الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مقتل العولقي وتحديات الاستقرار اليمني

3 أكتوبر 2011 20:53
هلل لمصرع أسامة بن لادن -حسب توقعاتي - 99.9 في المئة من الأميركيين. مع ذلك ظلت هناك تلك النسبة الضئيلة 0.01 في المئة - ونسبة أكبر قليلاً في الخارج - ممن تشككوا في قانونية إفراغ رصاصتين في رأس زعيم "القاعدة" بدلاً من محاولة القبض عليه، وإعلامه بحقوقه القانونية. على المنوال نفسه، وفي غمار الابتهاج العام بقتل أنور العولقي، أحد زعماء تنظيم "القاعدة" في جزيرة العرب، كان هناك عدد قليل من الناشطين في مجال الدفاع عن الحريات الفردية، ممن أثاروا أسئلة عن ما إذا كانت الولايات المتحدة تمتلك حق قتل مواطن أميركي من دون محاكمة.ولم يكن العولقي المولود في نيو مكسيكو والذي يحمل الجنسيتين الأميركية واليمنية، هو وحده الذي قتل في العملية التي نفذتها طائرة بدون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية، وإنما قتل إلى جانبه أيضا "سمير خان" خبير الدعاية بالتنظيم المولود في السعودية، والذي نشأ وترعرع في نيويورك ونورث كارولينا وظل محتفظاً بجنسيته الأميركية. ولكن كيف أمر أوباما باغتيال الاثنين؟ إن ذلك مثل من يسأل عما إذا كان قتل الجنود الانفصاليين في موقعة "جيتيسبيرج"الشهيرة إبان الحرب الأهلية الأميركية، يمثل عملا قانونياً في حينه أم لا؟ لقد تخلى العولقي وخان، مثلهما في ذلك مثل الجنود الانفصاليين في الحرب الأهلية الأميركية، عن حقوق المواطنة الأميركية، عندما حملا السلاح ضد بلدهما. فهما وغيرهما من أعضاء تنظيم "القاعدة"، يدعون أنهم"جنود" في "جيش الله"، ولذلك فمن الطبيعي جداً أن يأخذ عدوهما اللدود، الشيطان الأكبر، تهديداتهما على محمل الجد، ويعاملهما كما يعامل جنود العدو. وإذا كان من المشروع إسقاط قنبلة على عضو سعودي أو مصري من أعضاء "القاعدة"، فإنه يصعب في مثل هذه الحالة التساؤل عن إمكانية إعفاء عضو لـ"القاعدة" يحمل الجنسية الأميركية من ذلك. من هنا يمكن القول إن السؤال الملح لا يجب أن يكون، ما إذا كان قتل العولقي هو الشيء الصائب الذي كان يتعين عمله - لأن الحقيقة أنه كان كذلك - ولكنه يجب أن يكون: ما هو التأثير الذي سيترتب على قتله؟ هنا يصبح السؤال أصعب، لأن الكثير من المنظمات الإرهابية الأخرى، كانت قادرة على الاستمرار في الحياة، بل والازدهار، بعد قتل قادتها المهمين. من الأمثلة على ذلك أن" عباس موسوي" الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني، قتل في غارة لطائرة مروحية إسرائيلية عام 1992، ولكن ذلك لم يؤثر على "الحزب"، حيث تولى المسؤولية بعده حسن نصر الله الذي تمكن بقيادته من تحويل الحزب إلى قوة في لبنان. على نفس المنوال نجد أن حركة "حماس" قد سيطرت على قطاع غزة، على الرغم من فقدها لعدد كبير من كبار قادتها بواسطة الصواريخ والقنابل وفرق القتل الإسرائيلية. ولا يقتصر الأمر على هاتين الحالتين حيث نجد أن تنظيم "القاعدة" في بلاد الرافدين بدوره، أصبح أكثر دموية بعد قتل مؤسسه أبومصعب الزرقاوي في غارة جوية أميركية عام 2006. سوف يتعين الانتظار لمعرفة ما إذا كان تنظيم "القاعدة" المركزي سوف يتمكن من تجاوز خسارة ابن لادن أم لا- ربما لا يتمكن من ذلك- ولكن إذا ما افترضنا ذلك - لم يتمكن - فإن "القاعدة" في هذه الحالة ستكون استثناءً من القاعدة، لأن معظم التنظيمات الإرهابية أظهرت قدراً من الصلابة والقدرة على استيعاب الضربات ومواصلة عملياتها الإرهابية حتى بعد خسارة كبار قادتها. من المؤكد أن تنظيم "القاعدة" في جزيرة العرب سيكون من هذه النوعية القادرة على استيعاب الضربات، ما لم تقم الولايات المتحدة بممارسة المزيد من الضغط على التنظيم يفوق بكثير ذلك الذي تمارسه عليه حالياً. ويُشار في هذا السياق إلى أن العمليات التي تقوم بتنفيذها الطائرات بدون طيار على أهداف في اليمن تعد نادرة، ولا يمكن مقارنتها بحال بالعمليات التي تنفذها تلك الطائرات في باكستان. فهذا النوع من العمليات كما يقول الخبراء قادر على إلحاق ضرر بالغ بتنظيم "القاعدة"، وإبطاء قدرته على تعويض خسارة قادته. ولكن هزيمة التنظيم بشكل نهائي غير ممكنة عن طريق تلك الوسيلة وحدها.فالتجربتان الأميركية والإسرائيلية يعلماننا درساً في غاية الأهمية وهو أن الطريق الوحيدة لاستئصال شأفة تمرد مصمم وعنيد هو وضع جنود على الأرض. فعندما قام الإسرائيليون بإعادة إدخال قواتهم بأعداد كبيرة إلى الضفة الغربية عام 2002 كاستجابة للانتفاضة الفلسطينية الثانية، فإنهم تمكنوا من القضاء على الخلايا الفلسطينية في الضفة. ولأنهم غير راغبين في الوقت الراهن في إعادة احتلال غزة، فإنهم غير قادرين على إلحاق هزيمة نهائية بـ"حماس". وتنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" لم يكن من الممكن هزيمته أو إقصاءه إلا من خلال إجراء زيادات كبيرة في أعداد القوات الأميركية، والقوات العراقية، وقوات الصفوات. التحدي الصعب الذي يواجه صناع السياسة الأميركيين في الوقت الراهن هو كيفية ملء الفراغ الأمني في اليمن. فملء هذا الفراغ عملية أصعب كثيراً من مجرد استخدام طائرة بدون طيار كي تطلق صاروخاً من نوع "هيلفاير" على هدف معين. وما لم نتوصل إلى طريقة يمكننا بها تحقيق قدر من الاستقرار في هذه الأرض المضطربة، فإن موت العولقي سيكون - على الأرجح - مجرد نصر عابر. ماكس بوت زميل رئيسي بـ«مجلس العلاقات الخارجية» الأميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي.تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©