الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسنون يجترون الذكريات ومنظمات تسن القوانين لحمايتهم

مسنون يجترون الذكريات ومنظمات تسن القوانين لحمايتهم
1 أكتوبر 2011 01:36
في اليوم العالمي للمسن ربما تكون الفرصة مناسبة لاستذكار كبار منسيين وسط الواجبات والمواعيد التي تزدحم بها أجنداتهم اليومية، أو قد تكون فيها أيضاً فرصة لهؤلاء الكبار لإعادة وضعهم وسط عائلاتهم وبين أحبائهم هذا إذا كان لهذا اليوم من يعرفه أو يعترف به. ففي الكثير من دور رعاية المسنين في كل مكان يعاني الكثير من كبار السن من ونكران الجميل وخذلان الأبناء والأحفاد. روابط أصبحت فعلاً ماضيا انقطعت لصالح قسوة فاقت الحدود ومشاعر جفت ينابيعها في وقت ينتظر فيه المسنون رد الجميل. اهتمت المواثيق الدولية بالمسنين، وخاصة بعد تزايد عددهم حول العالم، ولمواجهة المشكلات التي تتعرض لها هذه الفئة أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الأول من أكتوبر من كل عام ليكون “اليوم الدولي للمسنين”. وفي سياق خطة العمل نصت المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة الخاص بالمسنين على الالتزام باتخاذ إجراءات على جميع الصعد، بما فيها الصعيدان الوطني والدولي في ثلاثة اتجاهات ذات أولوية، هي كبار السن والتنمية، وتعزيز الصحة والرفاه في السن المتقدمة، وضمان بيئة تمكينية وداعمة. خطة عمل عقدت الجمعية العامة في عام 1982 الجمعية العالمية الأولى للشيخوخة التي تمخضت عن “خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة” وصادقت الجمعية العامة على هذه الوثيقة المهمة لأنها تبين بالتفصيل التدابير التي ينبغي للدول الأعضاء اتخاذها من أجل المحافظة على حقوق المسنين في إطار الحقوق التي أعلنها العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان، وهي تتضمن 62 توصية يتصل كثير منها اتصالا مباشرا بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتدعو الخطة إلى إجراءات محددة بشأن قضايا، مثل الصحة والتغذية وحماية المستهلك المسن والإسكان والبيئة والأسرة والرعاية الاجتماعية والعمل وضمان الدخل والتعليم وجمع بيانات البحوث وتحليلها. ويحمل اليوم الأول من شهر أكتوبر بين صفحات أيامه اليوم العالمي لكبار السن حيث يتم الاحتفال بهذا اليوم العالمي في العديد من دول العالم ويتم فيه رد الجميل والعرفان لكبار السن والاحتفاء بكل من شارك منهم في نهضة المجتمع الذي يعيش فيه، ليكون خلف هذه الاحتفالات هدفاً إنسانياً نبيلاً وشجاعاً وهو الحث على معاملة كبار السن في المجتمعات المختلفة بطريقة راقية ولائقة لتبقى الرعاية المتكاملة للمسنين واجب تمليه القيم الدينية والأخلاقية، وأمر فرضه الاعتراف بما قدموه للمجتمع من خدمات، وتعبير عن بعض ما أسهموا به في خدمة بلادهم خلال سنوات عملهم وعطائهم. وفي بعض مراكز رعاية المسنين هناك الكثير من القصص والحكايات التي تختبئ وراء تجاعيد الزمن لمسنين يشعرون بغربة وحزن وشقاء جرّاء زمن جار عليهن بسبب جحود أبنائهن، وظلم أعز الناس على قلوبهن، ممن تركوهم يتجرّعون طعم المعاناة. لتكون خلف تلك الجدران تفاصيل مريرة على حجم الأسى ونكران الجميل الذي لا ينطق، إنما يدل