السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثقافة السائدة تكريس سلبي لتفوق الرجل

الثقافة السائدة تكريس سلبي لتفوق الرجل
9 مارس 2009 00:48
كان أحد الملوك يحب أكل السمك، فجاءه يوماً صياد ومعه سمكه كبيرة ، فأهداها للملك ووضعها بين يديه ، فأعجبته، فأمر له بأربعة آلاف درهم، فقالت له زوجته: بئس ما صنعت· فقال الملك لِمَ؟ فقالت: لأنك ما أعطيت بعد هذا لأحد من حشمك بهذا القدر، لقال : قد أعطاني مثل عطية الصياد، فقال: لقد صدقت، لكن يقبح بالملوك أن يرجعوا في هباتهم، وقد فات الأمر، فقالت له زوجته: أنا أدبر هذا الحال، فقال: وكيف ذلك ؟ فقالت: تدعو الصياد، وتسأله : هذه السمكه ذكر هي أم أنثى ؟ فإن قال ذكر، فقل إنما طلبت أنثى، وإن قال أنثى قل إنما طلبت ذكراً· فنودي على الصياد فعاد، وكان ذا ذكاء وفطنة ، فسأله الملك: هذه السمكة ذكر أم أنثى؟ فقال الصياد: هذه ''خنثى''، لا ذكر ولا أنثى ؟ فضحك الملك من كلامه وأمر له بأربعة آلاف درهم، فمضى الصياد إلى الخازن، وقبض منه ثمانية آلاف درهم، ووضعها في جراب كان معه، وحملها على عنقه، وهم بالخروج، فوقع من الجراب درهم واحد، فوضع الصياد الجراب عن كاهله، وانحنى على الدرهم فأخذه، والملك وزوجته ينظران اليه، فقالت زوجة الملك للملك: أرأيت خسة هذا الرجل وسفالته ، سقط منه درهم واحد، فألقى عن كاهله ثمانية آلاف درهم، وانحنى على الدرهم فأخذه، ولم يسهل عليه أن يتركه ، ليأخذه غلام من غلمان الملك، فغضب الملك منه وقال لزوجته صدقت· ثم أمر بإعادة الصياد وقال له : ياساقط الهمة، لست بإنسان، وضعت هذا المال عن عنقك، لأجل درهم واحد، وأسفت أن تتركه في مكانه ؟ فقال الصياد: أطال الله بقاءك أيها الملك، إنني لم أرفع هذا الدرهم لخطره عندي، وإنما رفعته عن الأرض، لأن على وجهه صورة الملك، وعلى الوجه الآخر اسم الملك، فخشيت أن يأتي غيري بغير علم ، ويضع عليه قدميه ، فيكون ذلك استخفافا باسم الملك، وأكون أنا المؤاخذ بهذا، فعجب الملك من كلامه واستحسن ما ذكره ، فأمر له بأربعة آلاف درهم· فعـاد الصياد ومعه إثنا عشر ألف درهم، وأمر الملك مناديا، ينادي: لا يتدبر أحد برأي النساء ، فإنه من تدبر برأيهن وأتمر بأمرهن ، فسوف يخسر ثلاثة أضعاف دراهمه·) ··· تلك قصة من الثراث الشعبي لا تخلو من الطرافة، ومما لا شك فيه أن الثقافة الذكورية عبر الأزمان قد أسهمت في حفظها وتناقلها من جيل لآخر، وتتفق فيما تدعو إليه والقول الذي بين أيدينا:(شاور حرمتك·· واعصاها) وما يدعو إليه من الأخذ برأي النساء حتى ولو لم يكن هناك قناعة بآرائهن، لكن هل هناك من يتفق مع هذا القول؟ ولماذا؟ ظلم وغبن يقول ماجد الجابري ''موظف'': إن هذا القول المأثور، أو المثل العربي يحمل كثيراً من الغبن والظلم بحق المرأة، ويعني مصادرة مبطنة لعقلها ورجاحة فكرها، وهو بلا شك قول يعكس حقيقة الثقافة الذكورية التي كانت سائدة أيام الجاهلية، رغم أن الإسلام جاء لينصف المرأة، وهناك قصص واقعية في التاريخ الإسلامي والسيرة تتضمن تعارضاً حقيقياً مع هذا المعنى، فما قيمة الأخذ برأي الزوجة إن كنت تنوي أن تخالفها منذ البداية؟ ويضيف سعيد المحيربي ''أعمال حرة'': أعتقد أن هذا القول لا يعكس حقيقة دور المرأة - لاسيما إن كانت زوجته - في الحياة، فما يقال خارج أسوار الزوجية يختلف تماماً عما بداخلها، وأنا أعلم أن المرأة العربية عامة والإماراتية خاصة تتمتع بدور قوي ومؤثر في الحياة، وهناك نسبة كبيرة من الأزواج ممن يعملون بمشورة زوجاتهم، والبعض لا يستطيع أن يتخذ قراراً إلا بمشورتها، لاسيما وإن كان الأمر يتعلق بالأسرة والأبناء وشؤون البيت· تناقض الرؤية أما محمد جاسم ''طالب'' فيرى أن هذا القول قد ينطبق على حالات كثيرة في الحياة، أو أن هناك من يرى أن الرجولة تعني مخالفة المرأة فيما تقول، أي أن البعض يجد في تناقض الرؤية فرصة ليثبت ذاته، ولأن الرجل قيم على المرأة، فلابد أن يخالفها ويتمسك برأيه حتى ولو كان خطأً، وهذا غير منطقي، وغير سليم، فلماذا يؤخذ رأيها إذن؟ أنا أعتقد أن المرأة، سواء كانت زوجة أو أختاً أو أماً، فإنها ستسدي بنصيحتها ورأيها في مصلحة الطرف الآخر، إن كان أخاً أو زوجاً أو ابناً في حدود معرفتها وثقافتها، وليس بالضرورة أن يكون كل ما تقوله خطأ، أو أمراً يجب مخالفته، وأنا لا أتفق مع هذا الرأي على الإطلاق· من جانب آخر يقول فتحي قنصوة ''معلم اللغة العربية'' بالمدرسة الدولية الخاصة في العين: ''هذا الكلام نتاج ثقافة بالية، وجاء في زمن كانت فيه المرأة لا تتمتع بالمساواة والحرية كما هي الآن، إن الزمن قد تغير، ونالت المرأة حقوقها كاملة، بل وتفوقت علي الرجل في كثير من الأحيان، والنظرة الى المرأة تغيرت تماماً، وأصبحت المرأة هي العنصر المحرك في البيت وفي تسيير شؤون الحياة، ونالت واكتسبت الكثير من الاحترام والتقدير بفضل ما أسهمت به من نجاحات في كافة ميادين الحياة، فكيف إذن نأخذ رأيها ونسألها ثم نخالفها، إن هذا القول يتناقض مع المفهوم الصحيح للشريعة والفقه، وإن كانت المرأة راجحة العقل فلماذا لا يسترشد ويستدل الرجل برأيها؟ إن القول يجافي الحقيقة تماماً، وإن ردده البعض، فإنما يردده لإثبات ذاته بصورة سلبية، ولا أعتقد أن يتخذ منه منهجاً في حياته وفي تعامله مع النساء· للمرأة رأي آخر على الجانب الآخر تدافع المرأة تماماً عن مخالفته لمغزى هذا القول، وتتحمس لإثبات عدم صحته، وتقول ثريا إبراهيم ''موظفة وإخصائية موارد بشرية'': ''إن هذا القول لا ينطبق على كل الثقافات، ولا يمكن تعميمه على كل النساء في المجتمع الواحد، ولا يتبناه الرجال بشكل عام، وإنما هو قول قيل في مناسبة محددة، وردده البعض دون وعي ودون فهم، ومن الممكن أن يساق في مناسبة معينة، لكن لا يجوز تعميمه لعدة أسباب في مقدمتها ما حققته المرأة من نجاحات في كافة الميادين، الى جانب حجم الدور والمسؤولية الملقاة على عاتق المرأة في الحياة وفي المجتمع، في البيت والمدرسة وفي كافة مواقع العمل والإنتاج، فضلاً عن كونها مربية ومسؤولة عن الأبناء ورعاية الأسرة الى جانب الحقيقة التي لا يجاهر بها الكثيرون بأن المرأة العربية رغم كل ما قيل عنها من سلبية، فإنها تحتل مكانة خاصة عند الرجل العربي، وتحظى بقيمة كبيرة في الثقافتين العربية والإسلامية، وقيمنا العربية تعلي من شأن المرأة، وتجل دورها وقدرها وقيمتها وإسهاماتها، لذا فإن مشاركتها بالرأي أمر تفرضه الثقافة، والواقع بما لا يقبل الجدل، وإن كان القول يأتي على سبيل السخرية أو التهكم أحياناً، لكن الواقع يقول شيئاً آخر· ثقافة بالية ريم المنصوري ''ربة منزل''، تؤيدها الرأي، وتقول: ''ربما من يقول ذلك فهو جاهل بما حققته المرأة العربية والإماراتية من إنجازات ومكاسب على صعيد الأسرة والمجتمع، ولو كانت بقدر هذه المسؤوليات والإنجازات ما كانت قد نجحت هذا النجاح، فاليوم المرأة الإماراتية تعتلي كل المناصب من موظفة الى سيدة أعمال، الى وزيرة، وعضوة سلك دبلوماسي وسفيرة وقاضية، وهذا لم يأتِ عبثاً، وإنما هو اعتراف شرعي تفخر به المرأة ويؤكد أنها أهل للثقة، وأنها لا تقل رجاحة وعلماً وعقلاً ومقدرة عن أخيها الرجل، ومن يتخفى وراء هذا القول إنما هو ليس صاحب عقل ناضج، ورأي سديد، بل ويفتقر الى الثقة بالنفس''·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©