السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

منتجون لحديد التسليح بمصر يشكون من إغراق المنتج التركي

منتجون لحديد التسليح بمصر يشكون من إغراق المنتج التركي
29 يناير 2014 22:38
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - تصاعدت أزمة حديد التسليح في السوق المصري خلال الفترة الماضية على خلفية صراع حاد تفجر منذ فترة بين المنتجين والمستوردين. وتمثلت أبعاد الأزمة في تصاعد شكوى منتجي الحديد من عمليات إغراق منظمة من جانب شركات تركية قامت بتوريد كميات هائلة من حديد التسليح في الأشهر الأخيرة بأسعار تقل كثيراً عن تكلفة إنتاج الحديد في المصانع المحلية، وقيام هؤلاء المنتجين بتحريك دعاوى إغراق ضد الشركات التركية لدى جهاز مكافحة الإغراق التابع لوزارة الصناعة المصرية. وقد بدأ اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو جمع المعلومات والمستندات التي تثبت قيام الجانب التركي بتعمد إغراق السوق المصري بحديد تسليح منخفض الأسعار، وكذلك جمع المستندات التي تثبت تضرر الشركات المحلية من هذا الإغراق، عبر مراجعة بنود تكلفة إنتاج الحديد في مصر على مدار العامين الماضيين، اللذين شهدا خفضا تدريجيا لدعم الطاقة الموجهة للصناعات الكثيفة الاستخدام للطاقة وفي مقدمتها شركات الحديد والأسمنت والأسمدة والسيراميك. ورغم عمليات الإغراق من الجانب التركي لا يزال المستهلك النهائي في سوق التشييد المصري يشكو تواصل عمليات رفع أسعار حديد التسليح سواء المستورد أو المنتج محليا، حيث تدور الأسعار حول 5500 جنيه للطن في المتوسط مقابل ثلاثة آلاف جنيه قبل عام ونصف العام، ما يؤدي لارتفاع تكلفة إنشاء العقارات على مختلف مستوياتها، ويقلل من التأثير النسبي لدعاوى الإغراق التي تمارسها الشركات المحلية، حيث يتهمها المستهلكون بأنها تسعى لاحتكار السوق والهيمنة على المستهلك وفرض أسعار مبالغ فيها لتحقيق أرباح غير مبررة مثلما كان يتم في أوقات سابقة وأن كميات الحديد التركية التي دخلت البلاد في الشهور الأخيرة لا تزيد على 2% من إجمالي استهلاك السوق الذي يقدر بأكثر من عشرة ملايين طن سنوياً. ويشير المستهلكون إلى أن الشركات التركية ليست الوحيدة التي تقوم بإدخال حديد التسليح إلى السوق المصري بعد فتح باب الاستيراد رسميا لهذا المنتج، حيث يشهد السوق أيضاً تداول حديد سعودي وآخر قادماً من أوكرانيا، الأمر الذي يعني عدم وجود شبهة إغراق، وأن فرض رسم وارد على الحديد المستورد في حدود 200 جنيه للطن تدخل الخزانة العامة مثلما تطالب الشركات المصرية المنتجة للحديد، سوف يتسبب في مزيد من ارتفاع الأسعار التي يتحملها المستهلك النهائي وتنعكس سلبا على تكلفة البناء، وبالتالي على أسعار العقارات التي تواصل الارتفاع. سعر الدولار وبالتوازي مع ذلك يعاني منتجو الحديد جزءاً من أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار في مصر في الأسابيع الأخيرة على عمليات الاستيراد الواسعة للحديد، والتي يقوم بها كثير من المستوردين، حيث يؤكدون أن إجمالي قيمة الحديد المستورد الذي دخل البلاد في الشهور الستة الأخيرة يزيد على 300 مليون دولار استحوذ الجانب التركي على 60% منها. وحسب بيانات غرفة الصناعات المعدنية التابعة لاتحاد الصناعات المصري فإن أكثر من 100 ألف طن حديد مستورد دخلت البلاد خلال الشهور الأخيرة وحتى 31 ديسمبر الماضي، وأن هذه الكميات الكبيرة أدت إلى اضطرار شركات الحديد المصرية لخفض أسعار بيع منتجها حتى تستطيع المنافسة والوقوف في وجه الحديد المستورد، مما ترتب عليه خسائر فادحة للشركات تجسدت في المراكز المالية المعلنة لها عن العام المالي المنتهي في ديسمبر الماضي. وتشير هذه البيانات إلى أن استمرار تدفق الحديد التركي على البلاد سوف يؤدي إلى تعاظم خسائر الشركات المحلية وحرمانها من إجراء أي توسعات استثمارية مستقبلاً بل وتوقف بعضها عن سداد قروض البنوك مما يهدد فرص النمو المستقبلي لهذه الشركات، لاسيما وأن سوق الحديد المصري يستعد لاستقبال إنتاج ثلاثة مصانع جديدة العام الحالي كانت قد حصلت على تراخيصها مقابل رسوم حكومية تزيد على نصف مليار جنيه للرخصة الواحدة في العام 2009، وبالتالي سوف يحدث تشبع للسوق المحلي من الحديد، مما يفرض على الشركات المصرية البحث عن أسواق جديدة لتصريف إنتاجها خاصة في أفريقيا وبعض البلدان العربية المجاورة مثل ليبيا والسودان. تكلفة الطاقة وتؤكد البيانات أن صناعة الحديد المصرية واجهت سلسلة من الضغوط والمصاعب في السنوات الأخيرة جعلتها صناعة غير تنافسية وغير مدرة للأرباح الكبيرة للمستثمرين مثلما كان يحدث في