الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فندق «لو بريستول» – باريس.. «مسرح» الارستقراطيين و«ملجأ» الترفيه الآمن

فندق «لو بريستول» – باريس.. «مسرح» الارستقراطيين و«ملجأ» الترفيه الآمن
25 يناير 2011 20:25
باريس مدينة السحر والجمال تستقطب السياح من أنحاء العالم لألف سبب وسبب. وعلى عراقة أماكن الجذب فيها، يحار الزائر من أين يبدأ عندها جولته التي لا بد أن تشمل أكبر قدر من المعالم الآثرة. والعاصمة الفرنسية ليست برج “إيفل” ومتحف “اللوفر” و”الشانزليزيه” وحسب، وإنما هي مجمع للمباني العريقة التي تحمل كل منها أكثر من قصة. وتاريخ العمارة فيها ثري لدرجة تتداخل عنده الأحداث ما بين الحقبات الزمنية المتعاقبة، والحرص الدائم على اللحاق بالمدنية وآخر خطوط الهندسة الذكية. جولة قصيرة سيراً على الأقدام في شوارع باريس، كفيلة بأن تختصر مسافات طويلة قطعها الفرنسيون للوصول إلى قمة الإبداع العمراني. تلك العظمة في البناء وتفاصيل الزخرافات الأشبه بتطريز يدوي على الحجر الآخذ في القدم، عناوين لافتة تدعو الناظر إليها للخوض أكثر فأكثر في غمارها والبحث عن أسرارها. ومن بين مئات المعالم المدموغة في الذاكرة الباريسية يتألق فندق “لو بريستول” المتجدد على الدوام، والذي يندرج ضمن قائمة المباني الأثرية النادرة في أوروبا. وهو من أشهر المرافق السياحية في المدينة وأكثرها قيمة، إذ تم اختياره في العامين 2008 و2009 كأفضل فندق رومنسي فاخر في العالم وأرقى فندق في أوروبا، وقد نال العام الفائت جائزة الفندق الذي يضم أجود مطعم في القارة. تحفة حقيقية بالإطلاع على ألبوم الذكريات الحافلة لهذا الصرح المعماري النموذجي، تروي صفحاته الأولى حكاية البدايات التي تعود إلى العام 1758. فقد شيد في ذلك القرن بناء ساحة “كونكورد” التي كان يطلق عليها اسم ساحة “لويس الخامس عشر”، وذلك بالتزمان مع تأسيس شارع “الشانزليزيه”. وهكذا أسهم هذان المشروعان بتعزيز أجواء الرقي لجادة “سانت هونوري”. وبعد بضع سنوات تم بناء فندق خاص على تلك الأرض وقامت الكونتيسة داماس بشراء العقار وتركته لابنتها. وعلى مدى سنوات طويلة ظل الفندق مطمعا للكثيرين من الطبقة المالكة إلى أن اشتراه الكونت جول دو كاستيلان عام 1829 وأعاد تجديد تصميمه الداخلي ليجعل منه تحفة حقيقية. ومن كثر ولعه بالعروض الحية، قام الرجل الثري ببناء مسرح في جزء من المبنى، هو اليوم المطعم الشتوي للفندق، وحوله إلى قاعة لإقامة الحفلات التي لطالما استقطبت ارستقراطيي المجتمع المخملي. بعد قرن من الزمن، كان مسرح النخبة قد اكتسب شهرة ثقافية في أعماق أوروبا. وكانت الولادة الفعلية لفندق “لو بريستول” في أبريل 1925، عندما حمل اسم الكونت بريستول، وهو مسافر بريطاني كان يعشق الفخامة ويسعى وراء الرقي في كل تفاصيل الحياة. ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية كان الفندق هو البناء الوحيد الذي يحتوي على ملجأ مضاد للغاز، مما دفع سفارة الولايات المتحدة الأميركية في حينه إلى اتخاذه كمقر آمن لجميع الأميركيين المقيمين في باريس. وظل الفندق الأسطورة مخبأ جيدا وملاذا للترف مع تجميله الدائم من قبل قاطنيه، إلى أن تم تصنيفه بعد نحو 20 عاما على أنه من “أفضل الفنادق الباريسية”. وذلك من قبل الدليل الأميركي الشهير “دليل فيلدينج للسفر إلى أوروبا” مما عزز العلاقة التاريخية بين أميركا و”لو بريستول”. ومع وضع مفهوم جديد للمطاعم وابتكار قائمة فريدة للوجبات، تلقى الفندق الكثير من الجوائز كان أبرزها جائزة “كليبر كولومب” الشهيرة عام 1974. القصر المذهل مع هذا الصيت الذائع وهذا الرصيد المشرف في عالم الضيافة الاستثنائية، قام أخيرا رجل الأعمال الألماني رودولف أوتكر بشراء فندق “لو بريستول”، وهو يملكه منذ أكثر من 33 عاما. وكان أول ما فعله القيام بتوسعة المبنى وإضافة عنصرين بارزين إلى رموزه. هما بركة السباحة المستوحى تصميمها من جسر سفينة