على ضيق تغلغل في صدور أنهكها الجحود. أبو سالم في السبعين من عمره أمضى السنوات الطوال في رعاية أبنائه وخدمتهم بعد وفاة والدتهم حتى كبروا واعتلوا المناصب العليا وانشغلوا بحياتهم. يقول بحزن وضيق عن وجوده في إحدى دور رعاية المسنين “أصبحت لا أراهم إلا في المناسبات البعيدة رغم أني أشتاق لرؤيتهم من وقت لآخر، لكن في دار المسنين وجدت الرأفة والرحمة والاهتمام أكثر من أبنائي وأحفادي”. قصة أكثر حزناً لأم تجاوز عمرها السابعة والستين تزين ابتسامة رقيقة وجهها ولكن قلبها يعتصره الألم والشوق لرؤية ابنتها التي فضلت زوجها على والدتها وسهرت على راحتها وحملتها تسعة أشهر بوضعها في دار العجزة تستريح فيها من عناء السنين. تقول المشرفة التي ترافقها إن المسنة (فاطمة .ع ) تحاول أن تمثل أمام الجميع أن أولادها لم يتركوها حيث تفتقدهم باستمرار من خلال تكرار أسمائهم واحداً تلو الآخر دون توقف. ومنذ 9 سنوات لم يأت أحد لزيارتها أو الاطمئنان عليها، لكن رغم حزنها البادي على وجهها كل يوم تجلس على كرسيها المتحرك تلتفت عيونها ونظراتها يمينا ويسارا على أمل أن تقوم ابنتها بزيارتها ولو مرة واحدة لتحتضنها بشوق ولهفة. وبحسرة وألم تتذكر السبعينية مريم قسوة زوجها الذي تزوج عليها للمرة الثانية وتركها في عز احتياجها له طالبا منها التنازل عن البيت له. بدموع حارقة تقول “أشعر بحسرة كبيرة تخترق قلبي لما فعله زوجي، وأنا التي أفنيت عمري معه على الحلوة والمرة لكنه تركني وحيدة هنا، ولم يسأل عني قط منذ أكثر من 10 سنوات”. وبلوعة تتابع “في كل الأيام التي تمر عليّ أتحسر على نفسي كثيراً، وأنا أرى أبناءً وأزواجا يأتون للزيارة وأنا لا أحد يسأل عني، لا ابنة أو ابنًا يرق قلبه على والدته. مسؤولية مشتركة عن اليوم العالمي للمسن، تقول ليلى الزرعوني، مدير دار رعاية المسنين في عجمان “أصبحت رعاية كبار السن من الأمور الأساسية والمهمة في مختلف دول العالم، خاصة بعد التقدم الكبير في مجال الرعاية الصحية وارتفاع متوسط عمر الإنسان وازدياد عدد المسنين سنة بعد الأخرى مما أدى إلى الاهتمام بتقديم الخدمات المختلفة لهم بصفة عامة والرعاية الصحية بصفة خاصة”. تضيف الزرعوني “أشارت التقارير العالمية إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر من الدول الأعلى في معدلات ارتفاع السن في العالم، وتشير التوقعات إلى أنه خلال ربع قرن سيتجاوز عدد المسنين في الدولة إلى 80 ألف شخص، الأمر الذي يتطلب وضع الاستعدادات لتلبية احتياجات تلك الشريحة من المجتمع وتوفير الخدمات المهمة لهم والاهتمام بمتطلباتهم الصحية والاجتماعية والمادية وتأكيدا بأن رعاية كبار السن هي مسؤولية جماعية ولا تخص فردا بعينه أو مؤسسة بقدر ما تعني مسؤولية أفراد المجتمع كافة صغارا وكبارا؛ فإن ما تقوم به دار رعاية المسنين بعجمان المؤسسة الاجتماعية المتخصصة في رعاية كبار السن يأتي من منطلق إنساني وديني ووطني وتأسيسها جاء بهدف جوهري وهو توفير الرعاية الشاملة لكبار السن فضلا عن نشر الوعي المجتمعي بحقوق المسن وأساليب الاهتمام به ورعايته وتوعية المجتمع بأن الأسرة هي المكان المثالي الوحيد لاحتضانه ورعايته”. وتتابع الزرعوني “لذا فقد ارتأت الدار هذا