الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«الاتحاد» تستطلع آراء الباحثين حول خطر التنظيمات المتطرفة

«الاتحاد» تستطلع آراء الباحثين حول خطر التنظيمات المتطرفة
20 أكتوبر 2014 11:50
تنطلق يوم غد الثلاثاء فعاليات منتدى الاتحاد السنوي التاسع، والذي يأتي هذه المرة تحت عنوان «الإرهاب من جديد» ويطرح خلاله المشاركون قرابة 20 ورقة عمل لتوصيف ظاهرة الارهاب وآليات مواجهتها. الاتحاد، طرحت قبيل بداية هذا السجال بعض التساؤلات على ضيوف منتداها، من أجل إلقاء مزيد من الضوء حول ظاهرة الإرهاب وانعكاساتها على مجتمعاتنا. وعند سؤاله عن أهمية تخصيص النسخة التاسعة من المنتدى لتحليل ظاهرة الإرهاب، أجاب د. رضوان السيد أستاذ الدراسات الإسلامية بالجامعة اللبنانية بأنه منذ قرابة العقد ونصف العقد، يهدد الإرهاب الاستقرار ووحدة الدول في عدة بلدان عربية، بيد أن هذا التهديد يبلغ الذروة الآن ولعدة أسباب؛ أولها استناده لرؤى دينية هي بمثابة انشقاقات في الدين، وتشرذم المجتمعات. وثانياً: أنه بات يهدد وحدة الدول باختراق الحدود، والطموح إلى إنشاء أنظمة بديلة، وثالثها تهديد أمن الإقليم والعالم من خلال إثارة المزيد من القلاقل الطائفية والمذهبية، وتأجيج الصراع على مستوى العالم. ولذا فالذي أراه أن التشاور في شأن هذه الظاهرة ضروري، وهذا الأمر جزء من الأهمية التي أعلقها على المنتدى في موضوع الإرهاب، والجزء الآخر من الأهمية والأولوية يتمثل في تشكيل حلقات بحثية واستطلاعية لظواهر الانفجار الديني وظواهر استخدام العنف باسم الدين، وكيف يمكن الخروج من هذه الظاهرة. إن هذين الأمرين يجعلان المؤتمر واضح الأهمية، وتشكل المجموعة البحثية من كُتّاب «وجهات نظر» بصحيفة الاتحاد، نموذجاً لورش العمل التي ينبغي أن تتكون وتنطلق، فهؤلاء المثقفون والكتّاب لديهم جميعاً تجاربهم واهتماماتهم التي تسهم في فهم هذه الظاهرة، فهم أجروا سجالاً ثرياً في العام الماضي خلال النسخة الثامنة من المنتدى التي كان عنوانها «مستقبل الدولة الوطنية في العالم العربي». مصير «داعش» لكن هل يمكن أن تسفر جهود التحالف الدولي الراهن عن هزيمة داعش؟ يجيب د. رضوان: نعم، وخلال ستة أشهر إلى عام، سيتضاءل تنظيم «داعش» ويتشرذم ويفقد سيطرته على المناطق التي أخذها في سوريا والعراق، لكن تبقى الأخطار ذاتها التي بقيت بعد ضرب «القاعدة» في أفغانستان (2001 - 2002)، أو الأنبار (2006 - 2008)، فمن الذي حلَّ أو يحلُّ محل داعش؟ ثم كيف يعاد تشكيل الحكومات والجيوش في سوريا والعراق؟ وأخيراً ماذا نفعل نحن العرب لإعادة بناء الدول، واستيعاب المجتمعات؟ وهذه جميعاً مهمات جليلة لا تقلُّ أهمية عن ضرب «داعش» عسكرياً، فبالنسبة لبدائل «داعش» على الأرض، نحن نعلم أنه عندما أضعف التنظيم (2006 - 2008)، حلّ نظام المالكي محله، وعاد الأمر إلى ما كان عليه من خذلان وثوران ما لبث أن انفجر من جديد في يونيو 2014، كما نعلم البديل عن «داعش» هذه المرة ينبغي أن تكون الحكومات المدنية المتوازنة في سوريا والعراق، وفك الارتهان عن لبنان. وهذا صعب وسط سواد الطائفيات والمذهبيات والفساد، لكن ينبغي أن نحاول أياً تكن الاعتبارات، لأن في ذلك صوناً لدولنا ومجتمعاتنا وديننا. ويقول