الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثلاث ظواهر للنشاط الشمسي تؤثر في الأرض ومناخها

ثلاث ظواهر للنشاط الشمسي تؤثر في الأرض ومناخها
16 سبتمبر 2012
تطور التكنولوجيات والوسائل العلمية أفرز آلاف الأقمار الصناعية في مدارات حول الأرض، وهناك رواد فضاء بعضهم يبقى فترات طويلة في المحطة الفضائية الدولية، والملايين من البشر يستخدمون الهواتف الخلوية الجوالة، فضلا عن الاتصالات اللاسلكية، ويعتمد جميع سكان الأرض تقريبا في حياتهم اليومية على القدرة الكهربائية في أعمالهم وإنجاز مهامهم، كل ذلك يتأثر بالعواصف والرياح الشمسية والطقس في الفضاء، ما دفع الكثير من المؤسسات والمراكز الحكومية وغير الحكومية لبذل جهود كبيرة لدراسة ومعرفة أوقات ظهور العواصف الشمسية وذروتها ومقدار تأثيرها في الأرض. (الشارقة) - هناك ثلاث ظواهر للنشاط الشمسي في طقس الفضاء تؤثر على الأرض ومناخها والمجالات الكهرومغناطيسية فيها، وتشمل تلك الظواهر ثقوب الكرونا (هالة الشمس)، والاندلاعات الشمسية، والتدفق الكتلي الكروني، الذي يعتبر أسوأ تلك الظواهر تأثيرا على الأرض حيث بإمكانها تشويش الاتصالات وقطع التيار الكهربائي وتغيير مسارات الأقمار الصناعية وربما تحطيمها. عناصر رئيسة إلى ذلك، يقول البروفيسور حميد النعيمي، نائب مدير جامعة الشارقة للشؤون الأكاديمية، رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك «تعد تلك العناصر العناصر الرئيسة التي تؤثر على الأرض ومحتواها بشكل واضح، لأن ثقوب الكرونا تسمح بانبعاث وانطلاق الرياح الشمسية بسرعة مبتعدة عن الشمس منطلقة إلى الفضاء من دون إعاقتها من قبل المجال المغناطيسي الشمسي. وعندما تصل الرياح الشمسية إلى سطح الأرض فإنها تولد «المغنيتوسفير» الأرضي وهي كرة مغناطيسية تحيط بالأرض، وهي ممتلئة بالجسيمات المشحونة، ثم تتمدد بعد مرور الرياح الشمسية، وهذه التغيرات هي المسببة لتوزيع المجالات الكهرومغناطيسية على الأرض». وحول الاندلاعات الشمسية، يوضح النعيمي أنها أكثر النشاطات تأثيرا على الأرض، لأنها تغذي الطبقات العليا من الغلاف الجوي الأرضي بالأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية المكثفة، فضلا عن جسيمات الطاقة العالية، علما بأن الأشعة السينية وفوق البنفسجية تؤينان الطبقات العليا في الغلاف الجوي وتحرران الإلكترونات، وهذا هو سبب ظهور شحنات على سطوح المركبات الفضائية والطائرات، وعندما تتحرر الشحنات الساكنة لإطلاق الإلكترونات على سطوح المركبات تحصل عملية التكهرب بنفس الطريقة التي تحصل في حالة الاحتكاك أثناء السير على السجاد وفي الأجواء الجافة». وعن التدفق الكتلي الكروني الشمسي، يقول إنه «أكثر الانبعاثات الشمسية المؤثرة والضارة، وهي عبارة عن فقاعات هائجة لعشرات الملايين من الغازات المنبعثة بعيدا عن الشمس إلى الفضاء، وعند وصول هذه الفقاعات الأرض بعد تركها الشمس لعدد من الأيام تسخن طبقة الآيونوسفير (الطبقة المتأينة من الغلاف الجوي)، والتي تتمدد عادة مؤدية إلى زيادة الاحتكاك بين الغلاف الجوي والمركبات الفضائية، وبالتالي ترغم الأقمار الصناعية على الانخفاض إلى مدارات واطئة». ذروة النشاط يقول النعيمي «في عام 1989 عند ذروة النشاط الشمسي الذي يحدث كل 11 عاما، أثرت الاندلاعات الشمسية على منظومات المتابعة، وجعلتها تفقد متابعة 11000 