العام أن يكون هدفها توعية ثقافة الأسر في الدولة بهذا الدور الإنساني النبيل لنشر هذه الثقافة كواجب ديني وأخلاقي وطني وأن هذه الفئة تحتاج للرأفة بها والرحمة ورد الجميل الذي دعا إليه ديننا الإسلامي الحنيف”. رعايتهم واجبة بمناسبة اليوم العالمي للمسن وحسب تجربتها مع كبار المسنين بالدار، تنصح الزرعوني الجميع بالتعامل الحسن مع المسنين باعتباره شخصاً يحتاج دائما إلى الحنان والرعاية والعطف، وتقول “علينا أن ندرك أن المسن يستمتع دائما بالحديث عن الماضي الذي عاش أحداثه فعليا ألا نحرمه من ذلك، بل نستمع إليه بانصات بل ونظهر تفاعلنا معه بإعجاب، علينا أن نهتم كثيرا بمظهره ونظافته. ونخصص له وقتا للحديث والجلوس معه ونشعره دائما بأهميته ودوره الفعال في البيت واستشارته دائما فهذا يحسسه نوعا ما أنه موجود بين أفراد الأسرة، كما يجب أن نعبر عن احترامنا وتوقيرنا له باستمرار عن طريق تقبيل رأسه ويده وعدم الحديث معه بصوت عال، مع أخذه لزيارة أصدقائه القدامى لتجنيبه العزلة والوحدة، أيضا عند الحديث معه ضع يدك على يده أو على كتفه فهذه اللمسة حنونة تزيده اطمئنانا، وفي حالة الحديث معه لا تجادله فيما يقول ولا تغالطه وأجب عن أسئلته واستفساراته وإن كانت مزعجة ومتكررة واعلم أنه كالطفل تملكه وتسعده باهتمامك ورعايتك” وتؤكد مؤكدة أن “كبار السن هم بركة البيوت وتاريخها العريق وجذورها الراسخة، هؤلاء ضحوا لأجلنا، وسهروا لننام مرضوا حين مرضنا، فرحت عيونهم فخرا حين نجحنا لذا فرعايتهم والاهتمام بهم ليس فضلا منا بل واجب علينا”. فعاليات وأنشطة عن أهم الفعاليات التي ستقام في دار رعاية المسنين في عجمان ضمن الاحتفالات باليوم العالمي للمسن 2011، تقول الزرعوني “يشتمل الاحتفال على العديد من الفعاليات المتنوعة منها الصحية والتثقيفية والترفيهية والتي تستمر لمدة أسبوع حيث تنظم الدار رحلة ترفيهية إلى أبوطبي مع نزلاء الدار وجماعة أصدقاء المسنين والمنتسبين لخدمة الرعاية المنزلية، ونظمنها زيارة إلى ضريح المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله كبادرة جميلة لكبار السن في الدولة في يومهم العالمي، ويتخلل ذلك جولة في جامع الشيخ زايد الكبير، ثم سيؤدي المسنون صلاة الظهر في الجامع، كما ستكون هناك حملة صحية تثقيفية تحت شعار “آباؤنا صحتكم تهمنا” بالتعاون مع جامعة الخليج الطبية تنطلق من الدار إلى منازل الأسر في إمارة عجمان لمدة ثلاثة أيام لتوعية الأسر والمسنين المنتسبين لخدمة الوحدة المتنقلة للرعاية المنزلية بحيث تشارك جامعة الخليج الطبية بفريق طبي مكون من أربعة أطباء في تخصصات مختلفة مثل الأسنان والقلب والأسرة والمجتمع والباطنية، وعدد من طلبة الامتياز والممرضات بالإضافة إلى فريق عمل الدار، حيث تم إعداد برنامج صحي تثقيفي لفحص المسنين في منازلهم وإسداء النصائح وتقديم العلاج اللازم من خلال توزيع مطبوعات ومنشورات خاصة بهده الحملة، أما الفعالية الثالثة فهو تنظيم احتفال ترفيهي في الدار بالتعاون مع مركز الممزر الصحي بدبي وبمشاركة من طالبات مدرسة فاطمة الزهراء الابتدائية بعجمان فقد تم إعداد فقرات تراثية ومسابقات وجوائز عينية”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©