الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصين تفقد جاذبيتها للشركات العالمية الكبيرة

الصين تفقد جاذبيتها للشركات العالمية الكبيرة
29 يناير 2014 22:37
شكل الترحيب الذي لقيته الشركات العالمية الأجنبية في الصين من دينج شياو بينج، الذي حكم الصين في وقت سابق، وقادها نحو تبني اقتصاد السوق، جزءاً من سلسلة من التغييرات التي حولت الصين إلى واحدة من أكبر وأسرع الأسواق نمواً في العالم. وتدفقت هذه الشركات في الصين خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث لاذت العديد منها محتمية بالصين إبان الأزمة المالية العالمية. لكن يبدو اليوم أن السباق المحموم قد آل إلى نهايته. واكتسب منتصف أبريل من عام 1981 أهمية خاصة في تاريخ العالم، عندما صادف افتتاح أول مصنع لتعبئة الكوكاكولا في الصين منذ قيام الثورة الشيوعية في البلاد. ويمكن القول وبحسابات أخرى، إن السوق الصينية ما زالت الأكثر جاذبية في العالم. ومع أنها تشكل 8% فقط من حجم استهلاك القطاع الخاص العالمي، إلا أنها ساهمت أكثر من أي بلد آخر في العالم، في نمو الاستهلاك في الفترة بين 2011 إلى 2013. وفي غضون ذلك، حققت شركات عالمية مثل جنرال موتورز وآبل، أرباحاً كبيرة هناك. لكن بدأت الأحوال وللعديد من الشركات العالمية الكبيرة تزداد سوءاً في الصين، نظراً للبطء الذي لازم نمو الاقتصاد مصحوباً بارتفاع التكاليف. كما أصبح العثور على المواهب الشابة، أمراً بالغ الصعوبة، خاصة في ظل ارتفاع الأجور. ودأبت الحكومة الصينية في وضع التعقيدات والعراقيل أمام الشركات العالمية العاملة في بعض القطاعات، حيث قيدت دخول السوق للبنوك الأجنبية ولمؤسسات الوساطة المالية، بجانب إغلاق شركات الإنترنت، بما فيها فيس بوك وتويتر، مع انتشار سوء المناخ ليشمل العديد من النشاطات. كما واجهت شركات الأجهزة مثل آي بي أم وسيسكو وكوالكوم، عقبات هي الأخرى، في وقت تعرضت فيه جلاكسو سميث كلاين المتخصصة في صناعة الأدوية، لقضية تتعلق بالفساد. وأُرغمت «أبل» على الاعتذار في السنة الماضية، بسبب تقديمها ضمانات غير ملائمة، واتهمت «ستاربكس» من قبل الإعلام الرسمي بتلاعبها في الأسعار. ومن المتوقع أن يدخل قانون حماية المستهلك واسع النطاق حيز التنفيذ بداية مارس المقبل، ما يفتح الباب أمام إمكانية مهاجمة الشركات الأجنبية العاملة في البلاد. وطال تأثير محاربة الحكومة للفساد، والمبالغة في الإنفاق العام، الشركات المتخصصة في إنتاج وبيع السلع الفاخرة. احتدام المنافسة وتعتبر الصين أكثر دول العالم احتداماً في المنافسة بالنسبة للعلامات التجارية العالمية، في وقت بدأت فيه المؤسسات المحلية التي ظلت قابعة في مؤخرة الركب لسنوات عديدة، في الانضمام لركب المنافسة. واكتسبت العديد من هذه المؤسسات، خبرات خارجية وإنشاء مبادرات للمنتجات. وتمكنت كل من شياومي وهواوي، من إنتاج هواتف محمولة ذكية راقية، في وقت تغلبت فيه حفارات شركة ساني المحلية، على تلك التي تنتجها هيتاشي وكاتربيلر. وأصبح أمام المستهلك، خيار عدم دفع مبالغ كبيرة مقابل الحصول على علامة تجارية أجنبية، حيث جعل عدم ولاء المستهلكين للعلامات التجارية وإلمامهم بمحتويات السوق الإلكترونية، الصينيين على رأس قائمة الشعوب الأكثر طلباً في العالم. وآثرت بعض الشركات مغادرة الصين، حيث قررت شركة ريفلون لمستحضرات التجميل في ديسمبر الماضي الخروج نهائياً