الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميركل... تحديات الولاية الثالثة

23 سبتمبر 2013 22:57
فازت أنجيلا ميركل بتأييد كاسح من الناخبين الألمان لتكون بذلك أول امرأة في تاريخ ألمانيا تحتل منصب مستشارة ولتحصل على أعلى نسبة من أصوات الناخبين منذ الفوز العريض الذي حققه هلموت كول بعد إعادة توحيد الألمانيتين عام 1990. وحصلت كتلة «الديموقراطيين المسيحيين» التي تتزعمها ميركل على نسبة 41.5 بالمئة من الأصوات مقابل 25.7 بالمئة لحزب «الديموقراطيين الاجتماعيين» بزعامة «بير شتاينبروك» وذلك في الانتخابات التي جرت أول من أمس وفقاً لنتائج فرز الأصوات في 299 مقاطعة. وبالرغم من هذا الانتصار، فإن هذه النسبة لا تحقق لها الأغلبية البرلمانية الكافية لتشكيل الحكومة، وباتت في حاجة لعقد ائتلاف مع شركاء آخرين حتى تتمكن من حكم أضخم اقتصاد في أوروبا. وقالت ميركل التي أصبحت رابع مستشار لألمانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تتولى المنصب لثلاث دورات انتخابية متوالية، في كلمة ألقتها داخل مبنى القيادة المركزية لحزبها في برلين: «إنها بحق نتيجة رائعة. وأنا أعد الناخبين بأننا سنتحمل المسؤولية بكل حرص، وسنقوم بكل ما نستطيع عمله خلال السنوات الأربع المقبلة حتى نضمن لها أن تكون مرة أخرى سنوات ناجحة لألمانيا». وبعد أن اكتسحت ميركل (59 عاماً) هذه الانتخابات على خلفية نجاحها في تخفيض معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها خلال العقدين الماضيين وتفوقها في التصدي لتداعيات «أزمة منطقة اليورو»، بات يتحتم عليها الآن البحث عن حليف جديد بعد خسارة حزب «الديمواقراطيين الأحرار» لمقاعده في البرلمان. ومن المقرر أن يجتمع زعماء الأحزاب الإثنين المقبل لإطلاق مفاوضات التحالف. وعقب الإعلان عن النتائج مباشرة، ارتفعت قيمة اليورو بمعدل 0.1 بالمئة إلى 1.3532 دولار. وقالت ميركل خلال الحملة الانتخابية إن الإلحاح على إنجاز الإصلاحات في دول منطقة اليورو التي تلقّت المساعدات المالية، كان يمثل الطريقة الوحيدة لتدعيم قدرات أوروبا على المنافسة العالمية. وأشارت إلى الانخفاض الكبير في معدل البطالة خلال فترة حكمها والذي سبق أن بلغ عام 2005 أعلى مستوياته منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عندما وصل إلى 12.1 بالمئة. والآن يبلغ معدل البطالة في ألمانيا 6.8 بالمئة بالمقارنة مع معدل 12.1 في الدول السبع عشرة التي تشكل منطقة اليورو.وهذا الانتصار الجديد يمنح ميركل أربع سنوات جديدة من الحكم. وإذا تمكنت من استكمال ولايتها الجديدة كلها، ستكون قد قضت 12 عاماً كزعيمة لألمانيا، وتلك فترة تزيد على فترة حكم رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة مارجريت تاتشر (المرأة الحديدية) التي حكمت بريطانيا لمدة 11.5 عام. وحتى يتحقق لها هذا الأمل، يتحتم عليها أن تعثر الآن على حليف يشاركها الحكم وتشكل معه الأغلبية البرلمانية اللازمة. ولكن خيارات ميركل تبدو محدودة لإعادة تشكيل ما يُعرف باسم «التحالف الأكبر» الذي شكلته في ولايتها الأولى مع خصومها التقليديين من الحزب «الديمواقراطي الاجتماعي» أو التحالف الوطني الأول مع حزب «الخضر». ولم يصدر عن أي من الحزبين المذكورين حتى الآن، أي مؤشر يدل على الرغبة في التحالف مع ميركل. وقال شتاينبروك الذي كان يشغل وزير المالية في حكومتها السابقة إنه يرفض العمل تحت وصاية المستشارة الجديدة. وقال متخصصون في الشأن الداخلي الألماني أن كلاً من الحزب «الديموقراطي الاجتماعي» وحزب «الخضر» أشارا بكل وضوح بعد انتهاء فرز الأصوات إلى الصعوبات الكبيرة التي تعترض فكرة تحالف أي منهما مع ميركل. وفيما دخلت أول مستشارة ألمانية منحدرة من «ألمانيا الشرقية الشيوعية سابقاً» التاريخ في سجلّها الانتخابي، إلا أن ولايتها الثالثة ستجعلها في مواجهة مخاطر وتداعيات حملة الإنقاذ المالية الثالثة لليونان التي تواجه الكثير من المعارضة الداخلية في ألمانيا. وقال خبير الشؤون الألمانية جان تاكو: «إنه نصر كبير لميركل ولكنه تحقق لقاء ثمن باهظ جداً تمثل في خسارة تحالفها مع حزب الديموقراطيين الأحرار». ولقد حصل حزب «الديموقراطيين الأحرار» على 4.8 بالمئة من الأصوات أو أقل بقليل من نسبة 5 بالمئة التي يحتاجها حتى يفوز بمقاعد في البرلمان وذلك للمرة الأولى منذ إجراء أول انتخابات ألمانية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وبالضبط في عام 1949. وتقترب نسبة الأصوات التي فازت بها ميركل مع نسبة 43.8 بالمئة التي حصدها المستشار الأسبق هلموت كول في انتخابات شهر ديسمبر من عام 1990 بعد شهرين من إعادة توحيد شطري ألمانيا الشرقي والغربي. وانضمت بذلك إلى المستشارين الثلاثة: أديناور وكول وهلموت شميت الذين حكموا ألمانيا لثلاث ولايات متتالية. وقالت ميركل إن من المبكر جداً الحكم على الطريقة التي سننتهجها لبناء الائتلاف الحكومي. وربما ستكون مجبرة على التحالف مع أحد الحزبين المنافسين لها وهما «الحزب الديموقراطي الاجتماعي» أو «حزب الخضر» من أجل ضمان تشكيل حكومة مستقرة. ويُعدّ تشكيل الائتلافات الحزبية قاعدة في النظام السياسي الألماني، وعادة ما تستغرق المفاوضات بشأنها مدة تتراوح بين أربعة وستة أسابيع. وكانت ميركل انتخبت مستشارة للمرة الأولى عام 2005 لتفاجأ عام 2009 بأزمة ديون دول منطقة اليورو التي بدأت في اليونان وألقت بظلالها القاتمة خلال فترة ولايتها الثانية كلها، وربما مثلت حكمتها بالتعامل مع هذه الأزمة العويصة العنصر الأساسي في نجاحها السياسي الكبير. وأصبحت ألمانيا المساهم الأول في حزمة المساعدة المالية لإنقاذ دول منطقة اليورو والبالغة 496 مليار يورو. واشترطت المستشارة ميركل مقابل ذلك تكفّل الدول المتعثّرة بإجراء الإصلاحات المالية من أجل الحفاظ على القدرة الأوروبية على المنافسة الدولية. وعمد الخبراء إلى تقسيم القارة الأوروبية من النواحي الاقتصادية إلى «شمال غني» و«جنوب ضعيف»، وهو مؤشر مهم يوحي بالتفاوت الاقتصادي الكبير بين بلدانها. طوني تشوزكا وبرايان باركين برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©