انطلاقاً من المبدأ القائل بأن نظافة المجتمعات دليل على تحضرها وتقدمها، ولذلك تتوالى المبادرات والجهود الداعمة لكل ما يحافظ على هذا المستوى من الجمال والرقي الذي يلف كافة مظاهر الحياة داخل الإمارات وآخرها الحملة التي أطلقتها مدينة العين للحد من عمليات الرمي العشوائي للنفايات والمخلفات تحت شعار «لا للرمي العشوائي للنفايات».
(أبوظبي) - بدأت الحملة بداية الأسبوع الماضي بمدينة العين واستمرت على مدار خمسة أيام بغرض نشر الوعي بين كافة فئات ومؤسسات المجتمع من أجل الوصول إلى بيئة نظيفة ومستدامة للأجيال القادمة في مختلف مناطق إمارة أبوظبي.
وكان مركز إدارة النفايات بأبوظبي أطلق حملة مشابهة في بداية سبتمبر الحالي، بهدف نشر الوعي بين مختلف مكونات المجتمع بالأخطار الناتجة عن مثل هذه الممارسات، وتوعيتهم بالآثار البيئية والاقتصادية والصحية والقانونية للرمي العشوائي للنفايات ومياه الصرف الصحي.
مظاهر الرقي
استطلعت «الاتحاد» آراء شرائح اجتماعية مختلفة حول الجهود المبذولة على أرض أبوظبي والتي تهدف للحفاظ على ما حققته العاصمة الإماراتية من مستويات متقدمة في كافة مظاهر الرقي والنظافة، إلى أن أصبحت واحدة من أرقى الحواضر التي تهفو إليها قلوب عشاق الجمال والهدوء في أرجاء المعمورة وهو ما انعكس على عدد المترددين عليها، حيث من المتوقع أن يبلغ عدد المسافرين عبر مطار أبوظبي نحو 14 مليون مسافر في نهاية هذا العام، وهو عدد ضخم يعكس بجلاء حالة الرقي والازدهار التي تعيشها العاصمة والواجب الحفاظ عليها بكافة السبل والجهود، ويأتي على رأسها مواجهة الرمي العشوائي للمخلفات حتى لا تكون بقعاً في الرداء الظبياني المشرق.
تقول الطبيبة البشرية عبير المحيسني، إنها جاءت إلى أبوظبي قبل سبع سنوات للإقامة مع زوجها ثم العمل بعد ذلك، وانبهرت بشدة بمستوى النظام والنظافة في شوارع أبوظبي وكافة المنشآت والمباني فيها، ولم تكن تتوقع أن تجد عاصمة عربية بهذا الجمال.
شعور جماعي
وأوضحت المحيسني أنها تعتقد بأن السبب في هذه المنظومة الجميلة في أبوظبي، يرجع إلى شعور الجميع بفضل هذه الأرض الطيبة على كل من فيها، ومن ثم فإن الجميع يحرص على الحفاظ على ما يراه من نظافة ونظام في كل مكان بالعاصمة، وتعتقد بأن من يقوم بتشويه هذا الجمال سواء بإلقاء النفايات أو غيرها من السلوكيات العشوائية، شخص غير سوي ويستحق العقاب، لسببين الأول أنه لا يشكر الله على نعمة الوجود في هذا البلد المعطاء وهو ما يتضح من عدم حرصه على ما فيها من مظهر عام بهي وجميل، والثاني لأنه يقلل من جهد غيره من المسؤولين والعاملين في مختلف الهيئات والمؤسسات الظبيانية.
يذكر مجدي إبراهيم ويعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات، واحد من المواقف التي جعلته يحترم ويتفاعل مع مثل هذا المبادرات، قائلاً، إنه منذ عدة سنوات وبعد مجيئه إلى الإمارات بأيام قلائل، رأى في أحد شوارع أبوظبي مواطناً يقف أمام أحد كبائن التليفونات المعلق على زجاجها إعلانات مختلفة، وقد طلب من زوجته وابنه اللذين كانا يرافقانه، أن ينتظروه قليلاً، وأخذ يزيل هذه الإعلانات من على الكابينة، ما أثار إعجابه لمثل هذا السلوك الذي لم يكن اعتاد عليه من قبل، حسب إبراهيم.