د. رضوان: نحن واقعون بين الانفجار (الديني) والتفكك (الدولي). وهذان مرضان قاتلان إن لم يجر التدارك والاستيعاب، وإن لم تستغل همة وإرادة البناء، كل الضغوط على الدين والمؤسسة الدينية لا تبرر الانفجار الديني الذي حصل، ثم إنه لا شيء يعلل هذه الهشاشة والتفكك في بنى الدول والمجتمعات. هناك مجموعات ميليشياوية صغيرة هي وحدها المصممة والتي تملك الحيوية، دونما وضوح في الهدف والوسائل إليه. أما بقية النخب السياسية والدينية والاجتماعية فإنها لا تملك الهمة لأي شيء، وهي مصرة على الشكوى والتذمر أو تمضي باتجاه الهجرة، بينما تتقلب العامة بين هذا القطب وذاك بحسب المصالح الآنية والحاجات المتفاقمة! ولكن هل المنطقة مقبلة على «استقطاب» جديد عنوانه «داعش»؟ يرى د. رضوان أن هذا الاستقطاب هو الذي تسعى إليه روسيا والصين وإيران ونظام الأسد ونظام المالكي، وهذا استقطاب تحاول الجهات الأخرى مثل الولايات المتحدة والأوروبيين والعرب والأتراك، تجنبه فبعد هجوم «القاعدة» على الولايات المتحدة عام 2001 سادت أيديولوجيا الحرب على الإرهاب، فغزت أميركا البلدان وسلمتها لإيران وتحركت إسرائيل في المنطقة دون رادع. واعتبرت روسيا أن هذه هي الفرصة للانتقام من هزيمة الحرب الباردة، واعتقد النظامان السوري والعراقي أن النجاة حالفتهما إذ ليس للأميركيين هدف غير مكافحة الإرهاب! ولذلك راحوا يشجعون «الإرهاب» ليصبح الهدف الأوضح؛ في الوقت الذي انصرفوا فيه هم لشرذمة المجتمعات، وإبادة الناس بدواعي المقاومة أو التكفير أو حتى حماية مراقد آل البيت! لذلك يحاول العرب المشاركون في الحملة على «داعش»، ألا يذهبوا مرة أخرى ضحية الاستقطاب، ولست أدري هل ينجحون في ذلك أولا، لأن الأوروبيين ليست لديهم الهمة لمواجهة المشكلات المعقدة، ولأن الإدارة الأميركية ما تزال انكفائية ولا تريد مواجهة المشكلات بعناوينها الحقيقية. نتيجة وليس سبباً إن التحديات التي تواجهها المنطقة، حسب د. رضوان، تحتاج إلى مقاربة متعددة الأوجه، فالإرهاب نتيجة وليس سبباً لكي يكون الاستقطاب من حوله مقدمة لحل المشكلات. يرى د. رضوان السيد أننا نحن العرب الذين نقاتل اليوم مع الولايات المتحدة ضد «داعش»، علينا أن نهتم بتغيير المشهد الراهن في العراق وسوريا، حتى لا يعاد إنتاج داعشيات أخرى. القضاء على «داعش» ضروري لكن المشكلات لا تنتهي بمقاتلته؛ بل ينبغي أن يقترن الجهد بجهود باتجاهات أخرى، إبقاء على الدولة وإنقاذاً للدين. المواجهة بفكر جديد وعن التوصيف الصحيح للظاهرة وكيفية مواجهتها، يرى الدكتور وحيد عبدالمجيد رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية أن الأمر يتطلب فكراً جديداً في مواجهة جيل جديد من الإرهاب، فنحن أمام جيل جديد من الإرهاب تتطلب مواجهته فكراً جديداً يناسب ما يحمله هذا الجيل من متغيرات. ففي عصر يتسارع إيقاعه يوماً بعد يوم، حدث تغير كبير في الجيل الثالث للإرهاب مقارنة بسابقه، ولذلك تبدو المسافة واسعة بين تنظيمي «القاعدة» في ذروة قوته نهاية القرن الماضي، و«داعش» الآن رغم المشتركات بينهما. استغلال الطفرة وحسب د. عبدالمجيد، كان جيل «القاعدة» امتداداً لأصول الإرهاب الأولى التي تعود إرهاصاتها إلى منتصف القرن الماضي، أي قبل النقلة النوعية