أنيقة، والحديقة الفرنسية الفسيحة التي تعتبر الأكبر بين فنادق باريس الفاخرة. هذه الحديقة التي شكلت فيما بعد عنصر الإيحاء لتغيير شعار الفندق الذي استمد منها عام 2004 لونه الأخضر الجديد. وأصبح بأجوائه المفعمة بالحياة يعرف بـ”القصر المذهل”. وقد توالت في السنوات الأخيرة أعمال التوسعة فيه لتشمل المساحة العامة للبناء، وعدد الغرف التي أضيفت إليها 21 غرفة و5 أجنحة ليصبح العدد الإجمالي 187 غرفة فندقية. الانطباع الأول للفندق المختلف من الداخل والخارج، يعود إلى هندسة المبنى المستوحى من عصر “هوسمان” والتي ترتكز على أعمال الحديد المشغول التي تم ترميمها. فمنذ استحواذها على الفندق سعت عائلة أوتكر إلى تعزيز مكانته كمرفق فاخر وفريد، وأرادته أن يكون أجمل وأرقى فندق في فئته. ومن شدة الإتقان في دمج المبنيين القديم والحديث، لا يلاحظ السائح أي اختلاف يذكر ولاسيما أنهما متصلان بممرات عدة تجمعها روح واحدة وكأنهما بنيا معا. ومع مواكبة توجهات العصر والموضة، بقي “لو بريستول” محافظا على قيمه الأساسية المتمثلة بالخدمات الأصيلة التي تتيح الشعور بأجواء العائلة والبيت. طراز فرنسي “كل نزيل في الفندق فريد” هو الشعار المتبع هنا، وانطلاقا من هذا المبدأ تم تصميم الغرف بشكل منفرد لضمان الراحة والأناقة وتوفير أجواء الفخامة في الطراز الفرنسي. وتبرز عناصر الجذب بدءا من السقف العالي والنور الغني، إلى المساحة التي لا تقل عن 40 مترا مربعا لكل غرفة وقطع الأثاث المختارة بعناية. أما الجناح الجديد فيمتد على مساحة 3250 مترا مربعا ويرتفع حتى علو 7 طوابق. ويتألف من واجهتين، إحداهما تطل على جادة “سانت هونوري” والثانية على جادة “ماتينيون” ما يتيح مناظر إضافية على معالم مدينة باريس. وبمزيد من الاهتمام بالمشهد العام للفندق، تم في الطابق السابع تصميم جناح يطل على برج “إيفل”، يتكون من غرفتي نوم ويمتد على مساحة 130 مترا مربعا. وفي الطابق السادس إطلالة مماثلة في جناح من 200 متر مربع يحمل إسم “جناح باريس” تحيط به شرفة كبيرة ويتميز بظلال الأصفر واللازوردي والأحمر. وبالتوقف أخيرا عند المطبخ الرئيسي للفندق، فإن المذاقات الأوروبية تجتمع كلها في مطعم “114 فوبور” الذي تم استحداثه كليا. وهو المطعم المفضل لدى الرئيس الفرنسي فرنسوا ساركوزي، بحيث يتردد عليه دائما مع ضيوفه ويطلب طبق الباستا المحشوة أرضي شوكي وكبدة الأوز. مشاهير يفخر فندق “لو بريستول” - باريس باستضافته أسماء شهيرة أقامت في غرفه وتناولت الطعام في مطاعمه منها آفا جاردنر، مارلين مونرو، شارلي شابلن، ريتا هيوارث، جريس كيلي، نياركوس، جوزفين بايكر، أورسن ويلس، هاري ترومان، إيزنهاور وسواهم الكثير من الطبقات الراقية حول العالم. وقد أسهمت هذه الأسماء في تعزيز تفرد الفندق. جوائز حمل العام 2008 لهذا المرفق السياحي العريق 4 جوائز راقية هي: “أفضل فندق في العالم”، “أفضل فندق في أوروبا”، “أفضل فندق رومنسي فاخر في العالم” و”أفضل مطعم في فندق في أوروبا”. وكانت مطبوعة “أنستيتيوشنال إنفستور” الأميركية أجرت استفتاء سنويا حول أفضل 100 فندق في العالم، فحاز من خلالها “لو بريستول” - باريس المرتبة الأولى. خصوصية يقع مطعم “114 فوبور”على طابقين مفتوحين يصل بينهما سلم من الطراز الحديث يمنح المكان أجواء حيوية. وتنتشر زهرة الأضاليا على الجدران والأرضية وحتى على المساحات الشفافة المضاءة عند السقف. المطعم الغني بالأزهار يوحي بالدفء، وتكتمل خصوصيته بمشهد المطبخ المفتوح والقاعة الخاصة المكسوة بخشب السنديان التي تتسع لـ 12 شخصا. يدير مطبخ المطعم طاه شاب يدعى إريك ديبورد عمره 29 عاما ويشرف عليه إريك فريشون الشيف الرئيسي في الفندق الحائز 3 نجوم “ميشلين”. أما فلسفة الطهي هنا فترتكز على كون الجودة أهم بكثير من الكمية. فلا يوجد على قائمة الطعام مثلا إلا 3 أنواع من الجبنة هي الأفضل في المنطقة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©