الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«قصة ثواني» يعري مجتمع بيروت

«قصة ثواني» يعري مجتمع بيروت
25 سبتمبر 2013 20:34
تجاوز فيلم «قصة ثواني» معضلة الطائفية في لبنان فلم تحمل شخصياته الرئيسية أسماء محمد أو جورج أو إيلي، بل حملت أسماء حيادية مثل مروان وزياد، ولم يتعرض الفيلم لمشكلات دينية أو مذهبية، وذلك خلال عرضه ضمن أسبوع الفيلم اللبناني الذي أقيم في العاصمة الأردنية عمان، ونظمته مؤسسة عبدالحميد بالتعاون مع الهيئة الملكية الأردنية للأفلام. ويتناول الفيلم على مدى تسعين دقيقة حكاية ثلاث شخصيات تعيش في بيروت، وتنتمي لخلفيات اجتماعية مختلفة، لا تلتقي أبداً، لكنْ أقدارها ومصائرها تتقاطع، وأن تطوراً واحداً يتسبب بتغيير جذري في حياتها. ووفق أحداث الفيلم الروائي، فالشخصية الأولى “نور” تفقد والديها في حادث سيارة وهما يستمعان لأغنية أم كلثوم “أنت عمري” لتتعسر حياتها، في حين تملك الشخصية الثانية “انديا” كل ما تحلم به امرأة إلا قدرتها على إنجاب طفل، فيما الشخصية الثالثة “مروان” ابن الـ 12 عاماً الذي يعيش مع أم مدمنة على الكحول وسيئة السمعة يتعرض للاغتصاب مما دفعه للهرب تفاديا للأذى العاطفي والجسدي، وهو واحد من بين 17% من أطفال لبنان يتعرضون لظروف مشابهة وفق كاتبة النص ومنتجته نيبال عرقجي. والملاحظ أن العمل السينمائي يعري المجتمع البيروتي ويقدمه للمشاهد بلا ماكياج، فالشخصيات الثلاث الرئيسة حقيقية وينسجم مع مقولة: “تريد أن تموت. اذهب إلى بيروت، حيث الحب والموت”، كما اعترفت عرقجي في حوار مع الجمهور بأنها تجولت في بيروت، وتعرفت إلى ظروف وواقع شخصياتها، وقدمتها كما هي. ويقدم الفيلم نماذج لحياة البيروتيين بواقعية وشفافية، فالأم التي تمارس الرذيلة تجبر ابنها على جلي الصحون قبل ذهابه للمدرسة، والحماة التي تحرض ابنتها على مراقبة زوجها خشية أن يحصل كما فعل والدها تسأل دائماً عن الحمل المشتهى، والجدة التي تبيع خاتم عرسها لتعيش، والطبيب الذي يتعاطف مع الفتى مدمن المخدرات ويسمح له بالهرب من المستشفى، بعد أن فشل في إقناعه بالعزوف عن تناول المخدرات. وتخلل الفيلم مشاهد جنسية جريئة، كما يقدّم صورا لحوادث ليست مقتصرة على بيروت كظاهرة خطف حقائب السيدات وهن يتبضعن أو يسرن في الشوارع، من عصابات تستعين بالدراجات النارية للإنفاق على المخدرات، حيث شهدت عمّان حوادث مماثلة خلال السنوات الثلاث الماضية. ويوجه الفيلم رسالة مباشرة للأمهات اللاتي يهملن أبناءهن مفادها بأن هؤلاء صيد سهل للعصابات التي استخدمت “مروان” الطالب الذكي الذي حصل على بعثة دراسية طعما لاستدرار عطف سيدات في الشوارع تمهيدا لخطف حقائبهن. واللافت للانتباه أن المخرجة لارا سابا سبحت ضد تيار النهايات السعيدة في الأفلام العربية، حيث ينتصر البطل أو الخير أو الحب، فبطلتها “نور” انهارت أمام ضغوط الحياة وفاتورة الكهرباء وباعت جسدها مقابل 400 دولار لتحتفظ بالبيت الذي يهدد البنك بالاستيلاء عليه. ورداً على سؤال بهذا الشأن قالت عرقجي إنها تعرف سيدة باعت نفسها من أجل بطاقة هاتف خلوي لا يتجاوز سعرها خمسة عشر دولارا. ويرى الناقد السينمائي ناجح حسن أن الأفلام المعروضة تمثل الاتجاه الجديد في السينما اللبنانية التي تنهض على قدرات شباب وجدوا من خلال جهودهم الذاتية والإنتاج المشترك ميزانيات بسيطة لتمويل هذا النوع من الأفلام بشقيه الروائي والتسجيلي. وأضاف حسن لـ “الاتحاد الثقافي” أن الأفلام حققت نجاحات نقدية لافتة خلال مشاركاتها في المهرجانات والملتقيات السينمائية، وتميزت باشتغالاتها الدرامية والإنسانية والجمالية. ووصف فيلم “قصة ثواني” بأنه عمل روائي مكتمل الأدوات، يفيض بجماليات السرد والبناء الدرامي المحكم، ويدور حول مصائر أشخاص مختلفين في مستويات معيشتهم في بيروت. وووفق ناجح فإن المخرجة لارا سابا نجحت في تصوير الواقع اللبناني بكل تشظياته، وإدارة ممثلين، بعضهم يقف أمام الكاميرا للمرة الأولى، ووظفت العمل بلغة سينمائية على نحو رشيق وجذاب وسلس. وتبع: إن الأفلام المشاركة تتنوع في تصوير الحياة اللبنانية وتفاصيلها الدقيقة أو استدعاء فترة حرجة عاشها المجتمع اللبناني، ومع تلك الإشراقات ما زالت السينما اللبنانية تتعثر في إيجاد بنية حقيقية، لافتقارها لسوق توزيعية ومظلة ترعى نتاجات كتابها ومخرجيها الذين أثبتوا على الدوام قدراتهم التعبيرية. وخلال أسبوع الفيلم اللبناني عرض فيلم “أبي يشبه عبدالناصر”، الفائز بجائزة المهر العربي للأفلام الوثائقية في مهرجان دبي السينمائي، ويتناول حياة صحفي يعاني اضطرابات في النوم، مما يضطره للاستعانة بأجهزة معقدة ليخطف ساعات من النوم، في حين يتناول فيلم “شو صار” الذي أثار جدلاً واسعاً في لبنان لحساسية مضمونه، وحاز جائزة “السينما في تحرك” بمهرجان سان سباستيان، مقتل 11 فرداً، من عائلة ديغول عيد، رمياً بالرصاص في قرية عدبل شمالي لبنان. أما فيلم “استعادة نضال” فيحكي عن حالة الغليان الفكري الثقافي السياسي عام 1974، وقيام طلبة الجامعة الأميركية باحتلال مبانيها احتجاجاً على ارتفاع رسوم التسجيل، فيما تدور أحداث فيلم “طيب.. خلص.. يلا” في طرابلس لأربعيني يعيش مع والدته العجوز، وعندما تتركه فجأة، لا يتبقى له سوى رفقة المدينة وما تقدمه، وهي قصة رجل بالغ، يجد راحته لأول مرة وحده، بعد أن تسوء علاقته حتى مع الخادمة الأثيوبية لعدم قدرتهما على التواصل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©