الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

معركة الأمن في المدن المحررة تنطلق من عدن

معركة الأمن في المدن المحررة تنطلق من عدن
7 يناير 2016 00:23
بسام عبدالسلام (عدن) شرعت السلطات المحلية في مدينة عدن، جنوب اليمن، خلال الأيام الماضية في تنفيذ الخطة الأمنية الشاملة الهادفة إلى تحقيق الأمن والاستقرار في هذه المدينة التي عانت كثيراً، جراء الحرب التي شنتها المليشيات المتمردة، والتي أسهمت في إدخال المدينة في حالة من الفوضى والانفلات الأمني المتعمد. وعقب اغتيال اللواء جعفر محمد سعد و8 من مرافقيه في انفجار سيارة مفخخة مطلع شهر ديسمبر الماضي، عين الرئيس اليمني محافظاً جديداً ومديراً للشرطة في المدينة، ضمن توجهات الدولة لمكافحة الإرهاب وتعقب الخلايا النائمة التي تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار، في الوقت الذي ساندت فيه دول التحالف، وعلى رأسهم الإمارات، هذه الخطوات من أجل تطبيع الحياة في المدينة واستعادة أمنها واستقرارها.ومع انطلاق الحملة الأمنية واستلام المرافق والقطاعات الخدماتية من قبل السلطات المحلية في المدينة، وكذا انتشار القوات الحكومية التي تم تدريبها مؤخراً في معسكرات داخلية وخارجية تحت إشراف التحالف، ارتسم في وجه الشارع العدني الأمل من جديد بعودة الأمن والاستقرار وهيبة الدولة بعد ضياع وفراغ كبير، عقب تحرير المدينة التي شهدت عمليات اغتيال متكررة طالت قيادات عسكرية وأمنية ومحلية وأخرى بالمقاومة الشعبية، دون أي إجراءات رادعة. وزادت تأكيدات محافظ عدن العميد عيدروس الزبيدي ومدير الشرطة العميد شلال علي شائع على تنفيذ الحملة ومواصلتها في تعقب الخلايا الإرهابية وفرض هيبة الدولة بيد من حديد، ومن حالة الاطمئنان لدى الشارع في أن هناك دولة مدنية قادمة ستكون هي الحامي والمدافع عن حقوق المواطن البسيط، وبالرغم من أن هذه التأكيد لم تتغير بالرغم من تعرض القياديين لعملية انتحارية استهدفت موكبهما في 5 يناير الجاري وأسفرت عن مقتل وإصابة عدد من مرافقيهم. وعقب تحرير عدن في منتصف يوليو الماضي، تبنى التحالف العربي بدعم الإمارات ملف الأمن في المدينة وإعادة هذه المنظومة إلى العمل من جديد وبما يحقق استتباب الأوضاع، فعملت على إنشاء معسكر تدريبي في منطقة عصب وتخريج دفعات من مقاتلي المقاومة الشعبية عقب دمجهم في السلك الأمني والجيش الوطني، ناهيك عن معسكرات داخلية في رأس عباس في عدن والعند في لحج، ومساعدة القوات المسلحة في اليمن على تأسيس نواة جديدة لهذا القطاع المهم الذي سيعمل على حماية المدنيين من بطش المتمردين الحوثيين والمخلوع صالح. كما تبنى التحالف بدعم من الإمارات، ضمن خطته، تأهيل مراكز الشرطة في مختلف مديريات عدن الثماني، وكذا رفدها بالأجهزة والمعدات اللازمة لتنفيذ المهام الأمنية المناطة بها بشكل متكامل، كما أسهم التحالف بتزويد القوات الأمنية بعشرات السيارات والآليات التي تشارك حالياً ضمن الحملة الأمنية الحالية. وتعد عودة مراكز الشرطة والأجهزة الأمنية المختلفة خطوة أولى نحو تحقيق الاستقرار وتطبيع الحياة الطبيعية وإرساء دعائم الأمن في عدن، في الوقت الذي عبر فيه مراقبون سياسيون عن تفاؤلهم بهذه الخطوات، ووصفوها بأنها جادة في إنهاء الاختلالات الأمنية، آمال كبيرة يعلقها الشارع العدني على الخطة الأمنية التي يجري تنفيذها منذ بداية يناير لإعادة الأوضاع الطبيعية وملاحقة العناصر الإرهابية الموالية للمتمردين الحوثيين والمخلوع صالح. وعلى مدى الشهرين الماضين تخرج عدد من الدفعات من أفراد المقاومة الشعبية الذين تم تدريبهم في معسكرات تابعة لقوات التحالف العربي بدعم قوي من الإمارات، ومطلع يناير وصلت الدفعة الثالثة التي بلغ قوامها 1500 جندي، بعد تلقيهم تدريبات مكثفة، وبهذا العدد ارتفع عدد أفراد المقاومة الذين تم دمجهم بالجيش فعلياً إلى (3600)، حيث تكونت الدفعة الأولى والثانية من 2100 جندي، في الوقت الذي لا يزال 3500 جندي يتلقون تدريبات