الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«شهد ودموع» في وداع عمدة الإخراج إسماعيل عبدالحافظ

«شهد ودموع» في وداع عمدة الإخراج إسماعيل عبدالحافظ
16 سبتمبر 2012
انفرطت حبة جديدة ومهمة من عقد الابداع الفني العربي برحيل صاحب الألقاب، أمير الدراما، وعمدة الإخراج التلفزيوني، الواقعي، المخرج الكبير، اسماعيل عبدالحافظ، وذلك صباح الخميس الماضي، بعد معاناة طويلة مع المرض، لم تعرف أسبابها إلا في الأسابيع الثلاثة الماضية، وتحديداً عقب انتهائه في اليوم الأخير من رمضان من أداء واجبه تجاه آخر مسلسلاته «ابن ليل» الذي عرض طوال شهر رمضان. سعيد ياسين (القاهرة) - بذل المخرج إسماعيل عبد الحافظ مجهوداً مضاعفاً لإصراره على تصوير ومونتاج «ابن ليل»، وسط مشاكل انتاجية طاردته منذ شرع في إنجازه، لدرجة أنه كان يدفع أجور الفنيين الأسبوعية من جيبه الخاص حتى تصرف لهم الشركة الانتاجية مستحقاتهم. شهرة اسماعيل عبدالحافظ فاقت حدود الوطن العربي، وظل لفترات طويلة مثله مثل كبار النجوم الذين كانت تسوق المسلسلات بأسمائهم، وكان مجرد وجود اسمه على عمل فني بمثابة علامة الجودة والدجاجة التي تبيض ذهباً لمنتجيه والمشاركين فيه من فنانين وفنيين لسهولة تسويقه إلى الفضائيات، أو عرضه في فترات متميزة، خاصة بعد شهرته الواسعة مع مسلسل« الشهد والدموع». نشأته كانت في إحدى قرى محافظة كفر الشيخ «شمال دلتا مصر» وعشق الفن مبكراً وتحديداً أثناء دراسته الثانوية في إحدى مدارس المحافظة مع رفيقي دربه المخرج فخر الدين صلاح والمؤلف أسامة أنور عكاشة، وانعكست ثقافته وقناعاته الشخصية والفكرية والبصرية على نوعية الأعمال التي كان يختارها ويحرص على تقديمها لتعبر بصدق عن هموم المواطن البسيط، خصوصاً وأنه كان يؤمن بأن للدراما دوراً كبيراً في تنمية الوعي لدى الجمهور، ويمكنها أن تسهم بشكل مباشر في تثقيف الأجيال. أعمال متميزة وكون مع مواطنه المؤلف الراحل أسامة أنور عكاشة ثنائياً رائعاً أثمر العديد من الأعمال المتميزة التي تعد مدرسة كبيرة نهل منها جميع من جاء بعدهم على صعيد التمثيل والتأليف والإخراج والصورة والمواضيع وغيرها، وكان في مقدمتها «الشهد والدموع» لعفاف شعيب ويوسف شعبان ونوال أبوالفتوح وخالد زكي وحمدي غيث ومحمود الجندي ورجاء حسين، والوجوه الشابة وقتها نسرين وليلى وماجدة حمادة وابراهيم يسري، كان المسلسل سبباً في شهرتهما الكبيرة، رغم تقديم الجزء الأول منه لمصلحة تلفزيون دبي، وهو ما جعل مسؤولي التلفزيون المصري وقتها يتنبهون إليهما فتعاقدوا معهما على تقديم الجزء الثاني. وجاءت ملحمة «ليالي الحلمية» بأجزائها الخمسة، والتي شارك فيها غالبية نجوم الفن المصري حالياً، حيث رسخت نجومية الكثيرين ودفعت بخطوات البعض الآخر كثيراً إلى الأمام، كما منحت فرصة ذهبية لعدد من الوجوه الشابة للانطلاق نحو النجومية لاحقاً، ويكفي أن نذكر أسماء بعض من شاركوا فيها، ومنهم يحيى الفخراني وصلاح السعدني، وصفية العمري، وحسن يوسف ودلال عبدالعزيز، وفردوس عبدالحميد وسمية الألفي، ومحسنة توفيق وسهير المرشدي، وأثار الحكيم، والهام شاهين، وممدوح عبدالعليم وهشام سليم وشريف منير، وعبلة كامل وحنان شوقي، ولوسي وصابرين وجمال عبدالناصر، وأرخ العمل لمصر وتحولاتها خلال القرن العشرين على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ولايزال يحقق نجاحاً مدوياً عند إعادة عرضه على أي من الفضائيات. تعاون ثنائي وتكرر التعاون بين الثنائي عبدالحافظ، والكاتب أسامة أنور عكاشة بعد ذلك في مسلسلات «أهالينا» لصلاح السعدني وهشام سليم وصابرين، و»إمرأة من زمن الحب» لسميرة أحمد ويوسف شعبان وهشام سليم وعبلة كامل ومحمد رياض والوجهين الجديدين وقتها كريم عبدالعزيز وياسمين عبدالعزيز وحقق المسلسل نجاحاً هائلاً خصوصاً وأنه كان أول عمل يخرج من نطاق المحلية