الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الطرق والمدقات في الإمارات.. سفر في المكان وتاريخ غاص وسط الرمال

16 سبتمبر 2012
مر تطور دولة الإمارات بمراحل متعددة ومهمة حتى استطاعت ضمن سياستها الحكيمة أن تصل إلى مصاف الدول الكبرى وأن تحقق إنجازات كبيرة وغير مسبوقة في المجالات كافة جعلت العالم يقدمها كنموذج تنموي ناجح، ولكن مع كل هذا التطور تظل الفترة التي سبقت اكتشاف النفط وقيام دولة الإمارات غائبة عن الكثيرين من أبناء جيل اليوم، ففي تلك الفترة كانت الإمارات تزخر بالكثير من طرق القوافل القديمة والمدقات الصحراوية التي كانت تدب بالحركة والحياة وسط الرمال. غير أن غياب العناية بها أدى إلى اختفاء الكثير منها، فلم تعد معروفة بداياتها ونهاياتها ولا الأماكن والمواقع التي مر بها المسافرون أو مواقع الآبار والطوايا التي تمر عليها وتعتبر محطات استراحة للعابرين. ولأن هذه الطرق والمدقات جزء أصيل من تاريخ حركة الإنسان على هذه الأرض الطيبة، وما زال جيل الأجداد والآباء يتذكرون الطرق والمدقات التي كانت لا تقل أهميتها عن الطرق السريعة المعبدة في وقتنا الحاضر، فكان لابد من أن نغتنم وجود عدد من أجدادنا الذين عايشوا تلك الفترة لنلقي الضوء على أبرز معالم هذه الطرق. يقول الباحث ناصر العبودي: قبل منتصف القرن الماضي يعتبر مجتمع الإمارات نموذجا صادقاً للمجتمع القبلي وهناك علاقة وثيقة بين القبيلة والترحال ويمتاز أهل البادية بالمعرفة الجيدة بالطرقات والدروب والمسارات الصحراوية فقد فرضت عليهم ظروف الحياة أن يتقنوا هذا الأمر من أجل البحث عن الماء والطعام لهم ولماشيتهم. ويواصل: اكتشف البدو قيمة الترحال بوصفه قوة ذاتية تحميهم من الخضوع وكلما ترحلوا استقلوا وحافظوا على استقلالهم وكان الترحال في أصله ضرورة معاشية لطلب المرعى والماء إلا أنه تحول إلى عامل سلوكي يعطي المرتحلين ميزة سلوكية إضافة إلى خاصيته المعاشية والأقوياء يرتحلون ويجدون الترحال مصدراً أكيداً لتعزيز قوتهم كما أن أصحاب النفس العزيزة يجدون في الترحال ملجأ لرفض الضيم والهوان. ويتابع: كانت الإمارات على مر العصور معبراً لطرق القوافل التجارية التي تربط بين أماكن التحضر في تلك الأزمان وجواد هذه الطرق ومعالمها ودلالاتها ما تزال ماثلة للعيان حتى الآن وقد ذكر قدماء المؤرخين مسارات هذه الطرق الموغلة في القدم كما وصف علماء المسلمين من مؤرخين وباحثين مسارات بعض هذه الطرق وما قيل فيها من شعر ونثر. ويؤكد أن تلك الدروب والمسارات كانت تسلك إلى أن جاءت وسائل النقل الحديثة وقد سلك الرحالة الأجانب بعض هذه المسالك على ظهور الإبل وهالهم ما رأوه على جوادها أثناء سفرهم من مشاهد أثرية. ويواصل: ظلت الطرق التاريخية كما كانت منذ القدم نظراً لأن الناس كانوا يتنقلون عبر الطرق المعروفة لأن الحماية والدلالة والماء العذب والرعي للراحلة متوفرة في هذه الطرق والمسارات التي لم تتغير معالمها منذ أن كانت الرحلات في هذه المنطقة مع فجر التاريخ، لكن التغيير الذي حدث بدأ منتصف القرن الماضي عندما دخلت السيارات الدولة وأصبح السفر عن طريق السيارات بديلاً عصرياً عن الإبل. ويضيف العبودي: كان استعمال وسائل تقليدية وبسيطة مثل الإبل والدواب كافياً لاعتماد الدروب والمسارات الصحراوية كوسيلة مهمة ووحيدة للسفر وسط سكون الصحراء وبعد ذلك وبازدياد الطلب على السفر ودخول السيارات للدولة في منتصف القرن الماضي أخذت كثير من الطرق تقل أهميتها وفقدت الدروب والطرق التقليدية أهميتها منذ عام 1964 حيث بدأت أعمال الطرق المرصوفة تربط قرى ومدن الإمارات بعد أن كانت الطرق عبارة عن مسارات رملية عبر الصحراء والسبخات، فالثروة النفطية التي تدفقت على البلاد منذ ستينيات القرن الماضي كان لها أثر كبير في تحضير البادية في الإمارات وإحداث تغييرات جوهرية في نمط حياتهم التقليدي. وشدد على أنه يجب أن تبدأ الهيئات المتخصصة ومراكز البحوث في تنفيذ مشروع علمي عن “تحقيق مسارات طرق القوافل القديمة” الذي يرمي إلى دراسة مسارات طرق ودروب القوافل القديمة التي تخترق أراضي الإمارات على مر العصور، وذلك من منطلق أن من أهدافها خدمة وتوثيق تاريخ الإمارات وجغرافيتها وآثارها الفكرية والعمرانية .
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©