الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الأضحية.. شعيرة دينية تبهج الصغار والكبار

الأضحية.. شعيرة دينية تبهج الصغار والكبار
24 سبتمبر 2015 07:15
لكبيرة التونسي (أبوظبي) اعتاد علي المدني أن يصطحب ابنه أيمن ذا السنوات العشر، ليشركه في اختيار خروف العيد، ولا يتوانى عن شرح فضل الأضحية، والهدف منها وشروطها وقيمة هذه الشعيرة الدينية المقدسة، محاولاً تعزيزها في نفوس أبنائه. ويصر على جلب الأضحية للبيت قبيل العيد لإدخال الفرحة إلى قلوب صغاره الذين أصبحوا يقدسون هذه الشعيرة وينتظرونها بصبر نافد. جزء من الذكريات إلى ذلك، يقول المدني إنه يقدر شعيرة الذبح ويعدها جزءاً من ذكرياته، لافتاً إلى أنه تعلم ذبح شاته على يد والده الذي كان بدوره يقدس هذه المناسبة. ويضيف: «تعلمت من والدي أن عيد الأضحى مناسبة للتضحية والتسامح والتكافل والرحمة والتصدق، وهذا ما أحاول أن أمرره لأبنائي، ولا أتنازل عن ذبح الأضحية التي أتصدق بثلثيها للفقراء والمساكين، لأدخل الفرحة على قلوب من ليس له القدرة على الذبح، وقد لاحظت أن أبنائي تغمرهم السعادة خلال هذه المناسبة، بحيث يملؤون البيت فرحة تصل ذروتها يوم العيد، حيث يرتدون ملابسهم الجديدة ويحرصون على صلاة العيد وبعدها يرافقوني للمسلخ لذبح الأضحية». من جهتها، تقول شما النعيمي إنها تعودت منذ أن كانت طفلة على حضور الخراف في البيت قبل ليلة عيد الأضحى بأيام، بحيث كانت تفتخر بتوافر عديد منها أمام صديقاتها وبنات الجيران، وكان بعض الأطفال يحنُّون الخروف ليلة العيد وسط أجواء من الحبور. وتذكر شما، التي أصبحت أماً لثلاث بنات، أنها تحاول أن توفر الأجواء نفسها لأسرتها وتقيم الطقوس ذاتها، موضحة أن عائلتها تتجمع في البيت «العود» يوم عرفات، وفي ليلة عيد الأضحى يعدون الطعام ليكون جاهزا صباح العيد، بحيث يتم تناوله بعد العودة من الصلاة ويطلق عليها «لقمة العيد»، بينما أضحية العيد يتم ذبحها يوم العيد للتصدق بأغلبها للفقراء والمساكين، مشددة على أهمية إحياء هذه الشعيرة لما تمثله من قيمة دينية عظيمة. وتضيف: «يأتي العيد كل عام ليرسخ روابط الأخوة والمحبة بين الجيران والأقارب فيتبادلون التهنئة ويتزاورن ويتهادون لحوم الأضاحي». ربط الأطفال بالشعيرة تحرص أسر في الدول الإسلامية والعربية على تطبيق هذه السنَّة المؤكدة، ويعملون على تمرير رسالتها للأطفال الصغار، مشددة على قيمتها العالية، بينما يجهل البعض قصة عيد الأضحى الحقيقة، كما بدأ البعض في التخلي عن هذا الطقس العظيم. في هذا الإطار، يقول الدكتور محمد أبو العينين، أستاذ علم الاجتماع، إن الوسائل الحديثة من تكنولوجيا أصبحت كفيلة بتبيان هذه السنة وشروطها وأحكامها، لكن لا بأس من تعويد الطفل على هذه الشعائر الدينية، خاصة بعد سن الـ15، حيث تعد هذه السن المرحلة التي تشكل الفاصل بين الطفولة والشباب، ومن هنا قد يتفهم الطفل المقاصد من هذه الشعيرة، وتترسخ قيمتها في ذهنه، ومن ثم يحافظ عليها. من جهته، يرى الدكتور موسى شلال، أستاذ علم الاجتماع، أن عيد الأضحى يشكل للأطفال فرحة كبيرة، حيث يدخل الخروف للبيت يومين أو أكثر قبل العيد، وقد يسهم الطفل في شرائه، ويجب تعليمه القيمة والهدف منها حتى لا تموت لديه هذه الشعيرة إن لم يمارسها. شروط الأضحية فيما يخص شروط الأضحية، أوضح مركز الإفتاء التابع للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف أن الشروط الواجبة في الأضحية من الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها، أن تبلغ السن المحدودة شرعاً وهو ما زاد على خمس سنوات في الإبل، وفي البقر ما زاد على ثلاث سنوات، وفي الغنم ما زاد على السنة بشهر أو بشهرين، وفي الضأن ما زاد على السنة. ويجزئ ما زاد على ستة أشهر، وأن تكون خالية من العيوب المانعة من الإجزاء وهي العور البين والمرض البين، والجرب الظاهر المفسد، والجرح العميق المؤثر عليها والعرج البين والهزال المزيل للمخ: لقول النبي صلى الله عليه وسلّم حين سئل ماذا يتقى من الضحايا فأشار بيده، وقال: «أربعاً: العرجاء البين