ويتابع: ظل هذا المشهد عالقاً في ذهني من يومها إلى الآن، حيث غرس بداخلي قيمة جديدة ألا وهي الانتماء إلى المكان الذي أتواجد فيه ويترجم هذا الانتماء بشكل عملي، من خلال الحفاظ على كافة النظم السائدة فيه، ونظافة شوارعه ومنشآته، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بعاصمة جميلة وراقية مثل أبوظبي، وهذه الروح من التعاون والانتماء تجعلها دائما في حالة من الألق والجمال ومقصداً لكل أجناس الأرض ليعيشوا على أرضها ويستمتعوا بكل ما وهبها الله به من نعم مختلفة الأشكال والوجوه.
عوامل النجاح
وأكد إبراهيم أنه باستمرار يعمل على غرس هذه السلوكيات الإيجابية لدى أبنائه الثلاثة، ويعودهم على المحافظة على النظافة والمظهر الجميل في كل مكان يتوجهون إليه، سواء كان ذلك في حديقة عامة أو أحد المراكز التجارية المنتشرة في العاصمة، حيث أصبح ابناؤه الآن يشاركونه السلوك الايجابي الذي يحافظ على العاصمة ويجعلها دائما في أبهى صورة.
سهيل راشد الزعابي صاحب عمل خاص، أوضح أن تفاعل المواطنين والوافدين مع مثل هذه المبادرات يعتبر أهم عوامل نجاحها، وهو ما نراه دائماً في كافة الفعاليات والجهود التي تبذلها المؤسسات والجهات المسؤولة داخل أبوظبي، حيث نشاهد تفاعلاً جماهيرياً كبيراً يساعد على إنجاح هذه الجهود. وعن نفسه أكد الزعابي أنه لن يتردد في مراقبة أي سلوك يخل بنظافة وبيئة العاصمة وسيسارع بالاتصال بالرقم الذي أعلن عنه مركز إدارة النفايات بأبوظبي، للإبلاغ عن أي حالات تعد على المظهر الجميل في أي من مناطق العاصمة سواء في مدينة العين أو غيرها من ضواحي ومدن أبوظبي.
قيم الولاء
ولفت الزعابي، إلى أنه كإماراتي تربى وترعرع على هذه الأرض هو وأبناؤه، فإن أقل واجب هو الإسهام في الحفاظ على ما يبذله أولو الأمر من جهود ترمي إلى جعل المواطن الإماراتي والأجيال الجديدة يعيشون في بيئة نظيفة ومستوى معيشي تحسدنا عليه معظم شعوب الأرض، وهو ما كان يستحيل الوصول إليه لولا جهود الوالد الراحل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وخلفه الذين ساروا على دربه فجعلوا من دولة الإمارات بشكل عام، والعاصمة بصفة خاصة واحدة من أرقى المدن وأجمل الوجهات السياحية التي يقصدها الناس على اختلاف أذواقهم وثقافاتهم.
وهذا الإسهام سيطلب منه باستمرار أن يزرع في أبنائه كافة قيم الولاء والانتماء ومنها المحافظة على كل الأماكن، وهذا يعتبر أيضاً تطبيقاً لواجب ديني حث عليه ديننا الحنيف وهو الحفاظ على النظافة والجمال وهو ما ورد خلال حديث الرسول الكريم «إن الله جميل يحب الجمال» رواه مسلم.
مبادرات متنوعة
من ناحيته، يقول المهندس هاني حسني مدير قطاع الصحة والسلامة والبيئة في مركز إدارة النفايات بأبوظبي، أن المركز يحرص على تنظيم مبادرات وأنشطة متنوعة طوال العام للإسهام في تحقيق مزيد من التفاعل المجتمعي الذي يحفظ البيئة ويجعلها سالمة وآمنة في المجتمع الإماراتي، ومن تلك الجهود الحملة المقامة حالياً في مدينة العين والتي أطلقها مركز إدارة النفايات بأبوظبي ونسعى من خلالها إلى تحقيق عدة أهداف تتمثل في نشر الوعي بين الأفراد والشركات المعنية بأهمية الحفاظ على النظافة العامة وعدم رمي النفايات والصرف الصحي في غير الأماكن المخصصة لها وجعله شريكا فعالا من أجل بيئة مستدامة، نشر الوعي بالمخاطر البيئية الناتجة عن الرمي العشوائي وآثارها على الأجيال القادمة، تسليط الضوء على نظام التراخيص والتعرفة على منتجي النفايات ومزودي الخدمات البيئية الخاصة بإدارة النفايات، الزام جميع ناقلي النفايات في الإمارة بالتسجيل لدى مركز إدارة النفايات والالتزام بنظام التتبع الإلكتروني والتعريف به، التوعية والتثقيف بالقوانين والتشريعات، حماية المصادر الطبيعية والثروة الحيوانية.
