الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المشي في «عز الظهر» .. رياضة خطرة يمارسها البعض على الكورنيش

المشي في «عز الظهر» .. رياضة خطرة يمارسها البعض على الكورنيش
2 أكتوبر 2011 14:56
صحيح أنه ليس للرياضة مواقيت محددة ولا قواعد عامة يلتزم بها عشاق التمارين، غير أن ثمة ممارسات خاطئة ترتكب باسمها فتثير الدهشة وتستدعي القلق. فأن يمشي الشخص على «الكورنيش» بقصد تنشيط خلايا جسمه وخسارة الوحدات الحرارية الزائدةو منها، أمر مطلوب. لكن أن يختار رياضة المشي في «عز» الظهر أو منتصف النهار حيث تصل حرارة الشمس إلى أقصى درجاتها، فهذا ما لا يمكن تحمله أو حتى تصوره. من المألوف مشاهدة المتنزهين على «كورنيش» أبوظبي خلال الفترة المسائية حيث حركة الهواء الخفيفة تعدل من أجواء الحر. ومن الطبيعي للمواظبين على الرياضة ارتياد المكان نفسه في الصباح بقصد الركض حينا والمشي حينا آخر. أما غير المألوف وغير الطبيعي، فهو أن يتحين أي شخص المشي تحت أشعة الشمس الحارقة وبشكل شبه يومي بقصد تحقيق المزيد من التعرق. والأمر لا يقتصر على الانطباعات الشخصية وحسب، وإنما يستفذ الرأي الطبي الذي يحذر من خطورة هذا النوع من النشاطات التي قد تودي بأصحابها إلى أقسام الطوارئ في المستشفيات. 12:30 ظهرا عند المرور بالسيارة في أي وقت من اليوم من السهل ملاحظة أعداد الأشخاص الذين يتمشون على «كورنيش» العاصمة ويلهون بأدوات اللعب المختلفة. ومع أن الشعور برغبة الانضمام إليهم تراود كثيرين، غير أن المشهد نفسه يفرز انطباعات أخرى بمجرد أن يكون التوقيت في منتصف النهار. فكيف يتحمل هؤلاء حرارة الشمس؟ وألا يزعجهم أنهم يتصببون عرقا في أجواء يشتد فيها العطش والحاجة إلى برودة المكيفات؟ معتز مروة لاعب كرة سلة منذ طفولته، وهو من المدمنين على رياضة الركض كونها تساعده على الليونة. التقينا به على «الكورنيش» تمام الساعة 12:30 ظهرا وكان يلهث من التعب حيث بالكاد تمكن من التوقف للتحدث معنا. يقول «عندما أباشر المشي السريع لا أضع في بالي أن الجو حار، وبمجرد مرور الوقت أندمج تماما بالرياضة وأستمتع لكوني أحرك جسمي وأطرد منه السموم بالتعرق». وهو يعترف بأنه يخالف الأعراف السائدة باختياره لهذا التوقيت، لكنه يبرر فعلته قائلا «لا أجد الوقت الكافي لذلك في المساء كوني أعمل بدوام ليلي. وأنا لست من الأشخاص الذين يتحججون بفصل الصيف للتوقف عن الرياضة التي أعتبرها جزءا أساسيا من حياتي». على مسافة غير بعيدة كانت لمى مسعود تهرول مسرعة، لكنها توقفت قليلا لتشرح لنا أنها تعتمد المشي ظهرا لعدة أسباب. «أهمها أنني عندما أمشي في مثل هذا الوقت أتعرق أكثر مما يؤدي إلى خسارتي للوزن بشكل أسرع. كما أنني في الوقت نفسه أكتسب حمرة من الشمس تضفي رونقا على جبهتي ووجنتي». ومع معرفتها بالضرر المتأتي من الأشعة فوق البنفسجية، تقول: «الشمس مفيدة للصحة وعندما أشعر بالعطش أشرب القليل من الماء، ولا أستسلم للحر الشديد الا بعد انقضاء ساعة كاملة». وهي تواظب على هذه الحال بمعدل 3 أيام في الأسبوع بحسب ما يتناسب مع جدولها الجامعي. رحلة حارة جدا مهمتنا في التعرف إلى أسباب أخرى تجعل الصعب سهلا على «كورنيش» العاصمة، اضطرتنا إلى خوض التجربة التي لم تكن سهلة أبدا. نتابع السير ونلتقي بمجموعة من الشبان يلعبون على الدراجات الهوائية. وبينما كانوا مستمتعين برحلتهم الحارة جدا، استوقفناهم بعدة أسئلة. يقول عمر إبراهيم الحوسني إنه لا يختار الوقت الذي يخرج فيه إلى الهواء الطلق وإنما الصدف هي التي تلعب دورها في ذلك. «فلا فارق عندي في التوقيت وإنما المهم بالنسبة لي هو اجتماعي برفاقي في الفريق الرياضي. وطالما أن المشروع قابل للتطبيق، فنحن لا ننتظر وننطلق لنصنع أجواءنا كما يحلو