الى العربية حيث تناول الحرب اللبنانينة وتأثيراتها على المجتمع المصري. وكررالثنائي تعاونهما في مسلسلات «كناريا وشركاه» لفاروق الفيشاوي وسمية الألفي ونبيل الحلفاوي وتوفيق عبدالحميد ولوسي وروجينا، و»عفاريت السيالة» لعبلة كامل وأحمد الفيشاوي ومحمد كامل وزينة وفرح وخيرية أحمد، و»المصراوية» الذي قدم منه جزءان لعب بطولة الأول هشام سليم وغادة عادل، في حين لعب بطولة الجزء الثاني ممدوح عبدالعليم وميس حمدان في أول تجربة تليفزيونية لها. وسعى كبار المؤلفين الى إسماعيل عبدالحافظ لتنفيذ أعمالهم وبث الروح فيها لما كان يمتلكه من أدوات فنية عالية الدقة، لتصل إلى أهدافها بعمق، مثلما حدث مع المؤلف وحيد حامد في مسلسل «العائلة» لمحمود مرسي وليلى علوي وعزت أبوعوف وخيرية أحمد والوجهين الجديدين وقتها محمد رياض وطارق لطفي اللذين منحهما فرصة ذهبية في هذا المسلسل، وبعدما قدم مع يسري الجندي رائعة «شارع المواردي» ليحيى شاهين وصلاح السعدني وحمدي أحمد وهالة صدقي والمنتصر بالله وسيد عبدالكريم كررا تعاونهما مرة ثانية في مسلسل «سامحوني مكانش قصدي» لإلهام شاهين وممدوح عبدالعليم وكان مقرراً تقديم مسلسل أجزاء جديد بينهما يرصد لتاريخ ونضال الفلاح المصري عنوانه «همس الجذور» الذي تأجل طوال السنوات الخمس الماضية لظروف انتاجية. الأصدقاء وتعاون مع المؤلف محمد جلال عبدالقوي من خلال مسلسل «البر الغربي» لفاروق الفيشاوي ورغدة وسناء جميل وعبلة كامل، ومع كرم النجار في «الأصدقاء» لصلاح السعدني وفاروق الفيشاوي ومحمد وفيق ونيرمين الفقي، ومع فايز غالي في «الموج والصخر» لسعد أردش ونسرين ونوال أبوالفتوح. وجاءت بداية محمد صفاء عامر معه في مسلسل «ضد التيار» لسميرة أحمد ومحمود ياسين وبوسي، وتكرر التعاون بينهما في «عدى النهار» لصلاح السعدني ونيكول سابا ورزان مغربي، و»نقطة نظام» لصلاح السعدني وبوسي وسوزان نجم الدين، و»حدائق الشيطان» الذي كان الميلاد الأول لجمال سليمان في الدراما المصرية وشاركته البطولة سمية الخشاب ورياض الخولي. وكان الأدب حاضراً في عدد من أعماله، حيث قدم «الوسية» لأحمد عبدالعزيز ومحمود حميدة وجالا فهمي عن قصة لحسن محسب وسيناريو وحوار يسر السيوي التي كتبت أيضاً السيناريو والحوار لرواية بهاء طاهر «خالتي صفية والدير» التي شارك في بطولتها بوسي وممدوح عبدالعليم وسناء جميل ورانيا فريد شوقي وحمدي غيث وعمر الحريري، و»وجع البعاد» عن قصة ليوسف القعيد وسيناريو وحوار مصطفى ابراهيم وبطولة صلاح السعدني ومنى زكي وأبو بكر عزت ووائل نور. «للثروة حسابات أخرى» كما حرص على التعاون مع مؤلفين شباب رأى أنهم موهوبون ومنهم محسن الجلاد في مسلسل «للثروة حسابات أخرى» لصلاح السعدني وهدى سلطان وفادية عبدالغني ونيرمين الفقي، وفتحي دياب «أكتوبر الآخر» لفاروق الفيشاوي وبوسي ويوسف شعبان وداليا مصطفى وفادية عبدالغني، وطارق بركات في آخر أعماله «ابن ليل» لمجدي كامل وفريال يوسف وأحمد بدير ويوسف شعبان ومحمد وفيق. وفاة رفيق رحلة الكفاح عانى اسماعيل عبدالحافظ عقب وفاة رفيق رحلة كفاحه أسامة أنور عكاشة قبل عامين مشاكل صحية تجاوزها بالعمل المتواصل إلى أن أدخل غرفة العناية المركزة، عقب إجازة عيد الفطر المبارك في مستشفى السلام الدولي في القاهرة نتيجة التهاب رئوي حاد، وما إن خرج من المستشفى حتى عاد إليها، وبعدما تبين للأطباء وجود قصور شديد في وظائف الكلى والكبد والقلب، نصحوا أسرته بالسفر إلى احد مستشفيات باريس، ونقل بالفعل صباح «الأربعاء» الماضي بصحبة زوجته وابنه الممثل الشاب محمد عبدالحافظ على متن طائرة طبية مجهزة، وشاءت إرادة الله أن لا يكمل في المستشفى 24 ساعة ليتوفى صباح اليوم التالي تاركاً إرثاً ثميناً وأعمالاً شكلت مدرسة في فن الإخراج التلفزيوني الواقعي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©