الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البنوك المصرية تعتزم تخفيض الفائدة على الودائع

30 سبتمبر 2013 21:49
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - تعتزم البنوك المصرية خفض أسعار الفائدة على الودائع بمعدلات تتراوح بين 1 و2%، وفقاً للسيولة وسياسات التوظيف المطبقة في كل مصرف. ومن المنتظر إعلان البنوك تباعاً عن عمليات الخفض المرتقبة خلال أيام، عقب سلسلة من اجتماعات الإدارات المعنية داخل البنوك، حيث سيبادر البنك الأهلي المصري وبنك مصر - باعتبارهما اكبر بنكين في السوق - بالإعلان عن خفض الفائدة على أنواع الودائع كافة على أن تقتفي بقية البنوك العاملة في مصر خطوة البنكين الكبيرين بعد ذلك. ويعود قرار البنوك المصرية بخفض الفائدة إلى انكماش عمليات الاقتراض الحكومية عبر طرح اذون وسندات خزانة لتمويل عجز الموازنة، حيث كانت هذه العمليات تغذي ارتفاع أسعار الفائدة، ومن ثم تسبب انكماش وتراجع حجم هذه العمليات خلال الشهرين الأخيرين - بفعل المساندة المالية التي حصلت عليها الحكومة المصرية من ثلاث دول عربية هي الإمارات والسعودية والكويت - في انخفاض الطلب الحكومي على الاقتراض من البنوك، ما أدى إلى توافر سيولة كبيرة لدى هذه البنوك تبحث عن توظيف جيد يضمن سداد عائد مرتفع لأصحاب الودائع. وأدت عمليات انكماش الاقتراض الحكومي إلى تراجع العائد على اذون وسندات الخزانة خلال عمليات الطرح الأخيرة، حيث كشفت هذه العمليات عن أن عائد اذون الخزانة القصيرة الأجل بلغ 10?9% لأجل 90 يوماً ونحو 11?4% لأجل 275 يوماً بمعدل انخفاض 1و2%على التوالي فيما تراجع عائد السندات الحكومية بنسبة 1?5 و3%، مسجلاً 11?7% لسندات 5 سنوات و14?3% لسندات 10 سنوات. وترتب على ذلك التراجع اتساع الفجوة في عوائد توظيفات البنوك لفوائض السيولة لديها مما يؤثر مستقبلاً على معدلات الربحية بهذه البنوك، ومن ثم اتجهت إلى تبني سياسة جديدة بخفض أسعار العائد على أنواع الودائع كافة. وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد”، فإن شهادات الادخار المتوسطة والطويلة الأجل التي تتراوح مدتها بين 3و5 سنوات ستكون الأكثر تضرراً من هذا التوجه الجديد، حيث من المنتظر خفض الفائدة عليها بمعدل واحد بالمئة على الأقل لتدور حول 10?5% بدلاً من 11?5% حالياً. ولعبت أسعار الفائدة المرتفعة في البنوك خلال الفترة الأخيرة دوراً محورياً في تراكم سيولة ضخمة لدى الجهاز المصرفي المصري ليبلغ إجمالي حجم الإيداعات بالبنوك نحو 1?3 تريليون جنيه يمتلك القطاع العائلي نحو 45% منها فيما تمتلك الشركات -حكومية وخاصة نحو 25%- وترتب على هذا التراكم حرمان سوق الاستثمار من الحصول على القروض الكافية وارتفاع تكلفة التمويل بالنسبة للمشروعات الجديدة مما ساهم في تعزيز الركود والانكماش الاقتصادي. وساهمت هذه العوائد المرتفعة في الحد من عمليات «الدولرة» وتحويل مدخرات المواطنين من العملة المحلية إلى الدولار؛ بهدف الاستفادة من هذا العائد المرتفع لا سيما بعدما فقدت عمليات المضاربة واكتناز الدولار جاذبيتها بالنسبة للكثيرين، ومن ثم حاولت البنوك الحفاظ على هذه العوائد المرتفعة طيلة فترة اضطراب سوق الصرف للنقد الأجنبي مما خفف نسبيـاً من حدة الأزمة. ويرى خبراء مصرفيون أن إقدام البنوك على خفض أسعار العائد على مختلف الودائع خطوة ضرورية