الكبرى في تاريخ التطور التكنولوجي في العالم، ولذلك لم تتأثر «القاعدة» بهذه النقلة بمقدار ما استثمرها «داعش» على مختلف المستويات، وليس فقط على صعيد الإعلام الذي يظهر للعيان أكثر من غيره، فقد أصبح التنظيم الأشد خطراً هو الأكثر جاذبية لشباب من أصول محض غربية، وليس فقط لبعض شباب بلاد المنطقة وأبناء مهاجرين مسلمين إلى الغرب. فهو يبدو فتياً مقارنة بشيخوخة «القاعدة» وكهولها المختبئين في كهوف بين باكستان وأفغانستان. ما استجد من مسارات الإرهاب، يتطلب تجديداً في مواجهته، وتجاوزاً للأساليب التقليدية التي لا تعرف أميركا والدول الغربية غيرها في حروبها كافة، ولذلك يقول عبدالمجيد: هذا وقت للعرب ليقوموا بدور ينتظرهم في تطوير أساليب جديدة لمواجهة هذا الجيل من الإرهاب. ويتحمل الفكر العربي مسؤولية كبرى في هذا المجال، انطلاقا من خبرة أكاديميين ودبلوماسيين وإعلاميين درسوا وتابعوا تطور الإرهاب في أجياله المتوالية. ولما كانت صحيفة الاتحاد قد احتضنت نخبة من أبرز هؤلاء، في إطار صفحات «وجهات نظر»، وبعد أن أصبح منتداها السنوي تقليداً علمياً وليس فقط إعلامياً مميزاً، فهي تستطيع أداء دور متقدم في تطوير الأساليب الجديدة اللازمة لدعم الجهود المبذولة لمواجهة هذا الجيل من الإرهاب، خاصة في مرحلة اضطراب إقليمي واسع، وهذا هو المنتظر من منتداها السنوي التاسع وما سيشهده من حوارات غداً وبعد غد. عقبات تعوق المواجهة ووجهت الاتحاد سؤالاً للدكتور السيد ولد أباه مؤداه: هل تتطلب مكافحة الإرهاب استراتيجية شاملة تعليمية وإعلامية وثقافية؟ وهل أدركت الدول العربية حجم هذا الخطر؟ د. ولد أباه، الباحث والأكاديمي الموريتاني، يرى أن الدول العربية لم تعِ مبكراً مخاطر الإرهاب، بل إن العديد منها اعتقد أنه غير معني بمواجهة هذا التحدي الخطير عندما اكتوت به بعض البلدان العربية في تسعينيات القرن الماضي. ويشير ولد أباه إلى أن استراتيجية مواجهة الإرهاب اصطدمت بعقبتين رئيسيتين، أولاهما تعريف الإرهاب خوفاً من الاتجاه إلى ربطه بخلفيات دينية وحضارية، وثانيتهما: الاختلاف والتباين في تدبير الحقل الديني وضبط علاقة الدولة بمكوناته. ولدى ولد أباه قناعة بأن أحداثاً ثلاثة فرضت الوعي المشترك بخطر الإرهاب هي: تمدد موجة الإرهاب مشرقاً ومغرباً وأحداث 11 سبتمبر 2001، والفتنة الطائفية التي مزقت العديد من البلدان العربية الرئيسية. ومع أن الدول العربية غدت واعية بمخاطر التطرف الديني المسلح، إلا أنها لم تتفق بعد على استراتيجية متكاملة واسعة لمحاربته، مع العلم أن المحور الأمني، وإنْ كان في مقدمة متطلبات هذه المواجهة، إلا أنه ليس كافياً نتيجة لتعدد أسباب وخلفيات الإرهاب وتباين وسائله وآليات اشتغاله. في هذا الحيز يجدر التنبيه بعنصرين أساسيين هما: الخلفيات الاجتماعية التي ترتبط بتردي الأوضاع المعيشية والأزمات الاقتصادية الخانقة وبطالة الشباب التي تجد متنفساً في اقتصاد الجريمة، والخلفيات الثقافية التربوية المرتبطة بطبيعة المنتج الديني من حيث آليات الإنتاج ووسائل التعبئة والمضمون النظري والمادة العلمية. ومن هنا نستنتج أن أي محاربة فعالة للإرهاب تتطلب العمل على كل هذه المستويات، وفي كل هذه الدوائر وبطريقة التنسيق المشترك الفعال. أولوية كبرى وحول ما إذا كانت الحرب على «داعش» تشتت انتباه المنطقة عن بؤر توتر أخرى في المنطقة؟ يرى ولد أباه أن التصدي لـ«داعش» أولوية كبرى بالنظر لحجم الخطر، وأيضا لارتباطه بالملفين العراقي والسوري، بيد أن مواجهة هذا الخطر يجب ألا تصرف النظر عن الأزمات الإقليمية الأخرى التي يشكل فيها الإرهاب محدداً أساسياً. ثلاث بؤر خطيرة في هذا الخصوص، يمكن أن نكشف ثلاث بؤر خطيرة يؤدي فيها التطرف الديني المسلح دوراً أساسياً في تأزيم الوضع وتكريس حالة الفتنة والاحتقان: الساحة اليمنية حيث الحركة «الحوثية» المتطرفة والمسلحة التي استولت على الإقليم الشمالي وتتمدد جنوباً، وتواجه الأصولية السُنية المتطرفة المتمثلة في (تنظيم القاعدة) في حين تقف القوى السياسية عاجزة عن انتشال البلاد من الفوضى والتفكك، والساحة الليبية حيث يتولد حضور المليشيات المتطرفة، ويأخذ الإسلام السياسي طابعاً مسلحاً، ويشتد الصراع بين بقايا الجيش الوطني والمجموعات الإرهابية، والساحة الصومالية حيث قامت دولة «طالبانية» متجذرة على أنقاض الكيان المفكك، وأصبحت تشكل قاعدة لشبكات القرصنة والإرهاب الممتدة من باب المندب، والقرن الأفريقي إلى منطقة الساحل الأفريقي والمغرب العربي. موجات إرهابية متتالية وعن توصيف الإرهاب وخطورته على الأمة العربية، يرى الأكاديمي المغربي، د. عبدالحق عزوزي أن الإرهاب في وطننا العربي عبارة عن موجات لا تنتهي ودائما ما تظهر على شكل فقاقيع باسم الدين تأخذ أسماء مختلفة: «القاعدة»، «داعش» «جبهة النصرة» «أحرار الشام» و«أنصار الشريعة»، وهي كلها خوارج أصحابها يخرجون على روح الإسلام، يتلاعبون بالألفاظ ويتماحكون بالعبارات ويستغلون الدين في تحقيق أطماع سياسية ويستعملون الشريعة السمحة للوصول إلى أهداف لا معقولة. الغلو مكمن الخطر ويرى د. عزوزي أن تاريخ الحرب الدولية على الإرهاب بدأ مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، ثم اهتز العالم بخبر ذبح «داعش»؛ للصحفي الأميركي جيمس فولي في أغسطس 2014 وغيره، وبين المدتين شهدنا فصولا من الحرب والفر والكر ضد جماعات متفردة لا وطن لها ولا ملة، واستُخدمت خلالها كل أنواع العتاد العسكري، والحجوزات على الحسابات البنكية والملاحقات البوليسية الدولية والتحفيزات المالية. والعديد من أعضاء «طالبان» وتنظيم «القاعدة» حبسوا أو قتلوا أو أصبحوا معوقين. ولكن فكرة «القاعدة» لم تمت وظلت فكرة الغلو والتطرف الديني المغناطيس الذي يجذب ويلهم أبناء العرب والمسلمين، وهي التي ولدت أبا بكر البغدادي زعيما لـ«داعش» كما كان في وقته بن لادن زعيماً لـ«القاعدة». الحرب ضد الإرهاب هي حرب غير كلاسيكية، لأنك لا تحارب بلدانا أو بلدا معينا أو فئات في منطقة محددة محكومة بالجغرافيا البرية والجوية والبحرية، وإنما هي حرب ضد أفكار خطيرة تضع للانتهازية عنوانا من الدين، وتقدم للذبح وهتك الأنفاس والأموال تبريرات من الآيات وتعطي للجشع أسماء من الشريعة، وتجعل سفك الدماء عملا من أعمال الجهاد المقدس. مسؤولية المثقفين وحسب د. عبدالحق عزوزي، فإن هذا التطرف المولد للإرهاب بكل أشكاله هو فيروس خطير يفتك بالأمة العربية والكثير من الدول؛ ولا يكفي إزالة أجنحة الفيروس، بل يجب القضاء