الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الركود يجتاح الأسواق الصينية وسط مخاوف في أوروبا وأميركا

الركود يجتاح الأسواق الصينية وسط مخاوف في أوروبا وأميركا
16 سبتمبر 2012
يواجه اقتصاد الصين، بعد ثلاثة عقود من النمو المطرد، مشكلة جديدة غير مألوفة، تتمثل في ارتفاع المخزون من السلع غير المباعة، التي تكتظ بها مستودعات المصانع، والمحلات التجارية. وتعوق التخمة التي كادت أن تشمل جميع المنتجات من الأجهزة المنزلية، والسيارات، والشقق السكنية، الجهود التي تبذلها بكين، للخروج من دائرة البطء التي دخل فيها الاقتصاد. ونتج عن الراكد من السلع، سلسلة من حروب الأسعار التي قادت المصانع إلى مضاعفة جهودها لتصدير ما عجزت عن بيعه في الأسواق المحلية. وتم التعتيم على حدة هذا التضخم في المخزون، من خلال حجب أو تعديل الحكومة للبيانات الاقتصادية، في محاولة من جانبها، لاستعادة ثقة مدراء الأعمال والمستثمرين في الاقتصاد. لكن تشير المسوح غير الحكومية في الصين، إلى ارتفاع مخزون السلع الجاهزة بسرعة أكثر خلال شهر أغسطس، مقارنة بأي شهر آخر منذ أبريل 2004. وتقول آن ستيفينسون يانج، مديرة البحوث في مؤسسة “كابيتال ريسيرش” المتخصصة في بحوث الاقتصاد في هونج كونج: “توقع الناس في جميع النشاطات الصناعية التي نشرف عليها، مبيعات أفضل خلال فصل الصيف الماضي، لكن ذلك لم يحدث” مضيفة أن ارتفاع المخزون بنسب عالية، وخفض المصانع لمعدلات الإنتاج، يجعل الأمور متجهة نحو بطء أشبه بالتوقف”. وتثير المشاكل الصينية هاجساً لبعض الاقتصاديين، في أن يعود الاقتصاد الأميركي إلى أحضان الركود مرة أخرى، وعندما يصاب الاقتصاد الصيني، بالتصدع تنهار منطقة اليورو، ويشل الجمود السياسي أرجاء الولايات المتحدة. وتملك الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر محرك لنمو الاقتصاد العالمي، منذ بدء الأزمة المالية العالمية في 2008. ويعني الضعف الاقتصادي للصين، تراجع معدل مشترياتها من السلع والخدمات من الخارج، خصوصا وأن أزمة الديون السيادية في أوروبا، أثرت بالفعل على الطلب، وأدت إلى احتمال زيادة الفائض من السلع على نطاق العالم، مما يقود إلى انخفاض وتيرة الإنتاج، وتراجع الأسعار حول مختلف أرجاء العالم. وتراجعت نسبة التعيين في الشركات، وانخفض عدد الوظائف الشاغرة، كما شارفت الصادرات الصينية التي تمثل شريان الاقتصاد الرئيسي للثلاث سنوات الماضية، على التوقف عن النمو. وعانت الواردات أيضاً من البطء، خاصة فيما يتعلق بالمواد الخام، مثل خام الحديد للصناعات المعدنية، حيث فقد أصحاب المصانع الثقة في إمكانية بيع منتجاتهم. ولم تسلم أسعار قطاع العقارات من التراجع، على الرغم من الإيحاءات التي كانت تبشر بعودتها في يونيو الماضي، في وقت دأبت فيه الأموال على مغادرة البلاد، عبر قنوات رسمية وغير رسمية. وترسم المقابلات التي أُجريت مع أرباب العمل ومدراء الشركات حول مختلف النشاطات الصناعية في الصين, صورة من تصاعد مخزون السلع غير المباعة. وذكر أصحاب المصانع التي تقوم بإنتاج سلع مثل مزيلات الرطوبة، وأنابيب البلاستيك المستخدمة في أنظمة التهوية، والألواح الشمسية وأغطية الأسرة، وأعمدة الحديد المستخدمة في الأسقف المستعارة، أن المبيعات تراجعت خلال العام الماضي، مع انتعاش بطيء للغاية. ويقول تو ليانج جيان، مالك إحدى الشركات التي تقوم بتوزيع إطارات الصور والأكواب: “تراجعت المبيعات بنسبة قدرها 50% مقارنة بالعام الماضي، مع ارتفاع المخزون بدرجة كبيرة”. وذكر وو ويجينج، مدير إحدى شركات البيع بالجملة، لأحواض المطابخ وصنابير المياه، أن مبيعاته تراجعت بنحو 30% خلال العام الماضي، مع تراكم مخزون السلع غير المباعة، وأشار إلى أن مخزون المصنع الذي يتعامل معه هائل للغاية، لأنه لا يخطط للتوقف عن الإنتاج حتى لا يفقد فرصة البيع عندما تعود الأمور إلى طبيعتها. ويرتبط جزء من المشكلة بقرار الحكومة الصينية، القاضي بتقديم أولوية تحسين المستوى المعيشي، على زيادة معدل النمو الاقتصادي، وذلك عندما يتعلق الأمر باثنين من أكبر القطاعات