الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سانجين»... بؤرة أفيون وقاعدة لـ «طالبان»

25 يناير 2011 20:42
الجنود البريطانيون الذين خدموا بهذا المكان، والذين ينضوون ضمن قوات التحالف التي تسعى إلى محاربة "طالبان" وإحلال الاستقرار في أفغانستان، يميلون إلى التخلي عن استخدام المصطلحات العسكرية عندما يصفون هذه المنطقة، ويستخدمون بدلًا من ذلك ألفاظاً مثل "موحش" أو"مقبض" أو "مسكون"، أو قد يتفوهون بلفظة من ألفاظ السباب، أوحتى التجديف. والمنطقة التي تُطلق عليها كل هذه الصفات يطلق عليها "سانجين"، وهي عبارة عن جيب داخل إقليم "هلمند"، الذي يعتبر من أخطر الأقاليم في أفغانستان على الإطلاق. كقاعدة عامة في الحرب، فإن الأماكن شديدة الخطورة، غالباً ما تكون في الوقت نفسه ذات أهمية استراتيجية، ومنطقة "سانجين" ليست استثناء من ذلك. فالإقليم الذي تنتمي إليه المنطقة معروف بأنه المكان الذي يورِّد الجزء الأكبر من الأفيون لأسواق العالم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه المنطقة تحديداً "سانجين" تعد مركزاً رئيسياً لتصنيع أنواع المخدرات المختلفة وتصديرها، وهي أنشطة تضفي المزيد من التشويش على الخط المشوش أصلاً، والذي يفصل بين التمرد وبين ممارسة الأنشطة الإجرامية. وبالنسبة لـ"طالبان" تعتبر منطقة "سانجين" قاعدة ذات موقع ملائم للغاية ينطلقون منها لشن الهجمات ليس عبر إقليم هلمند فحسب، وإنما في إقليم"قندهار" المجاور والذي يعتبر أيضاً من ضمن الأقاليم شديدة الخطورة في أفغانستان. ومنطقة"سانجين" تقع جنوب سد "كاجاكي" الكهرومائي (الذي يستخدم لتوليد الطاقة الكهربائية)، وهو السد الذي ارتبط لسنوات طويلة بطموحات الغرب في تحقيق الاستقرار، وفاعلية الحكم في هذا الجزء من أفغانستان. والمتمردون يعرفون هذا الأمر جيداً، لذلك يقومون بقطع التيار الكهربائي كلما رأوا ذلك، وهو ما يفعلونه غالباً عن طريق تعطيل خطوط الطاقة التي تمر عبر "سانجين"وعلى وجه التحديد الخط المعروف بـ"خط 611"، وهو عبارة عن ممر تجاري رئيسي يمر عبر المنطقة، ويتعرض لهجمات مستمرة من قبل متمردي حركة "طالبان"، تجعله غير آمن وغير صالح للمرور في أوقات كثيرة. والمناورات السياسية التي تتفاعل في منطقة "سانجين" هي الأكثر تعقيداً على الإطلاق في جنوب أفغانستان، كما أنها تكشف الكثير من الحقائق عن الأوضاع هناك. فالولاءات المتبدِّلة، والمنافسات المحتدمة بين قبائل منطقة سانجين، تعكس في غالبية الأحيان ما يحدث داخل "طالبان"، التي تمثل مزيجاً متغيراً على الدوام من رجال القبائل المحليين والمقاتلين الأجانب. وهذه الأوضاع تجعل من الصعوبة بمكان على القوات البريطانية العاملة في هذه المنطقة إجراء أي اتفاقيات يمكن الاعتماد عليها مع المتمردين، لأن عقد اتفاقية مع فصيل معين من فصائل المتمردين قد لا يعني شيئاً للفصائل الأخرى. مع ذلك فإن القادة الغربيين يعقدون آمالاً كبيرة على الاتفاقية التي تم التوصل إليها في بداية هذا العام مع شيوخ قبيلة"الوكوزاي" وكذلك مع أحد الفصائل المحلية لحركة "طالبان" في منطقة من المناطق التابعة لسانجين تعرف باسم"ساروان كالا" وتضم 30 قرية. وقد أشاد الجنرال"ديفيد بترايوس" القائد العام للقوات الغربية في أفغانستان، بتلك الاتفاقية هذا الشهر، وذلك أثناء اللقاء الذي جمعه مع جو بايدن نائب الرئيس الأميركي أثناء الزيارة التي قام بها الأخير لأفغانستان. واعتبر بترايوس أن تلك الاتفاقية تبشر بتحقيق مكاسب محتملة في الجنوب. ولكن السكان المحليين يقولون إن تلك الاتفاقية - التي كانوا يرون من البداية أنها ليست بتلك الاتفاقية المتماسكة التي يمكن الركون إليها - قد بدأت في التفكك بالفعل. وكانت وجهة نظر هؤلاء السكان سليمة، إذ لم تمض سوى أيام على توقيعها إلا وقام المتمردون بقتل واحد من كبار الشيوخ المحليين المشاركين في الاتفاقية وهو رجل يدعى "الحاج بدر أغا "عندما كان متوجهاً من منزله إلى المسجد المجاور لأداء صلاة الفجر. وبعد ذلك الحادث بيومين، جرى اختطاف اثنين من أعضاء "طالبان" الذين وافقوا على التعاون مع القوات الغربية والأفغانية، ويعتقد السكان أنهم قد قتلوا بالفعل بـ"أيدي خارجة"، وهو مصطلح يستخدمه السكان هنا، ويقصدون به الإشارة لمقاتلي "طالبان" الذين يتخذون من باكستان قاعدة لهم. يقول الحاج "اختر محمد" وهو أحد شيوخ قبيلة"الوكوزاي": " لا أحد يعرف ما الذي سيحدث على وجه التحديد... فرجال حركة طالبان يأتون ليلاً ويقتلون كل من ينضم للحكومة، والحكومة غير قادرة على فرض السيطرة على مكاتبها ومقارها حتى في منطقة واحدة... فكيف تستطيع أن تعتني بالناس أو تحميهم؟". وفي الواقع إن مقاتلي حركة "طالبان" مرتبطون ارتباطاً وثيقاً بالحياة في هذه المنطقة، التي كانت واحدة من أوائل المناطق التي تمكن المتمردون فيها من إعادة تجميع صفوفهم، بعد أن تبعثرت تلك الصفوف بفعل الضربات القوية التي تعرضت لها على أيدي القوات الأميركية الغازية منذ عقد من الزمان. ويقول "محمد" وهو أحد وجهاء تلك القبيلة: "إن الأوضاع لم تتحسن منذ أن وصل المارينز إلى هذه المنطقة... ويرجع السبب في ذلك إلى استمرار القتال وتفاقمه، وهو ما يؤدي بالتالي إلى استمرار معاناة المواطنين العاديين جراء ذلك كله..." لورا كنج - كابول ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي.تي إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©