الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حسابات بيل كلينتون تخدم رومني!

16 سبتمبر 2012
في خطاب تأييد حيوي لزملائه الديمقراطيين في آخر اجتماع عام للحزب الديمقراطي في مدينة شارلوت، رشح الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون باراك أوباما لخوض الانتخابات القادمة. وكلينتون الذي ساعد على توفير 21 مليون وظيفة خلال السنوات الثماني التي قضاها في الحكم، يعرف تماماً الديناميكية التي يتم من خلالها توفير الوظائف. لم يكن هناك ما يدعو للاستغراب والحال هكذا، أن يقوم كلينتون في ذلك الخطاب بالتأكيد على صفتين رئيسيتين من صفات القيادة تقودان لخلق الوظائف هما: التعاون، والتفاهم القائم على إتقان فن الحسابات. وإذا ما نظرنا إلى الواقع وليس للبلاغة اللفظية، وإلى الأداء السابق وليس الوعود المستقبلية، فنستطيع القول إن كلينتون، وبما قاله، كان يصادق وإن بشكل ضمني وغير ملحوظ تماماً، على اختيار المرشح الجمهوري ميت رومني. فقد كان بمقدور كلينتون أن يؤكد على العديد من سمات القيادة المتوافرة لدى أوباما، ومنها إيمانه الذي لا يتزعزع بالمستقبل التقدمي الذي مثل محوراً جوهرياً لمعظم الخطب التي ألقيت في المؤتمر العام للديمقراطيين، لكنه، بدلاً من ذلك، اختار التأكيد على التعاون وعلى أهمية الحساب -أو دور المعلومات- في عملية اتخاذ القرار. فمجرد فحص سريع للسجل المهني للرجلين -أوباما ورومني- يظهر بجلاء أن أداء رومني في مجال التعاون وإلمامه بعلم الحساب أقوى من أوباما. ولتوضيح ذلك دعونا نبدأ بخاصية التعاون، وما الذي يعنيه أن يعمل الرئيس عبر الممر الفاصل بين اليمين واليسار في الكونجرس، أو ما الذي يعنيه أن يعمل الرئيس بالتعاون مع الحزب الآخر. أكد كلينتون في خطابه على سجل أوبامـا في تعيين جمهوريين في إدارته. ولم يكن هناك ما يدعو للدهشة أنه -كلينتون- لم يؤكد على قدرة أوباما على العمل مع الحزب الآخر في الكونجرس، لأن أوباما في حقيقة الأمر كان يعمل منذ تولى مهام منصبه في اتجاه مضاد للكونجرس، وعلى وجه الخصوص ضد الحزب الجمهوري، وضد سلفه في المنصب، على العكس من رومني الذي تعلم خلال تجربته كحاكم لولاية ماساشوستس التعاون مع الديمقراطيين. ففي خطابه أمام المؤتمر العام للحزب الجمهوري، أكد رومني على موضوع توفير الوظائف، وأبرز أن ولاية ماساشوستس التي كان حاكماً لها قد تمكنت رغم مجالسها التشريعية التي يسيطر عليها الديمقراطيون، من تحسين سجلها في خلق الوظائف من المرتبة 50 إلى المرتبة 28 ، وأشار أن ذلك لم يكن ليتحقق من دون تعاون وثيق مع الديمقراطيين في المجالس التشريعية. وبمرور الوقت بات الديمقراطيون، بما في ذلك الرئيس الديمقراطي السابق لمجلس النواب "توم فينيران"، أكثر استعداداً لاحترام سجل رومني في هذا الشأن، رغم أنه كان يصدهم عن ذلك قليلاً أسلوبه الذي يشبه أسلوب المديرين التنفيذين في الشركات، وهو ما يقودنا إلى الميزة الثانية من ميزات رومني وهي إلمامه بفن الحسابات. وبالطبع، فقد استخدم كلينتون موضوع الحسابات في خطابه أمام المؤتمر العام للحزب الديمقراطي للهجوم على خطة رومني ورايان لتقليص الدين، وعلى الأعضاء الجمهوريين في الكونجرس، وللثناء على قدرة أوباما على إيجاد الوظائف. لكن لوحظ، مع ذلك، أن البراعة الحسابية التي استخدمها كلينتون في ثنايا ذلك الخطاب قد وضعت ظلالاً من الشك على الأرقام الحسابية نفسها التي قدمها في معرض التدليل على صحة وجهة نظره فيما يتعلق بتأييد أوباما والتقليل من شأن رومني. لكن يمكن القول، وبشكل أكثر عمومية، إن تركيزه على الأرقام والحسابات باعتبارها من السمات الجوهرية للقيادة، يصب في مصلحة ترشيح رومني كرئيس. فأوباما بصفة عامة يميل إلى التركيز على صفاته وقيمه الأخلاقية، أكثر من ميله للتركيز على استخدام الحسابات والمعلومات. وقد أبرزت زوجته ميشيل أوباما هذا الجانب من شخصيته في خطابها في شارلوت عندما امتدحت بعاطفة صادقة أسلوبه الرؤيوي بقولها: "عندما تكون رئيساً فإنه يكون بمقدورك تلقي كافة أنواع الاستشارات والنصائح، لكنك في نهاية اليوم، وعندما يتعلق الأمر باتخاذ القرار، فإن ما يرشدك هو قيمك الأخلاقية ورؤيتك". أما رومني، فالأمر يختلف بالنسبة له، إذ نجد لديه تركيزاً أكثر اعتماداً على الحسابات والمعلومات عندما يتعلق الأمر بأدائه لواجبات وظيفته. فقد قضى عمره وهو يعمل بجد من أجل تحويل مشاريع تجارية فاشلة إلى مشاريع ناجحة، ودورات أولمبية مهددة بالانهيار لدورات مشرفة، واقتصاد ولاية من الأزمة إلى الانفراج. وفي خطابه أمام المؤتمر العام لحزبه، أعلن كلينتون أن أداء رومني في مجال الأعمال كان "ممتازاً". ومع ذلك ليس هناك ما يدعو للدهشة إن عرفنا أن الأعضاء الأكثر تطرفاً في الحزب الجمهوري وجدوا أنه يصعب عليهم التعاطف مع سجل رومني، لأنهم في حقيقة الأمر يريدون نسخة محافظة من أوباما، أي رئيساً محافظاً مدفوعاً بالقيم والمبادئ الجمهورية الأصيلة وليس بالأرقام الحسابية. لكن مراجعة خطاب كلينتون الأخير في ذلك المؤتمر تكشف بجلاء أن ذلك الخطاب كان بمثابة تأييد لخط رومني وسماته القيادية المتمثلة في البراجماتية المدفوعة بالأرقام والمعلومات، والبراعة العملية في تحويل الفشل إلى نجاح، أكثر مما كان تأييدا لرؤية أوباما التقدمية وقيمه الليبرالية. رودني كيه سميث أستاذ بمدرسة توماس جيفرسون للقانون بسان دييجو - كاليفورنيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©