الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

آباء على الورق

20 أكتوبر 2014 00:36
من الفطر الإنسانية السليمة التي جبلنا عليها كبشر، حب الأبناء والحرص على مصلحتهم ودفع كل ما يهدد حياتهم أويقترب من سلامتهم، وهي الفطرة التي تشاركنا فيها جميع الأمم من حيوانات وطيور وحشرات تبعد بصغارها وبيوضها عن مناطق الخوف والأذى حتى تطمئن على قواهم الذاتية في الحفاظ على وجودهم، وما في هذا من جديد فليس من ينكر حب الآباء لأبنائهم الذي يتجاوز حبهم لذواتهم. ما هو غريب ومريب وعجيب تلك الحالات التي تشذ عن قاعدة الكون وتخرج عن سنن الحياة، وسأسرد قصة خالد، ذلك الصبي الذي عانى الويلات وأخوته الأربعة مع أبيهم منذ خروجهم للحياة. وكأننا بذلك الأب ينتظر قدوم أطفاله ليمارس سلطاته التي سلمها له القانون على مبدأ لا يوجد من هو أحق بالوصاية على الأبناء من أبيهم، بدأ الأب المذكور حياته بالزواج من فتاة لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها فأبدع في تعذيبها ضرباً وإهانات وأوامر ونواه حتى حرمها من زيارة أبيها المريض رغم قرب المنزل الذي يبعد عن بيته 200 م وتمتع بممارسة سلطاته الزوجية التي تعطيه حق الأمر والنهي كيف لا وزوجته طفلة لا ترى طريقاً للخلاص ولا تدرك معنى للحماية القانونية، التهبت المأساة عندما أنجبت خمسة أطفال لم يعرفوا من طفولتهم سوى مرحلة تعذيب وضرب وتهديد وعض إن كان ذلك وارداً بين بني البشر! أحب الأب أن يستعرض عضلاته المادية، ليواري نقصا في ذاته فأدخلهم مدارس خاصة وكعادته تخلى ولم يدفع للمدرسة مستحقاتها المادية، فامتنعت المدرسة عن تدريسهم ولم تسلمهم الشهادات ليواصلوا الدراسة في مدرسة حكومية لتساومهم على دفع رسومها، فضاع على الأطفال عامان من أعمارهم البريئة حتى دفع أهل الزوجة مستحقات المدرسة والتحق الأطفال بالمدارس الحكومية. هرب المذكور من الخدمة العسكرية لكثرة مشاكله ومطالبته القانونية وماهي سوى شهور حتى هاجر إلى بلد عربي بمساعدة والدته العربية وبتمويل عيشه منها، استمر الأطفال وأمهم المغلوبة على أمرها دون معيل، ولم تتمكن من الحصول على مساعدة الشؤون لعدم توفر حكم بسجن الأب أو إعاقته، فعاشت المرأة وأبناؤها على فتات موائد أهلها لسنين طالبت خلالها بالطلاق، فبعث الله لها رجلاً طيباً أمن حياتها وأبناءها وعاملهم معاملة الأب لأبنائه. وها هو خالد قد بلغ مبلغ الرجال يريد شق طريقه بالعمل ليخلص والدته وزوجها من بعض الأعباء المادية، وتعود مأساة الأب الذي رجع إلى البلاد بشره المعتاد، واستخدم سلطته الأبوية في مساومة خالد، الراتب مقابل التوقيع واضطر الصبي للجوء إلى القضاء، كما امتنع عن اعتماد استمارة رخصة القيادة فلجأ الصبي إلى الحماية القانونية، وهكذا بدأت المأساة مجدداً مع أب أبعد ما يكون عن معنى الأبوة فتحطمت على يديه أحلام خالد وأخوته الذين أبوا إتمام دراستهم ليأسهم من مواجهة المصير الذي واجهه خالد مع والده. السؤال لأهل القانون هل كل أب حقيق بالوصاية على أبنائه أم أن هناك آباء على الورق فقط؟ نورة علي نصيب البلوشي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©