جسم من أصل 19000 موجودة في مدارات حول الأرض بسبب تغيير مواقع هذه الأجسام جراء التمدد الحاصل في الغلاف الجوي الأرضي، وكذلك أثر الهيجان الشمسي على حركة الأقمار الصناعية وجعلها تنخفض إلى مدارات منخفضة وبعضها تحطم بسبب احتكاكه مع الغلاف الجوي الأرضي». وبالنسبة لما يتعلق بالاندلاعات، يوضح «هي عبارة عن انفجارات عنيفة جدا تظهر كوهج ساطع وتنطلق مرتفعة من المناطق النشطة في الكروموسفير، وتتجه إلى الإكليل وهو هالة الشمس أي الكرونا ثم إلى الفضاء الخارجي، وأحيانا نستشعر أثرها على الأرض علما أنها تطلق كميات هائلة من الأشعة المرئية وفوق البنفسجية والسينية، إلى جانب شحنات كثيرة من جراء الاندلاعات». وبالنسبة لما يتعلق بالطقس في الفضاء، يشير النعيمي إلى أن «الرياح الشمسية تتكون من جسيمات مشحونة منطلقة بطاقة عالية من ثقوب الكرونا في الشمس، وثقوب الكرونا مناطق تظهر بلون داكن بالصور السينية وفوق البنفسجية الملتقطة للشمس، وتصل سرعة الرياح الشمسية إلى 800 كم في الثانية تقريبا»، موضحا أن «القذف الكتلي الكروني عبارة عن انفصال أجزاء من الكرونا أحيانا وتنقذف مندفعة إلى الفضاء الخارجي، وإذا وصلت إلى الأرض فغالبا ما يكون لها تأثير سلبي، وهي فقاعات هائجة لعشرات الملايين من الغازات المنبعثة بعيدا عن الشمس إلى الفضاء، وهي أكثر النشاطات الشمسية ضررا على الأرض». الشفق القطبي يقول النعيمي «يتكون طقس الفضاء أيضا من الشفق القطبي وهو من أجمل ظواهر طقس الفضاء، والذي يظهر عند تفاعل التدفق الكتلي الكروني والرياح الشمسية، وبالخطوط الظاهرة عند المواقع القطبية للأرض يظهر بضوء راقص بألوان زاهية يغلب عليها الضوء الأخضر والأحمر والأصفر، وعند وصول القذف الكتلي الكوروني الأرض سوف يؤين المجال المغناطيسي الأرضي، والذي بدوره يحث التيارات الكهربائية علما بأن القذف الكتلي غالبا ما يعجل الإلكترونات إلى سرع عالية جداً وتصبح قاتلة، وبالتالي تستطيع أن تخترق بعمق الأقمار الصناعية وفي بعض الأحيان تحطم إلكتروناتها وبالتالي إيقافها عن العمل وهذا ما حصل بالفعل لعدد من الأقمار الصناعية». ويتابع «تؤدي التغيرات الحاصلة في المجال المغناطيسي الأرضي إلى تشويش في الاتصالات، وبالأخص في الهواتف الجوالة والأجهزة اللاسلكية، وفي والواقع يظهر التشويش عدد من المرات في السنة خلال النشاط الشمسي العالي، كما أن التغير الحاصل في المجال المغناطيسي الأرضي المتأثر بالتدفق الكتلي الشمسي، يؤدي إلى تكثيف في خطوط القدرة الكهربائية إلى درجة حرق المحولات الكهربائية وبالتالي تحطيم مصادر القدرة الرئيسة»، لافتا إلى أنه في عام 1989 توقفت الطاقة الكهربائية في مناطق عديدة من مدينتي مونتريال وكويبك الكنديتين لمدة 9 ساعات تقريباً بسبب العواصف الشمسية القوية. أيضا توقفت المصادر الكهربائية بسبب التدفق الكتلي في أميركا الشمالية أكثر مما هو في أوروبا، لأن الأولى قريبة من القطب المغناطيسي الأرضي حيث تكون عملية حث التيارات الكهربائية أكبر، كما أن العواصف المغناطيسية تؤثر على رواد الفضاء والمسافرين في طائرات الارتفاعات العالية، وحتى أنها تؤثر على الإنسان على سطح الأرض بسبب جسيمات الطاقة العالية التي بإمكانها اختراق المركبات الفضائية لتصل ولو بشكل محدود إلى غرف رواد الفضاء في مركبتهم الفضائية. مشاكل جدية يؤكد النعيمي «أصبحت هذه المشاكل