من السوق الصينية، في حين أعلنت بعدها مباشرة لوريال أكبر شركة عاملة في هذا المجال في العالم، إيقاف بيع منتج جارنييه واحد من علاماتها التجارية الرئيسية. وغادرت بالفعل كل من بيست باي الأميركية للأجهزة الإلكترونية المنزلية وميديا ماركيت الألمانية المنافسة لها، كما سبق أن سلكت ياهو العملاقة للإنترنت الطريق نفسها. ولم تقو تيسكو البريطانية للمواد الغذائية، على الاستمرار في السوق الصينية بمفردها، لتقرر الدخول في السنة الماضية في شراكة مع إحدى المؤسسات المملوكة من قبل الحكومة. وتواجه الشركات التي رجحت خيار البقاء في السوق الصينية، الكثير من المعاناة، حيث أشارت مؤخراً آي بي أم إلى تراجع عائداتها في الصين بنسبة قدرها 23% خلال الربع الأخير من السنة الماضية. كما أعلنت يام براندز الأميركية للوجبات السريعة، انخفاض مبيعاتها بنحو 16% خلال العام حتى الآن. وتنحصر مشكلات هذه المؤسسة نسبياً، في التحقيقات التي أجرتها الحكومة بشأن استخدام مورديها لمضاد حيوي غير قانوني على الدواجن. ولم يعد اهتمام المستثمرين منصباً، على المؤسسات التي تملك استثمارات ضخمة في الصين. ويعتمد مؤشر سينودبيندانسي في قياسه لقوة الشركات الأميركية، على حجم عائداتها الصينية. وبينما كانت الشركات التي تعول على الصين تتفوق على نظيراتها الأخريات، إلا أن ذلك لم يعد ممكناً خلال السنتين الماضيتين نسبة لتراجع أدائها. ويفسر مدير شركة جنرال اليكتريك جيفري إيميت، الوضع بقوله :«لا شك في أن الصين كبيرة، إلا أن ممارسة النشاط فيها محفوف بالصعوبات، وهناك العديد من البلدان التي تتميز بسهولة العمل مع أنها تتساوى معها في الحجم. وعلى الشركات التي ترغب في مواصلة أعمالها في الصين، بذل المزيد من الجهود وتغيير الاستراتيجيات الحالية». البحث عن النمو وتعني زيادة التكاليف في الصين، أنه يترتب على مديري الشركات التحول من البحث عن النمو إلى تعزيز الإنتاجية. ومن بين طرق الهيمنة على التكاليف، الاستثمار في تقنيات التشغيل الآلي التي تمكن من الاستغناء عن العنصر البشري، ليس في مجال التصنيع فحسب، بل في مجال الخدمات أيضاً. كما حلت الشركات العالمية الأجنبية خلف الشركات المحلية مثل علي بابا وتن سينت، على صعيد الاستفادة من انتعاش تدفق البيانات الواردة من عمليات التجارة الإلكترونية والهواتف الذكية. ولم تعد سياسة الصين الموحدة منطقية، حيث أنشأت معظم المؤسسات مكاتب محلية، عندما كان حجم اقتصاد الصين أقل من تريليوني دولار. ومع أنه سيتجاوز ذلك الحجم قريباً بنحو خمسة أضعاف، لا تزال العديد من المؤسسات تدير أعمالها من شنغهاي. وكان ذلك معقولاً نسبياً، عندما كانت الأذواق تختلف بين المواد الغذائية والأزياء، وغيرها، في مختلف المقاطعات والمدن الكبيرة التي تتميز بكثافة سكانية، مثلها مثل المدن الغربية. ويُذكر أن 400 مليون صيني لا يتحدثون لغة الماندرين. لذا، يترتب على مديري الشركات الاهتمام بمعايير الجودة والسلوك، كما ينبغي عليهم أيضاً التركيز على التسويق المحلي وربما تطوير المنتجات كذلك. وفي حين تستمر الصين في توفير الفرص التجارية الكبيرة، لا يزال أمام الشركات القادرة على زيادة سعتها الإنتاجية، وتحسين مستوى الحوكمة، وتلبية الذوق المحلي، فرصة تحقيق الأرباح، مع أن العصر الذهبي قد ولى بالفعل. نقلاً عن: ذي إيكونوميست ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©