هناكَ أَصْوَاتٌ تعيدُ للنّفسِ حياتَها... تبثُّ في الرّوحِ آمالَها... لا يمَلُّ حديثُها وعَذْبُ كَلِمَاتِهَا... كَمْ تَحِنُّ أَرْوَاحُنَا لِأصْحَابِهَا...
هناكَ أَصْوَاتٌ كَالنَّدَى فِي رِقّتِها وهَمْسِهَا... تُشْعِرُنَا بِوُجُودِنَا... إِنْ غابَت..اسْتَشْعَرْنَا غُربَتَنَا... تِلْكَ أَصْوَاتٌ تَعْشَقُهَا تَفَاصِيلُ أَيّامِنَا...
هُنَاكَ أَصْوَاتٌ إِنْ حَلّتْ، حَلّتْ السَّعَادَةُ فِيْ دِيَارِنَا... لَا يَحْضُرُ الفَرَحُ إِلَّا بِحُضُورِها... تَمْنَحنَا أَمَانَاً يُنْسِينَا آهَاتِنَا... حَاضِرَةٌ مَهْمَا طَالَ غِيَابُهَا...
هُنَاكَ أَصْوَاتٌ تَسْكُنُ بَيْنَ جَنَبَاتِنَا... تُؤْنِسُ وِحْدَتِنَا وَتُنِيرُ حَيَاتَنَا... كَالبَلْسَمِ تَشْفِي جُرُوحَنَا... كَشُعَاعِ النُّورِ تُضِيءُ ظُلمَتِنَا...
هُنَاكَ أَصْوَاتٌ تَرسمُ البَسْمَةَ عَلَى شِفَاهِنَا... وتُبدّدُ أَحْزَانَنَا... وتُنْسِينَا أرَقَ لَيَالِيْنَا... وتَمْسَحُ بِأَنَامِلِهَا دَمْعَ مَآقِيْنَا...
هُنَاكَ أَصْوَاتٌ تجدّدُ نَهْرَ الأَمَلِ وَالأمَانِي فِينَا... وتَضُمُّنَا بِدِفْءِ حَنَانِهَا وَتُصْبِحُ جُلَّ اهْتِمَامِنَا... وتُرافِقُنَا فِيْ حِلّنَا وَتِرْحَالِنَا... ولِتَكُونَ صَدَى فَرَحَتِنَا وَنَبْضَ سَعَادَتِنا...
هُنَاكَ أَصْوَاتٌ تَنْقَشُ صَدَاهَا الآسِرَ عَلَى جِدَارِ ذَاكِرَتِنَا... كَالغَيْثِ تَروِي ظَمَأَ نُفُوسِنَا... تهدي إلينا زُهُوراً تُزيّنُ أيّامَنَا... وتَعْزِفُ تَرَانِيمَهَا عَلَى أَوْتَارِ الرّوحِ فِيْنَا...
هُنَاكَ أَصْوَاتٌ تُعِيدُ بَرَاءَةَ الطُّفُولَةِ إلَيْنَا... وتَكْتُبُ بِمِدَادِ الحُبِّ عَلَى صَفَحَاتِ أَعْمَارِنَا... وتَشْتَاقُ قُلُوبُنَا لِسَمَاعِهَا... وتُعِيدُ تَرمِيمَ ما تصدّعَ بِدَاخِلِنَا...
هُنَاكَ أَصْوَاتٌ تُوَاسِينَا إِنْ عَصَفَتْ رِيَاحُ الزّمَانِ بِنَا... تَجْعَلُ مِنْ العُمُرِ أَجْمَلَ قِصَّةٍ تَرْوِيهَا شِفَاهُنَا... تُرتّلُ أَجْمَلَ تَرَانِيْمِ ذِكْرَيَاتِنَا... تَمْنَحُنَا عُمُراً جَدِيداً بَعْدَ رَحِيلِنَا...
فاللّهمَّ مُنَّ عَلَيْنَا بِمِثْلِهَا لِتُنِيرَ دُنْيَانَا..ولتَنْشُرَ فِي الوُجُودِ عَبَقَ ذِكرَانَا..
د.عماد الدين حسين