دولتهم في العالم الآخر، ولا حاجة لكي يشغل ''محمود درويش'' قلبه في معرفة نقطة التقاطع بين أنهار القمح وأنهار الدم·· ليلة الصفيح وليلة الكريستال لكنها حروب الفقراء، على كل حال· هذه حروب أبدية· يكتب ''آلان غريش'': ''إنها هياكل عظمية من أجل·· السيد العدم''· الجنود الإثيوبيون في أزقة مقديشيو· هل ملأوا بطونهم قبل أن يصلوا إلى هنا؟ لا داعي لذلك، قيل لهم إنّ أسد يهوذا (الجديد) هو مَنْ طلب منهم ذلك· امبراطورية ولو على كومة من القش· ماذا يقول أصحاب العيون الزرق؟ لا مجال للعناق بين ليلة الصفيح وليلة الكريستال· ''يان كي ـ مون'' الآتي من معجزة قد يحاول أن يجترح المعجزة· أتى بأدمغة طازجة لتكون إلى جانبه· هو من ذلك الجزء من شبه الجزيرة الكورية الذي لم يصنع القنبلة الخشبية، ومن ثم القنبلة النووية· الجنوبيون أقل خشونة من أهل الشمال· صنعوا الثلاجات، وأجهزة التلفزيون، والسيارات، ولعب الأطفال· هل هي اللوثة اليابانية حقاً؟ من فضلكم لا تسألوا لماذا لم تصل العدوى إلى العالم العربي· نحن نصنع الأفكار، والأزمات، والعلاقات السيئة· ألم يقل ''محمد الماغوط'': ''··· ونختلف أحياناً حول لون الهواء''· نختلف فقط أم نمتشق سيوفنا· لاحظوا كم أن داحس والغبراء لا يزالان يركضان في جنباتنا·· مقدمة آرسطو قال ''بان كي ـ مون'' إن مهمته هي مهمتنا جميعاً· ''آرسطو'' يقول إنّ المقدمة منطقية جداً· النتيجة غير منطقية أبداً· حين يكتب ''كوفي أنان'' مذكرته (ومن أين يبدأ؟)، لا بد أن يقول إن العالم يزداد إصراراً على صناعة الأزمات· قد تكون هذه جدلية فلسفية قال بها ''هيغل''· لا بد من الأزمة لكي تتجلى العبقرية البشرية· الذي يحصل أن للأزمة هنا بُعداً واحداً: أن تتجلى الكارثة البشرية·· الأمين العام الجديد أمضى أشهراً، وهو يقرأ الملفات· لا تكفي القراءة على الورق· أمامه خارطة طريق تقوده إلى أصقاع الدنيا· تضحك ''لوكنار انشينه'' الفرنسية الساخرة: حتى طيور البطريق في القطب سوف تشكو إليه ما يفعله البشر بالثلوج·· لكن الصحيفة إياها تنصحه بأن ينظر إلى الأزمة التي داخل القصر الزجاجي· إنه يرث تلك الكرة الأرضية العجوز التي أنتجها مؤتمر يالطا· كل شيء تغيّر منذ ستة عقود· كيف يستطيع ذلك الكوري الشمالي، القابع في نيويورك، أن يقنع واشنطن بذلك؟ إنه آسيوي، مهذب، ويتقن لعبة الألغاز· لن يفعل ما فعله سلفه ويطرح مشروعاً ''فجاً'' لإصلاح الأمم المتحدة· قد يستخدم أسلوباً آخر أقل مباشرة· ثمّة مَنْ يسمع ومَنْ لا يسمع· إذاً، عليه أن يفقه هذه الحقيقة (الساطعة)· إنه هناك لإدارة الأزمات لا لحلّ الأزمات· الكبار والصغار، على السواء، يقتاتون من الأزمات· ماذا يفعل إذا أصبحت القرية الكونية قرية افلاطونية؟ الكبار اعتادوا أن يبقوا كباراً· الصغار اعتادوا أن يبقوا صغاراً· المعادلة واضحة· يفترض بـ''بان كي ـ مون''، بالملامح المخملية، أن يبقى هكذا· ربما اختير لذلك· القنبلة المخملية في مقابل القنبلة النووية· العالم يمشي وفق ميكانيكية معينة· يعرف الدبلوماسي الكوري ذلك، كل ما في الأمر أنه سيحاول الحدّ من الألوان الداكنة في هذه الغرنيكا البشرية· أورينت برس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©