السابق وتتمثل هذه الضغوط في الارتفاع المستمر لتكلفة الطاقة بعد قرار حكومي بإنهاء دعم أسعار الغاز والكهرباء التي تستخدمها الصناعة بصفة عامة والصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة بصفة خاصة، وهو القرار الذي تم اتخاذه عقب ثورة 25 يناير مباشرة وبدأ تنفيذه فعليا عبر جدول زمني منذ يناير 2012 وينتهي في يناير 2015 حيث ستكون الأسعار المطبقة هي الأسعار العالمية للغاز والكهرباء كما تشمل هذه الضغوط ارتفاع تكلفة العمالة بعد تطبيق الحد الأدنى للأجور وكذلك ارتفاع تكلفة نقل المنتجات إلى جانب ارتباط صناعة الحديد بصفة عامة بالأسعار العالمية لخام «البليت» الرئيسي في الصناعة، والذي تخضع أسعاره لآليات العرض والطلب في بورصات المعادن العالمية مما يجعل شركات الحديد المصرية عرضة طوال الوقت لتقلبات الأسعار العالمية وبغض النظر عما إذا كان السوق المحلي قادراً على استيعاب هذه المتغيرات أم لا. ويرى خبراء في صناعة الحديد أن الصناعة المصرية بصفة عامة تتعرض لهجمة شرسة على مدار السنوات الثلاث الأخيرة بفعل إغراق السوق المحلي بالمنتجات المستوردة الرخيصة وغير المطابقة للمواصفات في كثير من الأحيان إلى جانب تفشي عمليات التهريب على نطاق واسع بما يعني دخول بضائع من دون سداد رسوم جمركية، وبالتالي تمثل منافسة سعرية غير متكافئة مع المنتجات المثيلة محلياً، وتكون هذه المنافسة في غير صالح الصناعة المحلية، وهو ما أدى إلى إغلاق العديد من المصانع في مختلف القطاعات لعدم قدرتها على الصمود. البناء والتشييد وقال الخبراء إن صناعة الحديد من بين هذه الصناعات لاسيما، وأنها تمثل عصب عملية البناء والتشييد وأن استمرار دخول الحديد المستورد يهدد استثمارات مشروعات قائمة وأخرى لا تزال تحت التنفيذ بمليارات الجنيهات، وهناك مصانع حديد عائدة لشركات مساهمة ومتداولة في بورصة الأوراق المالية، مما يعني تعرض حملة أسهم هذه الشركات من صغار المستثمرين لخسائر فادحة إذا تعرضت هذه الشركات لخسائر، وبالتالي يصبح التدخل لحماية الصناعة المحلية واجباً مع وضع ضمانات لحماية المستهلك النهائي أيضاً والحيلولة دون ظهور كيانات احتكارية في هذه الصناعة الحيوية. ويؤكد المهندس جمال الجارحي رئيس شعبة الصناعات المعدنية في اتحاد الصناعات أن صناعة الحديد المصرية تتعرض لتهديد حقيقي من جانب الحديد المستورد وبخاصة الحديد التركي الذي تتوافر في عمليات استيراده كل شروط الإغراق التي تحدثت عنها منظمة التجارة العالمية، وهي البيع في السوق المصري بأسعار تقل عن بيع نفس المنتج في بلد المنشأ، وبالتالي كان لابد للمنتجين المحليين من التحرك لحماية استثمارات هائلة جرى ضخها في السنوات الأخيرة وتزيد على عشرة مليارات جنيه في المصانع الجديدة فقط، ومن ثم تقدمنا إلى جهاز حماية المنافسة، ومنع الإغراق بشكوى رسمية متضمنة المستندات والبيانات ومتوسط أسعار الحديد للمستهلك النهائي كافة في أكثر من عشرين دولة تتشابه ظروفها مع ظروف السوق المصري، وكلها تؤكد وجود عمليات إغراق متعمدة وطالبنا بمنع استيراد الحديد لفترة معينة حتى يتعافى السوق من آثار هذا الإغراق أو فرض رسم وارد على الحديد المستورد أيا كان مصدره بواقع 200 جنيه للطن تدخل الخزانة العامة مثلما كان يحدث من قبل، وبما يجعل سعر الحديد المستورد أعلى نسبياً من المحلي. وحول شكاوى المستهلكين في مصر من استمرار ارتفاع أسعار الحديد في العامين الماضيين، وأن الحديد المستورد يهدئ نسبياً من موجة الارتفاع السعري، قال إن حماية المستهلك أمر حتمي ولكن حسابات التكلفة تشير إلى ارتفاع مماثل في مدخلات الصناعة سواء في بنود الأجور أو الطاقة، وهذه انعكست على الأسعار وكثير من شركات الحديد حصلت على قروض من البنوك لتمويل توسعاتها، وهذا التمويل مكلف للغاية ويدخل أيضاً في تكلفة الإنتاج، ومع ذلك فإن هوامش أرباح المصانع المحلية محدودة للغاية، بدليل المراكز المالية المعلنة لمعظم شركات الحديد في الفترة الأخيرة. ويشير المحلل المالي محسن عادل إلى أن قراءة القوائم المالية لشركات الحديد خاصة المسجلة والمتداولة في البورصة مثل حديد عز وحديد عتاقة وغيرهما تشير إلى وجود ضغوط مالية على هذه الشركات على صعيد تكلفة الإنتاج أو التمويل وبالتالي لا بد أن تنعكس هذه التكلفة على أسعار البيع النهائية، مما يتطلب فحصا شفافا لأوضاع هذه الشركات وحساب التكلفة لديها قبل حسم قضية الإغراق، لأنه ليس مقبولا مجاملة الشركات على حساب المستهلك أو العكس لأن أي ضرر يلحق بأحد أطراف العملية الاقتصادية ينعكس على بقية الأطراف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©