في البلاد، السيارات والمساكن. وفرض رئيس الوزراء الصيني، حظراً شديداً على شراء بيت ثان أو ملحق، أملاً في أن يقود خفض المضاربة في العقارات، إلى تحسين مقدرة الناس على اقتناء المساكن. ونتج عن هذا الحظر، تراجع كبير في أسعار السكن، وبناء المنازل، وانتشار فقدان الوظائف، بشكل كبير بين عمال البناء والتشييد. وفي نفس الوقت، قامت بلدية مدينة جوانزو واحدة من أكبر المدن الصينية، بخفض عدد تسجيل السيارات الجديدة، بغرض تقليل ازدحام الطرقات والتلوث البيئي. وحققت صناعة السيارات في الصين، زيادة قدرها عشرة أضعاف خلال العقد الماضي، لتصبح الأكبر في العالم، في منافسة واضحة لمدينة ديترويت الأميركية، بيد أن بدأ قطاع السيارات الصيني في اكتساب ملامح ديترويت خلال أيام المعاناة في ثمانينيات القرن الماضي. وبدأ مخزون السيارات غير المباعة في المعارض على امتداد الصين في الارتفاع، في وقت تشير فيه كل الدلائل في القطاع إلى زيادة التدهور وليس العكس. وبقيام العديد من مصانع السيارات خلال العامين الماضيين، لم يكن أمام القطاع سوى العمل بطاقة قدرها 65% وليس 80% النسبة المطلوبة لتحقيق الأرباح. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من المصانع الجديدة قيد الإنشاء، ما يمكن معه عودة السعة الإنتاجية للسيارات إلى مسارها، لترتفع مرة أخرى خلال الثلاث سنوات المقبلة، بحجم مساوٍ لمصانع السيارات في اليابان أو المصانع الأميركية مجتمعة. ويقول جيوف برودريك، المدير العام لعمليات آسيا في مؤسسة “جي دي بور وشركاه” الاستشارية: “ينتابني قلق من أننا نسير على ذات الطريق التي سلكته أميركا من قبل، الشيء الذي يتطلب الكثير من الوقت لإصلاحه”. وأعلنت شركات صناعة السيارات في الصين، عن ارتفاع عدد السيارات التي تم بيعها للوكالات بنحو 600 ألف سيارة بما يعادل 9% خلال النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. ومع ذلك، ارتفع مخزون السيارات لدى الوكالات، بنحو 900 ألف سيارة ليصل إلى 2,2 مليون سيارة من نهاية ديسمبر من العام الماضي، إلى نهاية يونيو الماضي. وبينما يعتبر جزء من هذا الارتفاع موسميا، إلا أن المحللين يقولون إن البيانات الواردة تشير إلى بقاء مبيعات التجزئة على حالها في أحسن الظروف، مع احتمال تراجعها، إلا أن ذلك يمثل تراجعا حادا لقطاع تعود على تحقيق نمو سنوي كبير. ورفضت العديد من المصانع خفض معدلات الإنتاج، مع فرض ضغوطات كبيرة على وكالات البيع لقبول الوارد إليها من السيارات بموجب الاتفاقيات المبرمة، حتى في ظل معاناة هذه الوكالات لإيجاد مساحات لتخزين السيارات، أو طرق لتمويل المخزون المتزايد. ودفع ذلك “الرابطة الصينية لتجار السيارات” التابعة للحكومة، لإصدار استرحام نادر موجه لشركات صناعة السيارات، جاء فيه “نرجو من شركات صناعة السيارات أن تولي اهتماماً أكبر بقضية ارتفاع مخزون السيارات لدى أصحاب الوكالات، مع اتخاذ التدابير اللازمة لهضم هذا المخزون، والأخذ في الاعتبار ما يقع على عاتق الموزعين من ضرر، حيث يترتب على هذه المصانع توفير دعم التمويل اللازم، لمساعدة الوكالات على الخروج من هذه الأزمة”. وعلى الرغم من ذلك، لا تمثل مشاكل المخزون قضية هامة على الصعيد الرسمي، فقد أوقف “مكتب الأمن العام” نشر البيانات الخاصة بتراجع عدد تسجيل السيارات الجديدة، وخضعت بيانات قطاع الحديد إلى مراجعات متكررة هذا العام، بعد أن كشفت طريقة جديدة تراجع أكثر من الذي أقرته الحكومة. وبينما تصطف العديد من البنايات الفارغة على طول الطرق السريعة في معظم المدن الرئيسية، لم تقم الحكومة بنشر البيانات التي توضح عدد الشقق غير المأهولة بالسكان منذ 2008. ومع كل ذلك، لا يساور رجال الأعمال في عدد من القطاعات الصناعية حول البلاد، الكثير من الشك في أن اقتصاد بلادهم يواجه مشاكل حقيقية، ويقول وو ويجينج: “دأب المخزون على الزيادة والانخفاض، أما الآن فإنه لا يبارح المكان، وليس ذلك فحسب، بل يخضع لزيادة مطردة”. نقلاً عن: إنترناشونال هيرالد تريبيون ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©