عليه من جذوره. ولدى العزوزي قناعة بأن «القاعدة» و«داعش» ليسا خطراً على أميركا والغرب فحسب، وإنما أولاً وثانياً هما خطر علينا نحن، ومعظم ضحاياهما مسلمون، وبالتالي فإن الرهان في الحرب الحقيقية على الإرهاب يقع على كاهل مثقفينا، ومن هنا أهمية النسخة التاسعة من منتدى الاتحاد، الذي سيبدأ غداً في أبوظبي. يجب تطويق الفكرة القاعدية والداعشية وخنقها، إيديولوجياً وعلمياً وفكرياً ومالياً وإعلامياً، بمعنى أننا بهذا الاتجاه سنكف عن إلقاء الأكاذيب والتهم على الآخرين وسنعترف بمشكلة التطرف التي ولدت في الوطن العربي والإسلامي. مفاجأة للحكومات الغربية وطرحت «الاتحاد» سؤالاً على المحلل السياسي عبدالوهاب بدرخان، حول مدى إدراك المجتمعات الغربية ووعيها بخطر التنظيمات المتطرفة، وهل باتت هذه المجتمعات أكثر حرصاً على تحصين نفسها من خطر التحول إلى بيئة مهيأة لتصدير التطرف وتفريخ ما يسمى «جهاديين»؟ وأجاب بدرخان بأن الحكومات الغربية كانت ولا تزال واعية بخطر المتطرفين، لكن المجتمعات الغربية اعتبرت أن مواجهة الخطر من اختصاص الحكومات، غير أن ما حصل في الأعوام الأخيرة من زيادة أعداد ما يسمى «الجهاديين» القادمين من الغرب إلى الشرق الأوسط خاصة إلى سوريا ربما فاجأ الجميع. وحسب بدرخان، فإنه رغم أن الحكومات الغربية توقعت حدوث حراك المجاهدين من الغرب إلى المنطقة، فإنها فوجئت بعددهم وما يمكن أن يترتب على ذلك من تداعيات أمنية داخل البلدان الغربية نفسها. ولا شك أن الإجراءات التي تم اتخاذها والقوانين الجاري تشديدها ستساهم في احتواء المخاطر وتقليلها. أما التحصين الكامل للمجتمعات الغربية ضد الإرهاب، فيبقى هدفاً طويل المدى. خطر الجاليات المهاجرة وثمة أمران من وجهة نظر بدرخان: الأول يتعلق بالجاليات المهاجرة من بلدان مسلمة، وقد تحوَّل بعضها إلى بيئات مخترقة ومنتجة للتطرف الذي تستغله تنظيمات إرهابية وحتى أجهزة استخبارات غربية. الأمر الآخر، هو أن سياسات الدول الغربية كانت وستستمر عنصراً من العناصر الرئيسية لتأسيس ذرائع لكراهية الغرب وإرساء دعائم الفكر المتطرف، وهذا ما لم تحسم دول الغرب بعد أمرها بالاعتراف به، ومن ثم معالجته، صحيح أن هناك مسؤولية عربية وإسلامية لكن هناك مسؤولية غربية أيضاً. لكن هل يمكن اللجوء إلى نظرية المؤامرة لفهم ما يجري الآن في سوريا والعراق وصعود «داعش»، للوصول إلى قناعة بأن المنطقة يراد لها أن تستنزف في حروب متواصلة؟ ويجيب بدرخان بأننا حتى لو رفضنا نظرية المؤامرة بشكل كامل، فإن ما يجري في المنطقة لا يتوقف فقط على عمل الأطراف الداخلية في سوريا والعراق، فمن الواضح- والكلام لبدرخان- أن هناك أطرافاً إقليمية ودولية وتداخلات للأدوار والمواقف والمصالح، ولذلك فإن كل عناصر المؤامرة متوافرة حالياً خصوصاً في تحليلنا لكيفية صعود تنظيم «داعش»، وما استطاع تحقيقه من أجل مشروعه. ويقول بدرخان: المؤكد أن صراعاً إقليمياً على النفوذ ودولياً على النفط، هو ما يجعل هؤلاء اللاعبين الخارجيين غير مبالين باستقرار المنطقة، وشعوبها، ولعله أصبح معروفاً أن خريطة الشرق الأوسط لن تبقى كما هي بعد انتهاء الحرب على «داعش»، ولا أحد يعرف متى ستنتهي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©