الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعاون الفضائي الأميركي- الصيني... أزمة ثقة

التعاون الفضائي الأميركي- الصيني... أزمة ثقة
25 يناير 2011 20:41
يصل سقف الطموحات الصينية حرفياً إلى كوكب المريخ، فها هي الصين تركز جهودها على تطوير برنامج ثلاثي الأبعاد، يهدف إلى إنشاء نظام خاص بها للملاحة الفضائية، وإطلاق معمل فضائي صيني، فضلاً عن تخطيطها لإرسال أول رواد فضائيين صينيين إلى القمر خلال العقد القادم. ومن جانبها تنظر إدارة أوباما -التي شهدت انخفاضاً هائلاً في الميزانيات المخصصة للبرنامج الفضائي الأميركي- إلى الفضاء باعتباره منطقة ملائمة لتعزيز التعاون الأميركي الصيني. كما وصف روبرت جيتس وزير الدفاع الفضاء بأنه يمثل إحدى المناطق المحتملة للحوار الاستراتيجي بيننا والصين، إلى جانب إمكانية حوار مشابه في مجالات الأمن الإلكتروني ونظم الدفاع الصاروخية والأسلحة النووية. والمعلوم أن قمة أوباما-هوجنتاو التي عقدت خلال الأسبوع الماضي بواشنطن، قد اختتمت بتعهد مشترك من كلا الرئيسين بتعزيز الحوار وعلاقات التبادل بين الدولتين. غير أنه لا يلاحظ أن التعاون الدبلوماسي بين واشنطن وبكين، ينمو بذات السرعة والإيقاع اللذين تتصاعد بهما المبادرات الفضائية الصينية. كما أن القيادة الصينية لم تبد حماساً أو رغبة في الكشف عن التفاصيل الأكثر حساسية لبرامجها الفضائية هذه، علماً بأن جيش التحرير الشعبي يسيطر على معظم هذه البرامج. وفي الوقت نفسه يعتقد علماء ومسؤولو فضاء صينيون أن قلق واشنطن من نوايا الصين السرية، وكذلك الحظر الذي تفرضه واشنطن على تصدير بعض عناصر التكنولوجيا المتقدمة، جميعها عوامل تجعل التعاون الثنائي بين البلدين في المجال الفضائي أمراً صعباً. وفي الوقت الراهن يبدو أن العلاقات الأميركية-الصينية في المجال الفضائي، تعكس طبيعة العلاقات القائمة بينهما على الأرض. وهي علاقة لا تزال تمثل فيها أميركا دولة عظمى وحيدة، بيد أنها تخشى صعود دولة جديدة منافسة لها، ذات طموحات ونوايا لم يكشف عنها بعد. وعليه من المفهوم أن يسود الشك والوساوس المتبادلة بين كليهما. وعلى حد قول "دين شنج" الباحث لدى Heritage Foundation الأميركية بواشنطن، والخبير بالبرنامج الفضائي العسكري- الصيني، "فإننا أمام دولتين عظميين تستخدم كلتاهما الفضاء الخارجي لأغراض مدنية وعسكرية وتجارية في وقت واحد، وتراقب كل واحدة منهما الأخرى بكثير من القلق والحذر والترقب". كما أكد "سونج خياوجن" -الخبير العسكري والمعلق على البرنامج الصيني الفضائي العسكري- استحالة حدوث أي تعاون جدي يذكر بين الصين والولايات المتحدة في ظل فجوة الثقة القائمة بينهما. ولا سبيل لتجسير هذه الفجوة -على حد قوله- إلا باستعداد أميركا للتنازل عن كبريائها الزائد والتعامل مع الصين باعتبارها شريكاً مكافئاً لها، حتى يمكن التعاون بينهما دون تمييز لطرف على الطرف الآخر من الشراكة. واستطرد "خياوجن" قائلاً: "ولكني لا أتوقع أن أرى تحولاً كهذا في العلاقات بين الدولتين في المستقبل القريب المنظور، خاصة وأن أميركا قد بلغت سن شيخوختها، بينما تنتفض الصين شباباً وعنفواناً". صحيح أن الصين لا تزال دولة صبية يافعة في مجال البرامج الفضائية. غير أنها تمكنت من إحراز تقدم كبير في الاكتشافات الفضائية بإرسالها رواد فضاء في أولى بعثاتها الفضائية في عام 2003، إضافة إلى القفزات الكبيرة التي حققتها في المجال نفسه خلال الشهور والسنوات القليلة الماضية. ثم إنها تواصل التخطيط لإحداث قفزات كبيرة في نطاق الاكتشافات العلمية الفضائية في المستقبل القريب. ففي اليوم الذي بدأ فيه "هوجنتاو" زيارته الأخيرة إلى واشنطن، بهدف عقد القمة الثنائية المشتركة مع أوباما، نشرت التقارير الصحفية الصينية أنباءً تفيد بإطلاق الصين برنامجاً جديداً يهدف إلى تدريب رواد الفضاء، كي يحقق هدفه النهائي المتمثل في نشر أول محطة فضاء صينية بحلول عام 2015. كما شملت مراحل تطبيق هذا البرنامج، إطلاق برنامجين مساعدين له خلال العام الحالي، أولهما برنامج تدريبي على المكوك الفضائي غير المأهول، أطلق عليه برنامج تيانجونج-1 -وهي تسمية تعني "القصر السماوي" ومقرر له أن يبدأ في موسم صيف العام الحالي. أما البرنامج الثاني الذي يتوقع له أن يطلق بنهاية العام، فيسمى "شينزو" وهو عبارة عن مكوك فضائي غير مأهول، ومن المخطط له أن يرسو إلى جانب مكوك تيانجونج-1. وعلى صعيد منفصل، تعمل الصين على برنامج آخر يتألف من ثلاث مراحل، يهدف إلى هبوط أول مكوك فضائي مأهول على سطح القمر. وقد اكتملت المرحلة الأولى من البرنامج في أكتوبر من العام الماضي بإطلاق ناجح لمكوك Change-2 حول مدار القمر. وبين عامي 2012-2013 تخطط الصين لأن يحمل مكوك غير مأهول مسباراً إلى القمر بهدف جمع عينات من صخور وتربة القمر. والمقرر أن تكتمل المرحلة الثالثة والأخيرة من البرنامج، بهبوط أول مكوك فضائي صيني مأهول على سطح القمر في عام 2020. وحرصاً منها على حفز الوعي الشعبي العام وإلهاب حماس المواطنين لبرامجها الفضائية، حققت الحكومة الصينية قفزة كبيرة في شهر ديسمبر المنصرم، بافتتاحها مركزاً للأبحاث الفضائية بجزيرة "هانيان" الجنوبية في مساحة تبلغ 3 آلاف فدان، علماً بأن المركز قد شيد على طراز "مركز كنيدي الفضائي" بولاية فلوريدا الأميركية. غير أن هذا الطموح الفضائي الصيني المتصاعد، يزيد من حدة التنافس وفجوة الثقة بين واشنطن وبكين. وعلى الرغم من أن للبرنامج الفضائي الصيني شقاً مدنياً، فإن ذلك لا ينفي حقيقة سيطرة الجيش على الجزء الأعظم منه. وهنا تكمن أزمة الثقة الفضائية بين الدولتين العظميين المتنافستين كما يقول المحللون والمراقبون للتنافس الفضائي بين أميركا والصين. كيث بي. ريتشبرج محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس "
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©