عسكرية في معسكرات التحالف في كل من «رأس عباس» و«العند»، قبل الالتحاق بالجيش الوطني. الخطة الأمنية مستمرة محافظ عدن، العميد عيدروس الزبيدي، الذي نجا من محاولة اغتيال استهدفت موكبه بسيارة مفخخة يقودها انتحاري، وأدى إلى مقتل أحد مرافقيه وإصابة 7 آخرين، أكد أن هناك جهوداً تبذل من قبل القوات الأمنية الحكومية وقيادة السلطة المحلية، وبالتعاون مع قيادات المقاومة الجنوبية في فرض الأمن والاستقرار في العاصمة الحبيبة عدن والانتقال إلى مرحلة البناء، من خلال عودة المؤسسات الحيوية فيها إلى نطاق سلطة الدولة كخطوة أولى ستتبعها خطوات أخرى في طريق عودة الدولة. وأضاف «نؤكد أن أمن عدن واستقرارها لن يكون ولن يتحقق إلا بأيدي وسواعد أبنائها وجهودهم، وإننا من موقعنا هذا ننظر دوماً إلى عدن بأنها قلب الجنوب النابض وروحه التي لا يمكن أن ينهض أو يحيا إلا بها»، مضيفاً أن زارعي الموت لن يقفوا أمام التوجهات الرامية لتثبيت الأمن والاستقرار مهما كان الثمن، وأن معركة الحسم في هذا الملف ستكون خلال الأيام المقبلة ولصالح عدن ولصالح استتباب الأوضاع فيها. وأكد« أن مسلسل العنف سيستمر ما دمنا نسير علي الطريق السليم لاستعادة مؤسسات الدولة، فالإرهاب لا يروقه أن يهنأ الناس بحياة مستقرة، ونحن لا نخاف الموت ما دام ذلك سيعود علي أهلنا بالسلم والأمان في العاصمة عدن، نؤكد لأبناء عدن وأهلها المسالمين أن الوضع تحت السيطرة، وأننا نلاحق هذه العناصر إلى أوكارها وهي ترد بهذا الأسلوب الجبان، لأنها اليوم باتت في الموقع الضعيف». وأهاب المحافظ بكل أبناء العاصمة عدن إلى رفض مثل تلك الدعوات المناطقية والعمل يداً بيد مع كل إخوانهم الذين أتوا من كل محافظات الجنوب للذود والدفاع عن عاصمتنا الحبيبة عدن، والمضي قدماً نحو تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لها، مشيداً بتجاوب المواطنين في المحافظة مع قرار حظر التجوال الذي أقرته اللجنة الأمنية من الساعة الثامنة مساء، وحتى الساعة الخامسة فجراً، وبدء سريانه في المدينة. ودعا المحافظ عيدروس المواطنين في عدن إلى مزيد من التعاون مع الأجهزة الأمنية من أجل المضي قدماً نحو تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لهذه المحافظة الباسلة. من جانبه، قال العميد الركن، عبدالله الصبيحي، إن المرحلة الحالية التي نعيشها هي من أخطر المراحل عقب الحرب الأخيرة التي أفضت إلى طرد الميليشيات الحوثية والمخلوع صالح، إلا أنه لا يزال هناك من يعمل لصالح الانقلابيين- وتحديداً لصالح المخلوع- من خلال الخلايا التي تقوم بأعمال إجرامية وكان آخرها محاولة اغتيال محافظ عدن ومحافظ لحج ومدير أمن عدن. وأضاف:«في هذه المرحلة الخطيرة، وقد انكشف مخطط الاغتيال الذي يطال قيادات جنوبية عسكرية ومدنية، قد آن الأوان لتطهير عدن من الخلايا النائمة التابعة للمخلوع، وذلك بشن حملة أمنية ومباغتة كل الأماكن التي يشتبه بها، وكذلك الانتشار الأمني، وتفعيل حظر التجوال بشكل قوي، بما يتناسب والحالة الأمنية التي تتوافق مع الوضع الأمني». الأمن هو الأساس من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي، د. قاسم المحبشي، إن الدولة لن تقوم إلا بعدل صحيح وأمن راسخ وما يحدث في عدن هو محاولة لفرض سلطة الدولة والقانون واحتكار القوة واستخدامها من قبل الحكومة المحلية في عدن وجميع المدن المحررة، إذ لا يمكن أن يعم الاستقرار والأمن والأمان في ظل وجود الجماعات المسلحة مهما كانت مبررات وجودها وأسمائها. وأضاف« الأمر في عدن بحاجة إلى المزيد من العقل والحكمة في معالجة الحالة الأمنية وبسط نفوذ وهيبة السلطة الشرعية بالوسائل والطرق السلمية وعدم التسرع والانجرار إلى استخدام القوة والمواجهة المسلحة، لابد من البحث في كل البدائل والأدوات الممكنة لحل هذه المعضلة التي خلفتها الحرب والمقاومة العفوية، إذ أن هناك العديد من الجماعات والأفراد من الذين انخرطوا في معركة مقاومة الغزو الحوثي لعدن بدوافع وأهداف