الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البناء للمستقبل: الإمارات تقدم دروساً في ريادة التنافسية

البناء للمستقبل: الإمارات تقدم دروساً في ريادة التنافسية
29 سبتمبر 2015 09:20
تم الإعلان مؤخراً عن عقد شراكة استثمارية ضخمة بين دولة الإمارات والهند بحجم 75 مليار دولار أميركي، إن الاستثمار في البنية التحية هو أحد أهم محفزات تعزيز التنافسية العالمية في الاقتصادات الناشئة اليوم. وخلال سنوات القرن العشرين كانت مشاريع البنية التحتية بمثابة «الأشغال العامة» في البلدان الصناعية، أما اليوم فحتى الاقتصادات الأكثر تقدماً عالمياً باتت تجد مشاريع بنيتها التحتية من جسور، ومطارات، وخطوط السكك الحديدية في حاجة للصيانة، ولذلك فإن اقتصادات الدول التي تتميز بالتفكير المستقبلي والتحرك السريع عملت على توظيف انفاقها في تطوير البنية التحتية كوسيلة ارتقاء لمراتب أعلى في التقدم. ويمكن القول إن تقرير التنافسية العالمية لهذا العام أكد هذه النظرة، حيث يقوم التقرير الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي سنوياً بترتيب تصنيف اقتصادات الدول العالمية بناءً على مؤشرات محددة. وتمثلت إحدى أكبر القفزات الكبيرة التي شهدها التقرير هذا العام ضمن نطاق البنية التحتية، في التقدم المتميز لترتيب دولة الإمارات العربية المتحدة على المستوى العالمي وهي التي نجحت في القفز من المرتبة التاسعة عشرة، لتصل إلى المرتبة الرابعة عالمياً، ولتحجز لنفسها بفضل ما حققته من تقدم كبير مكانةً مرموقة بين قائمة الدول الأكثر تميزاً في العالم، الأمر الذي جعل الاستفادة من خبراتها مطلباً عالمياً، وأثبت أن تصدير التنافسية يعزز تميز مكانة الاقتصادات العالمية. وبالتماشي مع مشاريع البنية التحتية المتكاملة في الإمارات، فإن لدى الدولة كذلك مرتكزات قوة متصلة بالمحركات الأساسية لتنافسية الاقتصاد، حيث حلت مؤسساتها في المرتبة التاسعة وفقاً لنتائج المؤشر هذا العام، وحققت المرتبة السابعة في مؤشر السياسات المالية العامة، الأمر الذي جعلها بمثابة المنصة الفعالة لتمكين التنمية المستدامة في القرن الحادي والعشرين. ويمكن كذلك رؤية تميز الإمارات بشكل واضح عبر فاعلية حركة بضائعها التي تصنف في المرتبة الثالثة، والأيدي العاملة التي حلت في المرتبة الحادية عشرة، والأسواق المالية التي أتت في المرتبة العشرين، والتي تعكس جميعها مكانة اقتصاد الدولة. ولكن قد يتساءل البعض عن أهمية ذلك، وهنا نقول إن كافة هذه العوامل مجتمعة باتت ضرورية لمنح الإمارات القاعدة اللازمة لتعزيز تنافسيتها في العصر الرقمي الحالي، وتحقيق الريادة والتميز فيه. ومن دون توافر القواعد الأساسية للتنافسية وتحقيق فاعلية الأسواق، فلن تستطيع الاقتصادات تطوير نفسها والانتقال لتصبح مبنية على محركات الابتكار والإبداع، ليتم تعريفها بما تضمه من مصادر غنية من الأشخاص المبدعين بدلاً من المصادر الطبيعية أو الموقع الجغرافي. إن هذه العوامل المحفزة للتنافسية هي الأسس الرئيسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، حيث إن الموارد الطبيعية محدودة، وكذلك رؤوس الأموال المادية، أما رأس المال البشري فهو العامل الباقي. ومع التغير التكنولوجي، فالاقتصادات القادرة على ابتكار منتجات وخدمات متميزة جديدة، ستكون قادرة على تحقيق النجاح والرخاء والرفاهية لشعبها. ووفقاً لمنهجيتنا المتبعة، فإن دولة الإمارات تعد أحد ثلاثة اقتصادات في المنطقة نجحت في