ظلعها، والعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقى». رواه مالك في الموطأ من حديث البراء بن عَزب. وأن يضحى بها في الوقت المحدود شرعاً، وهو من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، فتكون أيام الذبح ثلاثة أيام، والذبح في النهار، ويوم العيد بعد الخطبتين أفضل، وكل يوم أفضل مما يليه». سُنة مؤكدة وبحسب مركز الإفتاء التابع للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف فإن الأضحية شعيرة من شعائر الإسلام، وهي سُنة مؤكدة، والأصل في مشروعيتها قوله تعالى: «فصل لربك وانحر»، ويجزئ المضحي أن يذبح عن نفسه وأهل بيته شاة واحدة، شريطة أن يكونوا من قرابته، ويسكنون معه في بيت واحد ويتولى نفقتهم، وقد ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة عن نفسه وآل بيته الأطهار. ويستحب للمضحي أن يتولى الذبح بنفسه إن استطاع ويجوز له أن يوكل غيره، ويستحب أن يقول المضحي عند الذبح: «بسم الله والله أكبر». الرفق بالأضحية وللذبح، وفق وضح مركز الإفتاء التابع للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، آداب ينبغي على المسلم مراعاتها، ومن هذه الآداب التي تدل على عظمة هذا الدين أنه حث على راحة الحيوان المذبوح قدر المستطاع، فيستحب أن يحد الذابح شفرته قبل الذبح ويكره الذبح بآلة غير حادة لما في ذلك من تعذيب للحيوان، كما يكره أن تحد السكين أمام الذبيحة، ويكره أن تذبح الذبيحة أمام أخرى، كما يندب تقديم الماء للحيوان قبل ذبحه، ويندب إمرار السكين على الذبيحة برفق ذهاباً وإياباً، فهذا من الإحسان الذي أمرنا به رسول الله (صلى الله عليه وسلم). وجاءت توجيهات الفقهاء بضرورة توفر هذه الشروط عند الذبح حتى لا يتألم الحيوان، وأن يسرع الذابح عند الذبح، وأن يحد شفرة الذبح بعيداً عن الحيوان، حيث يروى عن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلاً أضجع شاة يريد أن يذبحها وهو يحد شفرته فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم): «أتريد أن تميتها موتين هلاّ حددت شفرتك قبل أن تضجعها». ومما أورده الفقهاء في كتب الفقه من ضرورة سَوق الذبيحة إلى المذبح برفق وعرض الماء على الذبيحة قبل ذبحها، وعدم المبالغة في القطع حتى يبلغ الذابح النخاع، أو يفصل رأس الذبيحة حال ذبحها، وكذلك بعد الذبح وقبل أن تبرد وكذلك سلخها قبل أن تبرد لما في ذلك من إيلام لا حاجة إليه. قصة الفداء تتخلص القصة في أن سيدنا إبراهيم الخليل سأل ربّه أن يهبه ولدا صالحا، وذلك عندما هاجر من بلاد قومه، فبشّره الله عز وجل بغلام حليم، وهو إسماعيل عليه السلام، الذي ولد من سيدتنا هاجر عندما كان سيدنا إبراهيم في السادسة والثمانين من عمره، وعندما كبر إسماعيل عليه السلام، وشبّ، أراد الله أن يختبره في قوته وصبره كما يختبر ابنه في طاعته وامتثاله لأمر والده وأمر الله عز وجل، فرأى إبراهيم الخليل عليه السلام، في المنام أن الله.» عز وجل يأمره أن يذبح ولده، «فلما بلغ معه السّعي قال يابنيّ إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى»، وكان أمرا عظيما واختيارا صعبا على سيدنا إبراهيم عليه السلام، فإسماعيل الولد العزيز البكر، والذي جاءه على كبر، ولكنّ إبراهيم عليه السلام، امتثل لأمر ربه واستجاب لطلبه وسارع إلى طاعته. ثم اتجه إلى ابنه إسماعيل، وعرض الأمر عليه، ولم يرد أن يذبحه قسرا، فماذا كان ردّ الغلام إسماعيل عليه السلام؟ «قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين» وكان ردّه يدل على منتهى الطاعة وغايتها للوالد ولرب العباد، وحانت اللحظة الحاسمة بعد أن عزم إبراهيم عليه السلام على ذبح ابنه، انقيادا لأمر الله عز وجل، فأضجعه على الأرض، وهم سيدنا إبراهيم أن يذبح ابنه فلما أسلما أفداه الله بكبش عظيم. وأصبحت الأضحية سنة سيدنا إبراهيم عليه السلام، سنّة للمسلمين كافة، يؤدونها أيام الحج إلى البيت العتيق « وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) الصافات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©