مختلفة امتلكت سلاحاً، ولن تتخلى عن سلاحها بدون ضمانات واستحقاقات مرضية. وأشار إلى أن هذه المسؤولية تقع على عاتق الحكومة الشرعية، ومن مصلحة الجميع حل المشكلة بالوسائل السلمية والدبلوماسية، نعم الحزم يجب أن يسود في التعامل مع الفوضى الأمنية الراهنة، لكن الحزم وحده لا يكفي بدون وجود عوامل ومداخل مساعدة لدمج واسترضاء الناس والإنصات إلى مطالبهم، لاسيما ونحن نعرف أن هناك أطرافاً كثيرة تراهن وتعمل على إفشال جهود السلطة المحلية في عدن وخطاها الحثيثة في إعادة الأمن والاستقرار إلى المدينة حتى تبدأ عملية الترميم والبناء والتنمية. وأكد أن الحزم ضرورة سياسية إن أردنا الاستقرار، ولكن من المهم أن يترافق مع جهد شعبي ووطني ومدني عام في إعادة تأهيل الحياة إلى طبيعتها، وفرض الأمن والاستقرار مطلب ملح وضروري، ولكنه لن يكون ذا جدوى بدون حل مشكلات المقاومين الحيوية. معركة فرض الأمن من جانبه، قال المهندس، علي صالح باسليمان لـ«الاتحاد» إن الأمن يعتبر من أهم مطالب الحياة، وضرورة لتحقيق المصالح العامة للجميع، ودائماً تحدث الفوضى والاختلالات الأمنية بعد الحروب، مضيفاً «أن عدن تواجه معركة أخطر من حرب التحرير، وهي كيفية استعادة الأمن والأمان في ظل الفراغ الأمني، وشكلت القضية الأمنية تحدياً كبيراً أمام السلطة المحلية في عدن والمشكلة الأبرز التي تواجه الحكومة الشرعية، خصوصاً وأن الطرف المهزوم استغل الانفلات الأمني لخلط الأوراق والدفع ببعض جماعات ذات توجهات فكرية وأيديولوجية متطرفة، والتي فقدت مصالحها وتحريك الخلايا النائمة لزعزعة الأمن والاستقرار في المحافظة. وأشار إلى أن الإمارات مشكورة أخذت على عاتقها إعادة الحياة الطبيعية في عدن، من خلال جهودها الإنسانية في كل المجالات الخدمية والإغاثية، وأهمها تحقيق الأمن والاستقرار بتوليها الملف الأمني، باعتباره التحدي الأكبر، وقامت بخطوات عملية، من خلال قيامها بتأهيل أقسام الشرطة وإصلاح ما لحق بها من أضرار الحرب وتزويدها بالسيارات الحديثة، والمساهمة بتدريب منتسبي الشرطة وكوادرها، وتفعيل دور أجهزة الأمن ودعمها ورفدها بالإمكانات والتجهيزات اللازمة للقيام بدورها على أكمل وجه، والتنسيق من أجل دمج المقاومة الشعبية فيها، وإنهاء المظاهر المسلحة عبر السحب التدريجي للأسلحة المنتشرة وإعادتها للمقرات العسكرية والأمنية. وأكد باسليمان أنه وبسبب التركة الأمنية الثقيلة التي خلفها المتمردون من دمار لا زالت بعض الاختلالات والخروقات الأمنية في بعض الأماكن موجودة، لأن البعض من الجهاز الإداري والعسكري والأمني الحالي في عدن والمحافظات المحررة لا زال يدين بالولاء للنظام السابق، كما أن الأمر لا يخلو أيضاً من تصفية حسابات سابقة بين بعض الأطراف التي قد تقف وراء بعض الاغتيالات، وهذا يتطلب تشكيل طاقم استخباراتي ذي كفاءة مهنية عالية وأجهزة متطورة والاستفادة من خبرة دولة الإمارات الشقيقة في هذا المجال، والتنسيق مع دول التحالف لمحاربة الإرهاب تحت مسمياتها المختلفة، وإيجاد وسائل ومنظومة اتصالات خاصة، والتي تعتبر العنصر الأساسي في تأمين الجهاز الأمني، ووضع خطة أمنية جيّدة تحتوي بشكل متكامل على وسائل وقائية وإجراءات طوارئ، ووضع أمن المحافظة في سلم الأولوية بتأمين مداخل عدن من اتجاهات محافظات أبين – لحج – الساحل بالنقاط الثابتة المعززة بقوة أمنية كافية وأجهزة مناسبة للكشف عن الأسلحة والمتفجرات وغير ذلك، وتطبيق القرار بمنع حمل السلاح والتجوال فيه في الشوارع والأماكن العامة في عدن. ولفت إلى أن الجانب الأمني سيظل بلا معنى من دون التعاون الإيجابي من المواطنين مع الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية، لأن تحقيق الأمن والاستقرار يتطلب تظافر جهود الجميع، كل من موقع مسؤوليته، فالجميع معني بدرجة أو بأخرى بالإسهام في تثبيت الأمن وترسيخه، شكراً لدول التحالف العربي، شكراً إمارات الخير والعطاء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©