الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسكن لأوجاع الضمير

مسكن لأوجاع الضمير
12 فبراير 2017 22:17
حتى عام 1870 كانت هناك قوانين في أميركا تعطي للزوج الحق في معاقبة زوجته المخطئة، وفي بريطانيا كان هناك حق تقليدي للزوج في إلحاق أذى جسماني «معتدل» بالزوجة لتحافظ على واجباتها، وألغي هذا القانون عام 1891، فالنظرة الأحادية والهيمنة الذكورية ليست وليدة هذا الزمان، بل هي موغلة في القدم، وحتى من قبل نشوء المجتمعات، وهي من أهم أسباب ذلك العنف والاضطهاد. حسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة تظهر لنا أرقام وإحصاءات مرعبة، حيث تبين لنا أن واحدة من بين كل ثلاث نسوة حول العالم تعرضن للعنف الجسدي أو الاعتداء غالباً من شخص مقرب، وهناك إحصاءات كثيرة رصدت تدعو لمخاوف حقيقية لا بد من الوقوف عندها وبحث أسبابها، إن دعوة بان كي مون الأمين العام السابق للمنظمة الدولية، التي أطلقها العام الماضي لتوحيد المواقف تحت شعار «اليوم البرتقالي»، لاقت صدى كبيراً وواسعاً لدى الكثير من البلدان والمنظمات الإنسانية، ولكن السؤال هل هذا يكفي؟ لقد قضى الأمين العام السابق جل فترة رئاسته لأكبر منظمة دولية وهو يعبر عن «قلقه» - وليس أكثر - تجاه كل القضايا والكوارث والحروب حول عالمنا المضطرب والملتهب. على الرغم من ظهور الكثير من الحركات والمنظمات التي تدافع عن حقوق المرأة في القرن الثامن عشر، باعتبارها عنصراً أساسياً وفاعلاً في بناء المجتمعات وتطور الحضارة، لا وبل من أجل ديمومة البقاء للعنصر البشري والإنساني، لا تزال المرأة والإنسانية ككل تعاني من أشد مظاهر وأشكال العنف والاضطهاد على الرغم مما وصلنا إليه من مدنية وتحضر، ربما لأن الحلول لا تعالج مثل تلك الظواهر من أصولها وجذورها، فالأمر ليس مجرد حركات ومنظمات وتظاهرات ودعوات يغطيها الإعلام، ولا تعدو أن تكون مسكناً يرضي ضمير ساسة العالم والمهيمنين على مقدراته. منذ أكثر من عقدين نرى تكريساً لسياسة العنف من خلال مظاهر خطيرة دخلت حياتنا حول العالم، ومن خلال برامج وأفلام وألعاب جعلت أولادنا يعيشون في عالم خيالي تسود ثقافة العنف فيه، ورافقت ذلك مظاهر الحروب والاقتتال والدمار الذي أصبح يرافق حياتنا اليومية، ناهيك عن التخلف والجهل والنظرة الأحادية والذكورية وإلغاء الآخر في مجتمعات كثيرة، فنحن بحاجة إلى جهود كبيرة لمواجهة هذه المظاهر، فالعالم اليوم ينفق على التسليح وصناعاته أضعاف ما ينفق على سلامة البيئة ومكافحة الاحتباس الحراري والفقر والجوع والأمراض، وعدّد من المشاكل ما تشاء. ينبغي أن نرجع إلى الجذور لمعالجة مظاهر العنف المتزايدة تجاه المرأة والإنسانية ككل والتي هي جزء ونتاج لهذه السياسات والمصالح، فالفكر الإنساني هو صانع الحضارات، وحين يغيب هذا الفكر، ويصبح العالم بين أيدي أصحاب المصالح، فلا بد من أن تكون النتائج كما نراها اليوم حروباً وتناحراً وفرقة وفتناً ومجاعات وتشريداً، ولا بد أن يصاحبها عنف ضد الرجال والنساء على حد سواء. بالبرتقال ولونه الجميل وأعلامه الزاهية من الممكن أن نغطي مظاهر العنف ليوم أو بعض يوم، ولكنها تظل لا تعدو أكثر من كونها مجرد غطاء، ولن تقترب من العلاج. ولكن التعليم، ومن ثم التعليم، ومراراً وتكراراً التعليم، وتنقية المنهج والفكر، هو السلاح الوحيد الذي نستطيع به التغلب على الكثير من المفاهيم والظواهر غير المرغوبة التي يعاني منها الكثير من المجتمعات، والأمثلة والتجارب الناجحة أيضاً كثيرة في عالمنا. مؤيد رشيد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©