تسهم بطريقة غير مباشرة في مساندة خطة الحكومة لتحفيز الاقتصاد والرامية لضخ 22 مليار جنيه في مشروعات عامة، وبالتالي فإن خفض الفائدة سوف يدفع الكثير من أصحاب المدخرات إلى سحب ودائعهم وتوجيهها إلى تنفيذ مشروعات أو ضخها في استثمارات جديدة بدلاً من الاحتفاظ بها داخل البنوك. وقال الخبراء، إن خفض الفائدة في البنوك سوف يؤدي إلى إعادة ترتيب أولويات الاستثمار لدى أصحاب المدخرات، حيث سيذهب جزء من السيولة المتاحة إلى القطاع العقاري كبديل استثماري آمن وأكثر جاذبية لدى قطاعات واسعة من المصريين، وكذلك سوف يذهب جزء من فائض السيولة إلى الاستثمار في البورصة المصرية لاسيما مع استمرار صعود مؤشرات السوق وبالتالي سوف تحدث موجة انتعاش جديدة في سوق المال تعزز من حالة التفاؤل السائدة في الوقت الراهن بين دوائر الأعمال بمختلف تخصصاتها. وأكد المصرفيون أن ثمة نتائج إيجابية سوف تظهر في الفترة المقبلة نتيجة هذا التوجه وتتمثل في خفض تكلفة التمويل، وسوف تتدفق سيولة كبيرة على السوق وعلى الاستثمار في المشروعات الجديدة مما يخلق الانتعاش الذي سوف تتبدى ملامحه خلال الربع الأخير من العام الجاري خاصة مع إسراع الحكومة بضخ سيولة كبيرة في مشروعات عاجلة للبنية الأساسية، حيث شهدت الأيام الماضية طرح العديد من المناقصات الخاصة بتنفيذ هذه المشروعات. ويؤكد محمود عبداللطيف رئيس مجموعة “بلانت” الاستثمارية، أن خفض أسعار الفائدة على الودائع في البنوك في المرحلة القادمة طبيعي في ظل احتياج الاقتصاد الكلي إلى سياسات تحفيزية لكسر حالة الركود وانخفاض النمو ومن الطبيعي أن تلعب البنوك دورا في هذا التوجه عبر توفير السيولة اللازمة لتمويل المشروعات الجديدة وبتكلفة منخفضة. وقال إن هذه الخطوة ضرورية لتفادي تعرض البنوك للخسائر إذا استمرت في دفع عوائد مرتفعة على ودائع المواطنين في الوقت الذي تتراجع فيه أسعار العائد التي تدفعها الحكومة لسندات وأذون الخزانة خاصة أن الحكومة تمثل أكبر مقترض من البنوك تاريخياً. وأوضح أن خفض الفائدة في القطاع المصرفي يصب في صالح سوق الاستثمار بصفة عامة؛ لأن فوائض السيولة سوف تذهب تلقائيا إلى مسارات استثمارية متنوعة ما بين العقارات وسوق الأسهم أو تمويل مشروعات عائلية مباشرة في مجالات استصلاح الأراضي أو بناء مصانع صغيرة ومتوسطة الحجم، وبالتالي سوف تنشط سوق الاستثمار مما يترتب عليه إنتاج كميات أكبر من السلع والخدمات وبالتالي انخفاض الأسعار مما يخدم قضية العدالة الاجتماعية ويسهم في تحسن الأوضاع المعيشية. ويؤكد محمد بركات، رئيس بنك مصر، أن النتائج الأولية المباشرة لخفض الفائدة على الودائع تتمثل في مساندة قضية التشغيل، حيث لا يمكن توليد فرص عمل جديدة من دون مشروعات جديدة أو ضخ استثمارات لتوسعات المشروعات القائمة وإذا كان مؤشر البطالة قد سجل ارتفاعاً كبيراً على مدار العامين الماضيين بما يترتب على ذلك من آثار اجتماعية سلبية، فقد حان الوقت لاتخاذ تدابير مناسبة لمعالجة هذه المشكلة ومحاولة خفض مؤشراتها الأمر الذي يضع على كاهل البنوك مسؤولية مساندة هذا التوجه الذي يخدم الاقتصاد الكلي على المدى البعيد لأن التشغيل يعني حصول مواطنين جدد على دخول حقيقية سوف تذهب بطبيعة الحال إلى سوق الاستهلاك، الأمر الذي يدعم النمو الاقتصادي على المدى البعيد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©