الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صندوق النقد الدولي.. وآفاق النمو «اللاتيني»

16 أكتوبر 2014 00:15
أندريس أوبنهامير صحفي أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية كما توقعنا في عمود للرأي في الآونة الأخيرة، أعلن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للتو، توقعات اقتصادية كئيبة بشدة بالنسبة لأميركا اللاتينية لعام 2015. لكن الحقيقة هي أن ثلاثة بلدان كبيرة فقط هي التي سيكون أداؤها سيئاً، بينما بقية المنطقة ستؤدي أداء جيداً. وتوقع كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذين عقدا اجتماعاتهما السنوية في واشنطن الأسبوع الماضي، أن أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي ستحقق نمواً بنسبة هزيلة تبلغ 2,2 في المئة العام المقبل، وهي واحدة من أسوأ النسب في أداء المنطقة في الخمسة عشر عاماً الماضية. وأشار عنوان تقرير صندوق النقد الدولي بشأن توقعاته عن الأداء الاقتصادي للمنطقة إلى «عصور التحدي»، وتوقع في واحد من أوائل الفصول الفرعية «احتمالات ضعيفة» للمنطقة. وإذا أخرجنا أسوأ البلاد أداء اقتصادياً، وهي فنزويلا والأرجنتين والبرازيل من المعادلة، نحصل على صورة مختلفة. وهذه الدول الثلاث اقتصادياتها كبيرة جداً لدرجة أنها تشوه الصورة برمتها. وتعطي هذه الاقتصاديات صورة مغلوطة عن التوقعات الفعلية لـ 28 دولة الأخرى المتضمنة في الدراسة عندما يقوم الاقتصاديون بحساب متوسط إجمالي بسيط لنمو المنطقة برمتها. وبعد نشر الأرقام، طلبت من البنك الدولي أن يحسب نمو المنطقة دون إدخال الثقل الكبير لفنزويلا والأرجنتين والبرازيل في الحساب. وعكست الأرقام الناتجة عن العملية توقعات أكثر إشراقاً بكثير. وأظهرت الأرقام أن اقتصاد أميركا اللاتينية، من دون الدول الثلاث صاحبة الأداء الاقتصادي المتدني، سينمو بنسبة أربعة في المئة العام المقبل. وهذه نسبة تتفوق على ما هو متوقع في نسبة نمو الاقتصاد في الولايات المتحدة وأوروبا وعدد من المناطق في العالم النامي. وتشير توقعات البنك الدولي إلى أن اقتصاد البرازيل، وهو أكبر اقتصاديات أميركا اللاتينية، سينمو تقريباً بنسبة 0,5 في المئة العام المقبل، بينما سيتقلص اقتصاد فنزويلا بنسبة 2,9 في المئة، وأن يتقلص اقتصاد الأرجنتين 1,5 في المئة. على الجانب الآخر، يتوقع أن ينمو اقتصاد المكسيك وكولومبيا وبيرو والإكوادور وبوليفيا وجمهورية الدومينكان ومعظم دول الإقليم بنحو أربعة في المئة أو أكثر. ويتوقع أن ينمو اقتصاد المكسيك بنحو 3,8 في المئة العام المقبل، وينمو اقتصاد بنما بنسبة 6,4 في المئة وبيرو بنحو 5,5 في المئة وكولومبيا بنحو 4,7 في المئة، بحسب توقعات البنك الدولي. ويرى الكثير من الاقتصاديين المستقلين أن الوقت قد حان للتوقف عن وضع كل اقتصاديات أميركا اللاتينية في سلة واحدة. وأشار «ألبرتو بيرنال» كبير المحللين في شركة «بولتك كابيتال ماركتس» إلى أنه لا يمكن «الحديث عن أميركا لاتينية واحدة... ولا يمكن مقارنة بنما بفنزويلا لأنها ستكون مثل المقارنة بين سنغافورة وكوريا الشمالية». وتستخدم المؤسسات المالية الدولية كلمات شديدة التخصص، وفي الغالب غير مفهومة لشرح التباينات وسط اقتصاديات أميركا اللاتينية، لكنني أقسم المنطقة على النحو التالي: أولاً: بلدان مسؤولة مالياً وتتضمن المكسيك وكولومبيا وبيرو وتشيلي وبنما وباراجواي ومعظم دول المنطقة، وهي دول تحاول ألا تنفق أكثر مما تكسب وتسعى إلى ادخار ما ينفعها في وقت الشدة. ومعظم هذه الدول يتوقع أن تحقق معدلات نمو صحية العام المقبل وما يليه. وثانياً: دول غير مسؤولة مالياً لكنها محظوظة وتتضمن إكوادور وبوليفيا التي اتبعت خطى فنزويلا في تأميم الشركات وفي اتخاذ إجراءات أخرى مناهضة لمناخ الاستثمار الاقتصادي، لكنها بدأت هذه الإجراءات متأخرة. إنها دول محظوظة نسبياً لأن العالم متخم بأوراق النقد التي تسعى لعائدات قصيرة الأجل، كما أن مازال بوسع هذه الدول الحصول على بعض الاستثمارات عالية المخاطر التي تجعل اقتصادها يظل صامداً. ويعتقد الخبير الاقتصادي «بيرنال» أن إكوادور وبوليفيا بها مشكلات على وشك الانفجار. وأضاف أن إكوادور على سبيل المثال استغلت عائدات مصادرات الملكية والعجز في الدين العام لخلق وهم بالرخاء. ويطرح بيرنال السؤال التالي «لماذا تتمتع إكوادور بطرق أفضل من كولومبيا؟» ويجيب قائلاً «لأن إكوادور عجزت عن سداد الدين العام سنة 2008 وصادرت حقول النفط لشركة اوكستندتال واستخدمت المال لبناء الطرق... لكن لا أحد يستثمر مليماً في القطاع الصناعي في إكوادور، لأن الجميع يعلمون المصير الذي ينتهي إليه هذا الأمر». وثالثاً: دول غير مسؤولة مالياً فارقها الحظ والمثال الأبرز لها فنزويلا والأرجنتين. ويرجع الفضل في نمو البلدين اقتصادياً إلى حد كبير إلى ارتفاع أسعار السلع الأولية في العالم في العقد الماضي بشكل قياسي، ثم أن البلدين أسرفا بشدة في الوقت نفسه في الإنفاق ذي الطابع الشعبوي. لكن مع انخفاض أسعار السلع الأولية، انتهى المهرجان وأفلس البلدان. وفي نهاية المطاف، يرى كاتب هذه السطور أن التوقعات المحبطة التي أصدرها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عن مستقبل أميركا اللاتينية يجب ألا تكون سبباً للتشاؤم بشأن المنطقة برمتها. والتوقعات المحبطة تمثل انعكاساً إلى حد كبير لما هو متوقع من اقتصاديات البرازيل والأرجنتين وفنزويلا فحسب. ما يثير القلق بشكل أكبر هو ألا تعي المنطقة برمتها الدرس المستفاد من الانهيار الاقتصادي لفنزويلا والأرجنتين، وهو أن السياسات الشعبوية تؤدي إلى الشبع اليوم والجوع غداً كما أصبح واضحاً الآن. والقصة الحقيقية الكامنة خلف التوقعات الاقتصادية الإقليمية التي نشرت للتو، هي أن هناك نسخاً عدة لأميركا اللاتينية، وهناك نسخة واحدة منها هي التي تؤدي أداء سيئاً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. انترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©