الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التحرش بالأطفال.. خلف "جدار الصمت"

التحرش بالأطفال.. خلف "جدار الصمت"
1 أكتوبر 2011 13:58
التحرش بالأطفال، حديث "سري جداً" في الأسر العربية، فالجميع يتجنب مجرد لفت النظر إلى احتمال قيام أحد بالتحرش بطفله أو طفلته، ولكن مع ارتفاع نسب هذه الجريمة التي تقود إلى تحطم الطفل نفسياً، أصبح البحث عن طريق للوقاية محل اهتمام الأمهات والآباء. في الوقت نفسه، فإن طريقة التعامل مع الطفل الذي تعرض لهذه التجربة السيئة مهمة لتجنب إعادة إنتاج شخصيات غير سوية في المجتمع. تؤكد لارا، أم لطفلين 7 و5 سنوات، أن ظاهرة التحرش بالإطفال انتشرت بشدة خلال السنوات الخمس الأخيرة، وعلى نطاق واسع، سواء في المدارس أو الأندية، أو حتى رياض الأطفال من خلال متابعتها للصفح. وترى لارا أن السبب في انتشار الظاهرة هو غياب الضمير وانعدام الوازع الديني، فضلاً عن عدم معاقبة الجاني الذي يرتكب حادثة التحرش خوفاً من الفضائح كما يرى الأهالي، وتشير إلى أن العقاب الصارم للجاني سوف يقلل كثيراً من حوادث التحرش بالأطفال. تشدد عبير عبد الله، أم لطفلة عمرها 6 سنوات، على ابنتها ألا يقوم أحد غير والدها بتقبيلها أو الإمساك بأي جزء حساس من جسدها. وتوضح أنه رغم عدم إدراك طفلتها بشكل واع لهذه التعليمات، إلا أنها تنفذها حرفياً حتى لا تغضب والدتها منها. وترى عبير أن تنظيم دورات توعية في بعض المؤسسات المهتمة بالأسرة أو الطفل للوالدين للتوعية بالتحرش الجنسي بأطفالهم سوف يسهم كثيراً في زيادة إدراك الوالدين وكيفية تعاملهم مع هذا الموقف، إذا حدث لأطفالهم. وتوضح مريم بكر، أم لثلاث أطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و14 عاماً، أن غياب الوعي لدى الأهل قد يزيد من المشكلة. وتقول إنها عايشت ذلك بنفسها مع إحدى صديقاتها التي تعرض ابنها للتحرش من حارس عقار، ولجأت الأم وقتها إلى تهديد ووعيد الطفل، الأمر الذي انتهى بها في النهاية إلى الذهب لطبيب نفسي نتيجة سوء الحالة النفسية لطفلها وخوفه الشديد من أي غريب خارج محيط أسرته. وتطالب مريم بوجود بعض أفلام الكارتون العربية على غرار بعض أفلام الكارتون التربوية الأجنبية التي تشرح بشكل مبسط للاطفال التحرش من باب أنه فعل غير لائق ويستحق العقاب، على أن تكون هذه الأفلام لأطفال ما بعد السابعة حتى يكون وعيهم وإدراكهم أكبر. صلاح يوسف، أب لطفلين 6 و9 سنوات، يرى أن غياب الأم عن المنزل وانشغالها في عملها لساعات طويلة قد ساعد في انتشار هذه الظاهرة، لأنه كما يرى لا يوجد رقيب على الأطفال ولا على أصدقائهم ولا على مدارسهم وبالتالي فعندما يقع المحظور، ويتعرض الأطفال لحادثة بشعة مثل هذه يفيق الأهل على كابوس مزعج لا يعرفون كيف يتصرفون معه. ويشير يوسف إلى أن تغليظ العقوبات على الجناة وتشجيع الأهل على الذهاب للشرطة للإبلاغ عن الواقعة ربما يساهم، إلى جوار رقابة الأهل، للحد من هذه الظاهرة. وتدعو لمياء صقر، أم لطفلة عمرها 5 سنوات، إلى وجود مراكز متخصصة لتأهيل الأطفال الذين يتعرضون للتحرش نفسياً، لأن عادة الطفل الذي يحدث معه هذا الموقف يتعرض لإضرار نفسية بالغة، مثل أن يصير الطفل انطوائي أو عدواني ومن ثم يجب تأهليه نفسياً واجتماعياً كي يتخطى هذه المحنة، فعقاب الجاني هو حق للمجتمع من وجهة نظرها، أما الطفل فمن حقه أن يجد مكاناً يتدرب فيه على ممارسة حياته الطبيعية دون رهبة أو خوف. وتشير د. عزة مطر، أستاذ أصول التربية بجامعة الأزهر، إلى أن ظاهرة التحرش بالأطفال معروفة عالمياً، لكن ما يجعلها تتفاقم في بعض المجتمعات العربية المحافظة، هو دافع الخوف من الفضيحة لإبلاغ الجهات المختصة للتحقيق في الواقعة، الأمر الذي يجعل الجاني لا يلقي أي عقاب، ومن ثم يعود لتكرار فعلته مع أطفال آخرين، لافتة إلى أن هناك الكثير من القوانين التي تجرم التحرش بالأطفال لكن تطبيقها يتم في محيط ضيق جداً نتيجة لأن مئات الحالات لا يتم الإبلاغ عنها في المجتمعات العربية. وتشير مطر إلى أن نسبة كبيرة من بين المعتدين على الأطفال جنسياً تعرضوا لنفس المأساة في طفولتهم ونتيجة لإهمال العلاج النفسى يرتكب نفس الأفعال. وتضيف أن الأصعب هو أن أشخاصاً في محيط الأسرة يقومون بهذه الأفعال الشنيعة مع الأطفال مثل الأقارب أو أحد أصدقاء الوالدين، وهنا يكون الأمر أكثر بشاعة في صعوبة اكتشافه وصعوبة التعامل معه بالطريقة الصحيحة. وتنصح مطر الأهل بعدم إهمال أطفالهم بحجة الانشغال بظروف الحياة، فاقتراب الوالدين من أبنائهم وإقامة علاقة سوية معهم يجعل الأمر أكثر سهولة ويسر في حال تعرض أطفالهم لمثل هذا الموقف، فالخوف من العقاب قد يدفع الكثير من الأطفال إلى عدم أخبار أمهاتهم بما يحدث معهم وكأنهم هم الجناة. وتشير إلى أهمية التوعية للأطفال بالتأكيد على عدم السماح لأحد أن ينزع ملابسهم أو العبث ببعض الأماكن الحساسة في أجسادهم على أن يكون الحديث أن هذا قد يغضب الله ومن ثم يتعود الطفل شيئاً فشيئاَ أن هناك خطأ وصواب وأن هناك أفعال لا ينبغي أن ترتكب معه. وترى مطر أنه كلما تم الاكتشاف المبكر للواقعة كلما كان العلاج أسهل، على أن يبدى الأهل تفهماً لموقف طفلهم الذي ربما قد تعرض للترغيب أو الترهيب من قبل الجاني وعدم المبالغة في رد الفعل أمام الطفل حتى لا يتم إشعاره أنه ارتكب خطأ فهو في النهاية مغلوب على أمره ولا ذنب له. ولا تجد مطر غضاضة في أن يلجأ الأهل إلى عرض طفلهم على طبيب نفسي لأنه عادة ما يكون الألم النفسي في هذه الحالات أعظم من الألم الجسدي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©