لنا». ومع أن الحرارة كانت تقارب الـ43 درجة، غير أنه لم يكن يضع القبعة على رأسه ولا حتى الكريم الواقي من الشمس. وعند تنبيهه لخطورة الأمر أخذ يضحك، معتبرا أن أساليب الوقاية هذه هي من اختصاص البنات. رفيقه محمود العلوي لم يوافقه الرأي إذ أنه من أنصار الحرص على الصحة والتنبه من الأخطار عموما. وعلى الرغم من اعتراضه على المشروع من الأساس، غير أنه لم يقاوم العرض المقدم له من قبل باقي الفريق. «نحن نبدأ يومنا بالمشي ثم الركض، وعندما نشعر بالحر والتعب نركب الدراجات الهوائية التي تريحنا قليلا من الشعور بالجفاف. وعلى العموم فإننا لا نمضي هنا أكثر من ساعتين». ويعلق رفيقهما راشد الأحمد بالقول «عن نفسي أنا أفضل ممارسة الرياضة في الهواء الطلق حتى وان كان الهواء مقطوعا. فهذا يشعرني بالنشاط والاستمتاع بمضي الوقت في الحركة المفيدة للجسم». وهو لا ينكر شعوره بالعطش والإرهاق، لكنه ينظر إلى هذا على أنه أمر عارض سرعان ما يتبدد مع المضي قدما في اجتياز المسافات على «الكورنيش» الذي يذكره بطفولته. التوقيت المناسب يقول الاستشاري الأسري الدكتور سمير غويبة عن الأضرار الصحية التي تترتب على عشوائية الممارسات الرياضية «على الرغم من أهمية الرياضة في حياة كل منا، إلا أنها سيف ذو حدين. وكما أنها مفيدة لتنشيط الدورة الدموية وطاردة لأمراض عدة، فهي قد تتحول إلى أداة أذية في حال أسيئ التعامل مع شروطها». ويوضح أنه من الضروري جدا اختيار الوقت المناسب للقيام بأي نوع من الرياضات على أن يترافق ذلك مع الظروف المـواتية سواء من قبل الشخص نفسه أو من قبل المحيط الخارجي. ويقول إن قيام البعض بممارسة المشي أثناء الظهر حيث الحرارة مرتفعة جدا يعرضهم لمضاعفات لا تحمد عقباها، وكذلك الأمر بالنسبة للعب على الدراجات الهوائية ووسائل الترفيه الأخرى. ويشير غويبة إلى أن التعرض المباشر للشمس ولفترات طويلة قد يعرض صاحبه إلى تصلب حراري يدخل على إثره إلى المستشفى. كما يعرضه إلى الجفاف نتيجة لفقدان السوائل من الجسم. «وأكثر من ذلك فإن التعرض المفرط للأشعة فوق البنفسجية خلال فترة الظهيرة هو من الأسباب المباشرة لسرطان الجلد. وكل هذه المخاطر كافية للتحذير من ممارسة الرياضة في الأماكن المفتوحة تحت الشمس الحارقة». وهذا ما ينطبق بالدرجة الأولى على أصحاب الأمراض المزمنة مثل أمراض الصدر والقلب وتصلب الشرايين، حيث تكون المضاعفات أشد وطأة. راحة بدنية يذكر الدكتور غويبة أنه من أولويات الممارسات الرياضية، اختيار العوامل المؤاتية لها. «وعدا عن التوقيت وأجواء الطقس، لا بد من اختيار الملابس المريحة، وعدم الإقبال على الرياضة بعد تناول وجبة دسمة أو عند الشعور بالانتفاخ. وكذلك الأمر أثناء الجوع أو المرض أو الإرهاق الشديد والشعور بالنعاس». ويؤكد أنه عند ممارسة الرياضة حتى وان كانت رياضة المشي، «من الضروري أن يكون الشخص مستقرا نفسيا وأقرب إلى البهجة والراحة البدنية والفكرية، لأن الشخص المهموم لا يمكنه أن يركز أثناء القيام بالتمارين. ونتيجة لاضطرابه قد يعرض جسمه للإصابات مثل الكسور والرضوض وما شابه». ويلفت إلى أهمية الرياضة عموما والتي أثبتت الأبحاث أنها الوقاية الخفية للكثير من الأمراض مثل سرطان الثدي. والتي يضعها في خانة أرقى من مجرد كونها تساعد على التخلص من السعرات الحرارية الزائدة. ومع كل ما تقدم فإن الشعور بمتعة الرياضة لا يمنع ضرورة التنبه إلى الإشارات التي يصدرها الجسم معلنا استنفاذه لقواه. والشخص الذي يقصد «الكورنيش» بهدف تنشيط جسمه، ليس مضطرا إلى تعذيب روحه وإرهاق نفسه وإتلاف بشرته. ويكفي أن يؤجل ممارسته لرياضته المفضلة بضع ساعات تكون فيها لأجواء أكثر ملاءمة لصحته وقواه.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©