الوصول لهذه المرحلة من التطور، وها هي تجني ثمار تميزها كدولة قيادية عالمياً في مجالات الأبحاث والتطوير المتصلة بتقنيات الروبوتات، والذكاء الصناعي، ومفاهيم المدن الذكية، وتقنيات الفضاء، والصناعات المتقدمة. إن هذه العوامل تشكل التعريف الشامل لأكبر تحول اقتصادي في التاريخ، أو ما يمكن أن نطلق عليه الثورة الصناعية الرابعة، وهو التحول الذي سيعيد إعادة تشكيل عالمنا، وسيشكل أحد أهم محاور النقاش في أكبر قمة عالمية لتجمع الخبراء التي ستحتضنها الإمارات بعد شهر من الآن. ولذلك فإن الدول المبنية على الابتكار وتمكين المواهب ستتمكن من التمتع بالفوائد المحققة من هذا التحول الاقتصادي، وستنجح في تحقيق التنمية وتعزيز مكانتها كاقتصادات قيادية في المستقبل. ولكن يجب أن ندرك أن الواقع الاقتصادي لم يكن دوماً كذلك، ففي 2007 وعندما كانت الاقتصادات المتقدمة تعاني من الأزمة الاقتصادية، كشفت نتائج مؤشر التنافسية العالمية بأن دولة الإمارات حلت في تصنيف دول الوسط من حيث التنافسية، وهو ما وضعها في تصنيف مقبول ومريح، ولكنه لا يمثل الأفضل لدولة معروفة عالمياً بريادتها في الابتكار. وما حدث في الإمارات الآن يعد نموذجاً قريباً من أفضل الممارسات العالمية التي يمكن رؤيتها في أي مكان آخر، حيث عملت الحكومة عندما شهدت الدولة تباطؤ قطاعات رئيسية مثل التمويل وضعف الثقة في القطاع العقاري وغيره من الخدمات، على وضع وتنفيذ خطة وبرنامج استثماري طموح في البنى التحتية المادية وغير المادية، لتنجح في التوقيت المناسب في تحويل اقتصادها من اقتصاد قائم على النفط والغاز لاقتصاد قائم على الابتكار والمواهب. وكشفت نتائج البحث الأخير للمنتدى الاقتصادي العالمي حول التنافسية العالمية عن وجود رابط قوي بين الاقتصادات التنافسية وتلك التي أثبتت أنها قوية في وجه الأزمة الاقتصادية العالمية. ولذلك حلت اقتصادات دول مثل الإمارات، والولايات المتحدة الأميركية، وسويسرا ومجموعة أخرى من الاقتصادات المختارة على رأس قائمة التصنيف العالمي، وهي الدول التي نجحت في العودة للإنتاجية والنمو بشكل فعال مقارنة بنظرائها من الاقتصادات الأخرى. ولعل ما يجعل من دولة الإمارات تحديداً حالةً خاصة، هو قدرتها المثيرة للإعجاب في استمرارية تحقيق الإصلاح والتطوير، وهنا يجب أن يشكل الالتزام بتحقيق الإصلاح على المدى الطويل، نموذجاً يحتذى به للدول الأخرى، حيث إن العديد من الدول للأسف تسجل تراجعاً في تنافسية اقتصادها من خلال الفشل في سن الإصلاح الضروري، عندما يكون المناخ الاقتصادي السائد في صالحهم. وخلال زياراتي المتكررة لدولة الإمارات، تعودت على رؤية التغير المستمر من حولي، ليس فقط من حيث الأفق الاقتصادي للدولة ولكن كذلك من حيث روح الريادة، حيث إن حكومة الإمارات نجحت بتميز في تشييد المطارات، والطرق الممتازة، وتعزيز كفاءة الأسواق، والآن أصبحت الدروس الإماراتية في الريادة قادرة على الارتقاء لمراتب أعلى، مدعومة بانفتاح الدولة الذي جعلها ضمن الأفضل عالمياً من حيث استقطاب المواهب والحفاظ عليها. إن تميز وريادة دولة الإمارات ليس سراً خفياً على أحد، بل إن الدولة ومن منطلق مسؤوليتها ومواطنتها العالمية، عملت على تصدير وتشارك خبراتها ومعرفتها مع الاقتصادات العالمية الأخرى، ووضعت نفسها في مركز الاقتصاد العالمي اليوم، وها هي تواصل بتميز بناء المستقبل المشرق لكافة سكانها. *المؤسس والمدير التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©