الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا··· بين الأتراك والأكراد

أميركا··· بين الأتراك والأكراد
26 فبراير 2008 02:13
قام ''محمد محسن'' قائد البشمرجة بإنزال علم أميركي، وطواه، ثم وضعه في أحد أركان مكتبه أول من أمس الأحد، كتعبير عن الغضب المتنامي في إقليم كردستان العراقي، بسبب دعم أميركا لتركيا في الحملة التي تشنها في الوقت الراهن ضد المتمردين الانفصاليين، الذين ينطلقون من المنطقة لشن هجمات داخل تركيا، كانت الهجمات المتقطعة التي تشنها تركيا ضد حزب العمال الكردستاني (بي·كيه·كيه) قد وصلت إلى ذروتها يوم السبت الماضي، عندما عبرت قوات برية تركية يبلغ عددها 8000 جندي الحدود مع العراق، لتنفيذ حملة عسكرية، وصفها القادة العسكريون الأتراك بأنها أهم حملة تقوم بها قواتهم المسلحة ضد حزب العمال الكردستاني خلال العشرة أعوام الماضية· ينسحب الغضب السائد في إقليم كردستان الواقع في شمال العراق بشأن الهجوم التركي على كافة ألوان الطيف السياسي، فالكثير من المواطنين الأكراد العاديين يتعاطفون مع الهدف الذي يسعى مقاتلو''العمال الكردستاني'' إلى تحقيقه، بتكوين دولة مستقلة للأكراد، كما أن عددا كبيرا من الساسة والمسؤولين الأكراد، يتهمون تركيا بأنها تهدف من وراء هذه الهجمات إلى زعزعة الاستقرار في إقليمهم الذي يتمتع بالحكم الذاتي، والذي ظل الكثير من قادته حلفاء للولايات المتحدة لسنوات طويلة· ويشار في هذا السياق إلى أن الغضب الكردي ضد الولايات المتحدة بسبب تقديمها مساعدات لتركيا حليفها في الناتو، في حملات القصف التي تقوم بها ضد مواقع حزب العمال الكردستاني -الذي يتخذ من الجبال الحصينة الواقعة في المنطقة ملاذا له- ظل يغلي على نار هادئة منذ فصل الخريف الماضي، حيث أدى إلى نوبات غضب عارم لدى الرأي العام الكردي، قبل أن يتحول الآن إلى شيء أخطر من ذلك يعرض للتهديد واحدة من الشراكات المهمة للولايات المتحدة في العراق، في وقت تبدو فيه واشنطن حريصة غاية الحرص، على ترجمة المكاسب الأمنية التي حققتها في العراق إلى استقرار أكثر رسوخا واستمرارا· ومما يضيف إلى حجم المخاطر المتضمنة في ذلك، أن القوات الأميركية لا تزال بمساعدة من قوات عراقية -يتكون معظمها من مفارز كردية- تحارب المقاتلين المرتبطين بالقاعدة وغيرهم من فصائل المتمردين في بعض المناطق مثل الموصل وكركوك، اللتان تجاوران كردستان، ويوجد بهما توتر طائفي وعرقي كبير لم تفلح كافة الجهود في احتوائه· وكانت الحادثة التي فجرت الغضب الكردي، تلك التي وقعت يوم الخميس الماضي، عندما خرج 350 جنديا تركيا من ثكناتهم الواقعة داخل العراق وتحديدا عند منطقة ''باميرن'' -الواقعة إلى الغرب من ''العمادية''- ليلاقوا زملائهم القادمين من وراء الحدود -حسب تقديرات ''محسن'' القائد الكردي، فإن هناك 1200 جندي تركي يقيمون بالفعل في ثكنات تقع في منطقة باميرن الكردية- مما أدى إلى اندفاع المئات من مقاتلي البشمرجة المدعومين من قبل السكان المحليين، إلى المنطقة لمواجهة الجنود الأتراك الذين كانوا قد تقدموا إلى مسافة 2 كيلومتر خارج القاعدة -التي تحتفظ بها تركيا منذ الغارات التي قامت بها في شمال العراق في منتصف التسعينيات من القرن الماضي- ومنعهم من التقدم أكثر من ذلك في المدينة، وتفاقم الأمر حتى أوشك أن يخرج عن نطاق السيطرة عندما هدد مقاتلو البشمرجة الجنود الأتراك بإطلاق النار عليهم إذا ما تقدموا أكثر من ذلك، وطلبوا منهم العودة مرة أخرى إلى ثكناتهم، ونظرا لخطورة الموقف اضطر رئيس حكومة إقليم كردستان ''مسعود برزاني'' إلى المسارعة بالتوجــه إلى دهوك المدينة الرئيسية في المنطقة للحيلولة دون تدهور الموقف· علق رئيس وزراء الإقليم ''نيتشيرفان بارزاني'' وهو ابن شقيق ''مسعود برزاني'' على ما حدث بقوله: ''إن المعلومات الاستخبارية، والدعم الذي تلقاه الأتراك من الأميركيين، هما اللذان شجعاهم على شن هذه الهجمات داخل إقليم كردستان العراق، وهم يعرفون أن الولايات المتحدة تتعامل معهم برفق بسبب حاجتها إليهم، ولذلك قرروا أن يستفيدوا من الظروف، وبعد أن قاموا بقصف مناطقنا، فإنهم يهدفون الآن إلى ما هو أكثر من ذلك، وأرى أن الولايات المتحدة قد أخطأت خطأً جسيما عندما سمحت لهم باستخدام مجالنا الجوي''· يقول ''برزاني'' إنه متأكد من أن ''حزب العمال الكردستاني'' ليس سوى مجرد ذريعة تتخفى وراءها تركيا لمواصلة الحرب التي تشنها في الوقت الراهن، ليس فقط ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني، وإنما في الأساس ضد حكومة إقليم كردستان العراقي، ويضيف: ''أقول للأتراك إن الأكراد متنبهون لذلك، وإنهم لو تجاوزوا الحدود فإن مقاتلينا لن يترددوا في مواجهتهم''· يعلق ''ميتيهان دمير'' -المراسل المختص في الشؤون العسكرية والذي يعمل في الوقت الراهن في صحيفة ''حريات'' التي تصدر في أنقرة- بأنه على الرغم من النقد الشديد الذي تعرضت له العملية التركيــة في شمــال العراق من قبل القـــادة الأكراد، إلا أن ذلــك النقــد لن يكون له تأثير كبير على صناع القرار العسكري في أنقرة، لأن القادة الأتراك العسكريين والسياسيين قد وضعوا أسس هذه العملية بالتنسيق مع الولايـــات المتحـــدة من جانـــب، ومع الحكومة العراقية من جانب آخر، بل وأيضا مـــع أكراد العراق أنفسهــم وذلـــك من أجـــل حصر أي انتقادات توجه للعملية وجعلها في الحدود الدنيا· ويشار في هذا السياق إلى أن وزير الدفاع الأميركي ''روبرت جيتس'' الذي سيزور أنقرة الأسبوع القادم، قد أدلى بتصريح قال فيه إنه: ''لا يعتقد أن الحملة التركية سوف تحل مشاكل تركيا مع المتمردين، لأن الهجمات العسكرية لها حدود تقف عندها، وإذا لم يتم مزجها في نقطة معينة بمبادرات غير عسكرية، فإنها تبدأ في فقدان تأثيرها وفعاليتها شيئا فشيئا''· سام داجر - كردستان العراق ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©