وأوضح أن الفئات المستهدفة من الحملة هم مزودو خدمات إدارة النفايات بشكل عام في الإمارة من جمع ونقل، تنظيف، معالجة، تجارة، مكافحة الآفات، الجمهور، أفراد، وقطاع الأعمال في إمارة أبوظبي.
تفعيل المشاركة
وأشار إلى أن تفعيل مشاركة الجمهور والمؤسسات مع الحملة التوعوية يتم من خلال وسائل عدة ومنها حملة إعلانية واسعة عبر مختلف الوسائل الإعلانية السمعية والبصرية من الصحف والإعلانات التلفزيونية، والبث المباشر عبر الإذاعة، ورسائل S.M.S والرسائل الإلكترونية، هذا بالإضافة إلى الإعلام والإعلانات الطرقية التي تم نشرها في معظم الطرق الرئيسية في إمارة أبوظبي، هذا بالإضافة إلى تنظيم ندوات تثقيفية ومسيرات طلابية ونقاط توعوية في مراكز خدمة العملاء التابعة لمراكز تم في المنطقة الغربية، وبلدية العين، والمؤسسة العليا للمناطق الاقتصادية المتخصصة ومركز إدارة النفايات- ابوظبي وبلدية أبوظبي، هذا بالإضافة إلى نقاط توعوية في بعض المراكز التجارية مثل الخالدية مول في أبوظبي والجيمي مول بالعين.
وأكد مدير قطاع الصحة والسلامة والبيئة في مركز إدارة النفايات أن هناك عقوبات ينتظر توقيعها على من يقوم برمي النفايات عشوائياً، وذلك لكون الرمي العشوائي للنفايات ومياه الصرف الصحي يعد مخالفة صريحة للقوانين والتشريعات السارية حيث نص القانون على معاقبة كل من ارتكب مثل هذه المخالفة بالحبس والغرامة التي لا تقل عن خمسة آلاف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، ومصادرة الأدوات والآلات المخالفة مضيفاً إلى أنه وفي جميع الأحوال يلتزم المخالف بإزالة آثار المخالفة.
حملات توعية على مدار العام
أشار المهندس هاني حسني مدير قطاع الصحة والسلامة والبيئة في مركز إدارة النفايات بأبوظبي إلى نوعية الجهود المتواصلة للحفاظ على بيئة نظيفة ووطن نظيف بعد انتهاء هذه الحملة، منوهاً إلى أن المركز سيقوم بتنظيم حملات توعوية بشكل دائم وعلى مدار العام لخدمة أهداف الحملة، كما ستتواصل الجهود المبذولة من قبل المركز وكافة الجهات المعنية في الحد من هذه الظاهرة بشكل يضمن الحفاظ على البيئة ويخدم المصلحة العامة. يقوم المركز بالإشراف والمراقبة على التزام شركات القطاع الخاص بالتخلص من النفايات ومياه الصرف الصحي في المكبات الخاصة والمحطات التي وفرتها حكومة أبوظبي لذلك، هذا بالإضافة إلى مراقبة المركبات الناقلة للنفايات من خلال نظام التتبع الإلكتروني الـ GPS، ويقوم المركز بالتنسيق مع دائرة شؤون البلدية والبلديات والقيادة العامة لشرطة ابوظبي بضبط المخالفين على مدار العام، ويهيب المركز بالجميع التعاون ودعم جهود المركز من خلال الإبلاغ عن مثل هذه المخالفات عبر رقم اتصال حكومة أبوظبي 800555.
عدد اليوم