جدية، خاصة لرواد الفضاء الذين يبقون في الفضاء فترات طويلة، وعلى سبيل المثال فإن الإشعاع اليومي داخل المركبة الفضائية الروسية «مير» التي تحطمت قبل عدة سنوات كانت ثمانية أضعاف الأشعة السينية المستخدمة في الطب. ويضيف «يفكر العلماء بكيفية حماية رائد الفضاء من الأشعة الشمسية المنوي إنزاله على سطح المريخ، والدراسات والأبحاث جارية ومستمرة بشكل مكثف للبحث عن سبل التنبؤ والوقاية من العواصف الشمسية بهدف التقليل من تأثيرها أو تشغيل محطات القدرة الكهربائية عند التنبؤ بالعواصف المغناطيسية بكفاءة أقل من طاقتها القصوى لأنها تتأثر شبكات الاتصال أو تهيئة خطوط ومحطات احتياطية في الموقع». ويشرح «تعد إمكانات التنبؤ بالعواصف الشمسية حاليا ضعيفة، والطريقة الوحيدة لمعرفتها ودراستها بدقة عالية جدا هي التنبؤ بالتدفقات الكتلية والاندلاعات إذ أن سرعتها تصل إلى 300 كم في الثانية، لذلك فإنها تصل الأرض بعدد من الأيام واصطدامها بالأرض يعتمد على كيفية ارتباط المجال المغناطيسي مع التدفق الكتلي واتجاهه نسبة إلى الأرض، ويمكن قياس الاتجاه فقط عندما يمر التدفق الكتلي بالأقمار الصناعية الموجودة على بعد ساعة من الأرض». ويكمل النعيمي «الطاقات والأشعة الناتجة من الاندلاعات والتدفق الشمسي الكتلي والرياح الشمسية تؤدي إلى أضرار كبيرة في صحة رواد الفضاء، خاصة الذين يبقون فترات طويلة بالفضاء، وتدمر الإلكترونات الحساسة في المركبات الفضائية والقمار الصناعية، كما تعطل بعض المنظومات الكهربائية مسببة انقطاعات في التيارات الكهربائية»، موضحا أن «دراسة وفهم التغيرات الشمسية وأثرها على المجموعة الشمسية والحياة والمجتمع على سطح الأرض هو من الأهداف الرئيسة للبرامج البحثية للجان العالمية في الفيزياء الشمسية وعلاقة الأرض بالشمس». درء الخطر لدرء الخطر عن الأرض، يقول إن «أكبر هيجان شمسي حدث في العامين 2010-2011، وقد وجدنا ازديادا في عدد الأبحاث والدراسات والأرصاد في هذه المجالات، وكذلك ازديادا في الأجهزة والمراصد الأرضية والفضائية والأقمار الصناعية للبحث والتقصي في مجال طقس الفضاء، وحساب وقياس التدفقات الكتلية والشمسية القادمة باتجاه الأرض، ومن المتوقع أن يزداد عدد إطلاق الأقمار الصناعية القادرة على قياس التدفقات الكتلية الشمسية والقادمة باتجاه الأرض، ومعرفة حجمها وقوتها وتأثيرها بهدف الوقاية منها والأقمار الصناعية والمركبات الفضائية ومراصد التصوير ثلاثية الأبعاد الموجودة حاليا». ويتابع «أيضا تم وضع عدد من النماذج كموديلات تساعد العلماء والباحثين لدراسة التدفقات الكتلية والاندلاعات والرياح الشمسية بدقة وبكثافة عالية ولذلك فموضوع طقس الفضاء في يومنا هذا من الموضوعات العلمية والتكنولوجية الساخنة جدا، ويقوم بدراستها عدد هائل من العلماء والباحثين والمهتمين بتخصصات فيزياء الفضاء والجو والأرصاد الجوية وعلوم الأرض وفيزياء الفلك ويساعدهم عدد من المهندسين والمختصين بالحاسوب وتكنولوجيا المعلومات والانترنت». وعما تشمله هذه الدراسات، يقول النعيمي إن «تلك الدراسات تتناول علاقة طقس الفضاء بطقس الأرض شاملة التنبؤ بالعواصف الشمسية والكوارث الطبيعية مثل العواصف القوية والأعاصير والاحتباس الحراري وأثر ذلك على البشرية ومستلزمات الإنسان في حياتها اليومية».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©