الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بريطانيا... استثمارات صينية في الطاقة النووية

18 سبتمبر 2012
أنتوني فيولا لندن اصطدمت حملة حكومية لتدشين الجيل التالي من الطاقة النووية في بريطانيا بعقبة كبيرة، عندما انسحبت الشركات الألمانية، تأثراً بتداعيات كارثة مفاعل فوكوشيما الياباني، من الخطط الرامية لبناء مفاعلات نووية في بريطانيا، قبل أن يدخل إلى الساحة مستثمر جديد بإمكانيات مالية أكبر وهو الصين. في الوقت الراهن تدعم المؤسسات الحكومية الصينية مجموعة من التكتلات المالية التي تتنافس على بناء مفاعلات نووية بريطانية، في صفقة تضع المصالح الأمنية لبريطانيا، التي تعتبر أقوى حليف لواشنطن، في مواجهة الاعتبارات المالية التي يتعين أن تضعها في حسبانها في إطار سعيها لتحديث شبكة طاقتها المتقادمة. ودخول الصين لسوق الطاقة البريطاني، ينظر إليها هنا وعبر أوروبا، على أنه يمثل محكاً ليس فقط لقدرة الطاقة النووية ذاتها على الاستمرار والبقاء في عالم ما بعد فوكوشيما، وإنما أيضاً للحد الذي يمكن أن تذهب إليه الحكومات الأوروبية، المثقلة بالأعباء المالية بسبب الأزمة الحالية التي تضرب العديد منها، في سعيها من أجل الحصول على ما تحتاج إليه من أموال. وهذه المحاولة تمثل ثالث أكبر محاولة وأكثرها إثارة للجدل من بين المحاولات التي بذلتها الصين من قبل لزيادة حجم استثماراتها في مشروعات متنوعة في بريطانيا، وفي عدد من الدول الغربية الأخرى، منها مشروعات للملابس ومرافق للمياه، ومنها كذلك الاستحواذ على شركة "نيكسن" الكندية النفطية التي تقوم بعمليات حفر في خليج المكسيك. والشيء الذي أثار خوف المنتقدين للنفوذ الصيني المتزايد على قطاع الطاقة في بريطانيا- وعلى وجه الخصوص توليد الطاقة النووية- هو أن الحكومة البريطانية قد باركت- بشكل عام- فكرة الانخراط الصيني في هذا المجال. فحسب "نك باتلر" مستشار رئاسة الوزراء السابق لقطاع الطاقة فإن بريطانيا تريد من خلال ذلك أن ترسل إلى الصين رسالة مؤداها أن" أبوابها مشرعة أمام استثماراتها". ويضيف "باتلر" وهو بالمناسبة من منتقدي الصفقة التي تم التوصل إليها مؤخراً مع الصين: "المشكلة هي أنني لا أرى أي أحد آخر بخلاف الصينيين لديه الاستعداد للاستثمار في المنطقة في الوقت الراهن". "فالصينيون- الحديث ما زال لباتلر- هم الوحيدون الذين يمتلكون أموالاً... إذا ما كنت تعرف أحد آخر، فأرجوك أن ترسله إلى مقر الحكومة". والصفقة موضوع البحث، تبين مدى الاختلاف بين الولايات المتحدة وأوروبا في النظر إلى الصين. فالدول الأوروبية لا تتفق مع الولايات المتحدة تماماً في نظرتها إلى الصين كمنافس استراتيجي، وتنظر إليها بدلاً من ذلك، وعلى نحو متزايد، على أنها راع مالي يقدم الاستثمارات للعديد من المشروعات المأزومة ومنها على سبيل المثال ميناء رئيسي في اليونان التي تعاني من مشكلات جمة، وشركة طاقة كبرى في البرتغال التي تعاني معاناة شديدة من تأثير أزمتها المالية المتفاقمة، كما يلعب بالإضافة لذلك دور الرأسمالي المستعد للاستثمار في المجالات التي يحجم الآخرون عن الاستثمار فيها. في نفس الوقت نجد أن منشآت الجيل القادم النووية في بريطانيا، يمكن أن تصبح دليلاً يمكن الاهتداء به من قبل الدول الغربية الأخرى الراغبة في الاستمرار في تبني سياسة نووية خالية تماماً من الانبعاثات الغازية (صفر انبعاثات كما يقال) كجزء من جهودها الرامية لتقليل الانبعاثات الكربونية في الجو، لأن البديل لذلك هو أن ما كان يطلق عليه" النهضة النووية" سوف تفشل في الإقلاع. فمن المعروف على سبيل المثال أن ألمانيا قد تعهدت، بعد كارثة مفاعل فوكوشيما في اليابان، بالتخلي عن منشآتها النووية خلال فترة زمنية لا تتجاوز 11 عاماً، وأن اليابان ذاتها تنظر في إمكانية الإقدام على خطوة مماثلة. ولا يقتصر الأمر على تينك الدولتين بل نجد أن المفوضية التنظيمية النووية في الولايات المتحدة قد قررت، بصفة مؤقتة، تجميد 19 طلباً لاستصدار رخص بناء مفاعلات نووية في نفس الوقت الذي تمر فيه بعملية مراجعة - بموجب قرار من المحكمة- لخطوطها الإرشادية البيئية المتعلقة بالتخلص من المخلفات النووية. وفي الآن ذاته، تواجه الصناعة النووية في الولايات المتحدة، تحديات كبيرة من بدائل الطاقة الأرخص ومنها على سبيل المثال لا الحصر، الغاز الصخري الذي يشهد ازدهاراً ملحوظاً في الوقت الراهن. يتناول "ثيلو هينمان" مدير الأبحاث في" روديام جروب" ومقرها نيويورك- وهي مؤسسة أبحاث اقتصادية متخصصة برصد الاستثمارات الصينية- المسألة من وجهة النظر الصينية فيقول"في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد الصيني تباطؤاً، فإن شركاته تنظر على نحو متزايد إلى الاستثمار في الدول المتقدمة من أجل تنمية رؤوس أموالها من ناحية، والحصول على فرصة للوصول إلى التقنيات المتقدمة، والمواهب البشرية المتطورة، والاحتكاك بأساليب الإدارة العالمية الحديثة، وذلك في إطار محاولاتها الدائبة للصعود على درجات سلم التقدم". في الآونة الأخيرة، نشرت "فاينانشيال تايمز" تقريراً قالت فيه إن هناك أحاديث متكررة في بريطانيا مؤداها أن الشركات الصينية قد تجبر في نهاية المطاف على قبول صفقات لا تتمتع فيها بأكثر من 50 في المئة من أسهم الملكية في المنشآت النووية الجديدة. ولكن مسؤول في قطاع الطاقة البريطاني، هون من شأن تلك المعلومات بالقول إن الحكومة البريطانية لن تسعى لتقييد حصة أي مؤسسة صينية راغبة في الاستثمار في مجال الطاقة، وستتعامل معها على الأسس ذاتها التي" تتعامل بها مع أي مستثمر آخر محتمل". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©